إسرائيل في حالة حرب - اليوم 345

بحث
من وراء الكواليس

“محور فيلادلفيا تحول إلى رفح”: المفاوضون ينتقدون تسييس أحد شروط وقف إطلاق النار

مسؤولون يقولون إن نتنياهو يقوم بحملة سياسية من خلال الإصرار على السيطرة على المعبر الحدودي، مما يؤدي إلى استفزاز مصر وتعقيد محادثات الرهائن، كما فعل مع توغل الجيش الإسرائيلي في المدينة الواقعة في جنوب غزة

محور فيلادلفيا بين جنوب قطاع غزة ومصر، 15 يوليو، 2024. (Oren Cohen/Flash90)
محور فيلادلفيا بين جنوب قطاع غزة ومصر، 15 يوليو، 2024. (Oren Cohen/Flash90)

واشنطن ــ يخشى المفاوضون أن يكون رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو والحكومة المصرية قد بالغا في تقدير أهمية السيطرة على محور فيلادلفيا، مما يعوق الجهود الرامية إلى تأمين اتفاق لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن بين إسرائيل وحماس، حسبما قال ثلاثة مسؤولين مطلعين على المحادثات لموقع “تايمز أوف إسرائيل” هذا الأسبوع.

استولى الجيش الإسرائيلي على المنطقة التي تمتد على طول حوالي 14.5 كيلومترا بين مصر وغزة في شهر مايو. في شهر يوليو، بدأ نتنياهو يصر على بقاء القوات الإسرائيلية في المحور إلى أجل غير مسمى، بحجة أن ذلك ضروري لمنع استمرار تهريب الأسلحة عبر الأنفاق إلى حماس.

الطلب كان مرفوضا بالنسبة للحركة الفلسطينية ولكن أيضا بالنسبة لمصر، التي تعمل كواحدة من الوسطاء إلى جانب الولايات المتحدة وقطر.

وقال مسؤول أمريكي ومسؤول إسرائيلي كبير لتايمز أوف إسرائيل إن إدارة بايدن سعت إلى طرح سلسلة من الحلول البديلة، بما في ذلك بناء جدار تحت الأرض على طول الحدود لمنع التهريب.

لم تكن هذه المقترحات كافية لإقناع نتنياهو بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا، وخاصة خلال المرحلة الأولى التي استمرت ستة أسابيع من وقف إطلاق النار الذي يجري التفاوض عليه.

وبناء على ذلك، سعت الولايات المتحدة خلال الأسبوع الماضي إلى إقناع إسرائيل بسحب القوات على الأقل من أقسام معينة من الحدود بالقرب من مناطق غزة التي لا تزال مكتظة بالسكان، حسبما قال المسؤول الإسرائيلي الكبير، مؤكدا تقريرا نشره موقع “أكسيوس” الإخباري.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحدث إلى قوات الجيش الإسرائيلي في رفح على الحدود بين غزة ومصر، 18 يوليو، 2024.(Avi Ohayon/GPO)

وقال مسؤول عربي من دولة وسيطة إن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أبدت مرونة في التعامل مع هذه القضية. وأكد ممثلو الموساد وجهاز الأمن العام (الشاباك) والجيش الإسرائيلي الذين يشكلون فريق التفاوض الإسرائيلي على أهمية تنفيذ آليات جديدة لمنع التهريب. ومع ذلك، فإنهم يعتقدون أيضا أن الجيش الإسرائيلي يمكنه العودة بسرعة إلى المحور إذا لزم الأمر، وبالتالي يمكنه تحمل تكاليف الانسحاب في غضون ذلك لإنقاذ أرواح الرهائن، كما أوضح المسؤول العربي.

لكن نتنياهو لا يشاركهم هذا المنظور، وأمر فريق التفاوض الإسرائيلي باتخاذ موقف أكثر صرامة، كما قال المسؤول العربي.

وأصدر مكتبه تصريحات متكررة في الأسابيع والأيام الأخيرة تؤكد على أهمية الحفاظ على السيطرة على محور فيلادلفيا، وجاء في بيان صدر يوم الثلاثاء “إن الحاجة إلى السيطرة المستدامة على محور فيلادلفي هي حاجة أمنية… إذا انسحبت إسرائيل، فإن الضغط لمنع إعادة الاستيلاء عليه سيكون هائلا، مما يضع قدرتنا على العودة موضع شك كبير”.

يوم الأربعاء، أفادت القناة 12 أن نتنياهو سعى في الأيام الأخيرة إلى عقد اجتماع للمجلس الوزاري الأمني المصغر داخل المحور. وفي النهاية رفض رئيس جهاز الشاباك رونين بار الاقتراح بسبب مخاوف تتعلق بضمان سلامة الوزراء الذين سيتعين عليهم السفر إلى الموقع في ناقلات جند مدرعة.

وقالت الشبكة التلفزيونية إن نتنياهو كان يأمل في استخدام الاجتماع لتسليط الضوء على جدية إسرائيل بشأن مطلبها المتعلق بمحور فيلادلفيا.

ولكن المسؤولون الثلاثة العربي والإسرائيلي والأمريكي الذين تحدثوا إلى تايمز أوف إسرائيل قالوا إن ما يقوم به رئيس الوزراء ما هو إلا تسييس للمسألة، وحذروا من أن لفت الانتباه العام إلى هذه النقطة الشائكة يجعل من الصعب حلها خلف الأبواب المغلقة.

شرطي حدود مصري يقوم بالحراسة بالقرب من برج إسرائيلي لحراسة بوابة كيرم شالوم (كرم أبو سالم) المؤدية إلى إسرائيل من محورر فيلادلفيا، وهي منطقة عازلة تفصل مصر عن إسرائيل وقطاع غزة. (Photo by CRIS BOURONCLE / AFP)

وأضاف المسؤولون أن إصرار نتنياهو على مواصلة الوجود الإسرائيلي على محور فيلادلفيا دفع مصر إلى اتباع نفس النهج.

هناك قدر كبير من الضغينة بين نتنياهو والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والتي تفاقمت منذ السابع من أكتوبر. وبناء على ذلك، لم يظهر السيسي أي استعداد لتقديم تنازلات.

وقال المسؤول الإسرائيلي “في بعض الأحيان لا يكون من الواضح ما إذا كان المصريون يعملون كوسطاء أو يتفاوضون نيابة عن أنفسهم”، مضيفا “هذا يعزز الاعتقاد بأنهم غير جادين في معالجة قضية التهريب وسمحوا لها بالاستمرار لسنوات”.

وتنفي القاهرة هذه المزاعم، وتصر على أن الأنفاق التي كشف عنها الجيش الإسرائيلي منذ استيلائه على الجانب الغزي من محور فيلادلفي لم تكن نشطة لأن الجيش المصري أغلقها منذ فترة طويلة.

وقال المسؤول الأمريكي إنه مع انتقال محادثات وقف إطلاق النار من القاهرة إلى الدوحة هذا الأسبوع، سعى الوسطاء الآخرون إلى خفض درجة التوتر بين إسرائيل ومصر.

رسم بياني بعنوان “إسرائيل تدعي ’السيطرة العملياتية’ على محور فيلادلفي على حدود غزة ومصر” تم إنشاؤه في أنقرة، تركيا في 30 مايو 2024. (Elmurod Usubaliev / Anadolu via Reuters)

وقال المسؤول العربي: “لقد تحول فيلادلفي إلى رفح الجديدة”، مشبها الضجة المحيطة باستمرار وجود الجيش الإسرائيلي في المحور بالضجة التي أحاطت بالتوغل الإسرائيل في المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة.

بدأ نتنياهو في الوعد بشن هجوم رفح في شهر فبراير، “ولكن ذلك تحول إلى نوع من الحملة السياسية”، على حد قول المسؤول العربي.

لقد امتنعت إسرائيل لمدة شهرين عن شن الهجوم بسبب الضغط الأمريكي، لكنها تحركت قدما في نهاية المطاف مع العملية في شهر مايو، وإن كان ذلك بطريقة أكثر تحفظا.

في الأسبوع الماضي، أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت أن الجيش الإسرائيلي هزم لواء رفح التابع لحماس.

إلا أن تحقيق نصر أوسع على حماس لا يزال بعيد المنال، ولا يزال هناك 107 رهائن محتجزين في الأسر.

وقال المسؤول العربي إن “نتنياهو عرض اجتياح رفح باعتباره احدى الخطوات الأخيرة على الطريق نحو النصر الكامل، وقد أدى ذلك إلى استنزاف كل الأكسجين في المفاوضات”.

وأضاف: “فيلادلفي أصبح قضية سياسية مماثلة، وهو ما يجعل معالجتها أكثر صعوبة”.

اقرأ المزيد عن