إسرائيل في حالة حرب - اليوم 370

بحث

محللون: الموساد زرع على الأرجح متفجرات في أجهزة البيجر قبل أن تصل إلى حزب الله

تم استبعاد احتمال ارتفاع درجة حرارة البطاريات إلى حد كبير بسبب شدة الانفجار، حيث يعتقد الكثيرون أن سلسلة التوريد قد تم اختراقها فيما وصفها أحد الخبراء بأنها "عودة" جهاز المخابرات الإسرائيلية.

رجل يشاهد مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر رجلاً جريحاً في 17 أيلول، 2024، بعد انفجار جهاز البيجر الخاص به في لبنان. (JOSEPH EID / AFP)
رجل يشاهد مقطع فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يظهر رجلاً جريحاً في 17 أيلول، 2024، بعد انفجار جهاز البيجر الخاص به في لبنان. (JOSEPH EID / AFP)

باريس، فرنسا – قال محللون إن إسرائيل حققت نجاحا استخباراتيا كبيرا من خلال اختراق سلسلة التوريد على ما يبدو للتسبب في انفجار متزامن لمئات من أجهزة الاتصال “بيجر” الخاصة بحزب الله، في ضربة للمنظمة وداعميها الإيرانيين.

وقُتل تسعة أشخاص على الأقل وجُرح نحو 2750 آخرين، بمن فيهم السفير الإيراني لدى لبنان، عندما انفجرت أجهزة البيجر في معاقل حزب الله في جميع أنحاء البلاد في هجوم متزامن وغير مسبوق.

ومع تفضيل حزب الله فيما يبدو استخدام أجهزة البيجر للاتصالات الداخلية على الهواتف الذكية لأسباب أمنية، قال محللون إنه يبدو أن إسرائيل قامت بإعطاب الأجهزة قبل تسليمها، مما سمح لها بالانفجار في وقت محدد.

وقال مصدر مقرب من حزب الله، طلب عدم الكشف عن اسمه لوكالة “فرانس برس” إن “أجهزة الإشعار (بيجر) التي انفجرت وصلت عبر شحنة استوردها حزب الله مؤخرا تحتوي على ألف جهاز”، يبدو أنه “تم اختراقها من المصدر”.

ونقلت “سكاي نيوز عربية” عن مصادر قولها إن جهاز الموساد استولى على أجهزة اتصالات تابعة لحزب الله قبل تسليمها إلى المنظمة.

وقال المصدر إن جهاز المخابرات الإسرائيلي وضع كمية من مادة PETN، وهي مادة شديدة الانفجار، على بطاريات الأجهزة، وقام بتفجيرها عن طريق رفع درجة حرارة البطاريات عن بعد.

ونقلت “الجزيرة” عن مصدر أمني لبناني قوله إنه تم وضع عبوة ناسفة تزن أقل من 20 غراما في كل جهاز بيجر.

وكان حزب الله قد حصل على أجهزة البيجر التي انفجرت حديثا بعد أن أمر الأمين العام للمنظمة أعضاءها بالتوقف عن استخدام الهواتف المحمولة، محذرا من إمكانية تعقبهم من قبل أجهزة المخابرات الإسرائيلية. وقال مسؤول في حزب الله لوكالة “أسوشيتد برس” إن أجهزة البيجر هي من طراز جديد لم تستخدمه المنظمة من قبل.

وقال تشارلز ليستر من معهد الشرق الأوسط “لقد اخترق الموساد سلسلة التوريد”، في إشارة إلى وكالة المخابرات الإسرائيلية.

وأضاف أنه “من شبه المؤكد أنه تم إخفاء مادة بلاستيكية صغيرة متفجرة بجانب البطارية لتفجيرها عن بعد عبر مكالمة أو إشعار”.

وقال أليكس بليتاس، وهو خبير أسلحة في المجلس الأطلسي، إن المسؤولين في المنظمة اشتبهوا في البداية في أن ارتفاع درجة حرارة بطاريات الليثيوم قد يكون هو السبب في انفجار أجهزة الاتصال، لكن صور الأجهزة المدمرة التي شوهدت يوم الثلاثاء أظهرت علامات تفجير.

وقال بليتاس: “إن حريق بطارية ليثيوم أيون هو شيء واحد، لكنني لم أر قط بطارية كهذه تنفجر بهذه الطريقة”، مضيفا “يبدو أن الانفجار ناجم عن عبوة ناسفة صغيرة”.

وقال بول كريستنسن، وهو خبير في سلامة بطاريات الليثيوم أيون في جامعة نيوكاسل، إن مستوى الضرر الناجم عن انفجارات جهاز البيجر يبدو غير متسق مع الحالات المعروفة لفشل هذه البطاريات في الماضي.

“ما نتحدث عنه هو اشتعال النيران في بطارية صغيرة نسبيا. نحن لا نتحدث عن انفجار مميت هنا. سأحتاج إلى معرفة المزيد عن كثافة طاقة البطاريات، لكن حدسي يخبرني أن هذا غير مرجح إلى حد كبير”.

ضابط شرطة يتفقد سيارة انفجر فيها جهاز بيجر محمول، في بيروت، لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (AP Photo/Hussein Malla)

وقالت منظمة SMEX، وهي منظمة لبنانية للحقوق الرقمية، لوكالة “رويترز” إن إسرائيل قد تكون استغلت نقطة ضعف في الجهاز لتتسبب في انفجاره. وأضافت أنه من الممكن أيضا أنه تم اعتراض أجهزة الاتصال قبل وصولها إلى حزب الله وإما التلاعب بها إلكترونيا أو زرع عبوة ناسفة فيها.

وأشار يهوشوع كاليسكي، العالم والباحث البارز في معهد دراسات الأمن القومي، وهو مركز أبحاث في تل أبيب، إلى احتمال وجود نبض إلكتروني “أرسل عن بعد وأحرق الأجهزة وتسبب في انفجارها”.

وأضاف “هذا ليس عملا عشوائيا؛ لقد كان متعمدا ومعروفا”.

“عودتهم الكبيرة”

اتهم حزب الله إسرائيل بالمسؤولية عن الانفجارات. ولم تؤكد إسرائيل، التي لا تعلق تقليديا على العمليات الأمنية خارج البلاد، أو تنفي تورطها بعد في الهجوم.

ويظل من غير الواضح ما إذا كان هذا الهجوم المفترض قد يدفع المنطقة إلى حرب إقليمية بين إسرائيل وحزب الله، والتي لا يزال الغرب يبذل جهودا من أجل تجنبها منذ أن أدى هجوم 7 أكتوبر إلى اندلاع الحرب في غزة.

لكن الصور التي التقطتها الكاميرا لانفجار أجهزة الاتصال تمثل ضربة أمنية كبيرة لحزب الله ومثالا على مدى وصول إسرائيل حتى إلى جيوب عناصر المنظمة.

وتأتي هذه العملية بعد اغتيال القيادي الكبير في منظمة حزب الله، فؤاد شكر، في غارة جوية إسرائيلية استهدفته في 30 يوليو، مما أشار إلى أن لإسرائيل كانت هناك معلومات دقيقة حول مكان وجوده.

وبعد يوم واحد فقط، قُتل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في مسكن في طهران، وذلك باستخدام عبوة ناسفة زرعها عملاء إسرائيليون قبل أسابيع، بحسب تقارير. ولم تؤكد إسرائيل أو تنف تورطها في عملية الاغتيال.

وقال خبير الدفاع الفرنسي بيير سيرفينت إن العملية الأخيرة ضد حزب الله من شأنها أن تساعد أجهزة المخابرات الإسرائيلية على استعادة سمعتها، التي تضررت بشدة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر عندما اجتاح مسلحون بقيادة حماس البلدات الجنوبية في 7 أكتوبر، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين إلى غزة.

وقال سيرفينت لوكالة فرانس برس إن “سلسلة العمليات التي جرت خلال الأشهر القليلة الماضية تمثل عودتها (أجهزة المخابرات الإسرائيلية) الكبيرة، مع الرغبة في الردع وتوجيه رسالة: لقد أخفقنا لكننا لم نمت”.

ضابط شرطة يتفقد سيارة انفجر فيها جهاز بيجر محمول، في بيروت، لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (AP Photo/Hussein Malla)

“تخريب كلاسيكي”

قال مايك ديمينو، من مركز أبحاث أولويات الدفاع ومقره الولايات المتحدة، إنه بالحكم على صور الإصابات، فإن “المتفجرات الصغيرة جدا” المزروعة داخل الأجهزة هي السبب على الأرجح، وليس ارتفاع درجة حرارة البطاريات.

وذكر على منصة “إكس” أن “عملية بهذا الحجم تستغرق أشهرا، إن لم يكن سنوات”.

وقال المحلل رياض قهوجي المقيم في دبي إن إسرائيل استغلت ابتعاد حزب الله عن الهواتف الذكية واعتماد أجهزة البيجر.

وأضاف أن المخابرات الإسرائيلية نفذت “عملية على أعلى مستوى من الاحترافية”.

وتابع قائلا: “لا شك أن أحد المصانع التي تمتلكها (إسرائيل) صنع هذه العبوات الناسفة التي انفجرت اليوم وشحنها”.

ساهم في هذا التقرير جانلوكا باكياني

اقرأ المزيد عن