محكمة العدل الدولية ستصدر حكمها في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل
ستصدر اللجنة المكونة من 17 قاضيا حكمها الساعة الثانية بعد الظهر بتوقيت إسرائيل بشأن احتمال فرض إجراءات طارئة على إسرائيل في الحرب على حركة حماس في غزة؛ بلينكن يتحدث مع وزيرة خارجية جنوب أفريقيا
سيصدر قضاة الأمم المتحدة يوم الجمعة حكم بشأن طلب جنوب أفريقيا بفرض إجراءات طارئة على إسرائيل، المتهمة في المحكمة الدولية بارتكاب “إبادة جماعية” بسبب عمليتها العسكرية في غزة ضد حماس.
غير أن المحكمة لن تبت الجمعة في جوهر الدعوى حول ما إذا كانت إسرائيل ترتكب إبادة جماعية، بل ستكتفي بإصدار قرار حول تدابير عاجلة قبل النظر في صلب القضية التي سيستغرق الفصل فيها سنوات.
وتشمل التدابير التي طلبتها جنوب أفريقيا الوقف الفوري للحملة العسكرية الإسرائيلية، والتي شنتها إسرائيل ردا على الهجوم الذي قادته حماس في السابع من أكتوبر، عندما قتل مسلحون فلسطينيون نحو 1200 شخص واحتجزوا 253 كرهائن في غزة.
وأعلنت إسرائيل الحرب في أعقاب الهجوم، وتعهدت بالإطاحة بحركة حماس التي تحكم غزة وإعادة الرهائن. ووفقا لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 25 ألف فلسطيني في الهجوم الإسرائيلي، ولا يمكن التحقق من هذا الرقم بشكل مستقبل، ويعتقد أنه يشمل حوالي 10 آلاف من عناصر حماس الذين قالت إسرائيل إنها قتلتهم منذ 7 أكتوبر. كما قُتل أكثر من 200 جندي إسرائيلي خلال القتال في غزة.
وطلبت إسرائيل من المحكمة رفض القضية تماما. وقال متحدث باسم الحكومة الإسرائيلية يوم الخميس إنهم يتوقعون من المحكمة العليا التابعة للأمم المتحدة “إسقاط هذه الاتهامات الزائفة والمضللة”.
وقالت جنوب أفريقيا قبل أسبوعين إن الهجوم الجوي والبري الإسرائيلي يهدف إلى “تدمير السكان” في غزة.
وترفض إسرائيل هذه الاتهامات، قائلة إنها تحترم القانون الدولي ولها الحق في الدفاع عن نفسها.
وستقرر اللجنة المؤلفة من 17 قاضيا يوم الجمعة فقط ما إذا كان سيتم فرض إجراءات مؤقتة أم لا، ولن تصدر حكم بشأن مزاعم جنوب إفريقيا. ولا يزال بإمكان إسرائيل الطعن في اختصاص المحكمة ومقبولية القضية قبل أي جلسات استماع بشأن الأسس القانونية للقضية.
وستصدر المحكمة حكمها في الساعة الواحدة بعد الظهر بالتوقيت المحلي (2 بعد الظهر بتوقيت إسرائيل) في جلسة استماع من المتوقع أن تستمر حوالي ساعة.
وطلبت جنوب أفريقيا من المحكمة فرض تسعة إجراءات طارئة، والتي تكون بمثابة أمر تقييدي بينما تنظر المحكمة في القضية بالكامل، وهو ما قد يستغرق سنوات.
وتريد بريتوريا من المحكمة أن تأمر بوقف العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، والسماح بدخول المزيد من المساعدات الإنسانية، تحقيق إسرائيل في الانتهاكات المحتملة ومقاضاة مرتكبيها. والمحكمة ليست ملزمة باتباع طلبات جنوب أفريقيا ويمكنها أن تأمر بإجراءات مختلفة.
ومن أجل إصدار ما يسمى “التدابير المؤقتة”، يتوجب على الهيئة المؤلفة من 17 قاضيا أن تقرر أن المحكمة لديها اختصاص قضائي في هذه القضية، وأن هناك نزاعًا بين جنوب إفريقيا وإسرائيل حول اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، وأن هناك حاجة ملحة إلىفرض إجراءات طوارئ أثناء البت في القضية.
وقبل الجلسة، تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن مع نظيرته الجنوب أفريقية ناليدي باندور، التي من المقرر أن تكون في لاهاي يوم الجمعة.
وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية أنه خلال مكالمتهما الهاتفية يوم الخميس، ناقش بلينكن وباندور “الصراع في غزة، بما في ذلك الحاجة إلى حماية أرواح المدنيين، وضمان المساعدة الإنسانية المستمرة للمدنيين الفلسطينيين، والعمل من أجل سلام إقليمي دائم يضمن أمن إسرائيل ويدفع بإقامة دولة فلسطينية مستقلة”.
وأضاف البيان أن “الوزير أكد مجددا دعمه لحق إسرائيل في ضمان عدم تكرار الهجمات الإرهابية التي وقعت في 7 أكتوبر”.
ولم يذكر البيان قضية جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية، والتي وصفها بلينكن في السابق بأنها “عديمة الجدوى” و”مزعجة بشكل خاص” لأن “حماس وحزب الله والحوثيين وداعمتهم إيران يواصلون الدعوة علناً إلى إبادة إسرائيل والقتل الجماعي لليهود”.
وفي حديثه للصحفيين في وقت سابق من يوم الخميس خلال جولة أفريقية لا تشمل زيارة لجنوب أفريقيا، قال إن “هذه الآراء لا تزال قائمة”، بينما أكد على أن علاقات واشنطن مع بريتوريا لن تتأثر بسبب هذه القضية.
وقال للصحافيين في أنغولا: “طبعا، علاقتنا مع جنوب إفريقيا مهمّة للغاية، وهي علاقة واسعة وعميقة جدا تغطّي العديد والعديد من القضايا”.
وأضاف: “عندما نختلف بشأن مسألة معينة، فإن ذلك لا ينتقص من العمل المهم الذي نقوم به معاً”.
يوم الخميس أيضا، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إسرائيل رفعت السرية عن أكثر من 30 أمرا أصدرها قادة حكوميون وعسكريون، والتي تقول إنها تدحض ادعاءات جنوب أفريقيا بالإبادة الجماعية وتظهر بدلا من ذلك أنها تسعى للحد من الوفيات بين المدنيين في غزة.
وتهدف الوثائق إلى إظهار أن التعليقات التحريضية التي أدلى بها مسؤولون إسرائيليون – والتي استخدمتها جنوب أفريقيا للتأكيد على نية القدس لارتكاب إبادة جماعية – لم تلعب أي دور في اتخاذ القرار.
ويرتكز جزء من دفاع إسرائيل على إثبات أن كل ما قاله السياسيون علنا لم يؤثر على القرارات التنفيذية والأوامر الرسمية من كابينت الحرب وقيادة الجيش.
“شدد رئيس الوزراء مرارا على ضرورة زيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير في قطاع غزة”، كما جاء في إحدى الوثائق التي رفعت عنها السرية عن اجتماع مجلس الوزراء في 14 نوفمبر.
وفي جلسات الاستماع التي عقدت في وقت سابق من هذا الشهر، ادعى محامون من جنوب أفريقيا أن أفعال الجيش الإسرائيلي وتصريحات كبار المسؤولين أظزهرت نية ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.
قال المحامي تمبيكا نجكوكايتوبي إن “حجم الدمار في غزة، واستهداف منازل العائلات والمدنيين، وكون الحرب حربًا على الأطفال، كلها توضح أن نية الإبادة الجماعية مفهومة ويتم تنفيذها. القصد الواضح هو تدمير حياة الفلسطينيين”.
وقال إن ما يميز القضية هو “تأكيد وتكرار خطاب الإبادة الجماعية في كل مجال من مجالات الدولة في إسرائيل”.
ورفض مالكولم شو، وهو جزء من الفريق القانوني الإسرائيلي في جلسات الاستماع في لاهاي، الاتهام بنية الإبادة الجماعية ووصف التصريحات التي استشهدت بها جنوب أفريقيا بأنها “اقتباسات عشوائية لا تتوافق مع سياسة الحكومة”.
وقال المستشار القانوني الإسرائيلي تال بيكر للمحكمة إن البلاد تخوض “حربا لم تبدأها ولم تكن تريدها”.
وأضاف “في هذه الظروف، لا يمكن أن تكون هناك تهمة أكثر زيفًا وحقدًا من الادعاء ضد إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية”، مشيرًا إلى أن المعاناة الرهيبة للمدنيين في الحرب لم تكن كافية لدعم ادعاء الإبادة الجماعية.
وتضرب هذه القضية الهوية الوطنية لإسرائيل، التي تأسست كدولة يهودية بعد المذبحة النازية التي راح ضحيتها ستة ملايين يهودي خلال الحرب العالمية الثانية.
إسرائيل ليست عضوا في محكمة العدل الدولية ولا تعترف باختصاصها. لكنها من الدول الموقعة على اتفاقية جنيف التي تمنح محكمة العدل الدولية الولاية القضائية على المسائل المتعلقة بالانتهاكات المحتملة للاتفاقية.
كما ادعى المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية – وهي محكمة جنائية تحاكم الأفراد – أن لدى محكمته اختصاص قضائي للبحث في جرائم الحرب المحتملة التي ارتكبها مسلحو حماس في إسرائيل ويرتكبها الإسرائيليون في غزة. وقام المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان بزيارة أولى إلى إسرائيل والضفة الغربية في الشهر الماضي، وقال إن التحقيق الذي تجريه المحكمة في جرائم محتملة من قبل مسلحي حماس وكذلك الجيش الإسرائيلي “يمثل أولوية لمكتبي”.
وفي اليوم التالي لتقديم جنوب أفريقيا قضيتها إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي، هاجم الفريق القانوني الإسرائيلي المزاعم الأساسية لمزاعم الإبادة الجماعية التي قدمتها جنوب أفريقيا، والتي لم تتضمن سوى إشارة عابرة إلى هجمات حماس في 7 أكتوبر، وزعمت إسرائيل أن “المعاناة المروعة” للمدنيين، الإسرائيليين والفلسطينيين، كانت نتيجة استراتيجية حماس لاستخدام الدروع البشرية. ووصفت إسرائيل مزاعم الإبادة الجماعية بأنها “تشهير” وقالت إن حماس أعلنت عن طموحات الإبادة الجماعية ضد إسرائيل.
وتحقق المحكمة الجنائية الدولية بشكل منفصل في كل من إسرائيل وحماس بشأن جرائم حرب مزعومة منذ عام 2021، وأكدت أنه سيتم فحص أحداث 7 أكتوبر والحرب المستمرة في غزة ضمن التحقيق.