محكمة العدل الدولية تأمر إسرائيل بزيادة المساعدات الإنسانية لغزة وتقديم تقرير خلال 30 يوما
المحكمة تقول إن التدابير الإنسانية المؤقتة الحالية في القطاع غير كافية، مع "ظهور المجاعة"؛ وزارة الخارجية تنفي فرض قيود على الإغاثة، وتلقي باللوم على حماس
أصدرت محكمة العدل الدولية، الخميس، إجراءات مؤقتة جديدة تستهدف إسرائيل، تأمرها بزيادة توفير السلع الإنسانية الأساسية لقطاع غزة، بما في ذلك الغذاء والمياه والوقود والمأوى، بسبب ما قالت إنه تدهور الأوضاع المعيشية للفلسطينيين في المنطقة التي مزقتها الحرب.
وقالت المحكمة في قرارها إن “الظروف المعيشية الكارثية للفلسطينيين في قطاع غزة تدهورت بشكل أكبر، لا سيما في ضوء الحرمان الطويل والواسع النطاق من الغذاء وغيره من الضروريات الأساسية الذي يتعرض له الفلسطينيون في قطاع غزة”.
ورحبت السلطة الفلسطينية وجنوب أفريقيا، التي قدمت الالتماس إلى المحكمة، بالقرار، في حين قالت إسرائيل إنها تعمل على توسيع المساعدات ونفت فرض قيود على الإغاثة، وألقت باللوم على حماس في الظروف الصعبة في القطاع.
وقالت المحكمة يوم الخميس إن “الفلسطينيين في غزة لم يعودوا يواجهون خطر المجاعة فحسب… بل بدأت هذه المجاعة في الظهور”، مشيرة إلى أن “التدابير المؤقتة المشار إليها في الأمر الصادر في 26 يناير 2024 لا تعالج العواقب الناشئة عن التغيرات في الوضع بشكل كامل… مما يبرر تعديل هذه الإجراءات”.
في 26 يناير، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بالامتثال لسلسلة من التدابير المؤقتة بناء على ما توصلت إليه من أن هناك معقولية للطلب الذي قدمته جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بأن أفعال إسرائيل في غزة تقع ضمن نطاق اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية.
ونفى محامو إسرائيل مزاعم التسبب عمدا في معاناة إنسانية في القطاع الذي يتزايد فيه الجوع، وقالوا إن طلبات جنوب أفريقيا المتكررة باتخاذ إجراءات إضافية تمثل إساءة استخدام للإجراءات.
وأكدت محكمة العدل الدولية يوم الخميس هذه الإجراءات وأمرت إسرائيل بضمان “توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية المطلوبة [بشكل عاجل دون عوائق] وعلى نطاق واسع، بما في ذلك الغذاء والماء والكهرباء والوقود والمأوى والملابس ومتطلبات النظافة والصرف الصحي”، والسماح بدخول الإمدادات الطبية، فضلا عن “زيادة الطاقة الاستيعابية وعدد المعابر البرية وإبقائها مفتوحة طالما كان ذلك ضروريا”.
كما أمرت المحكمة إسرائيل بضمان “ألا يرتكب” الجيش أعمالا تنتهك اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، “بما في ذلك عن طريق منع إيصال المساعدة الإنسانية المطلوبة بشكل عاجل، من خلال أي إجراء”، وأمرتها أيضا بتقديم تقرير إلى المحكمة في غضون شهر واحد.
وفي بيان صدر في وقت متأخر من يوم الخميس، قالت وزارة الخارجية إنها تتطلع إلى توسيع خيارات توصيل المساعدات وكمية المساعدات التي تصل إلى القطاع، نافية وضع أي قيود على المساعدات.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ليئور حيات في بيان نشره على منصة X: “ستواصل إسرائيل تعزيز المبادرات الجديدة، وتوسيع المبادرات القائمة، من أجل تمكين وتسهيل تدفق المساعدات إلى قطاع غزة بطريقة مستمرة وواسعة النطاق، عبر البر والجو والبحر، بالتعاون مع هيئات الأمم المتحدة وشركاء آخرين في المجتمع الدولي”، واضاف “يشمل ذلك الجهود الجارية لزيادة حجم هذه المساعدات ووسائل الوصول إليها على الرغم من التحديات العملياتية على الأرض وجهود حماس النشطة والبغيضة للاستيلاء على المساعدات وتخزينها وسرقتها”.
كما اتهمت القدس جنوب أفريقيا بالقيام بـ”محاولات ساخرة” لاستغلال المحكمة لتقويض حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وتأمين إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
ورحبت جنوب أفريقيا، التي اتهمت إسرائيل في محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية، بقرار يوم الخميس، واصفه إياه بأنه “مهم”.
وقال رئيس جنوب أفريقيا في بيان إن “حقيقة أن الوفيات الفلسطينية لا تنتج فقط عن القصف والهجمات البرية، ولكن أيضا عن المرض والمجاعة، تشير إلى الحاجة إلى حماية حق المجموعة في الوجود”.
وشكرت وزارة الخارجية الفلسطينية جنوب أفريقيا، ووصفت القضية بأنها “خطوة هامة في الجهد العالمي لمحاسبة إسرائيل على ارتكاب جريمة إبادة جماعية”.
وتلقي إسرائيل باللائمة في تدهور الوضع الانساني على فشل وكالات الإغاثة في توزيع الإمدادات، وعلى حماس والفصائل المسلحة التي تقوم بنهب الشاحنات التي تدخل غزة. في حين تقول الوكالات إن عملها أصبح أكثر صعوبة في خضم القتال وانعدام الأمن لقوافل المساعدات.
يوم السبت، نشرت وحدة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق (كوغات)، وهي الهيئة المسؤولة عن إدارة الشؤون المدنية في الأراضي الفسطينية بوزارة الدفاع، صورة لما قالت إنها مساعدات “تراكمت” على الجانب الآخر من الحدود في رفح وتنتظر توزيعها من قبل الأمم المتحدة. .
وكتبت كوغات على منصة X إن “هذا يعادل مئات من شاحنات المساعدات – التي لا يتم توزيعها على المدنيين في غزة. ما زلنا ملتزمين بنقل المساعدات إلى غزة”.
وقالت واشنطن يوم الخميس إنها لا تزال تراجع القرار الأخير لمحكمة العدل الدولية وليس لديها تعليق فوري على مضمونه.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر “لكن كاقتراح عام بالطبع فإن زيادة المساعدات الانسانية لغزة هو أمر نؤيده وهو أمر نحث اسرائيل على المساعدة في تسهيله”.
في وقت سابق من شهر مارس، توجهت جنوب أفريقيا بطلب إلى محكمة العدل الدولية لاتخاذ تدابير أولية إضافية ضد إسرائيل، “في ضوء الحقائق الجديدة والتغيرات في الوضع في غزة – وخاصة حالة المجاعة واسعة النطاق – الناجمة عن الانتهاكات الفظيعة المستمرة” للاتفاقية من قبل إسرائيل.
وقالت ناليدي باندور، وزيرة خارجية جنوب أفريقيا، في منتصف مارس، إن إسرائيل تحدت حكم يناير، مدعية حدوث حملة “تجويع” في غزة وسط الحرب التي تشنها إسرائيل ضد حماس.
ومن بين الإجراءات الأولية التي طلبتها جنوب أفريقيا إصدار أمر طارئ لإسرائيل لزيادة المساعدات الإنسانية لمواجهة ما تحذر منظمات الإغاثة من أنها مجاعة وشيكة.
وتقول جماعات الإغاثة إن قطاع غزة بأكمله غارق في أزمة إنسانية، لكن الوضع في شمال القطاع المعزول إلى حد كبير هو الأسوأ. ووفقا لبعض الروايات، فإن العديد من الأشخاص الذين يقدّر عددهم بنحو 300 ألف شخص والذين ما زالوا يعيشون في شمال غزة اضطروا إلى تناول علف الحيوانات من أجل البقاء على قيد الحياة.
وتقول الأمم المتحدة إن واحدا من كل ستة أطفال دون سن الثانية في الشمال يعاني من سوء التغذية الحاد. وفي المجمل، يقال إن حوالي 1.1 مليون شخص، أي حوالي نصف السكان، يعانون من جوع “كارثي”.
بدأت الحرب بهجوم شنته حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر، حيث قتل آلاف المسلحين الفلسطينيين نحو 1200 شخص واحتجزوا 253 آخرين كرهائن، تم إطلاق سراح أكثر من 100 منهم خلال وقف مؤقت لإطلاق النار استمر لمدة أسبوع في نوفمبر، مما ترك 130 شخصا محتجزين في غزة، من بينهم 33 لم يعودوا على قيد الحياة، وفقا للمخابرات العسكرية الإسرائيلية.
وقالت وزارة الصحة في غزة إن أكثر من 31,800 فلسطيني قُتلوا منذ بداية الحرب، وهو عدد لا يمكن التحقق منه بشكل مستقل ويشمل حوالي 13 ألفا من مقاتلي حماس الذين تقول إسرائيل إنها قتلتهم خلال المعارك. كما تقول إسرائيل إنها قتلت حوالي 1000 مسلح داخل أراضيها في 7 أكتوبر.
ساهم في هذا التقرير لازار بيرمان