محررو موقع “ويكيبيديا” يعتبرون رابطة مكافحة التشهير مصدر غير موثوق فيما يتعلق بإسرائيل ومعاداة السامية
المحرر الذي بادر للمداولات التي أدت في النهاية إلى حظر استخدام المجموعة اليهودية كمصدر يتهمها بـ"التسييس الوقح"، بينما تدافع أقلية صغيرة فقط عنها
جيه تي ايه – صوّت محررو ويكيبيديا لصالح اعتبار رابطة مكافحة التشهير “غير موثوقة بشكل عام” فيما يتعلق بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وإضافتها إلى قائمة المصادر المحظورة والمحظورة جزئيا.
كما صوتت الأغلبية الساحقة من المحررين المشاركين في النقاش حول رابطة مكافحة التشهير على اعتبار المنظمة غير موثوقة فيما يتعلق بموضوع معاداة السامية، وهو محور تركيزها الأساسي. ومن المتوقع صدور إعلان رسمي بهذا الشأن لاحقا.
القرار بشأن الاستشهاد بالمجموعة بما يتعلق بإسرائيل، والذي تم اتخاذه الأسبوع الماضي، يعني أن واحدة من أبرز مجموعات الدفاع عن اليهود وأقدمها في الولايات المتحدة – والتي يُنظر إليها تاريخيا على أنها السلطة الأمريكية الرائدة بشان معاداة السامية – أضيفت الآن إلى National Inquirer وNewsmax وOccupy Democrats كمصدر للدعاية أو المعلومات المضللة في نظر الموسوعة الإلكترونية.
علاوة على ذلك، قال العشرات من محرري ويكيبيديا المشاركين في المناقشة إنهم يعتقدون أنه لا ينبغي الاستشهاد برابطة مكافحة التشهير كمصدر لمعلومات واقعية حول معاداة السامية أيضا لأنها تعمل في المقام الأول كمنظمة مؤيدة لإسرائيل وتميل إلى تصنيف ما يعتبرونه نقدا مشروعا لإسرائيل كمعاداة للسامية.
“يبدو أن رابطة مكافحة التشهير لم تعد تلتزم بتعريف جاد وسائد ومقنع فكريا لمعاداة السامية، ولكنها بدلا من ذلك استسلمت للتسييس الوقح للمسألة التي كانت تعتبر في الأصل موثوقة بشأنها”، كتب محرر معروف باسم اسكندر 323، الذي أدى طلبه لإجراء مناقشة حول رابطة مكافحة التشهير إلى حظرها في النهاية.
وقالت رابطة مكافحة التشهير في بيان مكتوب إن قرار ويكيبيديا كان نتيجة “حملة لنزع الشرعية عن رابطة مكافحة التشهير” وأن المحررين المعارضين للحظر “دحضوا نقطة تلو الأخرى، مستندين إلى استشهادات واقعية، لكل ادعاء تم تقديمه، ولكن يبدو أن الحقائق لم تعد مهمة”.
وجاء في البيان “هذا تطور محزن للبحث والتعليم، لكن رابطة مكافحة التشهير لن تثبط في معركتنا القديمة ضد معاداة السامية وجميع أشكال الكراهية”.

وقال جيمس لوفلر، أستاذ التاريخ اليهودي في جامعة جونز هوبكنز، إن قدرة رابطة مكافحة التشهير على إنجاز مهمتها مرتبطة بشكل مباشر بمصداقيتها، التي تلقت ضربة كبيرة نتيجة قرار ويكيبيديا.
وقال لوفلر: “ساحة الإنترنت هي مصدر رئيسي للتهديدات. فقدان علامة الثقة هذه سيضعف قدرة رابطة مكافحة التشهير على الوصول إلى الجماهير الرقمية ومواجهة الكراهية عبر الإنترنت. نحن بحاجة ماسة إلى تحليل بيانات قوية ومبنية على الأدلة لمعاداة السامية المعاصرة. بدون سلطة موثوقة، من المرجح أن نرى المزيد من التسييس والاستقطاب على حساب الجميع، وخاصة اليهود الضعفاء”.
ويناقش محررو ويكيبيديا التطوعيون مدى موثوقية رابطة مكافحة التشهير منذ سنوات، حيث تعرضت الرابطة لانتقادات خارج المنصة من اليسار واليمين. لكن المخاوف اجتمعت في مناقشة جديدة حول حظر المجموعة كمصدر في أبريل، والتي أعقبتها أشهر من المناقشات التي تضمنت مئات التعليقات من عشرات المحررين.
وسعت أقلية صغيرة نسبيًا من المحررين إلى الدفاع عن رابطة مكافحة التشهير، بحجة أن العديد من وسائل الإعلام التي تثق بها ويكيبيديا تستشهد بإحصاءات المنظمة وتحليلاتها. وقال المدافعون إن منتقدي المجموعة تمكنوا من إظهار أن رابطة مكافحة التشهير قد تكون متحيزة، ولكن ليس أنها تنشر معلومات كاذبة.
وركز المحررون المؤيدون للحظر على سلوك رابطة مكافحة التشهير في أعقاب الهجوم الذي شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر، والحرب اللاحقة في غزة وموجة المظاهرات المؤيدة للفلسطينيين ضد إسرائيل في حرم الجامعات.
وقال العديد من المحررين إن المنظمة قوضت مصداقيتها من خلال تغيير تعريفها للحوادث المعادية للسامية. وتضمنت منهجيتها الجديدة العديد من الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين في مراجعتها السنوية لمعاداة السامية، والتي سجلت ارتفاعا كبيرا خلال العام السابق.

وتم الاستشهاد أيضا بسلسلة من التصريحات المثيرة للجدل التي أدلى بها الرئيس التنفيذي للرابطة جوناثان غرينبلات، الذي ادعى أن حركات الاحتجاج الطلابية كانت وكلاء إيرانيين، وقارن الكوفية الفلسطينية بالصليب المعقوف، وأشاد بإيلون موسك بعد أن روج لمنشور معاد للسامية على منصة إكس، وشبه بين معاداة الصهيونية والتفوق الأبيض. وأشار المحررون إلى تقارير إخبارية عن معارضة موظفي الرابطة في يناير لتصريحات غرينبلات.
وناقش الجانبان التعريف المثير للجدل لمعاداة السامية الذي تتبناه رابطة مكافحة التشهير. وقد تمت الموافقة على تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة لمعاداة السامية من قبل مئات الجامعات والشركات والحكومات المحلية، بالإضافة إلى مجلس النواب الأمريكي. لكن يعتبر التعريف أيضا مثيرا للجدل، ويواجه انتقادات بأنه فضفاض للغاية ويمكن استخدامه لقمع الخطاب المؤيد للفلسطينيين.
العديد من انتقادات محرري ويكيبيديا مماثلة لانتقادات صادرة من اليسار السياسي منذ سنوات، وفقا لدوف فاكسمان، مدير مركز الدراسات الإسرائيلية في جامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس.
وقال فاكسمان: “على اليسار، غالبًا ما يتم رفض رابطة مكافحة التشهير واعتبارها جهة فاعلة سيئة أو جماعة دعائية. ولكن إذا بدأ ذلك في تجاوز اليسار وويكيبيديا فقط وبدأت غيرها من المصادر والصحفيين في تجاهل بيانات رابطة مكافحة التشهير، فستصبح مشكلة حقيقية بالنسبة للأمريكيين اليهود الذين يشعرون بالقلق بشكل مفهوم بشأن تصاعد معاداة السامية”.
وفي اعتبارها رابطة مكافحة التشهير مصدر “غير موثوق به بشكل عام”، تقول ويكيبيديا للمستخدمين أن “المصدر لا ينبغي استخدامه عادة، ولا ينبغي استخدامه أبدًا للحصول على معلومات حول شخص حي”. ولن تحظر ويكيبيديا الرابطة بشكل كامل، وقد جادل عدد كاف من المحررين بأن بعض جوانب عملها، مثل قاعدة البيانات لرموز الكراهية، ينبغي أن تظل مصدرًا مقبولا.
الجدل بين المحررين حول ما إذا كانت رابطة مكافحة التشهير غير موثوقة في الواقع أو مجرد متحيزة يأتي في أعقاب المناقشات الأخيرة حول كيفية تصنيف بعض وسائل الإعلام المحافظة البارزة. وأعادت ويكيبيديا النظر مرارا في مسألة فوكس نيوز، وأكدت مرة تلو الأخرى أنها غير موثوقة في مسائل السياسة والعلوم. وفي وقت سابق من هذا العام، اتخذ بالإجماع قرار حظر استخدام صحيفة نيويورك بوست كمصدر، وخاصة فيما يتعلق بالسياسة.
وهذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها محررو ويكيبيديا بفحص موثوقية مصدر يهودي. في عام 2021 ناقش المحررون تغطية صحيفة جويش كرونيكل البريطانية للجماعات اليسارية والمسلمة، وأعلنوا في النهاية أنها موثوقة بشكل عام على الرغم من المخاوف من التحيز. وفي العام نفسه، حظر محررو ويكيبيديا الموسوعة الإلكترونية “المكتبة اليهودية الافتراضية” لمعظم الاستخدامات بسبب مخاوف بشأن دقتها وتحيزها لإسرائيل. وفي وقت سابق من هذا العام، حظروا منظمة NGO Monitor، وهي مجموعة مناصرة مؤيدة لإسرائيل ومقرها القدس.
وطالما شهدت ويكيبيديا معارك فكرية مهمة بشان اليهود وإسرائيل، وقد كافح المحررون المتطوعون الذين يديرون الموقع في بعض الأحيان للحفاظ على النظام. في العام الماضي على سبيل المثال، اندلعت فضيحة عندما زعم اثنان من الأكاديميين أن مجموعة من المحررين كانوا يشوهون تاريخ المحرقة بشكل منهجي على المنصة. وفي الآونة الأخيرة، أصبحت معارك التحرير المتعلقة بالصفحات المتعلقة بهجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر وما أعقبه تتصدر الأخبار بانتظام.
وقالت ميرا سوخاروف أستاذة العلوم السياسية في جامعة كارلتون إن قرار ويكيبيديا يمثل فرصة كبيرة للتفكير في سبب تعرض رابطة مكافحة التشهير للتدقيق وإعادة التفكير في الأساليب المجتمعية لمكافحة معاداة السامية.
وقالت: “هذه علامة على أن المجتمع اليهودي يحتاج إلى مؤسسات أفضل”.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل في إعداد هذا التقرير