مجلس النواب الأميركي يصوت لصالح فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية بسبب مذكرات الاعتقال بحق قادة إسرائيل
جميع الجمهوريين في مجلس النواب تقريبًا، والعديد من الديمقراطيين، يؤيدون التشريع الذي يعاقب المحكمة الجنائية الدولية لملاحقة نتنياهو وغالانت، لكن الإجراء سيواجه عقبات في مجلس الشيوخ
صوت مجلس النواب الأمريكي اليوم الخميس على فرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية احتجاجا على إصدارها مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت بسبب الحملة الإسرائيلية في قطاع غزة.
وجاء التصويت بأغلبية 243 صوتا مقابل 140 لصالح “قانون مكافحة المحكمة غير الشرعية” الذي من شأنه فرض عقوبات على أي أجنبي يحقق مع مواطنين أمريكيين أو مواطنين من دول حليفة، بما في ذلك إسرائيل، من غير الأعضاء في المحكمة أو يعتقلهم أو يحتجزهم أو يحاكمهم.
وتشمل العقوبات حظر أو إلغاء التأشيرات ومنع المعاملات العقارية الأميركية.
وينص التشريع على أن الولايات المتحدة وإسرائيل ليستا من الدول الموقعة على نظام روما الذي أنشأ المحكمة الجنائية الدولية، وبالتالي ليس للمحكمة أي سلطة على سلوكهما.
وانضم 45 ديمقراطيا إلى 198 جمهوريا في دعم مشروع القانون. ولم يصوت أي جمهوري ضده. لكن ممثل ولاية كنتاكي توماس ماسي امتنع عن التصويت، قائلاً بعد ذلك إن مجلس النواب “لا ينبغي له أن يتدخل في النزاعات بين الدول الأخرى”.
وكان تصويت مجلس النواب، وهو من بين أولى عمليات التصويت في المجلس منذ تولي الكونغرس الجديد مهامه الأسبوع الماضي، تأكيدا للدعم القوي بين رفاق الرئيس المنتخب دونالد ترامب الجمهوريين للحكومة الإسرائيلية الآن بعد أن سيطروا على مجلسي الكونغرس.
ومن المقرر تنصيب ترامب رئيسا لولاية ثانية في 20 يناير.
وقال النائب برايان ماست رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب: “تقر أمريكا هذا القانون لأن هناك محكمة صورية تسعى إلى اعتقال رئيس وزراء حليفتنا العظيمة إسرائيل”، وذلك خلال كلمة ألقاها في المجلس قبل التصويت.
وكان توزيع الأصوات مماثلا إلى حد كبير للتصويت على تشريع مماثل في مجلس النواب العام الماضي والذي فشل في مجلس الشيوخ، على الرغم من انخفاض عدد أصوات “لا” قليلا في ظل الغيابات بسبب جنازة الرئيس السابق جيمي كارتر وحرائق الغابات في لوس أنجلوس.
ولا يزال التشريع بحاجة إلى موافقة مجلس الشيوخ، حيث سيكون من الصعب تمريره، على الرغم من أن جون ثون زعيم الأغلبية الجمهورية المعين حديثًا في مجلس الشيوخ وعد بالإسراع في النظر في القانون في المجلس ليتمكن ترامب من التوقيع عليه وتحويله إلى تشريع بعد فترة وجيزة من توليه منصبه.
ولكي يتم تمريره في مجلس الشيوخ، سيحتاج الجمهوريون إلى تجنيد حوالي سبعة ديمقراطيين للتصويت معهم، وهو ما قد يكون صعبا نظرا لأن إدارة بايدن المنتهية ولايتها امتنعت حتى الآن عن دعم مثل هذه التدابير العقابية ضد المحكمة، حيث لا تريد نزع الشرعية عن الهيئة الدولية التي تدعم عقوباتها ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتن.
وندد الجمهوريون في الكونغرس بالمحكمة منذ أن أصدرت مذكرتي الاعتقال بحق نتنياهو وغالانت، لاتهامها بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الصراع الدائر منذ 15 شهرا في غزة. وترفض إسرائيل الاتهامات.
وتمنع أوامر الاعتقال نتنياهو وغالانت فعليا من دخول الدول الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية البالغ عددها 124 دولة. ولم تنضم إسرائيل ولا الولايات المتحدة إلى المحكمة.
وتتضمن الاتهامات الموجهة للرجلين ارتكابهما جرائم حرب بتوجيه هجمات ضد المدنيين في غزة واستخدام التجويع كوسيلة حرب من خلال عرقلة إمداد المساعدات الدولية إلى غزة.
واتهما المدعي العام للمحكمة كريم خان أيضا بارتكاب جرائم ضد الإنسانية تتمثل في القتل والاضطهاد وغيرها من الأعمال اللاإنسانية نتيجة للقيود التي يزعم أنهما فرضاها على تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة.
ورفضت إسرائيل بشدة جوهر هذه الاتهامات، وأصرت على أنها سمحت بمرور كميات هائلة من المساعدات الإنسانية عبر المعابر على طول حدود غزة، وأن أي مشاكل في توزيع هذه المساعدات على المدنيين الفلسطينيين هي نتيجة لفشل منظمات الإغاثة على الأرض، والصعوبات الناجمة عن الصراع المستمر في المنطقة، ونهب المساعدات من قبل حماس والفصائل الأخرى.
ورفضت إسرائيل أيضا المزاعم بأنها تستهدف المدنيين، وأصرت على أن الخسائر في صفوف المدنيين نجمت إلى حد كبير عن دمج حماس مقاتليها ومنشآتها وسط البنية التحتية المدنية في غزة.
اندلعت الحرب في غزة في السابع من أكتوبر 2023، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. وقد أسفرت الحملة العسكرية الإسرائيلية اللاحقة عن مقتل أكثر من 46 ألف فلسطيني، وفقا لوزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة. ولا يمكن التحقق من هذا الرقم بشكل مستقل ولا يميز بين المدنيين والمقاتلين، الذين تقول إسرائيل إنها قتلت منهم ما لا يقل عن 18 ألفًا في غزة حتى نوفمبر، بالإضافة إلى حوالي 1000 داخل إسرائيل أثناء الهجوم.
وقالت المحكمة إن قرارها بإصدار أوامر اعتقال بحق المسؤولين الإسرائيليين يتسق مع نهجها في جميع القضايا استنادا إلى تقييم المدعي العام بكفاية الأدلة للمضي قدما، والرأي القائل بأن إصدار أوامر اعتقال على الفور قد يمنع الجرائم الجارية.
وأصدرت المحكمة أيضا مذكرة اعتقال بحق قائد حماس العسكري محمد ضيف، الذي تقول إسرائيل إنه قُتل في غارة إسرائيلية في غزة في يوليو الماضي. وفي حين سعى خان في البداية إلى إصدار مذكرات اعتقال بحق زعيمي حماس إسماعيل هنية ويحيى السنوار أيضًا، فقد قُتل الاثنان قبل صدور مذكرات الاعتقال في نوفمبر.
وأقر مجلس النواب الذي يهيمن عليه الجمهوريون مشروع القانون الذي استهدف فرض عقوبات على المحكمة في يونيو حزيران لكن الإجراء لم يُطرح قط في مجلس الشيوخ الذي سيطرت عليه حينذاك أغلبية ديمقراطية.