مجلس الأمن يصدر قرارا يدعو إلى اتخاذ خطوات لزيادة المساعدات لغزة على الفور
النص الذي تم اعتماده يدعو إلى خلق الظروف لـ"“وقف مستدام للأعمال العدائية”، ولم يصل إلى حد المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار بسبب المعارضة الأمريكية
صوت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يوم الجمعة لصالح تمرير قرار يدعو إلى الإسراع الفوري في تسليم المساعدات الإنسانية إلى غزة مع “تهيئة الظروف” لإنهاء الحرب بين إسرائيل وحماس.
ويدعو القرار “إلى اتخاذ خطوات عاجلة للسماح على الفور بوصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وواسع النطاق ودون عوائق، وتهيئة الظروف لوقف مستدام للأعمال العدائية”.
هذه هي المرة الأولى منذ الحرب التي يصدر فيها المجلس قرارا يتضمن لغة تتعلق بـ “وقف الأعمال العدائية”، لكنه لم لا يصل إلى حد المطالبة بوقف فوري ودائم لإطلاق النار، وهو ما تعارضه كل من الولايات المتحدة وإسرائيل.
ويؤكد القرار من جديد القرار الذي تمت الموافقة عليه الشهر الماضي، والذي دعا إلى وقف مؤقت للقتال، ويطالب مرة أخرى بالإفراج عن جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس والفصائل الفلسطينية الأخرى في غزة.
وتم اعتماد القرار الذي قدمته دولة الإمارات العربية المتحدة بأغلبية 13 صوتا مقابل صفر. وامتنعت الدولتان الخصمان الولايات المتحدة وروسيا عن التصويت، حيث أوضحت الأولى أن المسودة فشلت في إدانة حماس، في حين قالت الأخيرة إنها فشلت في الدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وسعى السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نبينزيا إلى إضافة تعديل في اللحظة الأخيرة يدعو إلى “وقف عاجل ومستدام للأعمال العدائية”، مع حذف عبارة “تهيئة الظروف” لتحقيق هذه الغاية. وكانت هذه هي اللغة المستخدمة في المسودة الأصلية للقرار المقدم يوم الاثنين.
وعارضت الولايات المتحدة الصياغة في ذلك الوقت، واستخدمت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد حق النقض (الفيتو) لمنع تمريره يوم الجمعة. وبينما كانت ترفع يدها للتصويت، شوهد على معصمها سوار قدمته لها ابنة أحد الرهائن الإسرائيليين في غزة.
وجاء تصويت يوم الجمعة بعد أيام من المفاوضات المكثفة وتأجيلات لإقناع الولايات المتحدة بالمبادرة. واعترفت سفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة لانا نسيبة بأن القرار لم يكن مثاليا بالنسبة لأبو ظبي، نظرا لأنها تعتقد أن وقف إطلاق النار الفوري فقط هو الذي سيساعد في ضمان زيادة المساعدات الإنسانية التي تسعى إليها المبادرة.
ومع ذلك، قالت المبعوثة الإماراتية إن مهمة أعضاء المجلس هي التعامل مع العالم كما هو، وشكرت الولايات المتحدة على التفاوض بحسن نية.
قرارات مجلس الأمن ملزمة قانونا، ولكن في الممارسة العملية، تختار العديد من الأطراف تجاهل طلبات المجلس. قرارات الجمعية العامة ليست ملزمة قانونا، رغم أنها تشكل مقياسا مهما للرأي العام العالمي. ولقد صوتت الجمعية العامة لصالح وقف إطلاق النار قبل 10 أيام.
ويطالب قرار الجمعة أيضا بتعيين منسق أممي للشؤون الانسانية للإشراف والتحقق من المساعدات المقدمة من دول ثالثة لغزة.
وكان نص سابق قد ذكر أن آلية المساعدة لتسريع تسليم الإغاثة ستكون “حصريا” تحت سيطرة الأمم المتحدة. وعارضت الولايات المتحدة وإسرائيل هذا النص، حيث أصرت الأخيرة على أنه ينبغي أن تواصل القدس الإشراف على المساعدات لمنع تهريب حماس للأسلحة، وجادلت الأولى بأن مثل هذه الآلية يمكن أن تبطئ تسليم المساعدات.
وينص القرار الذي تم تبنيه على أنه سيتم إدارة المساعدات بالتشاور مع “جميع الأطراف المعنية” – مما يعني أن إسرائيل ستحتفظ بالإشراف التشغيلي على تسليم المساعدات.
وحمّلت إسرائيل وسطاء الأمم المتحدة اللوم في الكمية المحدودة من المساعدات التي تدخل غزة كانت خطأ، مؤكدة أنها فتشت ثلاثة أضعاف كمية المساعدات التي دخلت غزة. وأصر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في بيان صدر يوم الجمعة حول التصويت على أن الهجوم الإسرائيلي هو “المشكلة الحقيقية… [حيث أنه] خلق عقبات هائلة” أمام شحنات المساعدات، وكرر دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.
ووصفت توماس غرينفيلد قرار الجمعة بأنه “خطوة قوية إلى الأمام”، قائلة إنه “يوفر بصيص أمل وسط بحر من المعاناة”.
ومع ذلك، انتقدت فشل القرار في إدانة حماس بسبب الفظائع التي ارتكبتها في 7 أكتوبر.
وقالت في تصريحاتها بعد التصويت “لماذا من الصعب إدانة حماس لقيامها بذبح شبان في حفل موسيقي، وذبح عائلات وهي على قيد الحياة، وعلى التقارير واسعة الانتشار بشأن عنف جنسي؟ لن أفهم أبدا سبب التزام بعض أعضاء المجلس الصمت في مواجهة مثل هذا الشر”.
ووصف السفير الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور القرار بأنه “خطوة في الاتجاه الصحيح” لكنه قال إنه يجب أن يكون مصحوبا “بوقف فوري لإطلاق النار”.
وألقى منصور خطابا بدا عليه التأثر خلاله عندما روى قصة دنيا، وهي فتاة تبلغ من العمر 12 عاما فقدت والديها واثنين من أشقائها وإحدى ساقيها فيما قال المبعوث إنه قصف للجيش الإسرائيلي لمنزلهم.
12-year-old Dunia lost her leg in an Israeli airstrike that killed her whole family.
We filmed this video with Dunia during the seven-day truce, and yesterday an Israeli tank-fired shell killed her while she was recovering in Naser Hospital in Khan Younis. pic.twitter.com/RDD3EyLpmj
— Defense for Children (@DCIPalestine) December 18, 2023
وقال منصور “قالت دنيا إنه على الرغم من أنها لن تنسى أحبائها أبدا، إلا أنها يجب أن تستمر في العيش وتريد أن تصبح طبيبة… لكن دنيا لم تعش لتصبح طبيبة… قُتلت بعد بضعة أيام في غارة على جناح الولادة في مجمع مستشفى ناصر” في خانيونس.
ويقول الجيش الإسرائيلي إنه لا يستهدف المدنيين أو المستشفيات، التي تستخدمها حماس كمراكز قيادة، ولم يقدم تعليقا محددا على الحادث الذي وقع في مستشفى ناصر.
وتحدث بعد منصور نائب سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جوناثان ميلر، الذي حل محل السفير غلعاد إردان.
بدأ ميلر بالإشارة إلى أنه لم يستغرق لمجلس الأمن سوى يوم واحد لإدانة الهجوم الذي وقع في طهران ضد الشرطة الإيرانية. ومع ذلك، فإن نفس الهيئة ما زالت تفشل في إصدار أي إدانة للهجوم الذي شنته حماس في السابع من أكتوبر، والذي قُتل فيه نحو 1200 إسرائيلي وتم اختطاف ما يقرب من 240 آخرين إلى غزة.
ومنذ ذلك الحين تعهدت إسرائيل بإسقاط حماس، وشنت هجوما جويا كبيرا أعقبته حملة برية مستمرة.
وأعلن المكتب الإعلامي لحركة حماس في قطاع غزة الجمعة أن عدد القتلى في غزة منذ بدء الحرب تجاوز 20 ألف شخص. ولا يمكن التأكد من هذا الرقم بشكل مستقل، وهو لا يفرق بين المدنيين والمقاتلين. تشمل حصيلة حماس أيضا القتلى نتيجة فشل الفصائل الفلسطينية في إطلاق الصواريخ وسقوطها في قطاع غزة. وتقول إسرائيل إنها قتلت أكثر من 8000 من مقاتلي حماس في غزة.
وقال ميلر “إن إسرائيل ليس لديها الحق فحسب، بل لديها التزام بضمان أمنها. ولهذا السبب فإن مهمتنا المتمثلة في القضاء على قدرات حماس لم تتغير، ولهذا السبب لن تتغير عمليات التفتيش الأمني للمساعدات. لن تسمح إسرائيل بإعادة تنظيم صفوف حماس وإعادة تسليحها، إذ لا يمكن أبدا السماح بأن تكرر فظائع 7 أكتوبر نفسها”.
وأضاف “من أجل تعزيز الأمن، يجب على هذا المجلس أولا أن يعترف بنظام حماس الإرهابي والتركيز بعد ذلك على القضاء على تهديداته. وينبغي أن يركز على تحرير الرهائن، وعلى منع حماس من استغلال المساعدات، وعلى ضمان عدم قدرة حماس على توسيع بنيتها التحتية الإرهابية”.
وأشار إلى أن إسرائيل لا تزال تسهل دخول مئات الشاحنات يوميا، وأنها أعادت فتح معبر “كيرم شالوم” (كرم أبو سالم) الأسبوع الماضي للسماح بدخول المساعدات إلى غزة مباشرة من إسرائيل لأول مرة منذ اندلاع الحرب.
ولا يزال عدد شاحنات المساعدات أقل من متوسط ما قبل الحرب الذي بلغ 500 شاحنة يوميا، مع دخول 100 شاحنة فقط عبر كيرم شالوم ومعبر رفح المصري يوم الخميس، وفقا للأمم المتحدة.
وبعد التصويت، أصدر وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين بيانا أعلن فيه أن “إسرائيل ستواصل، لأسباب أمنية، تفتيش جميع المساعدات الإنسانية لغزة”.
وفي بيان منفصل، شكر إردان الولايات المتحدة على “وقوفها إلى جانب إسرائيل طوال المفاوضات” و”الحفاظ على الخطوط الحمراء المحددة”.
وقال إردان، إن “القرار يحافظ على سلطة إسرائيل الأمنية للإشراف والتفتيش على المساعدات التي تدخل غزة”، بينما انتقد القرار لأنه فشل مرة أخرى في إدانة حماس.
ساهمت في هذا التقرير وكالات.