إسرائيل في حالة حرب - اليوم 370

بحث

مقتل 9 أشخاص وإصابة نحو 3000 آخرين في انفجار أجهزة اتصال لحزب الله

المنظمة تحمّل إسرائيل المسؤولية وتتوعد بالانتقام؛ المستشفيات في لبنان اكتظت بالجرحى، من ضمنهم السفير الإيراني، بعد هجوم منسق وغير مسبوق في خضم مخاوف من اندلاع حرب

أشخاص يحيطون سيارات الإسعاف عند مدخل المركز الطبي بالجامعة الأمريكية في بيروت، في لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (Anwar AMRO / AFP)
أشخاص يحيطون سيارات الإسعاف عند مدخل المركز الطبي بالجامعة الأمريكية في بيروت، في لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (Anwar AMRO / AFP)

قُتل ما لا يقل عن 9 أشخاص وأصيب الآلاف عندما انفجرت أجهزة اتصال حملها أعضاء حزب الله في جميع أنحاء لبنان بعد ظهر يوم الثلاثاء، فيما يبدو أنه هجوم منسق واسع النطاق نسب إلى إسرائيل.

أثارت موجة الانفجارات غير المسبوقة، التي أفادت التقارير أنها أدت إلى مقتل وإصابة العديد من الأشخاص في سوريا، حالة من الفوضى في منطقة موجودة بالفعل في حالة تأهب قصوى تحسبا لاندلاع أعمال عدائية واسعة النطاق.

وجاء ذلك بعد ساعات من قيام إسرائيل بتصنيف وقف هجمات حزب الله كأحد أهدافها الرئيسية في الحرب وإعلانها أنها أحبطت محاولة اغتيال قامت بها المنظمة المدعومة من إيران ضد مسؤول كبير سابق.

وقال وزير الصحة اللبناني فراس أبيض في مؤتمر صحفي مسائي إن تسعة أشخاص قُتلوا وأصيب 2750 آخرين في الانفجارات، من بينهم نحو 200 شخص في حالة حرجة.

وتدفقت سيارات الإسعاف التي نقلت عناصر من حزب الله وآخرين بأطراف ووجوه ملطخة بالدماء إلى المستشفيات لساعات بعد الانفجارات، مما أدى إلى اكتظاظ المستشفيات.

أعلن حزب الله عن مقتل 12 عضوا في المنظمة يوم الثلاثاء – بما في ذلك بعض القتلى في غارات جوية إسرائيلية منفصلة في جنوب لبنان – وألقى باللوم على إسرائيل في سلسلة انفجارات جهاز الاتصال، وتوعد بالانتقام.

أحد المستجيبين في الدفاع المدني ينقل رجلا أصيب جراء انفجار جهاز اتصال “بيجر”، في مستشفى الزهراء في بيروت، لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (AP/Hussein Malla)

وقالت المنظمة في بيان لها “إننا نحمل العدو الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن هذا العدوان الإجرامي”، مضيفة أن إسرائيل “ستنال بالتأكيد القصاص العادل على هذا العدوان الآثم”.

ومن بين القتلى نجل النائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني علي عمار، وابنة أحد أعضاء المنظمة البالغة من العمر 10 سنوات، بحسب مصادر لبنانية.

وقالت عائلتها ومصدر مقرب من حزب الله إن الطلفة قتلت عندما انفجر جهاز البيجر الخاص بوالدها بينما كانت تقف بجانبه.

ذكرت وسائل الإعلام الرسمية الإيرانية أن سفير إيران لدى لبنان مجتبى أماني أصيب بجروح طفيفة جراء انفجار جهاز بيجر.

وقالت المنظمة أن الأمين العام لمنظمة حزب الله، حسن نصر الله، لم يصب في الانفجار.

ضابط شرطة يتفقد سيارة انفجر فيها جهاز بيجر محمول، في بيروت، لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (AP Photo/Hussein Malla)

في سوريا، قُتل سبعة أشخاص في هجوم منسق، وفقا لما ذكرته وكالة “صابرين نيوز” التابعة للحرس الثوري الإيراني.

وسقط القتلى بحسب التقرير في حي السيدة زينب بدمشق، وهو معقل شيعي.

إلقاء اللوم على إسرائيل

قال وزير الإعلام اللبناني زياد مكاري إن بلاده تدين “العدوان الإسرائيلي”، ليصبح أول مسؤول لبناني يحمل إسرائيل مسؤولية الهجوم بشكل مباشر.

ولم ترد إسرائيل على الادعاءات بأنها تقف وراء الهجوم؛ وقال الجيش الإسرائيلي إن رئيس الأركان الجيش الإسرائيلي، اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي، التقى بكبار القادة العسكريين لإجراء محادثات “مع التركيز على الاستعداد للهجوم والدفاع في جميع الساحات”.

وأفادت وسائل إعلام عبرية أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الدفاع يوآف غالانت، وقادة أمنيين آخرين التقوا في مقر وزارة الدفاع (الكيرياه) في تل أبيب في أعقاب الهجوم المفترض.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي يلتقي بكبار الضباط في مقر الجيش الإسرائيلي في تل أبيب، 17 سبتمبر، 2024. (Israel Defense Forces)

بدأت سلسلة الانفجارات حوالي الساعة 3:45 مساء. بالتوقيت المحلي واستمرت حوالي ساعة. ولم يتضح على الفور كيف تم تفجير الأجهزة، لكن وسائل إعلام ذكرت أن أصحابها تلقوا رسالة قبل انفجارها.

وقال مسؤول في حزب الله، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، لوكالة “أسوشيتد برس”، إن أجهزة البيجر المحمولة، وهي علامة تجارية جديدة تستخدمها الجماعة، ارتفعت حرارتها في البداية، ثم انفجرت، مما أسفر عن مقتل اثنين على الأقل من عناصر المنظمة وإصابة آخرين.

وعرضت محطات البث الإقليمية لقطات من كاميرات المراقبة أظهرت الانفجار التلقائي لما يبدو أنه جهاز صغير محمول تم وضعه بجوار موظفة صندوق في متجر بقالة حيث كان أحد الأشخاص يقوم بالدفع.

وفي لقطات أخرى، أدى ما بدا كانفجار إلى إصابة شخص كان يقف عند كشك فواكه في أحد الأسواق.

وأظهرت صور ومقاطع فيديو أخرى من الضاحية الجنوبية لبيروت تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام المحلية أشخاصا مستلقين على الرصيف مصابين بجروح في أيديهم أو بالقرب من جيوبهم.

أجهزة بيجر جديدة

خلال الهجوم السيبراني المفترض، شعر بعض أعضاء حزب الله بارتفاع حرارة أجهزة البيجر الخاصة بهم وتخلصوا منها قبل أن تنفجر، حسبما قال مسؤول في حزب الله لصحيفة “وول ستريت جورنال”.

وبحسب ما ورد، أضاف المسؤول أن مئات المقاتلين حملوا أجهزة الاتصال هذه، وتكهن أن تكون درجة حرارتها قد ارتفعت وأنها انفجرت بسبب برمجيات خبيثة.

أشخاص يتبرعون بالدم لأولئك الذين أصيبوا جراء انفجار أجهزة بيجر، في مركز للصليب الأحمر في مدينة صيدا الساحلية الجنوبية، لبنان، 17 سبتمبر، 2024. (AP Photo/Mohammed Zaatari)

وقالت ثلاثة مصادر أمنية لوكالة “رويترز” إن أجهزة الاتصالات التابعة لحزب الله التي انفجرت في أنحاء لبنان وسوريا هي أحدث طراز جلبته المنظمة في الأشهر الأخيرة.

وقال مسؤول في حزب الله، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام، إن الانفجارات كانت نتيجة “عملية أمنية استهدفت الأجهزة”. وأضاف أن أجهزة البيجر التي كان يحملها أعضاء حزب الله احتوت على بطاريات ليثيوم، التي يمكن أن يتصاعد منها الدخان، وأن تذوب، وحتى أن تشتعل فيها النيران عند ارتفاع درجة حرارتها.

تظهر هذه الصورة الملتقطة من إسرائيل على طول الحدود مع لبنان الدخان يتصاعد فوق قرية بليدا اللبنانية وسط قصف إسرائيلي في 17 سبتمبر، 2024. (Jalaa MAREY / AFP)

وسبق أن حذر زعيم حزب الله حسن نصر الله أعضاء المنظمة من حمل هواتف محمولة، قائلا إن إسرائيل يمكن أن تستخدمها لتتبع تحركاتهم وتنفيذ ضربات مستهدفة.

ودعت وزارة الصحة اللبنانية أصحاب أجهزة البيجر إلى الابتعاد عن الأجهزة. كما طلبت من العاملين في مجال الصحة تجنب استخدام الأجهزة اللاسلكية.

في مستشفى جبل لبنان، شاهد مراسل رويترز دراجات نارية تهرع إلى غرفة الطوارئ، حيث تواجد أشخاص كانت أيديهم ملطخة بالدماء وهم يصرخون من الألم.

وقال مدير مستشفى النبطية العام في جنوب البلاد حسن وزني لرويترز إن نحو 40 جريحا يتلقون العلاج في المستشفى. وشملت الجروح إصابات في الوجه والعينين والأطراف.

إسرائيل تلتزم الصمت والتعليمات للمواطنين لم تتغير

وسط مخاوف من أن دور إسرائيل المزعوم في الهجوم قد يؤدي إلى رد من حزب الله، أبلغت قيادة الجبهة الداخلية للجيش الإسرائيلي السلطات المحلية أن هناك احتمالا للتصعيد في أعقاب سلسلة تفجيرات أجهزة اتصال حزب الله في لبنان، حسبما ذكرت وسائل إعلام عبرية.

ومع ذلك، لم يكن هناك أي تغيير معلن في الارشادات للمواطنين، بما في ذلك في شمال إسرائيل، حيث ترهب صواريخ حزب الله ومسيراته البلدات منذ عدة أشهر، مما وضع الجانبين على شفا حرب.

وأعرب القادة الإسرائيليون في الأيام الأخيرة عن اعتقادهم بأن العمل العسكري وحده هو الذي يمكن أن يضع حدا للاشتباكات على طول الحدود الشمالية. بدأ حزب الله بشن هجمات شبه يومية على الشمال في 8 أكتوبر، لكنه يدعي أنه غير معني بحرب، وقال إنه سيوقف الهجمات، التي تهدف إلى دعم حركة حماس في غزة، عندما تنتهي الحرب هناك. وتسعى المنظمتان المدعومتين من إيران بشكل علني إلى تدمير إسرائيل.

رد فعل الناس بالقرب من سيارة إسعاف أثناء نقل الجرحى إلى مستشفى في بيروت، 17 سبتمبر 2024. (Anwar AMRO / AFP)

وعلى الرغم من التكهنات واسعة النطاق بأن إسرائيل تقف وراء الهجوم، سرعان ما نأى مكتب نتنياهو بنفسه عن أحد المقربين من رئيس الوزراء الذي ألمح على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن القدس هي المسؤولة.

وعلق المتحدث باسم حزب الليكود، توباز لوك، على منشور على منصة “اكس” ادعى أن نتنياهو لن يقوم بأي خطوة كبيرة في لبنان قبل رحلته إلى نيويورك الأسبوع المقبل: “لم يستمر هذا طويلا”. وقام لوك، الذي شغل منصب المتحدث باسم نتنياهو سابقا، بحذف التعليق بعد فترة قصيرة.

وقال مكتب رئيس الوزراء: “لا يعمل توباز لوك كمتحدث باسم رئيس الوزراء منذ بضعة أشهر، وهو ليس في دائرة المناقشة القريبة”.

وذكرت وسائل إعلام عبرية أيضا أن مكتب نتنياهو أمر جميع الوزراء بتجنب الظهور الإعلامي.

حتى الآن، أسفرت المناوشات في الشمال عن مقتل 26 مدنيا على الجانب الإسرائيلي، بالإضافة إلى مقتل 20 جنديا إسرائيليا. كما وقعت عدة هجمات من سوريا دون وقوع إصابات. لقد أُجبر عشرات الآلاف من الإسرائيليين على ترك منازلهم بالقرب من الحدود الشمالية بسبب صواريخ حزب الله المتواصلة، وتم نقلهم جنوبا في الأشهر الأحد عشر الماضية.

وقد أعلن حزب الله أسماء 443 من أعضائه الذين قتلتهم إسرائيل خلال القتال، معظمهم في لبنان ولكن بعضهم أيضا في سوريا. كما قُتل 79 عنصرا آخر من فصائل مسلحة أخرى وجندي لبناني وعشرات المدنيين.

اقرأ المزيد عن