ليفين يهدد بإحياء التعديلات القضائية المثيرة للانقسام: المحكمة العليا “لم تترك لنا أي خيار”
ردا على الموعد النهائي الذي حُدد له لتعيين رئيس المحكمة العليا، وزير العدل يشير إلى أنه سوف يقوم بإلغاء تجميد مشروع القانون الذي يمنح الإئتلاف السيطرة على لجنة اختيار القضاة؛ لبيد ينتقد "الابتزاز الإجرامي"
أشار وزير العدل ياريف ليفين إلى خطط لإحياء برنامج الإصلاح القضائي المجمد للحكومة يوم السبت، ونشر بيانا مطولا على “فيسبوك” هاجم فيه محكمة العدل العليا واتهمها فيه باغتصاب الدور التشريعي للكنيست والسلطات التنفيذية للحكومة.
وجاء التهديد بعد عدة أيام من إصدار محكمة العدل العليا أمرا لليفين بإجراء تصويت في لجنة اختيار القضاة لاختيار رئيس جديد للمحكمة العليا بحلول 16 يناير، وهي خطوة يقاوم وزير العدل القيام بها لأكثر من عام لأن مثل هذا التصويت في التشكيلة الحالية للجنة من شأنه أن يعين القاضي يتسحاق عميت، وهو قاض ليبرالي ينظر إليه ليفين وآخرون في الحكومة اليمينية المتشددة على أنه خصم، في هذا المنصب.
وقال الوزير إنه في ظل هذه الظروف، “ليس أمام الحكومة خيار في هذا الوقت سوى التحرك من أجل استعادة صلاحياتها”.
وأعلن قائلا “لم يتركوا لنا خيارا. لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو. نحن أيضا لدينا حقوق”.
ويبدو أن تصريحات ليفين، إذا تم اتباعها، لديها القدرة على إعادة اشعال الصراع المثير للانقسام بشكل كبير بشأن السلطة القضائية والذي مزق المجتمع الإسرائيلي طوال معظم عام 2023، قبل أن يتم تجميده في أعقاب هجوم حماس في 7 أكتوبر من ذلك العام والحرب متعددة الجبهات التي تلت ذلك وما زالت مستمرة. أشعل الصراع حول التعديلات القضائية احتجاجات جماهيرية منتظمة غير مسبوقة ضد الحكومة وخطابا عدائيا متزايدا من كلا جانبي الطيف السياسي.
في حين أن ليفين لم يذكر صراحة ما هو مسار العمل الذي سيتبع بيانه يوم السبت، فقد فهمت العديد من وسائل الإعلام العبرية تهديده على أنه يتعلق بمشروع قانون الائتلاف لتغيير تشكيل لجنة اختيار القضاة، مما يمنح الحكومة فعليا السيطرة على اختيار القضاة. تمت الموافقة على مشروع القانون هذا في القراءة الأولى للكنيست في فبراير 2023، مما يعني أنه من المحتمل أن يكون جاهزا لتمريره سريعا ليصبح قانونا من خلال القراءتين الثانية والثالثة.
وذكرت تقارير متعددة مساء السبت أن رؤساء الأحزاب المكونة للائتلاف سيجتمعون في اليوم التالي لمناقشة إمكانية إلغاء تجميد الإصلاح، بما في ذلك تقديم مشروع القانون لتغيير تشكيل لجنة اختيار القضاء وكذلك إقالة المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا، التي قام بعض الوزراء بحملات مكثفة من أجل إبعادها عن منصبها.
ومع ذلك، قال الحزبان الحريديان في الائتلاف إنهما يعارضان تقديم أي مشروع قانون مثير للجدل قبل إقرار التشريع لإضفاء الطابع الرسمي على إعفاء الغالبية العظمى من الرجال الحريديم من الخدمة العسكرية الإلزامية، وهي قضية سياسية وقانونية شائكة للغاية ظلت دون حل منذ عقود. وكانت المحكمة العليا قضت قبل أشهر بأن الإعفاء لا يمكن أن يستمر وأن التمويل الحكومي للمعاهد الدينية التي لا يلتحق طلابها بالخدمة العسكرية يجب أن يتوقف، مما يعطي ضرورة ملحة لتمرير قانون جديد.
يوم السبت، نقل موقع “واينت” الإخباري عن مصادر حريدية في الإئتلاف لم يذكر اسمها تأكيدها على أن الحزبين لن يدعما قوانين إصلاح الجهاز القضائي قبل تمرير قانون التجنيد، مما يلقي بظلال من الشك على قدرة الإئتلاف على تنفيذ تهديد ليفين.
وقال ليفين في منشوره على فيسبوك: “مباشرة بعد اندلاع الحرب، أعلن الإئتلاف تجميد كافة أشكال التعامل مع الإصلاح القانوني. في ذلك الوقت، اعتقدت أنه من الخطأ الانخراط في قضايا مثيرة للجدل عندما كانت البلاد في حرب متعددة الجبهات”.
لكن المحكمة العليا، كما زعم، “جردتني فعليا من الصلاحية التي يمنحها لي القانون لوضع جدول أعمال لجنة اختيار القضاة”.
منذ هجوم حماس في 7 أكتوبر وطوال فترة الحرب التي تلت ذلك، كما قال ليفين، “استولت [المحكمة] على صلاحيات الكنيست” من خلال إلغاء قانون الحكومة للحد من المعقولية – وهو جزء أساسي من تشريعات الإصلاح القضائي. كما انتقد المحكمة العليا لموافقتها على مناقشة الالتماسات التي تطالب بتحسين ظروف الأسرى الأمنيين الفلسطينيين، وتعزيز المساعدات الإنسانية لغزة، وإطلاق سراح جثث مهاجمين فلسطينيين وتسليمها إلى عائلاتهم.
وأضاف “لقد تصرفت الحكومة بمسؤولية، ومع اندلاع الحرب علقت جميع أشكال التعامل مع الإصلاح”، وتابع قائلا “قررت المحكمة، بمنتهى عدم المسؤولية، استغلال ذلك لمواصلة الاستيلاء على صلاحيات الكنيست والحكومة”، معتبرا أن الحكومة “ليس أمامها خيار في هذا الوقت سوى التحرك من أجل استعادة صلاحياتها”.
بعد وقت قصير من هذا المنشور، نشر ليفين منشورا ثانيا حض فيه قضاة المحكمة العليا في لجنة اختيار القضاة على قبول الاقتراح الذي طرحه في أغسطس لاختيار رئيس المحكمة العليا القادم، وهو ما رفضه الرئيس المحكمة المؤقت آنذاك.
وقال “إن اقتراح التسوية العادل الذي عرضته على القضاة لا يزال مطروحا على الطاولة”، مضيفا “أؤكد مرة أخرى على ما قلته طوال الطريق، وهو أن طريق التوافق والحوار كان وسيظل الأفضل والمفضل. وفي الوقت نفسه، لن يكون هناك قبول للإملاءات الأحادية التي تدوس على غالبية الشعب”.
لو تم قبول اقتراح ليفين في ذلك الوقت، لكان قد أدى إلى تأخير صعود رئيس المحكمة العليا المؤقت يتسحاق عميت إلى المنصب، حيث دعا ليفين بدلا من ذلك إلى تعيين القاضي المحافظ يوسف إلرون كرئيس للمحكمة لمدة عام قبل عميت، الذي سيخدم بعد ذلك سنة أخرى. وكان من شأن ذلك أن يؤدي أيضا إلى تعيين أحد المرشحين الاثنين اللذين اقترحهما ليفين للمحكمة العليا – وهما مرشحان رفضهما القضاة في اللجنة بشكل قاطع.
ردا على ليفين، اتهم زعيم المعارضة يائير لبيد السياسي الكبير من حزب الليكود بالسعي لتقويض الديمقراطية الإسرائيلية.
وكتب لبيد في تغريدة “ياريف ليفين لم يقدم سوى الدمار والخراب. كالعادة، ينخرط في ابتزاز إجرامي من خلال التهديد بجلب الأشخاص الذين يريدون سحق الديمقراطية الإسرائيلية إلى المحكمة العليا”.
وقال لبيد إن الكنيست، في اقتراع سري العام الماضي، فضل اختيار مرشح المعارضة على اختيار مرشح الائتلاف كعضو في لجنة اختيار القضاة “لأنه حتى أعضاء ائتلاف ليفين ينفرون من تدميره الصارخ”. وادعى أنه بما أن ليفين لن يفوز بالتصويت في اللجنة لصالح مرشحه المفضل لمنصب رئيس المحكمة العليا، فإن ليفين أصبح “فجأة غير مؤيد لـ ’إرادة الأغلبية’ وإنما يحاول الانتقام من النظام بأكمله”.
وقال زعيم المعارضة إنه في حال فوز كتلته بالانتخابات المقبلة فإنه “سيلغي جميع القوانين المناهضة للديمقراطية التي تسنها هذه الحكومة حاليا، حتى القانون الأخير. لن نترك شيئا من انقلابه وراءنا”.
كما أدان أفيغدور ليبرمان، رئيس حزب المعارضة اليميني “يسرائيل بيتينو”، ليفين، قائلا: “بدلا من رعاية جنود الاحتياط الذين ينهارون تحت وطأة [الخدمة العسكرية في زمن الحرب] والترويج لقانون تجنيد متساو، تثير الحكومة القضايا الأكثر إثارة للجدل في المجتمع الإسرائيلي خلال فترة الحرب، بهدف واحد فقط: الحفاظ على الائتلاف، حتى على حساب الإضرار بشكل خطير بوحدة الشعب والأمن القومي”.
ورد عميت بيخر، رئيس نقابة المحامين الإسرائيلية والعضو في لجنة اختيار القضاة، بأن ليفين “يكذب على الجمهور – فهو لم يتصرف قط لتهدئة التوترات ولم يسع إلى التوصل إلى اتفاقات. كل ما أراده هو تعيين الموالين له في المحكمة العليا وإفشال عملية انتخاب رئيس المحكمة العليا”.
وأضاف بيخر “لن يتم ردعنا أو إكراهنا. إذا مضى ليفين في تهديده بإعادة مشروع قانون تغيير تركيبة اللجنة، فسنحاربه بالأدوات القانونية والعامة”.
جاءت تعليقات ليفين بعد ساعات فقط من قيام المدعي العام السابق موشيه لادور – الذي انتقده وزير العدل بشكل خاص في منشوره على فيسبوك – بتشجيع طياري سلاح الجو الإسرائيلي على التوقف عن التطوع في الخدمة الاحتياطية إذا قامت الحكومة بإحياء خطة الإصلاح القضائي.
في الأشهر الأخيرة، دعا ليفين أكثر من مرة إلى إحياء خطة الإصلاح القضائي، التي تسعى إلى الحد من سلطة المراجعة القضائية التي تتمتع بها محكمة العدل العليا.
وقد انضم إليه في هذا الأمر أعضاء في حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مثل وزير الاتصالات موشيه قرعي، الذي أعلن في نوفمبر أن للحكومة الحق في تنفيذ “تغيير للنظام” في إسرائيل، والتخلص من معايير وإجراءات راسخة، بما أنه تم انتخابها من قبل الجمهور.
في وقت سابق من هذا الشهر، أعرب رئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ عن قلقه العميق إزاء تأثير الأجندة التشريعية للحكومة فيما يتعلق بالسلطة القضائية، وذكر خلال خطاب ألقاه في مراسم رسمية في جنوب إسرائيل أنه “قلق للغاية” بشأن العديد من مشاريع القوانين التي قدمها الائتلاف والتي قال إنها تشير إلى استئناف جهود الإصلاح القضائي.
ساهم جيريمي شارون في هذا التقرير.