ليفين: العمل مع المستشارة القضائية للحكومة “يكاد يكون مستحيلا” ولكن لا يمكنه إقالتها بعد
وزير العدل يحذر من أن إقالة باهاراف ميارا ’إشكالية للغاية’، وأنها ليست على جدول الأعمال حاليا، بعد معارك عامة معها بسبب معارضتها لمواقف الإئتلاف التشريعية
اشتكى وزير العدل ياريف ليفين من حزب الليكود الحاكم يوم الأحد، من أن العمل مع المستشارة القضائية للحكومة غالي بهاراف ميارا صعب للغاية، لكنه قال إن إقالتها ستكون “إشكالية للغاية” وليست مدرجة على جدول الأعمال بعد.
جاء انتقاده لبهاراف ميارا بعد أن دعت الأخيرة يوم الأحد محكمة العدل العليا إلى إلغاء قانون حكومي يقيد المراجعة القضائية، وهي خطوة غير مسبوقة للمحكمة التي رفضت حتى الآن إلغاء تعديلات قوانين أساس شبه دستورية في البلاد.
وقد رفضت المستشارة القضائية دعم موقف الحكومة بشأن التشريع، وهي خطوة مثيرة للجدل في حد ذاتها، وحصلت الحكومة على محام مستقل ليمثلها في المحكمة العليا.
وقال ليفين في مقابلة أجرتها معه هيئة البث الإسرائيلي “كان” يوم الأحد بعد الإعلان: “من الصعب للغاية ويكاد يكون من المستحيل العمل بهذه الطريقة (…) ليست هذه الطريقة التي من المفترض أن تتصرف بها المستشارة القضائية للحكومة”.
ومع ذلك، قال الوزير إن “إقالتها هي أمر إشكالي للغاية، وليس بسيطا، وفي الوقت الحالي ليس على جدول الأعمال، لكنني لا أعرف ماذا سيحدث غدا – كل يوم يتم تحطيم رقم قياسي جديد”.
وأضاف أن المستشارة القضائية للحكومة “من المفترض أن تمثل الحكومة، وتدافع عنها وتساعدها – وليس العمل ضدها”، قائلا إن “الوقت قد حان لكي تتمتع المستشارة القضائية بالنزاهة، وأعتقد أنه ينبغي على الجمهور أن يطلب ذلك بقوة”.
عندما سُئل عن الموعد الذي يعتزم فيه عقد لجنة اختيار القضاة – التي يسعى إلى تغييرها بشكل جذري – قال ليفين: “سوف تُعقد في اليوم الذي تتضمن فيه اللجنة عضوية جديرة”.
هناك خلاف بين ليفين وبهاراف ميارا في هذه المسألة أيضا. يوم الأحد، وافقت المستشارة القضائية على طلب لليفين لاستخدام مستشار قانوني مستقل، بدلا من الاعتماد على مكتب المستشارة القضائية للحكومة، لتمثيل موقفه في جلسة قادمة لمحكمة العدل العليا بشأن رفضه عقد لجنة اختيار القضاة. وأشارت المستشارة القضائية إلى أنها لا ترى أي تبرير قانوني لموقفه بعدم عقد اللجنة.
تمثل المستشارة القضائية للحكومة، التي تشغل أيضا منصب النائبة العامة، الحكومة ووزرائها في الإجراءات القضائية في المحكمة.
إذا كانت المستشارة القضائية تعارض موقف الحكومة وترفض الدفاع عنه في المحكمة، فيمكن للوزير المعني أن يطلب مستشارا مستقلا، ولكن يمكن للمستشارة القضائية رفض الطلب.
من المقرر عقد الجلسة يوم الخميس لكن الحكومة تسعى إلى تأجيلها.
وفي رسالة عدائية أرسلها يوم الأحد، اتهم ليفين بهاراف ميارا باعتماد “مواقف متطرفة” وتجاهل أهداف سياسات الحكومة، وقال إنه رفض ردها لرسالة كان بعث بها في الأسبوع الماضي انتقدها فيها بشدة لما قال إنها معارضتها المنهجية لموقف الحكومة في قضايا عدة.
أرض مجهولة
في ردها يوم الأحد على الالتماسات المقدمة ضد التشريع الذي يلغي مبدأ “المعقولية”، أكدت بهاراف ميارا أن قدرة المحاكم على استخدام معيار المعقولية لتقييم الإجراءات والقرارات الحكومية والوزارية كانت عنصرا حاسما في الديمقراطية الإسرائيلية ونظام الضوابط والتوازنات الخاص بها.
وأن إلغاء هذا المعيار يقوض هذا النظام، ويضر بشدة بهوية إسرائيل كدولة ديمقراطية، وهو الوضع الذي يبرر قرار المحكمة بإلغاء القانون.
ويعد موقفها الذي قدمته للمحكمة يوم الأحد الأحدث في سلسلة من المواقف التي اتخذتها ضد الإئتلاف الحاكم، وهو الوضع الذي ولّد توترا حادا بينها وبين الحكومة ودعوات من قبل عدة وزراء لإقالتها.
القانون هو العنصر الوحيد في برنامج الإصلاح القضائي الأوسع للائتلاف الذي أقره الكنيست، ومثل أجزاء أخرى من أجندة التعديلات القضائية، واجه معارضة هائلة ومكثفة من مجموعات الاحتجاج وأحزاب المعارضة.
وكتبت المستشارة القضائية في مذكرتها للمحكمة إن “التعديل يغلق أبواب المحكمة أمام أي شخص أو مجموعة قد يتضرر إذا تصرفت الحكومة أو أحد وزرائها تجاهه بطريقة غير معقولة للغاية”.
“لذلك يُحرم الجمهور من وسيلة مهمة للدفاع عن نفسه من الممارسة التعسفية للسلطة من قبل الحكومة التي لا تخدم الصالح العام”.
لم يسبق للمحكمة العليا أن ألغت من قبل قانون أساس، أو تعديلا لقانون كهذا، لكنها أصرت على أن لها الحق في مراجعة مثل هذه التشريعات في عدة مناسبات.
وفي عدة أحكام مختلفة، أكدت المحكمة أنها قد تتدخل في قانون ينتهك الطابع اليهودي والديمقراطي لإسرائيل، أو يشكل إساءة استخدام الكنيست لقدرته على تمرير وتعديل قوانين الأساس شبه الدستورية.
وقالت بهاراف ميارا في مذكرتها يوم الأحد إن قانون تقييد المعقولية ينتهك هذين المبدأين وبالتالي يجب إلغاؤه.
واتهم المحامي إيلان بومباخ، الذي يمثل الحكومة، المستشارة القضائية بـ”اتخاذ الموقف الأكثر تطرفا” بشأن التشريع، وطلب تأجيل جلسة المحكمة، التي ستناقش الالتماسات ضد القانون ومن المقرر عقدها حاليا في 12 سبتمبر، حتى أكتوبر.
تمت المصادقة على قانون تقييد المعقولية، وهو تعديل لقانون أساس القضاء، في الكنيست في شهر يوليو وهو يمنع المحكمة العليا من استخدام معيار المعقولية لإلغاء قرارات وإجراءات حكومية أو وزارية على أساس أنها غير معقولة.
يتم اتخاذ هذا القرار إذا اعتقدت المحكمة أنه لم يتم أخذ جميع الاعتبارات ذات الصلة في الحسبان، أو أن الاعتبارات المستخدمة لاتخاذ القرار لم تُمنح الوزن المناسب، أو أنه تم استخدام اعتبارات غير مناسبة عند اتخاذ القرار.
يقول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وليفين ومؤيدون آخرون للقانون إنه ضروري لمنع محكمة غير منتخبة من فرض وجهة نظرها على إرادة الحكومة والأغلبية.
ويقول المنتقدون إن القانون يزيل أداة مهمة في قدرة المحكمة على مراجعة الإجراءات الحكومية التي قد تمس باستقلالية المسؤولين الرئيسيين عن إنفاذ القانون، وبشرعية الانتخابات، وبالحقوق الفردية.
في الملف المطول الذي قدمته للمحكمة، قالت المستشارة القضائية للحكومة إن معيار المعقولية هو “حجر الزاوية للحفاظ على سيادة القانون، لأنه يتطلب من الحكومة وأعضائها إعطاء الوزن المناسب في قراراتهم للخصائص الديمقراطية لدولة إسرائيل”.
وأشارت بهاراف ميارا بالتحديد إلى الأهمية التي يلعبها معيار المعقولية في مراجعة التعيينات التي تقوم بها الحكومة لكبار المسؤولين في وكالات إنفاذ القانون، وفصلهم، مثل منصب المستشار القضائي للحكومة نفسه، وكذلك المدعي العام، والمفوض العام للشرطة، وآخرون.
وأشارت إلى أن الأداة المستخدمة في أغلب الأحيان للمراجعة القضائية لمثل هذه القرارات هي معيار المعقولية، وأن إلغاء هذه الأداة من شأنه أن يقوض استقلال هؤلاء المسؤولين، وبالتالي يقوض سيادة القانون والمعايير الديمقراطية.
كما سلطت المستشارة القضائية الضوء على كيفية اعتماد المراجعة القضائية للإجراءات الحكومية خلال فترة الانتخابات بشكل كبير على معيار المعقولية، وقالت أنه بدونه، يمكن للحكومات المؤقتة أن تسيء استخدام الأموال والموارد العامة لتوفير فوائد مختلفة للناخبين، وبالتالي تقويض مفهوم الانتخابات النزيهة.
وأقرت بهاراف ميارا بأن إلغاء قانون أساس هو أمر “معقد وحساس”، لكنها أصرت على أن تشريع الحكومة ينتهك المبادئ الأساسية في قلب الهوية الديمقراطية للدولة الإسرائيلية مثل “الفصل بين السلطات؛ سيادة القانون؛ حقوق الإنسان الأساسية؛ انتخابات حرة ونزيهة”، وبالتالي يجب إلغاؤه.
وأضافت أنه يجب تقييم القانون جنبا إلى جنب مع أجندة الإصلاح القضائي الأوسع للحكومة، كما أوضح ليفين في يناير الماضي، والتي قالت إنها تسعى بشكل عام إلى إزالة الضوابط والتوازنات أمام الحكومة من خلال منع السلطة القضائية من مراجعة الإجراءات التنفيذية والتشريعية.
كما قالت المستشارة القضائية للحكومة إن القانون يشكل إساءة استخدام للسلطة التأسيسية من قبل الحكومة الحالية، لأنه يمنح على الفور سلطة إضافية للائتلاف الحالي بينما يضعف قدرة المحكمة على ممارسة المراجعة القضائية للإجراءات التي تتخذها الحكومة.