ليري ألباغ تتذكر ”جحيم“ غزة وألمها عندما علمت أن المعارضين لصفقة الرهائن على استعداد ”للتضحية“ بها
الرهينة المفرج عنها، التي اختُطفت في 7 أكتوبر أثناء خدمتها كجندية مراقبة، تقول إنها وضعت حدودا بينها وبين خاطفيها، وترفض بتواضع الروايات التي تتحدث عن شجاعتها
أدلت الرهينة السابقة ليري ألباغ بأول مقابلة لها منذ إطلاق سراحها من غزة في يناير، حيث روت قصة وقوعها في الأسر على أيدي مسلحي حماس إلى جانب مجندات المراقبة الأخريات، و”جحيم“ غزة والألم الذي شعرت به من قبل أولئك الذين كانوا في إسرائيل على استعداد ”للتضحية“ بها من خلال معارضتهم للصفقة.
وقالت الباغ للقناة 12 في مقابلة استمرت لمدة ساعة وتم بثها يوم الجمعة “الحقيقة هي أن السابع من أكتوبر يبدو وأنه كابوس طويل، وكنت أنتظر شخصا لإيقاظي، شخصا ليخبرني أنني كنت أحلم. ولكن هذا لم يحدث. للأسف، كل هذا كان حقيقيا”.
تم اختطاف الباغ، إلى جانب كارينا أرييف، ودانييلا غلبواع، ونعمة ليفي، وأغام بيرغر، من قاعدة ناحل عوز العسكرية التابعة للجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر 2023، وأفرجت عنها الجماعة الشهر الماضي في المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار الجاري.
قتل مسلحو حماس 15 جندية مراقبة أخريات خلال الهجوم على القاعدة، كما اختطفوا مجندتين أخريين: أوري ماغيديش، التي تم إنقاذها، ونوعا مارسيانو، التي قُتلت في الأسر وتم استعادة جثتها.
كانت الباغ قد أنهت تدريبها كجندية مراقبة قبل يومين فقط من اختطافها وكانت قد وصلت للتو إلى قاعدة ناحل عوز. وقالت إنه لم يتم تزويدها بسلاح ولم يكن لديها أي وسيلة للدفاع عن نفسها ضد المسلحين القادمين.
وقالت الباغ وهي تتذكر أول مرة رأت فيها خاطفيها: ”ترى الشر والكراهية في أعينهم“.

وروت الباغ: “كنت متأكدة من أنه بمجرد وقوفنا هناك، سوف يذبحوننا، ويطلقون النار علينا واحدة تلو الأخرى. دخلت إلى وضع البقاء على قيد الحياة، وقلت: ‘حسنا، ماذا يمكنني أن أفعل حتى أتمكن من الخروج على قيد الحياة؟’”
ووصفت غزة بأنها “جحيم حقيقي”، وقالت إن خاطفيها أجبروها والرهائن معها على مشاهدة مقاطع فيديو لمذبحة السابع من أكتوبر، بما في ذلك مقطع صعب تظهر فيه جنديات المراقبة، بما في ذلك ليري، بعد وقت قصير من أسرهن بينما كن لا يزلن في قاعدتهن.

وأضافت: “قالوا لنا: إذا استمعتن إلينا فلن نقتلكن. ستأتون معنا إلى غزة’، وقلنا لهم ’نعم، خذونا إلى غزة’”.

وقالت الباغ إنها فهمت أنها اقتيدت إلى غزة عندما رأت السيارة التي كانت تستقلها تمر من البوابة على الحدود بين إسرائيل والقطاع الساحلي. ”[رأينا] الجماهير الغزاوية تحيط بنا وتقف على الجانبين وتصفق وتصفر وترقص… ركض [الغزيون] خلفنا فرحين وهم يطلقون النار في الهواء. الأطفال والنساء وكبار السن“.
دفعت التجربة الباغ إلى استنتاج أنه لا يوجد ”عابرو سبيل أبرياء“ في غزة.
الظروف في الأسر
”أحيانا سمحوا لنا باستخدام دورة المياه مرتين فقط في اليوم، في الصباح والمساء. لا توجد نظافة هناك… ما زلت لم أتمكن حتى الآن من التخلص من ’قذارة’ غزة“، كما قالت.
وفيما يتعلق بالنظام الغذائي، قالت الباغ إنها كانت تأكل الخبز والأرز والمعكرونة عندما تكون متوفرة، مضيفة أنها كانت تشعر بالجوع في أوقات مختلفة.
وروت ”عندما لم يُسمح بدخول المساعدات الإنسانية، كان هناك شعور بالجوع. كان محسوسا حقا لأنك تنتقل فجأة إلى أيام من رغيف خبز واحد، وكانت هناك أيام شهدت ربع [رغيف خبز]… كانت هناك أيام كنا نتحدث فيها عن الطعام للتغلب على الجوع… كانت هناك أيام… كنا نشرب فيها الماء المالح لأنه لم يكن هناك ماء. لقد فقدت 10 كيلوغرامات من وزني هناك”.

وعن علاقتها بخاطفيها، قالت الباغ إنها تظاهرت بالتوافق معهم لأنهم كانوا مسيطرين.
”كان هناك الكثير من الأشياء التي كانت تتخطى حدودنا وكان هناك الكثير من الأشياء التي كنا نفرض حدودا عليها”، كما قالت موضحة أنها رفضت السماح لخاطفيها بدخول غرفتها أثناء نومها.
وقالت ”في نهاية المطاف، يحتاج [الخاطف] إلى إبلاغ من هم أعلى منه أنه على ما يرام. لذا، كنا نلعب على هذا الوتر. ’أنت تتصرف هكذا تجاهي؟ حسنا، أحضر رئيسك. أريد أن أتحدث معه’“.
وأوضحت الباغ سلوكها قائلة: ”منذ البداية، كنت أعرف أنهم بحاجة إلينا أكثر مما كنا نظن“.
وقالت الباغ إنه كان هناك ”عنف لفظي وإساءة جسدية وإساءة عاطفية. [كانوا يقولون لنا] ’لن تذهبون إلى الديار’“.
وقالت الباغ أيضا إن الخاطفين حاولوا فرض أسلوب حياتهم على النساء. ”لقد حاولوا ترويضنا للتماشي مع ثقافتهم، حيث لا يمكن للنساء الضحك بصوت عال، ولا يمكنهن الجلوس [مع وضع ساق فوق الأخرى]“.
تجربة الباغ مع النساء في غزة لم تكن أفضل من تلك التي كانت لها مع الرجال.

وقالت إن أصعب شيء بالنسبة لها في تعاملها مع خاطفيها كان الكراهية، على حد قولها. ”إنهم ينظرون إلينا كما لو كنا منظمة إرهابية، مثل نظرتنا إليهم. هكذا ينظرون إلينا: إرهابيون، قتلة، لصوص، كاذبون. لقد أجرينا محادثات معهم حول الهولوكوست. إنهم ينكرون الهولوكوست. إنهم يعتقدون أن هتلر كان عبقريا… وأن هتلر لم يفعل ذلك، وأن هتلر كان جيدا“.
وقالت الباغ إنه كانت هناك أيضا مناقشات سياسية مع الخاطفين، لكنها لم تكن تشارك فيها. ”هذا هو شأن [أغام بيرغر]… كنت أقول لهم: ‘أنا لا أفهم في السياسة، اتركوني وشأني، ليس لدي إجابات لأعطيكم إياها’“. وقالت إن خاطفيها كانوا يصفون العرب الإسرائيليين بـ”الخونة“.
الرهائن الآخرون
تحدثت الباغ أيضا عن علاقتها بالرهائن الآخرين الذين أمضت معهم بعض الوقت. وقالت إن كيث وأفيفا سيغل، اللذان أُطلق سراحهما أيضا – أفيفا في نوفمبر 2023 وكيث الشهر الماضي – كانا بمثابة والدين لها.
وبعد انفصالها عنهما، أمضت بعض الوقت مع الأطفال الصغار الذين تم احتجازهم كرهائن وتم إطلاق سراحهم خلال الهدنة الأولى، وهي الفترة التي قالت إنها كانت الأكثر متعة خلال فترة احتجازها.
وعندما سُئلت عن قصة إقناعها لخاطفيها بأن زميلتها الرهينة عميت سوسانا لم تكن جندية، وهو ما قالت سوسانا إنه أنقذ حياتها، قالت الباغ بتواضع ”لقد فعلت ما فعلته لإنقاذ من حولي… شعرت أنهم بمجرد أن يؤذوا أحد الإسرائيليين، أحد المختطفين، كانوا يؤذونني. ولم أستطع مشاهدة ذلك“.

قضت الباغ كامل فترة أسرها تقريبا مع بيرغر، التي انفصلت عنها قبل يوم واحد من إطلاق سراحها. حاولت الباغ إفساد مخطط إطلاق سراحها لأنه لم يكن سيتم إطلاق سراح بيرغر معها، وأصرت على البقاء في غزة مع صديقتها. وفي نهاية المطاف، خدع الخاطفون الباغ وأقنعوها بركوب السيارة التي أقلتها ليتم إطلاق سراحها، وتم إطلاق سراح بيرغر بعد عدة أيام.
ولم تكن الباغ قد رأت جنديات المراقبة الثلاث الأخريات لأكثر من عام حتى اليوم الذي تم فيه إطلاق سراحهن.
وروت ألباغ أنه تم إخبارها بأنه سيتم إطلاق سراحها خلال صفقة الرهائن الأولى في عام 2023، لكنها فهمت أنها ستبقى في الأسر عندما سمعت انفجارا ذات صباح.
وقالت ”أوضح لنا ذلك أن الأمر انتهى. لا توجد مفاوضات، لا يوجد اتفاق، لن نعود إلى الوطن“، مضيفة أنها أدركت أنها ستبقى في الأسر لفترة طويلة جدا لأنها مجندة.

طلبت الباغ من الرهائن الذين تم إطلاق سراحهم خلال الصفقة الأولى أن يقولوا لشقيقتها ألا تلمس حذاءها: ”بهذه الطريقة ستعرف أنني بقيت على طبيعتي“.
وكشفت الباغ عن أن خاطفيها زودوها بكتاب صلاة ”سيدور“ تركه الجنود الإسرائيليون وراءهم، وأن الرهائن كانوا يقرأون منه ويحاولون الاحتفال بالأعياد اليهودية.
وللحفاظ على معنوياتهم عالية، قالت الباغ إن الرهائن كانوا يغنون ويحتفلون بأعياد الميلاد ويحتفظون بمذكرات لم يسمح لهم الخاطفون بأخذها معهم. ”حاولنا ألا نفقد عقولنا هناك“.
وفيما يتعلق بالصراع السياسي في إسرائيل حول صفقة الرهائن، قالت الباغ إن الرهائن كان لديهم جهاز راديو وكانوا على علم بالنقاش الدائر حول إطلاق سراحهم مقابل وقف إطلاق النار والإفراج عن سجناء أمنيين.
وقالت: ”كان من الصعب جدا بالنسبة لنا أن نعتقد أن هناك أشخاصا مستعدون حقا للتضحية بنا“، متسائلة ”لماذا؟ هل أنا مسؤولة عن تعرضي للاختطاف؟“