“لم يتم فعل أي شيء”: قضاة المحكمة العليا ينتقدون الشرطة بسبب هجمات المستوطنين في الضفة الغربية
سكان قرية في جنوب الضفة الغربية يتهمون أجهزة الأمن بازدراء أوامر المحكمة بتمكينهم من العودة إلى منازلهم، بعد مضايقات متكررة
طالب قضاة المحكمة العليا الإسرائيلية بفارغ الصبر الشرطة بتقديم إجابات على فشلها في الحد من عنف المستوطنين في جنوب الضفة الغربية خلال جلسة استماع يوم الاثنين، حسبما ذكر موقع “واينت”.
نظرت المحكمة في التماس قدمه سكان قرية خربة زنوتة الفلسطينية، الذين اتهموا الجيش الإسرائيلي وشرطة إسرائيل ووزارة الدفاع بازدراء المحكمة لفشلهم في تنفيذ أوامر المحكمة بحمايتهم من العنف.
وكان سكان خربة زنوتة قد فروا من القرية في نهاية شهر أكتوبر 2023 بسبب الاعتداءات المتكررة عليهم وعلى البنية التحتية للقرية خلال ذلك الشهر من قبل المتطرفين اليهود. وعادوا إلى منازلهم في 21 أغسطس بعد أن أمرت المحكمة العليا الجيش والشرطة بتمكينهم من العودة. لكنهم يزعمون أن اعتداءات المستوطنين المتجددة ورفض أجهزة الأمن حماية السكان والخطوات التي اتخذتها أجهزة الأمن لمنعهم من جعل خربة زنوتة صالحة للسكن مرة أخرى أدت إلى إخلاء القرية من سكانها.
وفي الطلب، قدم محامو سكان القرية صورا لمستوطنين من البؤرة الاستيطانية غير القانونية القريبة “مزرعة ميتاريم” وهم يصورون سكان القرية داخل منازلهم ويضايقون مواشيهم.
وبحسب موقع “واينت”، ضرب رئيس المحكمة العليا بالوكالة إسحاق عميت على الطاولة خلال الجلسة وقال لممثل الشرطة “لم يتم تقديم لائحة اتهام واحدة. نرى المستوطنين داخل منازلهم. لم يتم فعل أي شيء”.
وقال المفتش العام أفيعاد بالماس، المحقق الرئيسي في مركز الخليل، إن الشرطة “ترسل فريقا” عند تقديم الشكاوى، والذي “يقوم بالبحث ولا يجد شيئا. يحدث هذا طوال الوقت، حيث لا يتواجد حتى مقدمو الشكاوى في مكان الحادث”.
وأضاف المسؤول: “يجب أن تفهموا أن هناك عشرات الشكاوى بشأن التعدي على الأراضي… لا توجد حدود حقيقية [للأراضي]. لذا فإن قطيع يمر مع الراعي، في منطقة لا يوجد بها أي شيء، ولا محاصيل، وبالتالي فإن أغنام الراعي تدخل إلى الأراضي الفلسطينية. ماذا يفترض بي أن أفعل الآن؟ ستأتي سيارة شرطة، وتأخذ الراعي، وستتشتت الأغنام؟”
وبالنسبة للعنف أكد مجددا “أننا نرسل سيارة لكل حادثة، المنطقة واسعة. نقوم بالتحقيق واستدعاء الأشخاص للتحقيق معهم. وجود الشكاوى لا يعني أن كل هذه الأمور حدثت”.
وردت القاضية دافني باراك إيريز قائلة “إنكم تقدمون الأمر وكأن كل شيء على ما يرام. لقد أُجبر الناس هنا على مغادرة منازلهم… وفي النهاية هناك نتائج، والنتائج ليست جيدة”.
وتضمنت الشكوى أيضا صورا لجنود اسرائيليين وهم يصادرون البطانيات التي يستخدمها سكان القرية لتغطية منازلهم المدمرة، ويزيلون السياج الذي أقيم حول القرية، وهو ما زعم أنه يدل على أن أجهزة الأمن لا تفتقر إلى القوى العاملة في المنطقة، وهي قادرة على الامتثال لأمر المحكمة وحماية سكان القرية إذا كانت هناك إرادة للقيام بذلك.
وقد أرفق لشكوى ازدراء المحكمة أيضًا ورقة موقف قانونية كتبها خبراء قانونيون إسرائيليون محترمون دوليًا، قالوا للمحكمة إن سلوك الجيش والشرطة والإدارة المدنية يشكل نقلًا قسريًا لسكان خربة زنوتة، وهو أمر غير قانوني بموجب القانون الدولي وربما يشكل جريمة حرب بموجب اتفاقية جنيف الرابعة.
نزح سكان خربة زنوتة من القرية في نهاية شهر أكتوبر بعد الارتفاع الحاد في عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين في المنطقة C من الضفة الغربية – حيث تحتفظ إسرائيل بسيطرة عسكرية ومدنية – في أعقاب هجوم حماس في السابع من أكتوبر. وأدت هذه الهجمات إلى تهجير أكثر من 1000 فلسطيني من القرى الريفية، وخاصة في تلال جنوب الخليل وغور الأردن.
وفي غياب السكان، دُمر أو تضررت العديد من المنازل الحجرية في زنوتة، كما هُدمت مدرسة بناها الاتحاد الأوروبي في القرية بالجرافات. ولم تتمكن سلطات إنفاذ القانون من تحديد هوية مرتكبي أعمال الهدم.
وفي 29 يوليو، أمرت المحكمة العليا الجيش والشرطة بتمكين السكان من العودة إلى منازلهم، وعاد بعض سكان خربة زنوتة إلى الإقامة في القرية في 21 أغسطس. ولكن بعد أقل من ثلاثة أسابيع، أبلغت الإدارة المدنية السكان بأنها ستنفذ أوامر هدم صدرت عام 2007 ضد منازلهم إذا لم يوافقوا على مغادرتها.
ونتيجة لاعتداءات المستوطنين المتكررة وتهديدهم بالهدم، غادر آخر سكان القرية بحلول 12 سبتمبر.
وبدأ سكان خربة زنوتة الفلسطينيين في بناء هذه المباني الحجرية في ثمانينيات القرن العشرين بعد أن بدأت الكهوف التي كانوا يعيشون فيها في الانهيار. ولكن هذه المنازل تعتبر غير قانونية، حيث لا توجد في القرية خطة تنظيمية أو تصاريح بناء، والتي يصعب بشكل عام على الفلسطينيين الذين يعيشون في المنطقة C من الضفة الغربية الحصول عليها.
وبعد سنوات من الإجراءات القانونية في المحكمة العليا، وافقت الدولة في عام 2017 على عدم تنفيذ أوامر الهدم بينما وضعت معايير تخطيطية جديدة.
وفي طلبها لاستصدار أمر ازدراء المحكمة الذي قدمته في 18 سبتمبر، زعمت منظمة “حقل” للمساعدة القانونية، التي تمثل سكان خربة زنوتة، أن ما وصفته بـ”النقل الثاني” لسكان القرية تم تنفيذه “عمدا وبتخطيط مسبق” من قبل السلطات بالشراكة مع نحو ثمانية مستوطنين محليين.
“خلال الأسابيع التي حاول فيها سكان زنوتة العودة إلى منازلهم بعد قرار المحكمة العليا، تعرضوا للاضطهاد بلا رحمة من قبل المستوطنين والمدعى عليهم، وفي النهاية تم طردهم للمرة الثانية”، كتبت منظمة حقل.
وقالت المنظمة إن المستوطنين المسلحين اعتدوا على أراضي خربة زنوتة “ولم يتوقفوا عن تهديد الأهالي والاعتداء عليهم وإيذاء وقتل أغنامهم” منذ عودتهم في منتصف أغسطس الماضي.
وجاء في طلب “حقل” أن الشرطة “رفضت بشكل قاطع” جميع طلبات سكان القرية بإبعاد المستوطنين، على الرغم من أمر المحكمة العليا للشرطة والجيش الإسرائيلي بحمايتهم.
وقالت أن الشرطة والجيش الإسرائيلي قالوا بدلا من ذلك لسكان القرية أن للمستوطنين الحق في التواجد في القرية، بما في ذلك في حادثة تم تصويرها بالكاميرا.
وقالت محامية منظمة “حقل” والمديرة المشاركة للمنظمة قمر مشرقي أسعد لصحيفة تايمز أوف إسرائيل أنه تم تجاهل الطلبات المكتوبة التي قدمت للشرطة للحصول على المساعدة.
وأضافت أنه “تم تسجيل أكثر من 100 حادثة مضايقة” خلال الأسابيع الثلاثة بين عودة السكان إلى القرية وطردهم الثاني، “في الوقت الفعلي وكذلك بعد وقوع الوحادث”، لكن الشرطة لم تستجب لأي منها.
وأشارت المنظمة أيضا إلى أن الإدارة المدنية، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع تدير الشؤون المدنية في الضفة الغربية، رفضت مرارا وتكرارا السماح لسكان القرية بإصلاح المنازل التي تضررت في هجمات المستوطنين بعد نزوحهم من القرية في أكتوبر من العام الماضي.