لماذا تم إلغاء خطاب لبايدن يحض فيه الإسرائيليين على التفكير بالمسار الذي تتجه إليه البلاد في اللحظة الأخيرة
كبار المساعدين صاغوا خطابا حول اختيار إسرائيل بين الاندماج والعزلة، لكنهم بدلا من ذلك اختاروا الخروج بخطاب آخر يكشف تفاصيل عرض وقف إطلاق النار الذي قدمته القدس مؤخرا
في خطاب ألقاه من قاعة الطعام في البيت الأبيض في 31 مايو، كشف الرئيس الأمريكي جو بايدن عن تفاصيل رئيسية لاقتراح وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن الذي قدمته إسرائيل إلى حماس قبل أربعة أيام من ذلك.
كان الخطاب عالي المخاطر يهدف إلى إجبار رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على التمسك بالتنازلات التي لم يكن على استعداد لتقديمها حتى الآن إلا في السر، وفي الوقت نفسه وضع الكرة في ملعب حماس من خلال دعوة الحركة إلى قبول العرض الإسرائيلي.
بعد مرور شهرين ونصف، لم يتم تحقيق الاختراق الذي سعى إليه بايدن في المفاوضات بعد. ومع ذلك، لا يزال الاقتراح متعدد المراحل الذي حدده بمثابة الإطار للصفقة التي يحاول الوسطاء جرها عبر خط النهاية حيث يجتمعون في قمة محورية في الدوحة يوم الخميس.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
لكن على الرغم من أهمية خطاب بايدن في 31 مايو، إلا أنه لم يكن الخطاب الذي كان من المفترض أن يلقيه في ذلك اليوم، وفقا لما قاله ثلاثة مسؤولين أمريكيين لـ”تايمز أوف إسرائيل”.
في وقت سابق من شهر مايو، صاغ العديد من كبار مساعديه خطابا كان بعيد المدى أكثر.
ولقد دعا ذلك الخطاب أيضا إلى وقف إطلاق النار، ولكن تم تقديم الهدنة فيه باعتبارها مجرد الجزء الأول من مبادرة إقليمية أوسع نطاقا كانت إدارة بايدن تأمل في الدفع بها.
في هذه النسخة السابقة، كان من المقرر أن يطرح بايدن على الجمهور الإسرائيلي الاختيار بين مسارين.
كانت واشنطن تخشى بالفعل أن تتجه حكومة نتنياهو نحو المسار الأول – احتلال إسرائيلي غير نهائي لغزة؛ وامتداد القتال الذي أشعله هجوم حماس في السابع من أكتوبر والذي أشعل الوضع المتدهور أصلا في الضفة الغربية؛ وتوتر العلاقات بين إسرائيل وحلفائها العرب، إن لم يكن قطعها؛ وعزلة دولية أوسع نطاقا.
كان المسار الثاني هو المسار الذي أمضت إدارة بايدن الأشهر الثمانية السابقة في محاولة ترسيخه. وقد تضمن هذا المسار خمس دول عربية على الأقل تساعد في إدارة غزة بعد الحرب. ومن بين هذه الدول المملكة العربية السعودية، التي من شأنها أن توافق أيضا على تطبيع العلاقات مع إسرائيل – وهي الخطوة التي من شأنها أن تتطلب موافقة إسرائيل على خلق أفق سياسي للفلسطينيين، لكنها ستسمح بترسيخ شبكة أمنية إقليمية لمواجهة إيران، وهو ما تسعى إليه القدس منذ فترة طويلة.
وقال أحد المسؤولين الأمريكيين “كان من المفترض أن يقدم الخطاب للجمهور الإسرائيلي فهما واضحا للمكان الذي يتجهون إليه وإلى أين يمكن أن يذهبوا”.
وأضاف المسؤول الأمريكي “كان الأمل في أن يثير ذلك إجراء حسابات على الصعيد الوطني في إسرائيل من شأنه ألا يقنع نتنياهو بالموافقة على صفقة رهائن فحسب، بل المضي قدما نحو مسار اندماج إقليمي، على الرغم من معارضة بعض شركائه في الائتلاف”، في إشارة إلى الوزيرين من اليمين المتطرف إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.
لكن في النهاية، تم تأجيل “خطاب المسارين” – كما وصفه مسؤول أميركي ثان – قبل أيام فقط من الموعد المقرر لإلقائه من قبل بايدن في 31 مايو.
وجاء قرار كتابة خطاب مختلف بعد أن قدمت إسرائيل اقتراحا بشأن صفقة الرهائن في 27 مايو، والذي اعتقد الكثيرون في الإدارة أنه خلق فرصة لتحقيق تقدم في المفاوضات الراكدة منذ فترة طويلة بين إسرائيل وحماس.
وقاد منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط بريت ماكغورك – بدعم من مستشار الأمن القومي جيك سوليفان – صياغة هذا الخطاب الجديد الذي ركز بشكل مباشر أكثر على الاقتراح الإسرائيلي.
وقال المسؤول الأمريكي الثاني “مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية وتراجع احتمال التوصل إلى اتفاق سعودي، كان الشعور السائد هو أن التوصل إلى وقف إطلاق النار هو القضية الأكثر إلحاحا. وكان الخطاب الذي ألقاه الرئيس مصمما لتعزيز هذا الهدف على الفور، حتى لو كان ذلك يعني أن يطغى على بعض أهدافنا الإقليمية الأخرى”.
وتضمن الخطاب الجديد إشارات إلى بعض الرسائل التي كانت جزءا لا يتجزأ من النسخة الأولى.
وقال بايدن في خطابه في 31 مايو: “إن النهج الشامل الذي يبدأ بهذه الصفقة سيعيد الرهائن إلى ديارهم وسيؤدي إلى إسرائيل أكثر أمانا”، مشيرا إلى أنه “سيفتح” إمكانية الهدوء بين إسرائيل وحزب الله.
وقال بايدن “من خلال هذه الصفقة، يمكن لإسرائيل أن تصبح أكثر اندماجا في المنطقة، بما في ذلك اتفاقية تطبيع تاريخية محتملة مع المملكة العربية السعودية. يمكن أن تكون إسرائيل جزءا من شبكة أمنية إقليمية لمواجهة التهديد الذي تشكله إيران”.
ولكن هذه السطور كانت في نهاية خطاب تم بناؤه حول وصف أحدث مقترح إسرائيلي لصفقة الرهائن.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن نسخة من الخطاب الأصلي الذي كان من المقرر أن يلقيه بايدن تم استخدامها بالفعل بعد شهرين، ولكن ليس من قبل الرئيس.
بدلا من ذلك، انتهى الأمر بأن يكون مستشار الأمن القومي لنائبة الرئيس كامالا هاريس، فيل غوردون، هو المسؤول في الإدارة الذي طرح المسارين على الإسرائيليين في خطاب ألقاه في 24 يونيو في مؤتمر هرتسليا في جامعة “رايخمان”.
وقال غوردون “أود أن أطلب منكم جميعا أن تتأملوا في المسارين اللذين وصفتهما للتو. في الاتجاه الأول، الصراع اللانهائي في غزة إلى جانب التوترات المتزايدة والعنف في الضفة الغربية؛ وغياب أفق سياسي فلسطيني كوقود لحماس وغيرها من الجماعات الإرهابية؛ والتهديد الوشيك بتصعيد إقليمي خطير؛ وعزلة إسرائيل المتزايدة على الساحة الدولية”.
ومضى قائلا “في الاتجاه الآخر، الطريق إلى إسرائيل قوية وآمنة ومزدهرة؛ تعيش في سلام مع جيرانها؛ وتحظى بدعم الولايات المتحدة؛ ومندمجة في المنطقة كما لم يحدث من قبل”، مضيفا “يجب أن يكون الاختيار واضحا”.
لكن هذا الخطاب مر دون أن يلقى اهتماما كبيرا، لأنه لم يُلق من قبل الرئيس الأمريكي نفسه، وجاء قبل أسابيع من حصول هاريس على بطاقة المرشحة الرئاسية للحزب الديمقراطي بعد انسحاب بايدن من السباق. وقد طُرح اسم غوردون كمستشار محتمل للأمن القومي للبيت الأبيض في حال فازت هاريس في انتخابات نوفمبر.
ودافع مسؤول أمريكي ثالث عن قرار تبديل الخطابين في مايو، وقال إن الخطاب الذي ألقاه بايدن في نهاية المطاف أوضح بشكل رسمي دعم الإدارة لوقف إطلاق النار، وساعد أيضا في بناء الدعم الدولي للمقترح الإسرائيلي المدعوم من الولايات المتحدة بعد أشهر شعرت فيها واشنطن بالعزلة الدولية بشكل متزايد بسبب مواقفها من الحرب.
لكن المسؤول الأمريكي الثالث قال إن الخطاب الأصلي – أو على الأقل رسالته الرئيسية – لا يزال من الممكن أن يلقيه بايدن في مرحلة ما لأن الباب أمام إسرائيل للاندماج الكامل في المنطقة لا يزال مفتوحا إذا كانت على استعداد لتقديم مسار لدولة مستقبلية للفلسطينيين.
ولم يرد البيت الأبيض بشكل فوري على طلب للتعليق.