إسرائيل في حالة حرب - اليوم 345

بحث

لبيد: نتنياهو كان على علم بأن ثورانا عنيفا كان يلوح في الأفق قبل أشهر من هجوم 7 أكتوبر

زعيم المعارضة قال أنه كان من الممكن منع وقوع الهجوم، بدا رئيس الوزراء نتنياهو "ضجرا" عندما تم إخباره بالمخاطر خلال الإحاطة المشتركة؛ بينما قال مكتبه أن نتنياهو لم يتلق أي تحذير بشأن الحرب على غزة

زعيم المعارضة يائير لابيد يدلي بشهادته أمام لجنة تحقيق مدنية غير رسمية في الفشل في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر والرد عليه، 29 أغسطس، 2024. (Screenshot)
زعيم المعارضة يائير لابيد يدلي بشهادته أمام لجنة تحقيق مدنية غير رسمية في الفشل في منع هجوم حماس في 7 أكتوبر والرد عليه، 29 أغسطس، 2024. (Screenshot)

في شهادة أدلى بها يائير لبيد يوم الخميس قال زعيم المعارضة أنه على الرغم من تحذيره لأكثر من عام من أن سياسة حكومته أضعفت قوة الردع الإسرائيلية وأن الفصائل الفلسطينية اعتقدت أن “لحظتها قد حانت”، إلا أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فشل في التحرك، بل وبدا “ضجرا وغير مبال بالقضية” خلال إحدى جلسات الإحاطة المشتركة.

وفي كلمته أمام لجنة تحقيق مدنية مستقلة في تل أبيب بشأن هجوم حماس في 7 أكتوبر، ذكر رئيس حزب “يش عتيد” ورئيس الوزراء السابق بالتفصيل حالات متعددة أخبر خلالها مسؤولون أمنيون نتنياهو أن السياسات التي تنتهجها حكومته أدت إلى تآكل الردع الإسرائيلي وأن أعداء إسرائيل رأوا الضعف والفرصة.

وقال لبيد إنه عازم على “دحض الادعاء” القائل بأن المستوى السياسي لم يتم إطلاعه بأن حماس لم تعد مردوعة عن مهاجمة إسرائيل، وقال أنه تم إطلاعه، وكذلك إطلاع رئيس الوزراء. وبينما أكد أنه “في 7 أكتوبر لم يكن هناك تحذير تكتيكي ملموس من اختراق السياج”، إلا أنه كانت هناك “تحذيرات استراتيجية متكررة من اندلاع العنف وفقدان الردع”، على حد قوله.

وقال لبيد لأعضاء اللجنة، التي شكلتها مؤخرا مجموعات تمثل الناجين وقتلى الهجوم في أعقاب رفض نتنياهو الاستجابة للمطالب بتشكيل لجنة تحقيق رسمية “ليس صحيحا أنه لم يتم تنبيه النظام السياسي لكارثة 7 أكتوبر. على مدى أشهر، تلقى رئيس الوزراء والوزراء سلسلة من التحذيرات الشديدة وغير المسبوقة، ولم يفعلوا شيئا”.

وأشار لبيد إلى تلقيه إحاطة أمنية من رونين بار في المساء الذي سبق تصويت الكنيست على تمرير ما يسمى بقانون المعقولية في يوليو 2023، حيث قدم له رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) “تحذيرات غير مسبوقة” حول “العواقب الأمنية للانقلاب والانقسام الداخلي الذي سببه”.

كان مشروع قانون المعقولية جزءا من التعديلات القضائية المثيرة للانقسام الشديد الذي دفعت به الحكومة العام الماضي، والذي ندد به بعض النقاد باعتباره محاولة انقلاب.

وصرح لبيد أنه “منذ منتصف عام 2023، ظهرت المزيد والمزيد من الأصوات داخل المنظمات الإرهابية التي قالت إن اللحظة التي كانوا ينتظرونها قد حانت، وظهرت هذه الأصوات في التقييمات الاستخباراتية، وفي المناقشات في جيش الدفاع والشاباك والموساد”.

زعيم المعارضة يائير لبيد يحضر جلسة استماع للجنة التحقيق المدنية في مذبحة 7 أكتوبر، 29 أغسطس، 2024. (Tomer Neuberg/Flash90)

وأشار زعيم المعارضة إلى أنه سأل بار “إذا كانت هذه التحذيرات قد عُرضت أيضا على رئيس الوزراء والوزراء، والجواب كان: ’بالطبع تم عرضها‘”.

وتابع لابيد أن “الرئيس [يتسحاق] هرتسوغ تلقى أيضا تحديثات بشأن المخاطر الأمنية المتزايدة وأعرب عن ذلك في محادثاته مع رئيس الوزراء”، مضيفا أن وزير الدفاع يوآف غالانت “حاول التوصل إلى اتفاق معنا” بشأن التعديلات القضائية بسبب مخاوفه من الضرر الذي قد يلحق بالأمن القومي بسبب الاستقطاب المجتمعي الحاد حول القضية.

نبعت مشكلة غالانت مع التعديلات القضائية من تهديدات جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي بأنهم لن يكونوا قادرين على الخدمة في إسرائيل غير ديمقراطية، مما دفعه إلى التحذير من أن الإصلاحات المقترحة تشكل “تهديدا واضحا وفوريا وملموسا لأمن الدولة”.

وأعلن نتنياهو عن إقالة غالانت في شهر مارس الماضي بسبب تحذيره العلني، وألغى إقالة وزير الدفاع بعد أسبوعين تحت ضغط شعبي مكثف.

بحسب ما قاله لبيد يوم الخميس، سعى رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي للقاء نتنياهو بشأن تداعيات الانقسام في إسرائيل على الأمن القومي فيما يتعلق بالإصلاح القضائي، لكن تم رفض طلبه. وبدلا من ذلك لجأ هليفي إلى الكتابة إلى نتنياهو حول المخاطر.

وبينما لم يقرأ رسالة هليفي، قال لبيد إن “السبب الوحيد لإرسال مثل هذه الرسالة هو توثيق تحذير أمني لم يتم الرد عليه”.

واستشهد لبيد أيضا بإحاطة مشتركة في 21 أغسطس 2023 مع السكرتير العسكري لنتنياهو البريغادير جنرال آفي غيل، الذي قال فيه مسؤول دفاعي كبير لنتنياهو ولبيد إن إيران والجماعات المسلحة في لبنان والضفة الغربية وغزة “أشاروا جميعا إلى الضعف والانقسام الداخلي والتوترات وعدم الجاهزية في الجيش، إلى جانب أزمة ناشئة مع الأمريكيين”.

زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو خلال إحاطة حول القتال بين إسرائيل وغزة مع رئيس الوزراء يائير لبيد، 7 أغسطس 2022 (Haim Zach / GPO)

وقال لبيد إن العرض الذي قدمه غيل، والذي جمع المواد من جميع مؤسسات الدفاع، أشار إلى أن “أعداء إسرائيل يرون فرصة للإضرار بها”.

وفيما اعتبر هذا التحذير دراماتيكيا، قال لبيد إن “رئيس الوزراء – وأنا هنا لا أعطي سوى انطباع شخصي، لذا يمكن الطعن فيه – بدا ضجرا وغير مبال بالموضوع، ولم يعلق عليه”.

وسلط لبيد الضوء على إحاطته المشتركة مع نتنياهو خلال مقابلة مع موقع “تايمز أوف إسرائيل” في الأسبوع الماضي، حيث ذكر أن “كل العلامات، كل الأعلام الحمراء، كل التحذيرات” كانت موجودة ولكن نتنياهو “تجاهلها جميعا”.

خلال شهادته يوم الخميس، أكد لبيد أنه في حين أن “النقاش حول دوافع رئيس الوزراء نتنياهو أو حالته العقلية ليس من شأني”، إلا أنه يعتقد أن “تعريف دور رئيس الوزراء والحكومة – ربما يكون التعريف الأكثر أهمية لهذا الدور – هو ضرورة وقف كل شيء في مواجهة هذا النوع وهذه النوعية من الاستخبارات والمعلومات، وتعبئة النظام بأكمله لوقف التهديد”.

وتابع لبيد أنه في الأسابيع التي تلت إحاطة غيل، اطلع على مواد استخباراتية سرية قدمت إلى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست والتي أشارت إلى أن الردع قد تآكل بالفعل. ولقد اطلع على مواد سرية للغاية، أتيحت له كرئيس وزراء سابق.

فلسطينيون على الجانب الإسرائيلي من السياج الحدودي مع غزة خلال الهجوم بقيادة حماس على جنوب إسرائيل، 7 أكتوبر، 2023. (Reuters/Mohammed Fayq Abu Mostafa)

ومضى قائلا: “أحد التحذيرات، الذي اطلع عليها في اللجنة قبل أقل من شهر من هجوم حماس، “كان واضحا لا لبس فيه: فقد تآكل الردع الإسرائيلي بشكل كبير؛ أعدائنا يعتقدون أن لديهم فرصة نادرة لإيذاءنا”، مضيفا أن ذلك أظهر أن إسرائيل كانت “في أعلى مستوى من الخطر”.

وقال لبيد للجنة التحقيق إن المعلومات التي رآها كانت خطيرة بما يكفي لدفعه إلى عقد مؤتمر صحفي في 20 سبتمبر حذر فيه من “مواجهة متعددة الجبهات” وشيكة، واقتبس أقوالا من ذلك المؤتمر الصحفي، بما في ذلك تصريحات ذكر فيها أن إسرائيل “تقترب من مواجهة متعددة الجبهات” وأن “الأحداث الأخيرة على حدود غزة هي بالضبط من النوع الذي أدى في الماضي إلى جولات من القتال”.

واتهم لبيد نتنياهو، في شهادته يوم الخميس، أنه “كان يعلم أن الردع قد تم إضعافه، وكان يعلم أن الجماعات الإرهابية كانت تراقب [الانقسامات في] المجتمع الإسرائيلي”. وكان رئيس الوزراء يدرك أيضا حقيقة أنه عين وزراء “لا ينبغي أن يكونوا قريبين من أمن إسرائيل المقدس” – في إشارة إلى وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير.

وقال لبيد إن نتنياهو كان يعلم أن إيران وحزب الله وحماس والجهاد الإسلامي يرون “فرصة”، مضيفا “كان يعلم أن من مسؤولية الحكومة التصرف بناء على التحذيرات ولم يفعل ذلك”.

وعلى الرغم من تخصيص معظم انتقاداته للحكومة الحالية، إلا أن لبيد وجه أيضا كلمات قاسية لمؤسسة الدفاع، قائلا إنها “بدلا من التصرف، انتظرت تعليمات المستوى السياسي”، وهو نهج اعتبر أنه “لا يغتفر”.

ومع ذلك، أكد لبيد أن مسؤولية الجيش الإسرائيلي عن الكارثة “لا تنفي مسؤولية المستوى السياسي” عن أسوأ خطأ في تاريخ إسرائيل، والذي قال إنه كان “يمكن تفاديه”.

وقال: “لقد سئلت عدة مرات عما إذا كنت أعتقد أن كارثة 7 أكتوبر يمكن أن تحدث في عهدي، عندما كنت رئيسا للوزراء. الجواب هو لا (…) حتى كزعيم للمعارضة، لم أتجاهل [التحذيرات]، وفي مواجهة التحذيرات الأقل، شرعت في أغسطس 2022 في عملية استباقية للقضاء على قادة حركة الجهاد الإسلامي في قطاع غزة”.

أرشيف: جنود احتياط إسرائيليون يحتجون على خطط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لإصلاح النظام القضائي، على الطريق السريع من تل أبيب إلى القدس، في فبراير. 9 نوفمبر، 2023. (AP Photo/Ohad Zwigenberg, File)

وأشار لبيد إلى أن حماس استخدمت مركبات تجارية وبنادق كلاشينكوف الهجومية المتوفرة على نطاق واسع لتنفيذ هجومها، مؤكدا أن “التغيير الجذري لم يكن في القدرات، بل في الفرص” وأنه “ليس هناك شك في أن جيشا مستعدا وقيادة سياسية متأهبة” كان من الممكن أن يمنعا” 7 أكتوبر.

وأضاف: “حزب الله لديه قدرة أكبر بكثير في الشمال من حيث الأسلحة والاستعداد مما لدى حماس. إن مناقشة بناء القدرات هي جزء من محاولة إزالة اللوم عن عدم الاستعداد”.

وبينما ندد لبيد بالإخفاقات الاستخباراتية وإعادة انتشار عدد كبير من القوات في الضفة الغربية قبل 7 أكتوبر، ألقى باللوم الرئيسي على نتنياهو، الذي قال إنه طرح “مفهوم إدارة الصراع” الذي “ننطلق فيه من وجهة النظر التي تقول إنه يمكن إدارته إلى الأبد، وإحدى وسائل القيام بذلك هي تحويل حماس إلى قوة مضادة للسلطة الفلسطينية، من أجل الحفاظ على توازن القوى بينهما”.

وقال لبيد: “تصوره الخاطئ بأن يكون قادرا على توجيه وإدارة منظمة إرهابية إسلامية لتحقيق أهدافه السياسية دون أي عواقب”، واصفا ذلك بأنه “أخطر خطأ سياسي وأمني في تاريخ البلاد” و”نوع من التفكير بالتمني”.

وردا على سؤال حول سياسة نتنياهو في السماح لحقائب تحمل الملايين من النقود القطرية بدخول غزة عبر المعابر الإسرائيلية منذ عام 2018، ذكر لبيد أن حكومته قصيرة الأجل “أوقفت أكياس الأموال” وبدلا من ذلك “حولت الأموال إلى الأمم المتحدة، واشترت الأمم المتحدة قسائم غذائية”.

رئيس حزب “يسرائيل بيتنو” ووزير الدفاع الأسبق أفيغدور ليبرمان يدليان بشهادتهما أمام لجنة مدنية مستقلة تحقق في الأحداث التي سبقت 7 أكتوبر، 18 أغسطس، 2024. (Civilian Commission of Inquiry)

وقال: “سألني أحدهم منذ وقت ليس ببعيد في برنامج تلفزيوني ماذا كنت سأفعل لو كنت رئيسا للوزراء في 7 أكتوبر؟ قلت إنني كنت سأستقيل في الثامن من أكتوبر”.

“لا توجد دولة في العالم يكون فيها رئيس الوزراء، قائد الدولة، مسؤولا عن أكبر كارثة مدنية في تاريخ البلاد، وأكبر كارثة أمنية في تاريخ البلاد، كما أنه متهم بالفساد الجنائي، ويستمر في شغل منصب رئيس الوزراء”.

ولم يوافق نتنياهو على إعلان المسؤولية الشخصية المباشرة عن أحداث 7 أكتوبر، وعرقل تشكيل لجنة تحقيق حكومية في الكارثة.

وأصدر مكتب رئيس الوزراء ردا لاذعا على شهادة لبيد، متهما إياه بـ”الكذب مرة أخرى”، مؤكدا أن نتنياهو “لم يتلق أي تحذير بشأن الحرب في غزة – ولا قبل شهر ولا حتى قبل ساعة من 7 أكتوبر. بل العكس هو صحيح والبروتوكولات تثبت ذلك”.

وأضاف: “لبيد، الذي جلب عمالا من غزة وأعطى الغاز مجانا لـ [الأمين العام لمنظمة حزب الله حسن] نصر الله بينما وعد بأن هذا سيمنع الحرب، هو آخر من يمكنه الوعظ في المسائل الأمنية”، في إشارة إلى اتفاق الحدود البحرية الذي أبرمه لبيد مع لبنان بوساطة أمريكية في عام 2022.

وجاءت شهادة لابيد بعد شهادة رئيس الوزراء الأسبق إيهود أولمرت، الذي اتهم نتنياهو بإسكات الأصوات المعارضة في المؤسسة الأمنية، ووزير الدفاع السابق أفيغدور ليبرمان، الذي قال إنه حذر في عام 2016 من هجوم لحركة حماس مماثل للهجوم الذي وقع في 7 أكتوبر.

اقرأ المزيد عن