إسرائيل في حالة حرب - اليوم 593

بحث

“لا مستقبل هنا”: تجمعات بدوية تختفي مع فرار السكان من المستوطنين

أكثر من 1000 من سكان تجمعات الرعاة في الضفة الغربية نزحوا خلال عامين؛ ويقولون إنهم يتعرضون لحملة سرقة وعنف تتجاهلها السلطات أو تتواطأ معها

أنقاض منازل البدو المدمرة في تجمع عين سامية شرق رام الله، مايو 2023. (Oren Ziv/+972 Magazine).
أنقاض منازل البدو المدمرة في تجمع عين سامية شرق رام الله، مايو 2023. (Oren Ziv/+972 Magazine).

على مدى العامين الماضيين، فرّ أكثر من 1000 بدوي يعيشون في المنطقة (C) من الضفة الغربية أو أُجبروا على مغادرة منازلهم، مدفوعين بما يصفه السكان بتصاعد عنف المستوطنين والتقاعس المنهجي أو التواطؤ من قبل السلطات الإسرائيلية.

تخضع المنطقة (C) للسيادة الإسرائيلية الكاملة، سواء على الصعيد المدني أو الأمني. وفي المنطقتين (A) و (B) من الضفة الغربية، تحتفظ السلطة الفلسطينية بدرجة من السيطرة.

وقد تم إبلاغ الشرطة والمحاكم بعدة حوادث خطيرة تتعلق بالاستيلاء على أراض وسرقتها واستهداف البدو، لكن التحقيقات في هذه الحوادث تسير ببطء. وفي الوقت نفسه، تواصل دولة إسرائيل تمويل المستوطنات التي تشكل، حسب رواية البدو، مصدر العنف، وتخطط لتحويل المزيد من الأراضي في المنطقة إلى المستوطنين.

تعيش التجمعات البدوية في الضفة الغربية منذ عقود. وقد فرّت بعض العائلات أو هُجرت من النقب خلال “حرب الاستقلال” الإسرائيلية عام 1948 قبل أن تستقر في الضفة الغربية. وتدعي تجمعات أخرى أن لها تاريخا أطول في المنطقة، حيث تعود جذورها إلى أنماط الهجرة التي سبقت عام 1948.

وتتوزع هذه التجمعات، التي تنظم عادة حول شبكات عائلية موسعة، في جميع أنحاء الضفة الغربية – من تلال الخليل الجنوبية إلى طوباس في الشمال وغور الأردن في الشرق. ويقيم بعضها على أراض فلسطينية مملوكة ملكية خاصة بموجب عقود إيجار، بينما يدعي البعض الآخر ملكية الأراضي التي يعيشون عليها.

واحدة من أكثر المناطق تضررا هي منطقة تمتد على مساحة حوالي 100 ألف دونم بين رام الله وأريحا. حتى عام 2022، كانت تعيش هناك سبع تجمعات بدوية ضمت حوالي ألف شخص، وفقا للسكان والصور الجوية. اليوم، لم يتبق سوى تجمع واحد – المعرجات – والذي يضم حوالي 40 عائلة. ولا تزال عائلة واحدة تسكن في منطقة مجاورة.

عندما زار ”تايمز أوف إسرائيل“ المنطقة الأسبوع الماضي، كان بالإمكان رؤية عشرات المنازل والخيام وحظائر الماشية المهجورة.

بدوي من تجمع القابون شرق رام الله، بالقرب من أنقاض منزله المهجور، أغسطس 2023. (Oren Ziv/+972 Magazine).

“ارحلوا. لا تأخذوا أي شيء معكم”

فرّ سكان تجمع محلي يضم 250 نسمة في يوم واحد عقب هجوم كبير شنه المستوطنون. في 12 أكتوبر 2023، بعد أيام قليلة من هجوم حماس المدمر في 7 أكتوبر واندلاع الحرب في غزة، تم توثيق دخول مستوطنين إلى التجمع البدوي وادي السيق، وهم مسلحون على ما يبدو، وأمروا السكان بالمغادرة.

يقول شهود عيان إن المستوطنين أطلقوا النار في الهواء بوجود مركبات تابعة للجيش الإسرائيلي شوهدت في الموقع. وأثناء الحادث، اعتقل المستوطنون والجنود ثلاثة سكان، وضربوهم وجردوهم من ملابسهم قبل أن يقوموا بتصويرهم بملابسهم الداخلية.

تم ابعاد خمسة جنود من وحدة الحدود الصحراوية التابعة للجيش الإسرائيلي – التي تضم ناشطين سابقين من “شبان التلال” – في أعقاب الواقعة.

وقال علي أحمد عرار، أحد سكان القرية السابقين، لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ إن المستوطنين كانوا بالفعل يضايقون سكان التجمع قبل الحرب. ”لم يسمحوا لنا بالخروج مع قطعاننا للرعي. بعد 7 أكتوبر، فعلوا ما يحلو لهم. في أحد الأيام، ضربونا، وفرّت 25 إلى 35 عائلة في اليوم نفسه“.

واستذكر عرار يوم الهجوم قائلا: ”كان الوضع مرعبا. كان الأطفال خائفين. جاء 50 أو 60 مستوطنا وقالوا: ’ارحلوا. لا تأخذوا أي شيء معكم‘. ماذا كان عليّ أن أفعل؟ لديّ خمسة أطفال. الآن هم يخشون العودة. قال والدي، البالغ من العمر 70 عاما، إنهم فروا بهذه الطريقة من النقب في عام 1948“.

بعد ثمانية أيام، عاد سكان التجمع إلى المنطقة بالتنسيق مع الإدارة المدنية (هيئة تابعة لوزارة الدفاع الإسرائيلية تحكم المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في الضفة الغربية) لاستعادة ممتلكاتهم. وقال عرارة: ”كل شيء كان قد اختفى. عدنا ولم نجد شيئا، كل شيء كان محطما ومحترقا“.

بدوي من تجمع القابون شرق رام الله، بالقرب من أنقاض منزله المهجور، أغسطس 2023. (Oren Ziv/+972 Magazine).

اليوم، يعيش عرارة على بعد بضعة كيلومترات، بالقرب من قرية رمون الفلسطينية، لكنه يقول إن الإدارة المدنية أبلغته أنه لا يمكنه البقاء هناك. قال: ”لا أعرف إلى أين سنذهب بعد ذلك. أستطيع أن أرى المكان الذي كنت أعيش فيه، لكنني لا أستطيع الذهاب إلى هناك. إذا ذهبت، سأموت بسبب المستوطنين“.

ونفت الإدارة المدنية لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ أنها أمرت السكان البدو بمغادرة المنطقة.

كما تم توثيق وجود أفراد يرتدون الزي العسكري في مكان وقوع حوادث عنف أخرى مؤخرا في تلك المناطق، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كانوا جنودا في الخدمة الفعلية. ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب للتعليق.

تدمير سبل العيش

ويعيش محمد الكعابنة، وهو أيضا من السكان السابقين في وادي السيق، في خيمة بالقرب من قرية الطيبة الفلسطينية، التي تقع بين أشجار الزيتون. ماشيته موضوعة في حظيرة بسبب نقص المراعي، ويقول إن وضعه الاقتصادي مزرٍ.

وقال ”كنا ننفق حوالي 10 آلاف شيكل (2,700 دولار) شهرياً على العلف. الآن ننفق 30 ألف -40 ألف شيكل. كان لدي 100 خروف، والآن لدي 30. اضطررت إلى بيع معظمها، وبعضها مات جوعا. كل هذا حدث في العام الأخير، منذ أن طُردنا“.

ويقول الكعابنة إنه يستأجر الأرض ولا يعرف إلى أين سيذهب بعد انتهاء عقد الإيجار. مثل الكثيرين في مجتمعه، كان يكسب رزقه من رعي الأغنام والماعز وبيعها لبائعي اللحوم. الآن، هو مدين ويكافح من أجل البقاء.

يقول العديد من البدو النازحين إنهم أُجبروا على التخلي تماما عن نمط حياتهم التقليدي الذي يتمحور حول تربية الماشية وبيعها لبائعي اللحوم. ونظرا لعدم تمكنهم من الوصول إلى المراعي، باع بعضهم قطعانهم وانتقلوا إلى المناطق الحضرية الخاضعة للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية، مما أدى إلى قلب عقود من الحياة الرعوية في المنطقة (C).

قد يؤدي قرار اتخذته الإدارة المدنية مؤخرًا إلى مزيد من تآكل أراضي الرعي البدوية. في فبراير، وافق مفوض الممتلكات الحكومية والأراضي المهجورة على منح تصاريح رعي مؤقتة على أراضي الدولة لكيانات خاصة غير محددة – وهي المرة الأولى التي يتم فيها اتخاذ مثل هذا الإجراء في الضفة الغربية. تقع جميع المناطق الست المحددة بالقرب من تجمعات بدوية ومستوطنات، بما في ذلك رأس عين العوجا، التي يعيش فيها حوالي 1500 بدوي.

وقد أقر هذه السياسة وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش في منصبه الثاني كوزير في وزارة الدفاع. وأثارت هذه السياسة قلق البدو الذين يخشون أن تُخصص الأراضي للمستوطنين وأن يفقدوا حقهم في الوصول إليها. ولم تعلق الإدارة المدنية على كيفية استخدام الأراضي.

”نريد فقط أن نعيش“

غادر حسن مليحات، من المعراجات، التجمع في أبريل 2024 بعد أن عاش هناك لعقود. كان واحدا من 60 عائلة غادرت في فترة زمنية قصيرة. وقال ”يعيش الناس هنا منذ سبعينيات القرن الماضي. المستوطنون، من مستوطنتين متاخمتين، استولوا على قطعاننا وضربونا. لم نعد نستطيع إخراج القطعان للرعي. توجهنا للشرطة، لكن دون جدوى“.

يعيش مليحات الآن ويعمل في رام الله. ”باع الكثير منا قطعانهم. لم نعد قادرين على تربيتها”، كما قال مضيفا إن “البدو لا يريدون المشاكل – منذ عام 1967 [عندما استولت إسرائيل على الضفة الغربية في حرب ’الأيام الستة’] لم نتسبب في أي مشاكل. نريد فقط أن نعيش. ليس لدينا مشكلة مع إسرائيل. هذا هو الفرق [بينهم وبين الفلسطينيين الآخرين]“.

مباني مهجورة كانت ملكا للبدو الذين عاشوا شرق رام الله وغادروا منازلهم خلال العامين الماضيين. 16 أبريل 2025.

محاطة بالبؤر الاستيطانية

يتزامن التغيير في ظروف البدو مع ارتفاع حاد في أنشطة الاستيطان غير المرخصة. بين عامي 2019 و2024، أُنشئت 11 بؤرة استيطانية – العديد منها مزارع لتربية الماشية – حول تجمعات البدو في منطقة مليحات. بعضها أنشأها قادة المستوطنين ثم مولتها مؤسسات حكومية أو مدعومة من الدولة، بما في ذلك المنظمة الصهيونية العالمية ووزارات حكومية.

في عام 2021 أعلن رئيس حركة البناء الاستيطانية “أمانا” زئيف حيفر عن نيته إنشاء 10 مزارع استيطانية جديدة سنويا في الضفة الغربية، واصفا إياها بأنها أكثر فعالية في الاحتفاظ بالأراضي من المستوطنات التقليدية، نظرا للمساحات الأكبر التي يمكن أن تغطيها.

وفقا لتقرير صدر مؤخرا عن منظمتي ”سلام الآن“ و”كيرم نافوت“ المناهضتين للاستيطان، أُنشئت 70 مزرعة استيطانية جديدة في العامين الماضيين، ليصل العدد الإجمالي في الضفة الغربية إلى أكثر من 140 مزرعة. وادعى التقرير أن حوالي 80 مليون شيكل من الأموال العامة تم توجيهها لدعم هذه البؤر الاستيطانية.

يقول البدو النازحون إن هجمات المستوطنين استمرت في مواقعهم الجديدة. هذا الأسبوع فقط، تعرضت عائلة طُردت من وادي السيق واستقرت بالقرب من قرية سنجل لهجوم. وقال مصدر مقرب من العائلة لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ إن عدة أفراد تعرضوا للضرب، وأُدخل أحدهم المستشفى إثر إصابته بجروح في الرأس. وأظهرت لقطات فيديو من مكان الحادث إحراق خيام وتدمير ألواح شمسية.

ووفقا للجيش، ”ورد بلاغ عن وقوع مواجهة بين مدنيين إسرائيليين وفلسطينيين بالقرب من قرية سنجل. وأثناء الحادث، ألقى الفلسطينيون الحجارة، وأضرم مدنيون إسرائيليون النار في عدة أكواخ وإطارات وأشجار في المنطقة. وعند تلقي البلاغ، وصلت قوات الأمن لتفريق المواجهة واعتقلت فلسطينيا يشتبه في قيامه بإلقاء الحجارة“.

مباني مهجورة كانت ملكا للبدو الذين عاشوا شرق رام الله وغادروا منازلهم خلال العامين الماضيين. 16 أبريل 2025. (Nurit Yohanan / Times of Israel)

في مناطق أخرى من الضفة الغربية حيث يواصل البدو رعي ماشيتهم في أراضيهم التقليدية، زعم السكان تزايد حوادث سرقة الماشية من قبل المستوطنين. تم إبلاغ الشرطة بحادثة من هذا القبيل في أوائل آذار.

وفقا لهيثم زايد، أحد سكان رأس العين بالقرب من أريحا، دخل عشرات المستوطنين، برفقة قوات الجيش الإسرائيلي والشرطة، إلى المنطقة ليلة 7 مارس. وقال زايد إن المجموعة استولت على حوالي 400 رأس من الأغنام والحملان من مزرعته، من أصل 1500 رأس تم الاستيلاء عليها في المنطقة.

ولا يزال مكان وجود الماشية غير واضح، مع تضارب الروايات حول ما إذا كانت الحيوانات في حوزة المستوطنين أو تمت مصادرتها من قبل السلطات. تم التعرف على بعض الماشية المفقودة في 21 مارس من قبل زايد بالقرب من بؤرة استيطانية، حيث قال إنه شاهد رعاة من المستوطنين يرعون القطيع.

وقال إنه خلال حادثة 7 مارس، ادعى المستوطنون أنهم كانوا يبحثون عن ماشية مسروقة من موقع استيطاني قريب. وقدم صاحب الموقع الاستيطاني شكوى إلى الشرطة فور وقوع الحادثة، زاعما أن 40 رأسا من الماشية قد سُرقت منه.

في 10 مارس، قدم زايد شكوى إلى الشرطة الإسرائيلية بشأن سرقة ماشيته. لكن في 18 مارس، علم فريقه القانوني أن القضية أُغلقت بعد يوم واحد فقط من تقديمها، بسبب ”عدم كفاية الأدلة للملاحقة القضائية“. قدم المحامون طعنا في قرار إغلاق التحقيق، لكن حتى الآن، لم يتلقوا أي رد من السلطات.

تصاعد التوترات في غور الأردن

منطقة أخرى تواجه نزوحا جماعيا هي شمال غور الأردن. منذ بدء الحرب، غادر المكان مئات من البدو، الذين يشكلون ما لا يقل عن ثلاث تجمعات كبيرة وعدة عشائر أصغر. ويقول الفلسطينيون إن أربع مستوطنات جديدة أقيمت في المنطقة، آخرها قبل بضعة أشهر فقط.

مباني مهدمة خلفها سكان تجمع أم جمال في شمال غور الأردن، في 14 أبريل، 2025. (Nurit Yohanan / Times of Israel)

ويقول محمود الكعابنة إنه فر من أم الجمل في شمال غور الأردن في أغسطس 2024.

وقال: ”كنا 13 أو 14 عائلة، عشرات الأشخاص. ثم بنوا مستوطنة على بعد أمتار قليلة فوقنا. كان المستوطنون يتجولون بين المنازل وينظرون إلى داخلها، وكان ذلك يخيف النساء والأطفال. كان الجيش والشرطة معهم، لذا لم يكن هناك جدوى من استدعائهم”، وأضاف “في غضون ثلاثة أيام، غادرنا. بعد ذلك، دمرت الجرافات التابعة للمجلس الإقليمي [غور الأردن] ما تبقى”.

نظرا لأن الإدارة المدنية الإسرائيلية هي المسؤولة رسميا عن إنفاذ قوانين الأراضي في الضفة الغربية، وليس المجالس الإقليمية، فمن غير الواضح بموجب أي سلطة تم تنفيذ الهدم، ولم يرد المجلس الإقليمي غور الأردن على طلب للتعليق.

يعيش الكعابنة الآن وراء حاجز تياسير بالقرب من طوباس، ويقول إن تجمعه قد تشتت ولا يمكنه العودة. ”لو كان بإمكاني العودة، لفعلت ذلك. لكن ذلك غير مسموح“، مضيفا ”لا يوجد أمان. إنهم يضربون جيراننا في الليل“.

ياسر أبو عرام فرّ هو أيضا مع عائلته من منزله في شمال غور الأردن. قال أبو عرام إن المستوطنين بنوا منزلا على بعد خمسة أمتار من منزله، مما دفعه إلى المغادرة في ذلك اليوم نفسه. ”كانوا يضايقونني. سرقوا أغنامي، وحطموا الألواح الشمسية، واقتحموا منزلي وسرقوا ممتلكاتي… كنت أخشى أن يحرقوا الأطفال“.

بعد مغادرته بوقت قصير، قال أبو عرام إن مسؤولي الإدارة المدنية صادروا ممتلكاته – بما في ذلك خزانات المياه والمولدات الكهربائية – وطالبوه بدفع غرامة قدرها 500 ألف شيكل لاستردادها، وتساءل ”لماذا يصادرون الممتلكات ولا يعتقلون الشخص؟“، مضيفا ”نحن لم نرمي الحجارة أو نطلق الصواريخ. لم نسبب أي مشاكل قط“.

وقالت الإدارة المدنية لـ ”تايمز أوف إسرائيل“ أن العائلة نصب خياما في منطقة عسكرية مخصصة للتدريب بالذخيرة الحية، وأن مصادرة الخيام قانونية. وأضافت أن بإمكان العائلة المطالبة باستعادة ممتلكاتها عبر القنوات الرسمية.

ووفقا لبدو آخرين لا يزالون يقيمون في المنطقة، تم تفكيك البناء الذي أقيم بجوار منزل أبو عرام في اليوم التالي لفراره مع أسرته.

”المستوطنون هم الجيش والشرطة“

يعيش قدري دراغمة في خربة عين الحلوة بشمال غور الأردن، وهي واحدة من عدة تجمعات بدوية لم يتم تهجيرها، لكن سكانها البالغ عددهم حوالي 40 نسمة يقولون إنهم يفكرون بشكل متزايد في المغادرة بسبب الضغوط المتزايدة.

يملك دراغمة الأرض التي يعيش عليها، وهي مسجلة في السجل العقاري الرسمي (الطابو)، كما أن بعض الأراضي الرعوية التي تستخدمها مواشيه مسجلة باسمه أيضا. ومع ذلك، يقول إنه يواجه تهديدات مستمرة من المستوطنين الذين يعيشون بالقرب منه.

قدري داراغمه، أحد سكان تجمع خربة عين الحلوة البدوي في شمال غور الأردن، في منزله، في 14 أبريل، 2025. (Nurit Yohanan / Times of Israel)

كما أنه يعانى ماليا بسبب مصادرة جزء من قطيعه دون تفسير. في يونيو 2024، تم أخذ حوالي 80 رأسا من الماشية من حظيرته ليلا في ظروف غامضة. بعد إجراء تحقيقات، اكتشفت العائلة أن المجلس الإقليمي غور الأردن قد صادر الحيوانات ونقلها إلى حظيرة بعيدة عن منزل العائلة.

طُلب منه دفع غرامة قدرها 50 ألغ شيكل لاسترداد الماشية، ولكن بعد أن دفع المبلغ، لم يسترد سوى 30 بقرة من أصل 80. وبالتعاون مع منظمة ”يش دين“ اليسارية للمساعدة القانونية، رفع دعوى أمام محكمة العدل العليا ضد قائد القيادة المركزية للجيش الإسرائيلي والمجلس الإقليمي ووزارة الداخلية، مجادلا بأن المجالس المحلية لا تملك سلطة مصادرة الماشية المملوكة للفلسطينيين.

في الشهر نفسه، عُقدت جلسة في القضية، وأصدرت المحكمة أمرا مشروطا يوجه المجلس الإقليمي بالامتناع عن مصادرة أو احتجاز الحيوانات التي يُعتقد أو يُدعى بشكل معقول أنها مملوكة لسكان محليين (في إشارة إلى الفلسطينيين). ومع ذلك، لم تصدر المحكمة بعد قرارا نهائيا في هذا الشأن، وقد تم تأجيل عدة جلسات، ومن المقرر عقد الجلسة التالية في مايو.

ولم يرد المجلس الإقليمي غور الأردن على طلب لتعليق من ”تايمز أوف إسرائيل“.

وقال دراغمة لـ”تايمز أوف إسرائيل” مؤخرا من غرفة المعيشة في منزله: ”لقد عشت هنا طوال حياتي. عاش والدي هنا طوال حياته. كنا هنا في عهد الأتراك والأردنيين. كنا ننام بأمان، ونأتي ونذهب بحرية – لم يسألنا أحد عن شيء”.

“اليوم الوضع مختلف تماما. المستوطنون هم الجيش والشرطة. إنهم يهددون المنازل، ويسرقون ويقتلون الماشية. بالكاد أستطيع إعالة أولادي الآن — لا توجد أراض للرعي، ولا مياه. أفكر في بيع القطيع ومغادرة الأرض”.

وأضاف دراغمة: “أصبحت الحياة هنا صعبة، تكاد تكون لا تطاق. لا يوجد مستقبل هنا”.

اقرأ المزيد عن