لابيد يلمح إلى أن إسرائيل تمول “شركات أجنبية وهمية” توزع المساعدات في غزة
المتحدث باسم نتنياهو ينفي الاتهامات ويؤكد إن "إسرائيل لا تموّل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة"

اتهم زعيم المعارضة يائير لبيد مساء الإثنين الحكومة بتمويل مساعدات إنسانية لقطاع غزة سرا عبر شركتين أجنبيتين “وهميتين”، وهو ما سارع مكتب رئيس الوزراء إلى نفيه.
وقال لبيد من على منبر الكنيست قبيل التصويت على حجب الثقة عن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: “مهمتنا هي طرح الأسئلة الصعبة على الحكومة، وأطرح اليوم سؤالا من هذا النوع. هل دولة إسرائيل تقف خلف شركتين وهميتين أُنشئتا في سويسرا والولايات المتحدة، GHF وSRS، لتنظيم وتمويل المساعدات الإنسانية في غزة؟”
وفي وقت سابق من صباح الإثنين، أكد مكتب رئيس الوزراء أن عملية توزيع المساعدات في إطار “مؤسسة غزة الإنسانية” (GHF) قد بدأت، ضمن نظام قالت إسرائيل إنه يهدف إلى منع حماس من الاستيلاء على المساعدات.
ومع تصاعد الضغط الدولي بشأن الظروف الإنسانية في القطاع، أعلنت GHF أنها ستفتتح أولى نقاط التوزيع المخطط لها خلال ساعات، وأن المساعدات ستصل إلى ما لا يقل عن مليون فلسطيني — أي نحو نصف سكان القطاع — بحلول نهاية الأسبوع.
وبموجب الخطة، سيتمكن ممثلون عن العائلات يتم اختيارهم مسبقا من استلام صناديق غذائية من عدد محدود من مواقع التوزيع جنوب غزة. وتدير هذه المناطق وتؤمّنها شركات أمن أمريكية خاصة وصلت إلى المنطقة مطلع هذا الشهر.
وقد اختارت GHF شركتين أمريكيتين، Safe Reach Solutions (SRS) وUG Solutions، للعمل كمتعاقدين ميدانيين.
وجاء الإعلان بعد ساعات فقط من استقالة رئيس GHF التنفيذي جيك وود المفاجئة، والذي قال إنه من المستحيل تنفيذ الخطة مع “مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والحياد وعدم التحيز والاستقلالية”.
وتساءل لبيد: “هل من الممكن أن تكون الأجهزة الأمنية الإسرائيلية قد أُرسلت بأمر من رئيس الوزراء ووزير المالية لنقل أموال إسرائيلية إلى الخارج، لتعود إلى غزة كمساعدات إنسانية؟”
وأضاف: “الكلمة المهمة هنا هي ‘الاستقلالية’. جيك وود أدرك أنه يُستغل. والسؤال الكبير هو إن كنا نحن نُستغل أيضًا. إذا كانت هذه الأموال إسرائيلية، وإذا كانت من خزينة الدولة، فلا يجوز ولا يمكن لدولة إسرائيل أن تخفي ذلك”.
ورغم كونها شركة أمريكية، تأسست GHF بتنسيق وثيق مع السلطات الإسرائيلية لإدارة نموذج جديد لتوزيع المساعدات الإنسانية في غزة بطريقة تمنع تحويلها إلى حماس.
إلا أن تقريرا لـ”نيويورك تايمز” كشف أن المشروع لم يتم بناؤه بالتنسيق مع إسرائيل فحسب، بل أنه “من بنات أفكار إسرائيليين”. وقد طُرح لأول مرة في أواخر عام 2023 في ”اجتماعات خاصة لمسؤولين ذوي تفكير مماثل، وضباط عسكريين، ورجال أعمال على صلة وثيقة بالحكومة الإسرائيلية.
كانت الفكرة المركزية للمجموعة هي تجاوز قنوات المساعدات التقليدية مثل الأمم المتحدة من خلال التعاقد مع مقاولين خاصين لتوزيع المساعدات في مناطق غزة الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، وبالتالي إضعاف قبضة حماس دون تحمل المسؤولية رسميا عن السكان المدنيين في غزة.
وكشف التقرير أيضًا أن مؤسسة GHF مُسجلة في الولايات المتحدة وليس في سويسرا، كما كان يُعتقد سابقًا.

كما أنه من غير الواضح من الذي يمول مؤسسة GHF، التي تزعم أن لديها أكثر من 100 مليون دولار من التزامات من جهة مانحة حكومية أجنبية، لكنها لم تذكر اسم هذه الجهة.
وقال وود إن المؤسسة تلقت مبلغا صغيرا من رجال أعمال غير إسرائيليين لم يكشف عن أسمائهم. وأفادت المؤسسة في بيان لها أن دولة أوروبية غربية تبرعت بأكثر من 100 مليون دولار، لكنه رفض الكشف عن اسمها، وفقا لنيويورك تايمز.
وفقا لتقرير منفصل نشرته صحيفة “هآرتس” يوم الأحد، دخلت SRS غزة دون أي تصريح أمني مسبق من جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) كما هو متبع.
ورغم إعلان وود أن المؤسستين تعملان الآن بشكل مستقل، فإن GHF وSRS تم تسجيلهما من قبل نفس المحامي الأمريكي، ووظفا متحدثة إعلامية مشتركة حتى وقت قريب.
واعتبر لبيد أن إخفاء مصدر الأموال يشكل “خداعًا” للشعب الإسرائيلي، و”واحدة من أعظم الحماقات السياسية في تاريخ الدولة”، على حد وصفه.
وأضاف: “إذا كانت أموال ضرائبنا تشتري مساعدات إنسانية وتموّل الغذاء والدواء لأطفال غزة، فلنستفد منها في الساحة الدولية عبر الإعلان عنها”.
وتابع: “على الحكومة الإسرائيلية أن تتحلى ببعض الكرامة، وتعلن صراحة أنها تموّل هاتين المنظمتين، وأن تفعل ما تكرهه أكثر من أي شيء آخر: أن تتحمل مسؤولية أفعالها، وتواجه تبعاتها”.
وردًا على تصريحات لبيد، قال المتحدث باسم نتنياهو عومر دوستري إن “إسرائيل لا تموّل المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة. إسرائيل والولايات المتحدة تعملان بتنسيق كامل، ومن خلال قنوات متعددة، لقطع الطريق على وصول المساعدات إلى حماس”.

ولم يوضح دوستري الجهة التي تموّل المساعدات.
وبدأت إسرائيل السماح بدخول بعض المساعدات إلى القطاع الأسبوع الماضي، بعد أن أوقفتها تمامًا منذ أوائل مارس، عندما أنهت وقف إطلاق نار استمر شهرين وشهد تدفق كميات كبيرة من الغذاء والإمدادات.
وجاء قرار استئناف المساعدات بالتزامن مع إطلاق عملية عسكرية إسرائيلية جديدة كبرى في القطاع تُعرف باسم “عربات غدعون”، وتهدف إلى هزيمة حماس، والضغط عليها للإفراج عن 58 رهينة لا تزال محتجزة، واستعادة السيطرة الأمنية على القطاع.
وتقول إسرائيل إن عليها السيطرة على توزيع المساعدات، بدعوى أن حماس وجماعات مسلحة أخرى تستولي على الإمدادات، وأن الجماعات اخترقت بعض منظمات الإغاثة. لكن عاملين في مجال الإغاثة ينفون حدوث تحويل كبير للمساعدات، مؤكدين أن الأمم المتحدة تراقب التوزيع بشكل صارم.
ساهمت وكالات وطاقم تايمز أوف إسرائيل في إعداد هذا التقرير