كارثة البرلمان المصري القادم
البرلمان القادم سوف يكون كارثة بكل ما تحملة الكلمة من معنى
كاتب وباحث فى الشأن المصرى والشرق الأوسط، اتابع دراسة الماجستير فى العلوم السياسية - التنمية والتعاون الدولى , جامعة لا سابينزا-روما.إيطاليا

في السابع عشر من أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، ستجرى المرحلة الأولى من الإستحقاق الثالث لخارطة الطريق التي تم التوافق عليها عقب الإطاحة بنظام الإخوان المسلمين في يونيو/حزيران عام 2013، عقب التظاهرات الشعبية الحاشدة ضد فكرة نظام الحكم القائم على أسس دينية.
والتى سبقها إستحقاقين آخرين هم إقرار الدستور الذى تم الإستفتاء عليه فى مطلع العام 2014، والإنتخابات الرئيسية فى مايو/ أيار من نفس العام، تأتى هذه الإنتخابات التى كان مقرر لها من قبل فى مارس/ أذار من العام الجارى والتى تأجلت بقرار من المحكمة الدستورية التى قضت بعدم دستورية قانون تقسيم الدوائر، تأتى هذه الإنتخابات وسط حالة من الترقب على كافة المستويات لشكل البرلمان القادم، لما له من اهمية مفترضة بحسب الدستور القائم، والذى وصلت صلاحياته إلى حد مقاسمة الرئيس بعض الصلاحيات التى كانت له وحده فى الدساتير السابقة، ومن ابرز هذه الصلاحيات، المادة 146 التى تنص على أنه لا يمكن لرئيس الدولة إعفاء الحكومة، أو إجراء تعديل وزاري دون موافقة البرلمان.
ليس هذا وحسب، بل امتدت صلاحيات البرلمان المنتظر إلى منصب الرئيس نفسه فوفقا للمادة 161 يحق لمجلس النواب اقتراح سحب الثقة من رئيس الجمهورية، وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بناء على طلب مسبب وموقع من أغلبية أعضاء مجلس النواب على الأقل، وموافقة ثلثي أعضائه، بشرط عدم جواز تقديم هذا الطلب لذات السبب خلال المدة الرئاسية إلا مرة واحدة. وبمجرد الموافقة على اقتراح سحب الثقة، يطرح أمر سحب الثقة من رئيس الجمهورية وإجراء انتخابات رئاسية مبكرة في استفتاء عام، بدعوة من رئيس مجلس الوزراء، فإذا وافقت الأغلبية على قرار سحب الثقة، يُعفى رئيس الجمهورية من منصبه ويُعد منصب رئيس الجمهورية خاليًا، وتجري الإنتخابات الرئاسية المبكرة خلال ستين يوما من تاريخ إعلان نتيجة الإستفتاء.
الأمر الذى قد يفسر سبب دعوة السيسى للمرة الثانية، فى السابع والعشرين من مايو/ أيار من العام الجارى أثناء لقائه برؤساء الأحزاب، وجود قائمة موحدة فى الإنتخابات البرلمانية القادمة، الأمر الذى يخل بمبداء التنافسية والتعددية فى الحياة الحزبية والذى يقوض من حق و فرص الناخب في الإختيار، معيدا بدعوته هذه مشهد الإنتخابات البرلمانية فى 2010، التى أقصى فيها الحزب الوطنى المنحل، أغلب التيارات والمرشحين وفاز بالتزوير بنسبة وصلت إلى 95%، مما جعل هذه الإنتخابات أحد الأسباب الرئيسية التى عجلت بثورة يناير.
وبعد فترة قصيرة حوالى أربعة أشهر، فى الثالث عشر من سبتمبر/أيلول أثناء إفتتاحه أسبوع شباب الجامعات، عاد السيسى للحديث عن ضرور تعديل الدستور قائلا: (الدستور كُتب بنوايا حسنة، والبلاد لا يمكن أن تدار بالنوايا الحسنة فقط) على حد تعبيره، مما أثار التكهن والتوقع بنية السيسي فى تعديل الدستور الذى لا يتمكن من ذلك الأ بضمان غالبية مريحة موالية له فى البرلمان.
الأمر الذى دفع بالوجوه القديمة المحسوبة على حقبة كمال الشاذلى وأحمد عز وجمال مبارك للظهور مرة أخرى بالتعاون مع رجال أعمال نظام مبارك ممن أفسدوا الحياة السياسية فى مصر بالمال السياسى، بالإضافة إلى بعض القيادات الأمنية المعروف توجهها ودورها فى افساد الحياة السياسية، إلى تكوين قائمة تجمع كل هؤلاء واطلقوا عليها قائمة «فى حب مصر»، التى باتت تعرف بأنها قائمة الرئيس.
وعلى الطرف الأخر نجد حزب النورالسلفى بقائمته المظلمة ، وسط الكثير من التساؤلات عن مدى شريعة وجود هذا الحزب من الأساس كحزب قائم على أسس دينية فى مخالفة للدستور، ذلك الحزب الذى دفع به السيسى إلى المشهد فى الثالث من يوليو/ تموز 2013، فى أعقاب ثورة ضد الحكم الدينى ليكون بمثابة إمتداد لنهج الأخوان المسلمين، وخلط الدين بالسياسية، والذى لا يخفى على أحد احتوائه لهم وتعاونهم سويا، بعد الحظر الشكلى للجماعة من قبل الحكومة المصرية.
والأن وفى النهاية يجد الناخب نفسه حائر باحث عن تغير كان منشود ولكنه لم يتحقق، وعليه الأختيار بين مرشحين نظام مبارك الذين أفسدوا الحياة السياسية بالعديد من التشريعات التى أدت إلى كوارث فى مختلف المجالات، أو تيارات دينية غير شرعية دُفع به إلى المشهد لإحداث توازنات ومؤامات لوجود استمراية التخوف من المجهول والرضا ببقاء الغير مرغوب به على رأس السلطة، تحت دافع الضرورة.
كل هذا ينبئ بأن البرلمان القادم سوف يكون كارثة بكل ما تحملة الكلمة من معنى، وكما يقولون بأن غدا لناظره قريب.