إسرائيل في حالة حرب - اليوم 476

بحث

قوات المعارضة تعلن السيطرة على دمشق في نهاية مذهلة لنظام الأسد في سوريا

الناس يحتفلون في الشوارع؛ الرئيس السوري يفر من البلاد إلى مكان غير معروف؛ رئيس الوزراء يعرض التعاون؛ الجيش ينشر قواته في المنطقة العازلة على الحدود مع سوريا ويعزز القوات على الحدود

مقاتلون معارضون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق في 8 ديسمبر 2024. (LOUAI BESHARA / AFP)
مقاتلون معارضون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق في 8 ديسمبر 2024. (LOUAI BESHARA / AFP)

أعلنت فصائل المعارضة السورية المسلحة إسقاط “الطاغية” بشار الأسد بعد “هروبه” و”بدء عهد جديد” لسوريا، إثر دخول قواتها دمشق فجر الأحد عقب هجوم سريع أنهى حكم عائلة الأسد الذي امتد على أكثر من خمسة عقود.

وأفاق سكان العاصمة السورية على مظاهر فرح وابتهاج مع إطلاق الزغاريد وإطلاق الرصاص في الهواء، وفق ما أفاد مراسلون لوكالة فرانس برس. وأظهر شريط فيديو لفرانس برس، جمعا من الأشخاص بينهم عناصر من الفصائل المعارضة، يعتلون دبابة بجوار ساحة الأمويين وسط العاصمة، ويرفعون قبضاتهم وشارات النصر، بينما يسمع في الخلفية إطلاق نار في الهواء.

كما أظهر فيديو آخر إسقاط جمع من السوريين تمثالا للرئيس الراحل حافظ الأسد والد بشار في ساحة عرنوس، قبل أن يقوموا بالدوس عليه وضربه بالعصي.

وأتى ذلك بعد ساعات من بدء دخول قوات الفصائل المسلحة دمشق، في تتويج لهجوم واسع بدأته في شمال البلاد في 27 نوفمبر وحققت خلاله تقدما واسعا لم يشهد له مثيل منذ اندلاع النزاع في البلاد عام 2011.

وأطلت مجموعة من تسعة أشخاص عبر شاشة التلفزيون الرسمي من داخل استوديو الأخبار. وتلا أحدهم بيانا نسبه الى “غرفة عمليات فتح دمشق”، أعلن فيه “تحرير مدينة دمشق وإسقاط الطاغية بشار الأسد وإطلاق سراح جميع المعتقلين المظلومين من سجون النظام”.

وكانت الفصائل أعلنت عبر حسابها “إدارة العمليات العسكرية” على “تلغرام”، “الطاغية بشار الأسد هرب”، و”نعلن مدينة دمشق حرة”.

وأضافت عبر تلغرام “بعد 50 عاما من القهر تحت حكم البعث، و13 عاما من الإجرام والطغيان والتهجير (…) نعلن اليوم (…) نهاية هذه الحقبة المظلمة وبداية عهد جديد لسوريا”.

ودعت السوريين المهجّرين في الخارج للعودة إلى “سوريا الحرة”.

وقال ضابط سوري اطلع على أحدث التطورات لرويترز إن قيادة الجيش أبلغت الضباط بأن حكم الرئيس بشار الأسد انتهى.

وفي وقت سابق، قال ضابطان كبيران في الجيش السوري لرويترز إن الأسد غادر دمشق على متن طائرة إلى وجهة غير معلومة اليوم الأحد، فيما أعلنت قوات المعارضة دخولها العاصمة دون وجود أي مؤشر على انتشار الجيش. وسحق الأسد كل أشكال المعارضة في البلاد وقت حكمه.

وقال رئيس الوزراء محمد غازي الجلالي إنه مستعد لدعم استمرار تصريف شؤون الدولة وللتعاون مع أي قيادة يختارها الشعب السوري.

وذكر شهود أن الآلاف من السوريين في سيارات وعلى الأقدام تجمعوا في ساحة رئيسية في دمشق وهتفوا للحرية، بعد سقوط حكم أسرة الأسد الذي استمر نحو خمسين عاما.

والانهيار المفاجئ لحكم الأسد لحظة مزلزلة للشرق الأوسط إذ ينتهي بذلك حكم العائلة التي أحكمت قبضة حديدية على سوريا مما وجه ضربة أيضا لروسيا وإيران بخسارة حليف أساسي في قلب المنطقة..

وقال شاهدان لفرانس برس إن متظاهرين في ضاحية جرمانا جنوب دمشق أسقطوا السبت تمثالا نصفيا للرئيس الراحل حافظ الأسد داخل ساحة رئيسية تحمل اسمه.

وقالت قوات المعارضة “نزف إلى الشعب السوري نبأ تحرير أسرانا وفك قيودهم، وإعلان نهاية حقبة الظلم في سجن صيدنايا”. وصيدنايا سجن عسكري كبير على مشارف دمشق حيث كانت الحكومة السورية تحتجز الآلاف.

وقال أحمد الشرع المعروف باسم أبو محمد الجولاني زعيم هيئة تحرير الشام اليوم الأحد إنه “يُمنع منعا باتا الاقتراب من المؤسسات العامة، والتي ستظل تحت إشراف رئيس الوزراء السابق، حتى يتم تسليمها رسميا، كما يُمنع إطلاق الرصاص في الهواء”.

وأظهرت لقطات تم تداولها عبر الإنترنت اقتحام مجموعة من الأشخاص لقصر الأسد المهجور في العاصمة.

وأتى دخول العاصمة السورية بعد ساعات على تأكيد فصائل المعارضة سيطرتها على حمص ثالث مدن البلاد.

وأكد الجيش الإسرائيلي صباح الأحد تقارير سورية عن نشر قواته في مواقع جديدة في المنطقة العازلة بين البلدين في مرتفعات الجولان، عقب سقوط نظام الأسد.

وقال الجيش في بيان “نشر الجيش قواته في المنطقة العازلة وفي عدد من المناطق الضرورية للدفاع، من أجل ضمان أمن البلدات في مرتفعات الجولان ومواطني إسرائيل”.

وقال الجيش إن هذه الخطوة جاءت بعد تقييم جديد و”احتمال دخول مسلحين إلى المنطقة العازلة”. وأضاف “نؤكد أن الجيش الإسرائيلي لا يتدخل في الأحداث الجارية في سوريا”.

وذكرت تقارير سورية أن القوات الإسرائيلية دخلت المنطقة العازلة في منطقة القنيطرة، وأطلقت قذائف مدفعية.

بالإضافة إلى ذلك، تم إرسال الفرقة 98 في الجيش الإسرائيلي مع لواء المظليين ولواء الكوماندوز إلى مرتفعات الجولان حيث عززت إسرائيل دفاعاتها على الحدود.

وخلال نهاية الأسبوع، وفي خضم الهجوم الذي شنته قوات المعارضة ضد النظام السوري، قال الجيش الإسرائيلي إنه أرسل المزيد من القوات إلى مرتفعات الجولان.

ولكن لن تكون هناك أي تغييرات على المبادئ التوجيهية لسكان مرتفعات الجولان، حسبما قالت السلطات المحلية، بعد تقييم جديد أجراه الجيش.

سوريون يحتفلون بوصول مقاتلي المعارضة إلى دمشق، سوريا، 8 ديسمبر 2024. (AP Photo/Omar Sanadiki)

وفي وقت سابق، ذكرت إذاعة الجيش أن الجيش يدرس فرض قيود على التجمعات والمدارس بعد سقوط نظام الأسد.

وأبلغ مجلس الجولان الإقليمي في بيان عن احتمال سماع دوي انفجارات أثناء قيام القوات الإسرائيلية بعمليات في المنطقة العازلة.

الأسد يغادر إلى وجهة غير معلومة

في تصريح لفرانس برس قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن “الأسد غادر سوريا عبر مطار دمشق الدولي، قبل أن ينسحب عناصر الجيش والأمن” من المطار.

لكن تعذّر على وكالة فرانس برس حتى الآن التأكد من مصادر مستقلة من مكان تواجد الأسد.

وذكرت صحيفة نيويورك تايمز أن لقطات شاشة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر مغادرة رحلة واحدة دمشق أثناء استيلاء المعارضة عليها. وكانت تلك الرحلة متجهة إلى موسكو.

وبحسب بيانات موقع “فلايت رادار”، أقلعت طائرة سورية من مطار دمشق في الوقت الذي أفادت فيه التقارير أن المعارضة سيطرت على العاصمة.

وتظهر لقطات أخرى حالة من الفوضى في المطار، حيث غادر الموظفون وأفراد الأمن مواقعهم.

وجاءت التقارير عن فرار الرئيس بعد إعلان رئيس الحكومة السورية محمد الجلالي فجر الأحد إنه مستعد “للتعاون” مع أي قيادة يختارها الشعب ولأي إجراءات “تسليم” للسلطة.

وبعد دخول فصائل المعارضة إلى العاصمة، أعلن الجلالي في كلمة بثّها عبر حسابه على موقع فيسبوك أن “هذا البلد يستطيع أن يكون دولة طبيعية، دولة تبني علاقات طيبة مع الجوار ومع العالم (…) ولكن هذا الأمر متروك لأي قيادة يختارها الشعب السوري. ونحن مستعدون للتعاون معها بحيث نقدم لهم كل التسهيلات الممكنة”.

وأكّد الجلالي “سأكون في مجلس الوزراء صباحا ومستعد لأي اجراءات للتسليم”.

ولم يتطرق إلى التقارير التي تفيد بمغادرة الأسد للبلاد.

في واشنطن، أعلن البيت الأبيض ليل السبت الأحد أن الرئيس الأميركي جو بايدن يتابع عن كثب “الأحداث الاستثنائية” التي تجري في سوريا وهو “على اتصال دائم مع شركائنا الإقليميين”.

وقال الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتورط في الصراع، و”فلندع الوضع يأخذ مجراه”.

وفي سياق منفصل، قال مستشار بايدن للأمن القومي جيك سوليفان إن إدارة بايدن ليس لديها أي نية للتدخل.

ويحظى الأسد منذ سنوات بدعم حزب الله اللبناني، الذي “أخلت قواته مواقعها حول دمشق”، بحسب مصدر مقرب من الحزب.

كذلك، قال مصدر مقرب من حزب الله الداعم للنظام السوري لفرانس برس إن الحزب سحب عناصره الموجودين في محيط دمشق وفي حمص باتجاه لبنان ومنطقة الساحل السوري فجر الأحد.

وقال المصدر “الحزب أوعز لمقاتليه في الساعات الأخيرة بالانسحاب من منطقة حمص، بعضهم توجه إلى اللاذقية وآخرون إلى منطقة الهرمل في لبنان”، مشيرا إلى أن “مقاتلي الحزب أخلوا كذلك مواقعهم في محيط دمشق”.

الرصاص والزغاريد في دمشق ابتهاجا برحيل الأسد

في شوارع العاصمة السورية، على مدى ساعات، تواصل إطلاق الرصاص ابتهاجا بعد إعلان الفصائل المسلحة المعارضة دخول دمشق وهروب بشار الأسد. وانطلقت التكبيرات من المساجد والهتافات والزغاريد من كل مكان.

وقال عامر بطحة لوكالة فرانس برس “انتظرنا طويلا هذا اليوم… نبدأ تاريخا جديدا لسوريا”. ثم أضاف بعد أن أجهش بالبكاء، “لا أصدق أنني أعيش هذه اللحظة”.

مع حلول آذان الفجر، انطلقت من عدد من مساجد العاصمة تكبيرات العيد: “الله أكبر الله أكبر الله أكبر والحمد لله. الله اكبر كبيرا. والحمد لله كثيرا”.

كما أطلقت من المساجد نداءات للناس لالتزام منازلهم وعدم الخروج إلى الشارع. رغم ذلك، اندفع العشرات باتجاه ساحة الأمويين في العاصمة السورية للاحتفال، وفق شهود.

في حديقة في الوسط التجاري العاصمة، تجمّع العشرات من السكّان محتفلين بسقوط الأسد، هاتفين “الله أكبر”.

سوريون يحتفلون في ساحة الأمويين في دمشق في 8 ديسمبر 2024. (LOUAI BESHARA / AFP)

ثم أسقطوا تمثالا في المكان للرئيس السابق حافظ الأسد، والد بشار الأسد، وحطموه بالعصي، ووقفوا عليه وهتفوا رافعين شارات النصر.

في بعض الشوارع، شوهد مقاتلون مسلحون يطلقون عيارات نارية في الهواء ويهتفون “سوريا لنا وما هي لبيت الأسد”، في إشارة الى عائلة الأسد التي حكمت سوريا أكثر من خمسين عاما.

وروى سكان لفرانس برس أنهم شاهدوا عشرات الأشخاص من دون بزات عسكرية يخرجوهن من مبنى قيادة الأركان في ساحة الأمويين.

وأخلي مبنى الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون من الموظفين بشكل كامل، وفق أحد الموظفين السابقين في التلفزيون الذي لا تزال لديه صلات مع التلفزيون.

على منصة “فيسبوك”، استبدل إعلاميون سوريون وموظفون حكوميون وحتى أعضاء في مجلس الشعب صورهم الشخصية بصورة العلم الذي تستخدمه المعارضة.

وقيّد نظام حزب البعث خلال فترة حكمه الحريات ومن بينها حرية الإعلام، حيث لم يكن متاحا العمل سوى للإعلام الرسمي أو المقرّب من النظام.

التطورات السريعة

فاجأت وتيرة الأحداث المتسارعة في سوريا العواصم العربية وأثارت مخاوف من موجة جديدة من الاضطرابات في المنطقة.

وأصدرت قطر والمملكة العربية السعودية والأردن ومصر والعراق وإيران وتركيا وروسيا بيانا مشتركا وصفت فيه الأزمة بأنها تطور خطير ودعت إلى حل سياسي.

واجتذبت الحرب الأهلية السورية التي اندلعت في 2011 كانتفاضة على حكم الأسد قوى أجنبية عظمى وتركت مساحة لجماعات متشددة للتخطيط لهجمات حول العالم وأرسلت الملايين من اللاجئين لدول الجوار.

وهيئة تحرير الشام هي أقوى جماعة معارضة مسلحة في سوريا حاليا ويخشى بعض السوريين من أنها ستفرض حكما إسلاميا ديكتاتوريا أو تحرض على عمليات انتقامية.

وحاول الجولاني طمأنة الأقليات بأنه لن يتدخل في شؤونهم والمجتمع الدولي بأنه يعارض هجمات المتشددين في الخارج. وفي حلب، التي سيطر عليها مقاتلو المعارضة قبل أسبوع، لم ترد تقارير عن أعمال انتقامية.

اقرأ المزيد عن