قطر تنفي تمويل حملة إعلامية لتقويض دور مصر في مفاوضات الرهائن
الدوحة تستنكر "حملة التضليل المستمرة" لكنها لا تنفي صراحة دفع أموال لمساعدي نتنياهو أو سعيها لتحسين صورتها

نفت قطر يوم الخميس تمويل حملة تضليل إعلامي تهدف إلى تقويض دور مصر في مفاوضات إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في غزة، وذلك في خضم تحقيق إسرائيلي واسع حول صلات مفترضة بين الدولة الخليجية واثنين من مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفي بيان صادر عن مكتب الإعلام الدولي في دولة قطر، اتهمت الدوحة وسائل الإعلام بالمساعدة في تقويض مفاوضات الرهائن من خلال نشر ما جاء في محكمة إسرائيلية حول الاشتباه بأن يوناتان أوريخ، أحد كبار مساعدي نتنياهو، والناطق السابق باسمه إيلي فيلدشتاين، تلقيا أموالًا من قطر لتحسين صورتها على حساب مصر.
وجاء في البيان: “تعرب دولة قطر عن استنكارها الشديد للتصريحات الإعلامية من قبل بعض الإعلاميين والوسائل الإعلامية التي تزعم قيام دولة قطر بدفع أموال للتقليل من جهود جمهورية مصر العربية الشقيقة أو أي من الوسطاء في عملية الوساطة بين حركة حماس وإسرائيل”.
“تؤكد دولة قطر أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة، ولا تخدم سوى أجندات تهدف إلى إفساد جهود الوساطة وتقويض العلاقات بين الشعوب الشقيقة”.
تحتجز الشرطة أوريخ وفيلدشتاين منذ اعتقالهما يوم الإثنين الماضي للتحقيق معهما في شبهات بارتكاب عدة مخالفات مرتبطة بعملهما المزعوم لصالح شركة ضغط عملت لصالح قطر، بما في ذلك الاتصال بعميل أجنبي وسلسلة من تهم الفساد التي تشمل خبراء علاقات عامة ورجال أعمال.
وقضت محكمة الصلح في ريشون لتسيون يوم الخميس بتمديد اعتقالهما ليوم إضافي لمواصلة التحقيق معهما.
كما تم التحقيق مع الصحفي ورئيس تحرير صحيفة “جيروزاليم بوست” تسفيكا كلاين أيضًا كمشتبه به، واستجوبت الشرطة ثلاثة صحفيين آخرين يوم الخميس، رغم أنهم لا يُشتبه بارتكابهم أي مخالفة واستُدعوا كشهود على دراية بمجريات الأحداث. وقد أُفرج عن كلاين، الذي ينفي أي صلة له بالقضية، من الإقامة الجبرية يوم الخميس دون فرض أي قيود إضافية عليه.

في جلسة المحكمة يوم الثلاثاء، قال القاضي مناحيم مزراحي إن أوريخ وفيلدشتاين يشتبه بأنهما تلقيا أموالًا من شركة ضغط تعمل لصالح قطر من أجل نشر رسائل إعلامية تروّج لدور الدوحة في مفاوضات الرهائن على حساب القاهرة — في وقت كانا لا يزالان يعملان فيه ضمن طاقم نتنياهو الإعلامي.
وبحسب الشبهات، فإنهما عملا لصالح شركة “ذا ثيرد سيركل”، المملوكة للأمريكي جي فوتليك، فيما كانا يشغلان مناصب إعلامية في مكتب رئيس الوزراء.
ويُزعم أنهما مررا رسائل مؤيدة لقطر إلى الصحافة، أحيانًا باسم “مسؤولين سياسيين رفيعين”، وهي صيغة يُعتقد أنها تشير إلى نتنياهو نفسه عندما لا يرغب مستشاروه بنسب التصريحات إليه مباشرة.
ولم ينفِ بيان قطر صراحة مسألة دفع الأموال لمساعدي نتنياهو أو محاولتها تحسين صورتها، بل ركّز فقط على نفي الاتهامات المتعلقة بمصر.
واعتبرت الدوحة أن “تمثل حلقة جديدة في مسلسل التضليل وتشتيت الانتباه عن المعاناة الإنسانية والتسييس المستمر للحرب”.
وأكد البيان التزام قطر بدورها في جهود الوساطة، وأشاد “بالدور المحوري للأشقاء في جمهورية مصر العربية في هذه القضية الهامة”.
تجدر الإشارة إلى أن العلاقات بين مصر وقطر كانت متوترة منذ سنوات، وتم قطع العلاقات من عام 2013 حتى استؤنفت في عام 2021، على خلفية دعم الدوحة للرئيس المصري المخلوع محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين.
انتقادات إسرائيلية لمصر
في فبراير، أفادت صحيفة “هآرتس” أن الجيش الإسرائيلي يحقق في مصادر تقارير تزعم أن مصر نشرت قوات في سيناء في انتهاك لاتفاقية السلام مع إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم لا يستبعدون أن تكون هذه التقارير جزءًا من حملة قطرية لتقويض دور مصر كوسيط أمام الولايات المتحدة.
وفي لقاءات خلال الأشهر الماضية مع مشرعين أمريكيين، زعم سياسيون إسرائيليون بالمثل أن مصر تنتهك اتفاقية السلام عبر حشد قوات على حدود غزة. كما أثار السفير الإسرائيلي في واشنطن هذه القضية خلال اجتماع في أواخر يناير مع قادة منظمات يهودية أمريكية.
وقال يحيئيل لايتر في تسجيل صوتي حصلت عليه “تايمز أوف إسرائيل”: “مصر تنتهك اتفاق السلام معنا بشكل خطير في سيناء. هذه قضية ستتصدر الواجهة قريبًا، لأنها مرفوضة تماما”.
وأضاف: “هناك قواعد يجري بناؤها لا يمكن استخدامها إلا لعمليات هجومية، ولأسلحة هجومية — وهذا انتهاك واضح”. وأضاف: “تم تجاهل هذا الأمر لفترة طويلة، وهذا الوضع مستمر. ستكون هذه قضية سنطرحها قريبًا وبشكل حازم جدًا”.

واتهم لايتر أيضًا أسرة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالربح من يأس الفلسطينيين الفارين من غزة، وبالعمل المزدوج لمصلحة حماس.
وأثارت هذه التصريحات غضب القاهرة، التي ناقشتها لاحقًا مع رون ديرمر، مستشار نتنياهو المقرّب، بحسب مسؤول إسرائيلي ومصدر مطّلع آخر.
وأشار المصدران إلى أنه خلافا للقيادة السياسية، لم تعرب المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن مخاوف بشأن النشاط العسكري المصري في سيناء.
وظهرت مؤخرًا مقاطع مصورة تُظهر وجودًا مكثفًا للدبابات المصرية في سيناء، لكن لم يتم التحقق من صحة هذه اللقطات، وقال مسؤول أمني إسرائيلي إنها ليست حديثة.