قرار سموتريش بتحدي الولايات المتحدة قد يعود بنتائج مأساوية على المستوطنين
يتعرض وزير المالية سموتريتش لانتقادات شديدة بسب فشله في مواجهة العقوبات الأمريكية التي فُرضت على جزء من قاعدة ناخبيه؛ الآن هو يهدد بتدمير الاقتصاد الفلسطيني، ولكن قد يكون الناخبون الذين يمثلهم هم ضحية هذا القرار
أعلنت الولايات المتحدة الأسبوع الماضي أنها ستفرض عقوبات على بؤرتين استيطانيتين وثلاثة مستوطنين، هذا بالإضافة إلى المستوطنين الأربعة الذين اكتشفوا بالفعل أن حساباتهم المصرفية في إسرائيل جُمدت إثر عقوبات مماثلة فُرضت قبل نحو شهرين فقط.
وحاول وزير المالية بتسلئيل سموتريش آنذاك مقاومة القرار الأميركي – وهدد البنوك الإسرائيلية لعدم تعاونها مع العقوبات، لكنه سرعان ما اكتشف أن هذه البنوك تخشى الأمريكيين أكثر مما تخشاه.
كما تحدث سموتريتش مع المشرف على البنوك، لكنه وجد هناك دعما كاملا لقرار البنوك. وأيضا المناقشة التي جرت حول هذه القضية في لجنة الاقتصاد في الكنيست لم تساعد إلا في التنفيس عن مشاعر الغضب للأطراف المعنية، ولكن النتيجة النهائية كانت غير مجدية.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
بعد الانتقادات الكبيرة التي وجهتها له قاعدة ناخبية من المستوطنين لعدم معالجة الموضوع، قرر سموتريش الرد على العقوبات الجديدة بطريقة مختلفة – وأعلن أنه سيرفض تجديد الحماية التي تمنحها الدولة لبنكي “ديسكونت” و”هبوعليم” ضد دعاوى قضائية بسبب ارتباطهما المالي بمؤسسات في السلطة الفلسطينية.
وعلى الرغم من أن هذا القرار يبدو وكأنه خطوة تنظيمية أخرى ليست ذات أهمية خاصة، إلا أنه يحمل أهمية كبيرة بالنسبة للعلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية. فالسلطة الفلسطينية تعتمد بشكل كامل على النظام المالي الإسرائيلي في أداء عملها.
عملتها الرسمية هي الشيكل، وهي تستفيد من الضرائب المفروضة بالشيكل. ويأتي أكثر من نصف الواردات الفلسطينية من إسرائيل، والغالبية العظمى من الصادرات الفلسطينية تذهب إلى إسرائيل. وتشير التقديرات إلى أن ما يقارب من 75 مليار شيكل تمر عبر النظام المالي بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية كل عام.
تكمن المشكلة في أن الأمريكيين أيضا يشتبهون في أن مؤسسات السلطة الفلسطينية ملوثة بالإرهاب. ولذلك، فإن أي مؤسسة مالية على اتصال بهم تخاطر بمواجهة تهم بالتعاون مع الإرهاب في المستقبل.
وهذا بالطبع ينطبق أيضا على البنوك في إسرائيل التي تربطها علاقات مع السلطة، وهي معرضة للعقوبات الأمريكية أو لبدء إجراءات قانونية ضدها. ورغم ذلك فإن الحكومة الأمريكية أيضا لا تريد تجويع السلطة وخنقها ماليا. ولهذا السبب يغض الأمريكيون الطرف عن التعاون بين البنوك في إسرائيل والمؤسسات المالية في السلطة الفلسطينية.
توافق البنوك في إسرائيل على الحفاظ على هذه العلاقة فقط إذا كانت مدعومة برسالة دفاع موقعة من وزير المالية الإسرائيلي ضد الدعاوى ضدها. وهكذا، في الواقع، يجري منذ اتفاقية أوسلو اتفاق ضمني يكون في إطاره نشاط البنوك في إسرائيل تجاه السلطة الفلسطينية مسموحا به – بل مرغوبا فيه – من قبل الأمريكيين والإسرائيليين.
يعني عدم تجديد رسالة الدفاع وقف تعامل البنوك مع السلطة. ومن المرجح أن يتنفس مديرو البنوك الصعداء في مثل هذه الحالة. منذ عام 2016، وهم يطالبون الدولة بإبعاد هذا الخطر عنهم وبأن تقوم هي بإدارته.
أما بالنسبة للسلطة الفلسطينية، فالأمر مختلف تماما. إن حجب النظام المالي الإسرائيلي أمام السلطة يشبه عواقب تجميد النظام المالي الأمريكي أمام إسرائيل. وهذا يعني أن معظم طرق أموالها الرئيسية من وإلى العالم الخارجي سيتم حظرها في مثل هذه الحالة.
بكلمات أخرى، قد يتسبب سموتريتش في قراره بتدمير الاقتصاد الفلسطيني، ردا على المحاولة الأمريكية لتدمير اقتصاد وحدات وبؤرة استيطانية في الضفة الغربية. لكن قرار سموتريتش قد يأتي بنتائج عكسية.
إن الولايات المتحدة لا تحب أن يتم استفزازها. بالتأكيد ليس من قبل وزير معاد للغاية لسياساتها. ومثل هذه الخطوات المستفزة من جانبه في الماضي لم تشجع الإدارة الأمريكية إلا على تشديد العقوبات على أكثر النقاط حساسية لديه. وهذا يعني أنه ليس من المستبعد أن نشهد قريبا تفاقم واتساع نطاق العقوبات الاقتصادية على المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية، مع محاولة تقويض أجزاء منه.
الشخص الذي ربما لا ينبغي له أن يقلق كثيرا هو رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس. من المرجح أن يجد الأمريكيون ـ باعتبارهم أولئك الذين يسيطرون على النظام المالي العالمي ويمارسون أدوات ضغط كبيرة على الحكومة الإسرائيلية ـ طريقة للتحايل على قرار سموتريش أو إلغائه.
يمكن الافتراض باحتمال كبير أن اقتصاد السلطة الفلسطينية لن ينهار على الأرجح خلال أسبوعين. الطريقة الوحيدة لإلغاء العقوبات ضد المستوطنين هي من خلال الدبلوماسية أو من خلال شيء سيجد سموتريتش صعوبة في تنفيذه: “التسوية”.
في الوقت الحالي يفعل سموتريتش العكس تماما – ويحاول وضع أصبع في عين الإدارة الأمريكية لإرضاء قاعدة ناخبيه. إن العضلات التي يحاول عرضها هي كما يبدو محاولة يائسة أخرى لإنقاذ حزبه الذي يتأرجح فوق وتحت نسبة الحسم، وقد تؤدي في نهاية المطاف إلى انهيار حزبه وإلى مأساة اقتصادية في صفوف جزء كبير من ناخبيه.