قبل ساعات من هجوم حماس، الجيش الإسرائيلي لاحظ تفعيل مقاتلي حماس لشرائح اتصال إسرائيلية
نظرا لحدوث عمليات تفعيل كهذه في الماضي، لم يُنظر إلى التطور على أنه راية حمراء محددة؛ الرقابة العسكرية تسمح بنشر التفاصيل بعد تسريبها لوسائل الإعلام
قرابة منتصف الليل قبل هجوم حماس في 7 أكتوبر، حدد مسؤولو المخابرات الإسرائيلية أن العشرات من مقاتلي حماس في قطاع غزة قاموا بتفعيل شرائح اتصال (SIM) إسرائيلية في هواتفهم، حسبما سمحت الرقابة العسكرية بالنشر يوم الاثنين.
بدأت الهجمات في جنوب إسرائيل بعد ساعات من ذلك، في الساعة 6:30 صباحا، حيث اقتحم حوالي 3000 مسلح بقيادة حماس الحدود إلى داخل إسرائيل من غزة عبر البر والجو والبحر، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 آخرين كرهائن – معظمهم من المدنيين – تحت غطاء سيل من آلاف الصواريخ التي تم إطلاقها على البلدات والمدن الإسرائيلية.
وسمحت الرقابة العسكرية بنشر بعض التفاصيل بعد أن تم نشرها خلال بث إخباري مباشر للقناة 14 يوم الأحد، على الرغم من أنه لم يتم التحقق من التقرير، الذي ادعى أنه تم تفعيل حوالي 1000 شريحة اتصال في وقت واحد عند منتصف الليل.
وفي بيان يوم الاثنين، قال الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن العام (الشاباك) إن التقارير التي تفيد بأن حوالي 1000 شريحة اتصال إسرائيلية تم تفعيلها في وقت واحد في قطاع غزة قبل ساعات من هجوم 7 أكتوبر هي “كاذبة وبعيدة عن الواقع”.
وقالا إنه عمليا “تراكمت مؤشرات عديدة التي شملت، من بين أمور أخرى، تفعيل عشرات شرائح الاتصال فقط، والتي تم تفعيلها في أحداث سابقة في الماضي”.
وأضاف الجيش والشاباك “كما نُشر سابقا، في ليلة 7 أكتوبر، تم تلقي علامات وتم إجراء تقييمات للوضع واتخاذ قرارات عملياتية بشأنها وفقا لذلك”.
وأضاف البيان أن “العلامات تستند على مجموعة متنوعة من الأدوات والإمكانيات، بما في ذلك الأدوات التكنولوجية التي لا يمكن تفصيل طريقة عملها”.
وبما أن الأجهزة المزودة بشرائح اتصال إسرائيلية قد تم تفعيلها في الماضي، دون وقوع حوادث تُذكر، قاد ذلك مسؤولي المخابرات الإسرائيلية إلى الاعتقاد بأن حماس قد تقوم مرة أخرى بإجراء مناورة، ولم يُنظر إلى ذلك على أنه علامة قاطعة على وجود هجوم مخطط له، وقرروا مواصلة المشاورات حول هذه المسألة طوال الليل.
ولم يُسمح بنشر المزيد من التفاصيل المحيطة بمسألة شرائح الاتصال في هذه المرحلة. ويُعتقد أن شرائح الاتصال الإسرائيلية مكنت المقاتلين من التواصل بشكل أفضل في جنوب إسرائيل أثناء الهجوم.
وقال الجيش الإسرائيلي أنه سيحقق في جميع الحوادث التي سبقت هجوم 7 أكتوبر.
وأفادت تقارير سابقة أنه في الليلة ما بين 6 و7 أكتوبر، قبل ساعات من الهجوم في الصباح الباكر، تم إرسال رسالة بريد إلكتروني من قاعدة للجيش الإسرائيلي على حدود غزة تصف “إشارات معينة قادمة من غزة” حول هجوم وشيك. في الوقت نفسه، رأى جهاز الأمن العام (الشاباك) أيضا مؤشرات على أن هناك خطب ما.
في حوالي الساعة 1:30 من فجر 7 أكتوبر، تم إبلاغ مدير مكتب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي بهذا الأمر من قبل جهاز الشاباك، ومن ثم من قبل الجنرال في الجيش الإسرائيلي المسؤول عن القيادة الجنوبية. وفي حوالي الساعة 3:30 فجرا، استيقظ هليفي وطلب ترتيب استشارة هاتفية من أجل إجراء تقييم للوضع. عُقدت تلك الجلسة بعد حوالي 90 دقيقة.
وقام قائد العمليات في الجيش الإسرائيلي بترتيب مشاورته الخاصة قبل مشاورة هليفي، ووجد نفس العلامات على هجوم وشيك وطلب توضيحات حول ما إذا كانت هذه تدريبات أم عملية استراتيجية ضد إسرائيل من المقرر تنفيذها في الساعات القادمة. وخلصت تلك المشاورة إلى أنه لا يمكن التوصل إلى تفسير نهائي، وطُلب الحصول على معلومات استخبارية إضافية من وحدة 8200 الاستخبارية التابعة للجيش الإسرائيلي.
في المشاورات المشتركة، تم إطلاع هليفي ورئيس عمليات الجيش الإسرائيلي وقائد القيادة الجنوبية، على العلامات التي أشارت إلى هجوم وشيك. طلب هليفي المزيد من المعلومات وأمر بإطلاع سلاح الجو الإسرائيلي. كما أمر بفحص المعلومات الاستخبارية – بما في ذلك من وجهة نظر متشككة في الافتراض السائد آنذاك بأن حماس لم تكن معنية بالحرب.
ولم يشارك اللواء أهارون حاليفا، رئيس شعبة المخابرات، في هذه المشاورات التي جرت يومي 6 و7 أكتوبر، لأنه كان في إجازة في إيلات. وتم إطلاعه حوالي الساعة الثالثة فجرا على الإشارات المثيرة للقلق من غزة، لكنه لم يشارك في المشاورات ولم يكن متاحا عبر الهاتف.
ونُقل عن حاليفا قوله لاحقا للمقربين منه إنه حتى لو شارك في المشاورات، فإنه كان سيستنتج أن الأمر على ما يبدو هو مجرد مناورة وأن التعامل مع الأمر يمكن أن ينتظر حتى الصباح. وبحسب ما ورد قال: “لم يكن ذلك سيغير النتيجة النهائية بأي شكل من الأشكال”.
كان لدى إسرائيل مصادر متعددة للمعلومات حول تدريبات حماس واستعدادات أخرى لهجوم في الأسابيع التي سبقت 7 أكتوبر، بما في ذلك خطة هجوم لحماس في عام 2022، بحسب تقارير.
ولطالما روج الجيش الإسرائيلي لسياجه الأمني، المزود بالكاميرات وأبراج المراقبة وأجهزة الاستشعار عالية التقنية، على أنها توفر الأمن لسكان البلدات على حدود غزة. لكن في 7 أكتوبر، قام مسلحو حماس بتدمير أجزاء من السياج بالمتفجرات والجرافات في مواقع متعددة، ثم توجهوا عبر الفتحات الكبيرة في سيارات الجيب والدراجات النارية، بينما حلق آخرون في طائرات شراعية معلقة، في حين أسقطت طائرات مسيرة متفجرات على أبراج المراقبة وأتلفت الكاميرات. وسط سيل من الصواريخ التي تم إطلاقها على جنوب ووسط إسرائيل بالتزامن مع انطلاق الهجوم، اقتحم ما يقدر عددهم بنحو 3000 مسلح جنوب إسرائيل وقتلوا جنودا ومدنيين حيث واجهوا مقاومة على المستوى المحلي في حين أن المؤسسة العسكرية كانت بطيئة في الرد.
في الأسبوع الماضي، علم “تايمز أوف إسرائيل” أن الجيش الإسرائيلي سيبدأ في التحقيق في الإخفاقات العملياتية التي سبقت هجوم 7 أكتوبر، بعد أن قرر هليفي عدم الانتظار إلى ما بعد انتهاء القتال للنظر في الأخطاء التي حدثت.
وتهدف التحقيقات، التي من المقرر أن تبدأ بحلول نهاية الشهر، إلى استخلاص استنتاجات عملياتية للجيش، ولن تنظر في سياسات القيادة السياسية – وبالتالي تنجنب الدخول في صدام مع قادة الحكومة الذين يصرون الانتظار مع التحقيقات إلى ما بعد نهاية الحرب الإسرائيلية ضد حماس.