إسرائيل في حالة حرب - اليوم 428

بحث
تحليل

قانون “ما هو جيد لأوروبا جيد لإسرائيل” وعلاقته بغلاء المعيشة في إسرائيل

تعد الحكومة أنه بعد تطبيق خطة إصلاح "ما هو جيد لأوروبا جيد لإسرائيل"، فإن تكلفة المعيشة ستنخفض، ومع ذلك، من الناحية العملية، فإن الإصلاح لن يخفض على الأرجح متوسط ​​سلة التسوق بشيكل واحد؛ الشبهات ضد أصحاب سلسلتي السوبر ماركت "فيكتوري" و "يوحنانوف" توضح للجميع السبب

توضيحية: مشتريات في فرع يوحنانوف في تل أبيب، 1 يونيو، 2021. (Avshalom Sassoon/Flash90)
توضيحية: مشتريات في فرع يوحنانوف في تل أبيب، 1 يونيو، 2021. (Avshalom Sassoon/Flash90)

عندما يُسأل وزير الاقتصاد نير بركات ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش وحتى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عما فعلوه حتى الآن لتخفيف غلاء المعيشة في إسرائيل، فإنهم يشيرون دائما إلى القانون الذي يتم الترويج له هذه الأيام في الكنيست تحت اسم “ما هو جيد لأوروبا جيد لإسرائيل”.

من يصغي إليهم قد يظن خطأ أنهم يتحدثون عن قانون “المسيح” الذي سيصل إلى الأراضي المقدسة في وقت ما في فصل الخريف ويحول غلاء المعيشة إلى تاريخ بعيد والحياة هنا إلى جنة. إلا أنه يمكن القول للأسف إن الواقع يبدو أقل تفاؤلا.

يرتكز الإصلاح المعني على تكييف المعايير الإسرائيلية مع تلك المستخدمة في أوروبا. في الوقت الحالي، إذا أراد المستورد استيراد منتج غذائي إلى إسرائيل، فيجب عليه مطابقته للمعايير الإسرائيلية. وهذه عملية تنطوي على بيروقراطية طويلة ومكلفة، مما يجعل المستوردين، وخاصة الصغار منهم، يمتنعون عن دخول الساحة.

في إطار إصلاح “ما هو جيد لأوروبا جيد لإسرائيل”، سيتمكن المستورد من الاعتماد على المعيار الأوروبي، بموجب الإعلان بأن المنتج يُباع بشكل قانوني في أوروبا. وإذا تم قبول المعايير الأوروبية بالكامل في إطار القانون، فسوف تنخفض البيروقراطية وتكلفة الاستيراد، وبالتالي سيتمكن المزيد من المستوردين المحتملين من دخول الساحة وزيادة المنافسة.

تكمن المشكلة في أن العملية التشريعية تشهد بالفعل محاولة من جانب الوزارات الحكومية لاستبعاد أغلب المنتجات من خطة الإصلاح – وهي العملية التي من شأنها أن تجعل الإصلاح غير ضروري وبلا معنى. ومع ذلك، حتى لو تم تضمين معظم المنتجات في خطة الإصلاح في نهاية المطاف، فلن يؤدي ذلك إلى خفض أسعار المواد الغذائية في إسرائيل بشيكل واحد.

والسبب في ذلك هو أن الإصلاح يتجاهل تماما حقيقة أن المستورد لا يبيع مباشرة إلى المستهلك ولكنه يمر عبر بائع التجزئة. وهذا يعني أنه لا جدوى من إصلاح يبيع فيه المستورد التونة المعلبة بسعر رخيص إلى تاجر تجزئة، بينما يبيع تاجر التجزئة نفس المنتج إلى المستهلك بسعر مرتفع.

وزير الاقتصاد نير بركات ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش في اجتماع للجنة تفكيك المركزية وزيادة المنافسة في أسواق المواد الغذائية، 3 سبتمبر، 2023. (Haim Goldberg/Flash90)

إن احتمال حدوث مثل هذا السيناريو في إسرائيل مرتفع جدا في الواقع، وخاصة في قطاع المواد الغذائية. مرتفع جدا لدرجة أن بنك إسرائيل حذر منه في تقريره السنوي لعام 2023. “بين المستورد والمستهلك يوجد أيضا قطاع التجزئة، وبما أنه يتميز بهيكل غير تنافسي و/أو يعاني من عدم الكفاءة، فلا يوجد ما يضمن أن تصل أسعار الجملة إلى غالبية المستهلكين”.

وجاء في التقرير أن “هذه القضية تتطلب معالجة منفصلة من جانب الجهات التنظيمية المعنية والحكومة”. وإذا أردنا مثالا من الوقت الراهن لهذا التحذير من بنك إسرائيل، فقد حصلنا عليه في الأسبوع الماضي فقط.  تم نشر تفاصيل قضية كبيرة بطلاها هما إيتان يوحنانوف – المدير التنفيذي ومالك سلسلة متاجر “يوحنانوف” – وإيال رافيد، المدير التنفيذي ومالك سلسلة متاجر “فيكتوري”.

فرع فيكتوري في تل أبيب ( Miriam Elster/Flash90)

في إطار تحقيق تجريه سلطة المنافسة، يُشتبه بوجود تنسيق مزعوم في الأسعار بين السلسلتين، بحيث تمتنع السلسلتان عن إجراء عروض ترويجية. يُشتبه أيضا في أن رافيد قام في ثلاث مناسبات بالاتصال مع موردين وطلب منهم رفع الأسعار للمستهلك لدى تجار التجزئة الآخرين أيضا.

بحسب لائحة الشبهات، كتب رافيد مثلا لممثلي شركة “بيت هشيطا” إنه يتمنى رفع الأسعار بنسبة 20٪، “فقط لكي يقوم المخربيّن برفعها”، في إشارة إلى سلسلتي السوبر ماركت “رامي ليفي” و”يوحنانوف”. عندما طلب منه ممثل “بيت هشيطا” التحلي بالصبر بشأن رفع السعر للمستهلك، كتب رافيد “إذا لم يتم رفع السعر، سأقول لك وداعا”.

وفي وقت لاحق، أُبلغ رافيد أن رامي ليفي رفع أسعار منتجات “بيت هشيطا” للمستهلك. تجدر الإشارة إلى أن جميع أصحاب سلاسل البيع بالتجزئة الكبرى، سواء الذين تم الإمساك بهم أم لا، يتمتعون بأرباح أعلى إذا قاموا ببيع المنتجات بسعر أعلى.

وقد تؤدي المنافسة بينهم إلى الإضرار بقدرتهم على رفع الأسعار وبالتالي تحقيق أرباح عالية أيضا. لذلك، في ظاهر الأمر، لديهم جميعا مصلحة في الحفاظ على مستويات أسعار مرتفعة مع أقل قدر ممكن من المنافسة، حتى لا تبدأ عملية “أكل المثيل” بينهم. وهذا يعني أن الجميع يأكلون من أرباح الجميع دون أن يقوم أي شخص بزيادة حصته في السوق.

فرع يوحنانوف في موديعين (Yossi Aloni/Flash 90)

من يجب أن يتدخل في مثل هذه الحالات هو سلطة المنافسة. ويتمثل دور الهيئة في التأكد من عدم قيام سلاسل البيع بالتجزئة بتنسيق الأسعار فيما بينها وعدم مخالفة قوانين المنافسة. ولم تستيقظ السلطة إلا في السنوات الأخيرة، وبدأت باتخاذ إجراءات جنائية بحق الجناة في المجال، بعد غيبوبة طويلة. ومن ناحية أخرى، هذا يعني أنه سيكون أمامنا سنوات عديدة أخرى في المحكمة حتى يتم التعامل مع المسؤولين. إذا حدث ذلك أصلا.

من جانبها، يتمثل دور الحكومة في استخدام سلطتها لإصدار القوانين التي تشجع المنافسة في هذا المجال. في السنوات الأخيرة، شجعت الحكومة دخول سلاسل البيع بالتجزئة الأجنبية إلى إسرائيل، تلك التي ستتنافس مع السلاسل المحلية بعلاماتها التجارية الأرخص سعرا.

ولكن هنا أيضا من الواضح تماما أنه لا توجد ولن تكون هناك أخبار سارة للمستهلك. تأتي هذه السلاسل إلى إسرائيل ليس لخفض الأسعار بل للمشاركة في الاحتفال. آخر من فعل ذلك هو سلسلة “سبار” الهولندية التي سرعان ما بدأت ببيع المنتجات بأسعار مرتفعة.

لكي يكون هناك خفض كبير في الأسعار حقا، ينبغي على الحكومة بذل المزيد من الجهد واتخاذ إجراءات صارمة. يتعين عليها تفكيك الاحتكارات، وفرض قيود على اللاعبين الكبار، وتشديد العقوبات ضد منتهكي قانون المنافسة. وحتى هذه اللحظة، لا تظهر مثل هذه الإجراءات في الأفق التشريعي لوزير الاقتصاد أو وزير المالية.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الاقتصاد والصناعة نير بركات يزوران فرع “كارفور” في بيت شيمش قبل افتتاحه، 8 مايو، 2023. (Kobi Gideon / GPO)

على أية حال، فإن خطة إصلاح “ما هو جيد لأوروبا جيد لإسرائيل” يجب أن يُنظر إليها كخطوة واحدة ضمن سلسلة طويلة من الخطوات التي يجب اتخاذها حتى يتغير الوضع هنا بشكل حقيقي. وحتى ذلك الحين، لن نسمع عن انخفاض الأسعار إلا في تصريحات الوزراء تمهيدا لتنفيذ خطة الإصلاح.

اقرأ المزيد عن