إسرائيل في حالة حرب - اليوم 424

بحث

قادة الدفاع يتحملون المسؤولية عن مقتل الرهائن، ويشيرون إلى التعقيدات في ساحة المعركة في غزة

هليفي وغالانت ونتنياهو يرفضون الدعوات لوقف القتال من أجل صفقة لإطلاق سراح الرهائن المتبقين، ويعدون بإجراء تغييرات حيث يقول البعض إن سياسات إطلاق النار الفضفاضة مسؤولة عن النتيجة المأساوية

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على اليمين، مع وزير الدفاع يوآف غالانت خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب، 16 ديسمبر، 2023.  (Noam Revkin Fenton/Flash90)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على اليمين، مع وزير الدفاع يوآف غالانت خلال مؤتمر صحفي في تل أبيب، 16 ديسمبر، 2023. (Noam Revkin Fenton/Flash90)

قال قادة الدفاع الإسرائيليون إنهم يتحملون المسؤولية عن القتل العرضي لثلاث رهائن كانوا يحاولون الهروب من الأسر في غزة، وتعهدوا باتخاذ خطوات لضمان عدم تكرار الحادث المأساوي، لكنهم أشاروا أيضا إلى الصعوبات التي يواجهها الجنود في ساحات القتال الحضرية “المعقدة” في غزة.

قُتل يوتام حاييم وسامر الطلالقة وألون لولو شمريز أثناء محاولتهم الاقتراب من مجموعة من الجنود في حي الشجاعية بمدينة غزة بينما كانوا يلوحون بقطعة قماش بيضاء ويصرخون طلبا للمساعدة باللغة العبرية. وكان الثلاثة قد هربوا من خاطفيهم من حماس، لكن الجنود خشيوا أن يكونوا جزءا من محاولة لاستدراج القوات إلى كمين وفتحوا النار وقتلوهم قبل أن يدركوا الخطأ، وفقا لتحقيق أولي للجيش الإسرائيلي.

وفي بيان بالفيديو، وصف رئيس الأركان هرتسي هليفي حادثة القتل بأنها “حدث صعب ومؤلم”.

وقال “الجيش الإسرائيلي وأنا كقائد له مسؤولان عما حدث، وسنبذل قصارى جهدنا لمنع تكرار مثل هذه الحالات في استمرار القتال”.

وبعد أن أقر الجيش بأنه لم يكن مستعد لاحتمال التعامل مع حالات هروب رهائن في غزة، قال هليفي إن الجيش أرسل على الفور بروتوكولات جديدة إلى القوات البرية بعد إجراء تحقيق أولي.

وقال  “قد تكون هناك حالات إضافية يهرب فيها الرهائن أو يتم التخلي عنهم أثناء القتال، وعلينا واجب ومسؤولية إنقاذهم أحياء”.

وبحسب رئيس الأركان، فإن الجنود الذين أطلقوا النار فعلوا ذلك بشكل مخالف للقواعد التي تمنعهم من إطلاق النار على شخص يحمل علما أبيض ويحاول الاستسلام.

من اليسار إلى اليمين: يوتام حاييم، سامر الطلالقة، وألون لولو شمريز ، الذين قُتلوا عن طريق الخطأ على يد قوات الجيش الإسرائيلي في غزة في 15 ديسمبر، 2023. (Courtesy)

وقال: “لقد فعل الرهائن الثلاث كل شيء حتى نتمكن من فهم الأمر. لقد تحركوا بدون قمصان حتى لا نشتبه في أنهم يحملون قنبلة على أجسادهم، وحملوا قطعة قماش بيضاء حتى نفهم”.

لكن هليفي أضاف أن ذلك حدث “أثناء القتال وتحت الضغط”.

وقال “أحاول أن أضع نفسي في رأس الجندي في الشجاعية، بعد أيام من القتال العنيف، والمواجهات القريبة، واللقاءات مع الإرهابيين الذين يرتدون ملابس مدنية، والذين يصلون بطرق مخادعة ومختلفة. عليه أن يكون متيقظا وجاهزا لأي تهديد”.

رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي يزور قوات من لواء غولاني في حي الشجاعية بمدينة غزة، 14 ديسمبر، 2023. (Israel Defense Forces)

وأضاف: “القرار في جزء من الثانية يمكن أن يؤدي إلى الحياة أو الموت. في لحظة واحدة، تم الكشف عن مدى تعقيد حربنا العادلة في غزة”.

وأدلى وزير الدفاع يوآف غالانت بتصريحات مماثلة، حيث أعلن أنه يتحمل مسؤولية ما حدث كقائد لمؤسسة الدفاع، لكنه أشار إلى صعوبة القتال في حرب العصابات في منطقة حضرية كثيفة السكان، حتى عندما أشار إلى وقوع “أخطاء جسيمة” في الحادثة.

وقال: “عليكم أن تفهموا الظروف والبيئة التي يعمل فيها جنودنا”، واصفا الشجاعية بأنها مكان يمكن أن يتم تفخيخ الألعاب فيه والقوات تتعرض فيه لتهديد مستمر بالكمائن.

وتابع قائلا “في بعض الأحيان يتم تشغيل أشرطة مع أصوات بكاء طفل، من أجل [استدراج] الجنود إلى الشقق ومن ثم تفجير العبوات. هذه أحداث وقعت وما زالت تحدث”، واصفا الحادث بأنه من بين أكثر الأحداث مأساوية التي عرفها على الإطلاق.

تحدث غالانت في مقر وزارة الدفاع (الكرياه) بينما نظم الآلاف مظاهرة أسبوعية من أجل الرهائن في مكان قريب، حيث حث الكثيرون على التوصل إلى اتفاق لإعادة الرهائن إلى الديار، وقالوا في أعقاب مقتل الرهائن الثلاث إن عددا كبيرا من المخطوفين قُتلوا خلال المعارك.

لكن قادة الدفاع ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو رفضوا الدعوات لوقف إطلاق النار.

وقال هليفي “إن القتال هو الذي يوفر الفرص لعودة الرهائن”.

جنود إسرائيليون يتفقدون فتحة نفق في مدرسة في حي الشجاعية بمدينة غزة، في صورة منشورة في 8 ديسمبر، 2023. (Israel Defense Forces)

وقال نتنياهو، متحدثا إلى جانب غالانت، إن حادثة مقتل الرهائن الثلاث “فطرت قلوب الأمة”.

لكنه أصر على أنه ينبغي على إسرائيل مواصلة القتال حتى يتم تدمير حماس.

وقال “نحن نقاتل من أجل وجودنا، وعلينا أن نستمر حتى النصر” – رغم الضغوط الدولية والخسائر التي تتكبدها إسرائيل.

وقال غالانت إنه تحدث مع جميع عائلات الرهائن الذين قُتلوا، واصفا المكالمات بأنها “مشحونة ومؤلمة وصعبة، أولا وقبل كل شيء للعائلات، ولكن أيضا بالنسبة لي شخصيا”.

“إن ثمن الحرب باهظ للغاية. نحن ندفعه كل يوم، ولكن عندما تعلم أنك تسير على طريق عادل، فأنت على استعداد لدفع الثمن حتى تحقق هدفك بالكامل، وهو تدمير حماس وإعادة جميع الرهائن إلى منازلهم”.

القوات الإسرائيلية العاملة في قطاع غزة في صورة تم نشرها في 17 ديسمبر، 2023. (Israel Defense Forces)

ويبدو أن هذا الموقف يحظى بتأييد الرئيس يتسحاق هرتسوغ، الذي قال عبر منصة “اكس” إن عدالة الحملة العسكرية لم تتغير. “المهام واضحة: عودة الرهائن واستعادة الأمن لجميع الإسرائيليين”.

وفقا لضابط كبير في القيادة الجنوبية، نقلا عن تحقيق أولي، بدأ الحادث بعد أن حدد جندي من الكتيبة 17 التابعة لواء “بيسلماخ” المتمركز في أحد المباني، ثلاثة أشخاص مشبوهين يخرجون من مبنى على بعد عشرات الأمتار.

الثلاثة جميعهم كانوا بلا قمصان، وأحدهم حمل عصا عليها علم أبيض، وفقا للتحقيق.

الجندي، الذي اعتقد أن الرجال الذين تحركوا نحوه كانوا جزء من محاولة من قبل حماس لإستدراج الجنود الإسرائيليين إلى كمين، فتح النار على الفور وصرخ إلى القوى الأخرى “إرهابيون!”

وبحسب التحقيق، قتل الجندي اثنين من الرجال، بينما فر الرجل الثالث، الذي أصيب، عائدا إلى المبنى الذي خرج منه. وعلى الرغم من أن القوات سمعت نداءات “النجدة” في المنطقة، عندما خرج الرجل الثالث من المبنى مرة أخرى، أطلق جندي آخر النار عليه وقتله.

الجندي الذي أطلق النار عند رصد الرجال الثلاثة فعل ذلك بشكل مخالف للبروتوكولات، وكذلك فعل الجندي الذي قتل الرجل الثالث، بحسب الضابط.

ومع ذلك، فهم الجيش الإسرائيلي أن الظروف الميدانية دفعت الجنود إلى التصرف بهذه الطريقة – وقال الضابط الكبير إن الجيش لم يحدد وجود أي مدنيين فلسطينيين في الشجاعية في الأيام الأخيرة.

مباشرة بعد الحادث، أرسل الجيش الإسرائيلي بروتوكولات جديدة إلى القوات لتكون مهيئة لاحتمال تمكن المزيد من الرهائن من الفرار من الأسر.

وكُتب في البروتوكولات الجديدة “هناك احتمال أن يكون الرهائن قد تم التخلي عنهم أو أنهم فروا، ويجب على القوات أن تكون على علم بإمكانية حدوث مثل هذا اللقاء والانتباه إلى العلامات المنذرة، مثل التحدث باللغة العبرية، ورفع الأيدي، والملابس”، كما جاء في البروتوكولات الجديدة.

يعقوب أرغاماني، والد الرهينة الإسرائيلية نوعا أرغاماني البالغة من العمر 26 عاما، يتحدث إلى وسائل الإعلام خارج متحف تل أبيب للفنون، الذي يسمى الآن بشكل غير رسمي “ساحة المخطوفين”، في تل أبيب، 16 ديسمبر، 2023. (Alberto PIZZOLI / AFP)

ويُنظر إلى حي الشجاعية في شمال غزة منذ فترة طويلة على أنه معقل رئيسي لحماس، وموطن لبعض من قوات النخبة التابعة لها وأثقل التحصينات. وكانت المنطقة التي قُتل فيها الرهائن قريبة من موقع معركة دامية يوم الأربعاء قُتل فيها تسعة جنود، من بينهم قائدان كبيران.

أوري هايتنر، مؤرخ وشخصية بارزة داخل الحركة الكيبوتسية، كان من بين كثيرين ممن ربطوا الحادث بسياسات إطلاق النار الفضفاضة التي دفع بها وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير. في أواخر شهر نوفمبر، أطلق جنديان ردا على هجوم إطلاق نار وقتلا مدنيا كان يحاول أيضا إحباط الهجوم، على الرغم من أن الرجل رفع يديه وصرخ قائلا إنه مواطن إسرائيلي.

وكتب هايتنر على فيسبوك: “أشخاص مثل زعيم العصابة، الذي كان مشغولا بقلب أكشاك الباعة العرب في الخليل عندما خاطر آخرون في عمره بحياتهم للدفاع عن الوطن، يعظون بسهولة الضغط على الزناد”.

ووعد نتنياهو  “سوف نتعلم الدروس”.

اقرأ المزيد عن