قائد عسكري كبير يدفع باتجاه توغل بري لإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان
وزير الدفاع يقول لنظيره الأمريكي إن احتمال التوصل إلى حل دبلوماسي على الحدود يتلاشى، ولكن يُعتقد أنه يعارض المخاطرة بحرب شاملة وسط المخاوف من نقص القوى البشرية
أفاد تقرير أن أعلى جنرال إسرائيلي يقود الحدود الشمالية المضطربة بدأ بالضغط بشكل فعلي على القادة للمصادقة على هجوم بري في جنوب لبنان بهدف تأمين منطقة عازلة ووقف أكثر من 11 شهرا من الهجمات المتواصلة على البلدات والمجتمعات في الجليل، وسط خلافات حول هذه المسألة بين السياسيين وكبار المسؤولين العسكريين.
تعرضت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضغوط متزايدة من الناخبين والمشرعين في الأسابيع الأخيرة للتعامل مع حزب الله المدعوم من إيران الذي يهدد شمال إسرائيل وحول المناطق القريبة من الحدود إلى منطقة حرب حقيقية، مع نزوح عشرات الآلاف من منازلهم بسبب الهجمات المستمرة والمميتة أحيانا بمسيّرات وصواريخ.
ويُعتقد أن وزير الدفاع يوآف غالانت يعارض عملية عسكرية كبيرة في لبنان في هذه المرحلة، بحسب تقارير في وسائل إعلام عبرية، في حين بدا أن نتنياهو يؤيد ظاهريا على الأقل عملية كهذه، حيث أشار أحد التقارير إلى أنه هدد بإقالة غالانت بشأن هذه القضية.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية “كان” وأخبار القناة 13 يومي الأحد والإثنين أن الميجر جنرال أوري غوردين، قائد المنطقة الشمالية في الجيش الإسرائيلي، يضغط على صناع القرار لبدء توغل واسع في لبنان، في حين أعرب غالانت ورئيس الأركان هرتسي هليفي عن شكوكهما بشأن شن حرب ضد حزب الله، الذي يُعتقد أنه عدو أكثر قوة من حركة حماس التي تقاتلها إسرائيل حاليا في غزة.
بحسب التقارير فإن غالانت يعتقد أن الوقت الحالي ليس مناسبا لمثل هذا التحرك، ويريد إعطاء فرصة للجهود الرامية إلى تحقيق حل دبلوماسي في الشمال واتفاق لوقف إطلاق النار في غزة.
في مكالمة مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن ليلا، قال غالانت إن احتمال التوصل إلى حل دبلوماسي على الحدود يتلاشى، محذرا من أن إسرائيل ملتزمة بإبعاد حزب الله عن الحدود والسماح للسكان بالعودة إلى منازلهم في الشمال، بحسب بيان صادر عن مكتب وزير الدفاع صباح الإثنين.
وقد أعلن حزب الله، الذي بدأ شن هجمات على إسرائيل دعما لحماس بعد يوم واحد من المذبحة التي ارتكبتها الحركة الغزية في السابع من أكتوبر في جنوب إسرائيل، أنه لن يتوقف عن إطلاق النار إلا بعد انتهاء الحرب في غزة، لكن العديد من الإسرائيليين يخشون أن يظل الشمال تحت التهديد طالما أن قوات حزب الله قادرة على العمل على طول الحدود.
بحسب تقرير في صحيفة “يسرائيل هيوم”، أوصى غوردين في اجتماعات مغلقة مؤخرا بإعطاء الضوء الأخضر للجيش للاستيلاء على منطقة عازلة في لبنان واحتلالها. وأفاد التقرير أن غوردين يعتقد أن دفع مقاتلي حزب الله بعيدا عن الحدود يمكن تحقيقه بسرعة، حيث قُتلت معظم قوات النخبة التابعة لحزب الله على طول الحدود في الغارات الإسرائيلية أو فرت بالفعل شمالا، ويُعتقد أن ما يقدر بنحو 80% من المدنيين في جنوب لبنان قد غادروا المنطقة أيضا.
ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى حرب شاملة مع حزب الله، الذي يُعتقد أن يمتلك ترسانة من 150 ألف صاروخ، بما في ذلك صواريخ دقيقة متطورة زودته بها إيران والتي قد يستخدمها لترهيب إسرائيل لأسابيع. ومع ذلك، تشير التقارير إلى أن غوردين يعتقد أن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تؤمن شمال إسرائيل في الأمد البعيد وتمنحها نفوذا أكبر من أجل التوصل إلى حل دبلوماسي أكثر فائدة.
وذكرت هيئة البث أن نتنياهو يدفع باتجاه عملية في لبنان، وإن كانت أكثر محدودية، حيث هدد أحد مساعدي رئيس الوزراء الذي لم يذكر اسمه باستبدال غالانت “إذا حاول إحباط عملية في الشمال”.
ونفى مسؤول في الحكومة لم يذكر اسمه التقرير، بحسب هيئة البث.
وفي الوقت نفسه، أشار تقرير للقناة 13 يوم الأحد إلى أنه في حين بدا أن نتنياهو يدعم موقف غوردين، فقد تساءل البعض عما إذا كان الدعم الذي يقدمه رئيس الوزراء الذي يتجنب المخاطرة عادة بشأن الحاجة لعمل عسكري مجرد كلام أجوف، وسط المطالبات المتزايدة من الجمهور لإنهاء الأزمة.
لدى الكثير من الإسرائيليين ذكريات مريرة مع محاولة إسرائيل الأخيرة لإنشاء منطقة عازلة في جنوب لبنان، التي استمرت من عام 1985 حتى عام 2000، عندما قامت الحكومة بسحب قواتها تحت ضغط شعبي مكثف.
ومنذ ذلك الحين، يتمتع حزب الله إلى حد كبير بحرية مطلقة في العمل على طول الحدود. ولقد حافظ الجانبان على حالة من الهدوء الحذر بعد حرب استمرت 34 يوما في عام 2006، حتى استأنف حزب الله هجماته على الشمال في الثامن من أكتوبر في العام الماضي.
ويؤكد حزب الله وإسرائيل علنا أنهما غير معنيين بحرب شاملة جديدة، والتي من المرجح أن تسبب أضرارا واسعة النطاق في إسرائيل وأن تدمر جزءا كبيرا من لبنان، لكنهما مستعدان للقتال إذا لزم الأمر. وقد تجتذب الحرب أيضا وكلاء إيرانيين آخرين، مثل الحوثيين في اليمن الذين أطلقوا صاروخا بالستيا على تل أبيب يوم الأحد، أو طهران نفسها.
وقد تصاعدت التكهنات بشأن تصعيد القتال في الأيام الأخيرة، حيث أطلق حزب الله بانتظام عشرات الصواريخ والمسيّرات المفخخة على البلدات التي تم إخلاؤها في منطقة الحدود غير المأهولة إلى حد كبير وعلى تلك الموجودة في أماكن أبعد.
وردت إسرائيل بغارات جوية يومية ضد المنظمة، واغتالت بعض أكبر قادتها واستهدفت مستودعات أسلحة في العمق اللبناني، بحسب الجيش الإسرائيلي.
بحسب تقرير للقناة 13 في نهاية الأسبوع، حذر نتنياهو قادة الأمن خلال مناقشات يوم الخميس من أن إسرائيل في صدد الدخول في “مواجهة واسعة النطاق” مع حزب الله، وهو احتمال قال إنه لن يقلل من الضغط العسكري الإسرائيلي على حماس في غزة.
وذكر التقرير أن كبار مسؤولي الدفاع متفقين إلى حد كبير على أن العملية ضرورية، لكن الخلافات لا تزال قائمة حول ما إذا كانت إسرائيل لديها القوة البشرية اللازمة طالما أن القتال مستمر في غزة.
بحسب تقرير منفصل يوم السبت لهيئة البث، يرى غالانت أن الحرب ضد حزب الله ستتطلب خفض القوات في غزة وقد تمس بفرص تحرير 101 رهينة ما زالوا محتجزين في القطاع الفلسطيني.
منذ الثامن من أكتوبر، قُتل 26 مدنيا في هجمات قادها حزب الله من لبنان، وكذلك 20 جنديا إسرائيليا. كما وقعت عدة هجمات من سوريا، دون وقوع إصابات.
من جهته، أعلن حزب الله أسماء 440 من عناصره الذي قُتلوا على يد إسرائيل خلال المناوشات الجارية، معظمهم في لبنان ولكن بعضهم أيضا في سوريا. كما قُتل 78 عنصرا آخر من جماعات مسلحة أخرى، وجندي لبناني، وعشرات المدنيين.