في يومه الأول، ترامب يلغي نظام العقوبات الذي فرضه بايدن على المستوطنين الإسرائيليين العنيفين
استجاب الرئيس الأميركي لمناشدات المسؤولون الإسرائيليون منذ أشهر، ووقع على أمر تنفيذي بعد ساعات من هجوم آخر استهدف قرية فلسطينية شمال الضفة الغربية

في أول يوم له في منصبه، وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الاثنين على أمر تنفيذي يلغي نظام العقوبات الذي فرضه سلفه جو بايدن العام الماضي لاستهداف المستوطنين الإسرائيليين العنيفين في الضفة الغربية.
وكانت هذه السياسة واحدة من عشرات السياسات التي ألغاها ترامب بعد ساعات من أدائه اليمين الدستورية من خلال مجموعة من الأوامر التنفيذية التي وقعها أولاً في تجمع حاشد بعد تنصيبه أمام الآلاف من المؤيدين، ثم في البيت الأبيض.
وكان إلغاء نظام العقوبات، الذي كان في حد ذاته نتيجة لأمر تنفيذي وقعه بايدن في الأول من فبراير 2023، يمثل أولوية قصوى لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، التي أثارت القضية في اجتماعات مختلفة مع فريق ترامب الانتقالي على مدى الأشهر العديدة الماضية.
ووقع بايدن على الأمر في ظل الإحباط المتزايد في واشنطن إزاء فشل إسرائيل في كبح جماح عنف المستوطنين المتفشي. وزعم في وقتها أن العنف أدى إلى زعزعة استقرار الضفة الغربية وأضر بالمصالح الأميركية في المنطقة.
وتجاهلت السلطات الإسرائيلية هذه الظاهرة لسنوات، قد تفاقمت منذ تشكيل حكومة نتنياهو الأخيرة في ديسمبر 2022. وقد رفض وزير الأمن القومي المنتهية ولايته إيتامار بن غفير التعامل مع الهجمات، كما يخضع قائد الشرطة الذي يشرف على الضفة الغربية حاليا للتحقيق من قبل وزارة العدل بتهمة تجاهل عنف المستوطنين من أجل إرضاء الوزير والحصول على ترقية.
والجدير بالذكر أن ترامب وقع على الأمر التنفيذي بعد ساعات فقط من هجوم آخر للمستوطنين في قرية الفندق شمال الضفة الغربية.

وبموجب الأمر التنفيذي الذي وقعه بايدن، تم فرض العقوبات على 17 فردًا و16 كيانًا في ثماني دفعات منفصلة على مدار العام الماضي. وشمل ذلك مستوطنين قالت الولايات المتحدة إنهم متورطون في هجمات عنيفة ضد الفلسطينيين وفي سلب الأراضي الفلسطينية إلى جانب بؤر استيطانية غير قانونية بأكملها شارك سكانها في مثل هذه الأعمال. كما استهدفت الإجراءات المقربين من بن غفير، وحتى درست إدارة بايدن فرض عقوبات على وزير الأمن القومي نفسه إلى جانب زميله اليميني المتطرف في مجلس الوزراء بتسلئيل سموتريتش. واستهدفت الدفعة الأخيرة من العقوبات منظمة “أمانا”، ذراع التنمية لحركة الاستيطان، فيما اعتبر ضربة كبيرة.
وقد تمت دعوة قادة هذه الحركة لحضور حفل تنصيب ترامب يوم الاثنين. وكان رئيس مجلس “يشع” الذي يضم رؤساء بلديات المستوطنات يسرائيل غانتس حاضرا في قاعة “كابيتال وان أرينا” في واشنطن عندما أعلن ترامب أنه سيعود إلى البيت الأبيض لتوقيع المزيد من الأوامر التنفيذية التي تلغي العديد من سياسات بايدن. وقد سلط حضوره الضوء على مدى سرعة تحول واشنطن في موقفها بشأن قضية المستوطنات في الضفة الغربية، والتي اعتبرتها الإدارة السابقة غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ولكن هناك جدل حول إستمرار ترامب في إرضاء حركة الاستيطان، حيث يدفع إلى اتفاق في غزة يعارضه معظم اليمين المتطرف في إسرائيل، لأنه من المرجح أن يتطلب موافقة إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار والانسحاب من غزة في مقابل إطلاق سراح الرهائن المتبقين.
وقد ركزت حركة الاستيطان على إعادة إنشاء المستوطنات في غزة التي تم إخلاؤها في عام 2005 عندما انسحبت إسرائيل من القطاع الساحلي. وقد استبعد نتنياهو الفكرة، ولكنه لا يزال يعتمد على شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف الذين يؤيدونها بشدة.
ويسعى ترامب أيضًا إلى التوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية، والذي من المرجح أن يتطلب من القدس تقديم تنازلات كبيرة للفلسطينيين. وقد اشترطت الرياض علنًا موافقتها على إقامة دولة فلسطينية.

وقال ترامب يوم الاثنين إنه من المرجح توقيع اتفاق التطبيع “قريبا”، وحتى بحلول نهاية العام.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفع اثنان من الإسرائيليين الخاضعين للعقوبات دعوى قضائية ضد إدارة بايدن لاستهدافهم، بحجة أنهم محصنين من العقوبات لأنهم يحملون أيضا الجنسية الأمريكية.
وفعلا، الأمر التنفيذي الذي وقعه بايدن ينطبق فقط على الرعايا الأجانب. وفي الأسبوع الماضي، قال مسؤولان أميركيان لصحيفة تايمز أوف إسرائيل إن الإدارة لم تتحقق بشكل صحيح من جنسياتهما المزدوجة قبل فرض العقوبات عليهما.
وليس من الواضح ما إذا كانت الدعوى القضائية سوف تمضي قدما، نظرا لإلغاء نظام العقوبات.
ورغم إلغاء نظام العقوبات المفروضة على المستوطنين في الولايات المتحدة، فكان لمبادرة بايدن تأثير متواصل سيستمر في مختلف أنحاء العالم، حيث حذت عدة دول غربية والاتحاد الأوروبي بأكمله حذوه. ومن المتوقع أن تظل هذه العقوبات سارية، وأن تعوق جهود الحركات الاستيطانية لإجراء معاملات أجنبية وجمع الأموال في الخارج.