العرب الأميركيون في ولاية ميشيغن يحتفلون بمساعدتهم لترامب على الفوز في الانتخابات
تصديق فكرة أن بإمكانه أن ينجح في إنهاء حرب غزة حيث فشل بايدن وهاريس، ساعدت الأقلية، التي نبذها المرشح الجمهوري في الانتخابات السابقة، ترامب على قلب الولايت المتأرجحة
ديربورن، ميشيغن – تصاعد التفاؤل ودخان الشيشة ليل الثلاثاء في حفل نظمته حركة “عرب أميركيون من أجل ترامب” لمشاهدة نتائج الانتخابات في مدينة ديربورن بولاية ميشيغن، بينما أعلنت شبكات التلفزيون الرئيسية عن فوز الرئيس الأمريكي السابق والمقبل في ولاية تلو الأخرى.
لقد كان هذا مشهدا لم يكن بالإمكان تصوره قبل أربع سنوات، عندما فاز جو بايدن بنحو 90٪ من الأصوات في الجزء الجنوبي من ديربورن، حيث نسبة ساحقة من السكان من العرب والمسلمين.
ولكن بفضل غضب المجتمع الشديد من تعامل إدارة بايدن-هاريس مع حرب إسرائيل ضد حركة حماس في غزة، تمكن دونالد ترامب من الفوز بأغلبية الأصوات في ديربورن – 47٪ مقابل 28٪ لنائبة الرئيس كامالا هاريس، التي تغلبت فقط على مرشحة الحزب الأخضر جيل شتاين بست نقاط مئوية، وفقا لتوقعات أخبار NBC.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
حاول بعض الناشطين المؤيدين للفلسطينيين بسرعة تصوير نتائج ميشيغن على أنها رفض لقرار هاريس تأييد دعم الرئيس جو بايدن لإسرائيل طوال الحرب.
لكن النتائج في جميع أنحاء البلاد أظهرت أن مشاكل هاريس امتدت إلى ما هو أبعد من المجتمعات العربية والإسلامية، حيث تم تحديد المزيد من التراجع في الدعم بين الناخبين السود واللاتينيين.
ومع ذلك، لم يستطع عشرات الرجال في مقهى “جافا لافا” للشيشة من إخفاء شعورهم بصحة نظريتهم، عندما بدأ محللو الشبكات التلفزيونية بالإشارة إلى أن ميشيغن قد تكون الولاية التي تضع ترامب رسميا فوق عتبة الـ 270 صوتا من أصوات المجمع الانتخابي اللازمة لفوزه بالرئاسة. (كانت ولاية ويسكونسن هي الولاية التي ساعدته في تجاوز هذا الرقم في نهاية المطاف).
كان المشاهدون في الحفل الذي أقيم لمشاهدة نتائج الانتخابات من مناطق مختلفة في الشرق الأوسط – من الأراضي الفلسطينية ولبنان والأردن والعراق وسوريا واليمن. لكنهم كانوا متفقين على السبب الرئيسي لدعمهم لترامب: فهم يعتقدون أن بإمكانه أن ينجح في إنهاء الحرب الآخذة بالتوسع بين إسرائيل وحماس حيث فشل بايدن.
كما أنهم محافظون من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، مما يجعل الحزب الجمهوري موطنا سياسيا طبيعيا أكثر بالنسبة لهم في نواح كثيرة.
وقال علي، أحد الحاضرين في الحفل الذي رفض الكشف عن اسمه الأخير: “لفترة طويلة، كانت قضية فلسطين هي التي أبقتنا مع الديمقراطيين، ولكن بعد غزة لم يعد هذا هو الحال”.
وقال بشارة بحبح، رئيس منظمة “عرب أميركيون من أجل ترامب”: “نقل لافتة من تل أبيب إلى القدس لا يعادل قتل 43 ألف شخص”، واصفا نقل ترامب للسفارة باستخفاف مقارنة بعدد القتلى في حرب غزة خلال فترة بايدن بحسب الحصيلة التي أعلنت عنها وزارة الصحة التي تديرها حماس في القطاع.
لقد بذلت إدارة بايدن جهودا متكررة للتوسط في وقف إطلاق النار وانتقدت إسرائيل بانتظام بسبب ارتفاع عدد الضحايا المدنيين في غزة، لكن المنتقدين التقدميين يقولون إن رفض الرئيس الديمقراطي الضغط بقوة على القدس سمح للحرب بالاستمرار لمدة 13 شهرا. يرد مسؤولو بايدن بأنهم لا يستطيعون إقناع الطرفين بوقف إطلاق النار إذا كان الطرفان لا يريدان ذلك، ويضعون اللوم بشكل خاص على حماس في المأزق المستمر.
من جانبه، تعهد ترامب بإنهاء الحرب في الشرق الأوسط بسرعة لكنه لم يقدم أي تفاصيل بشأن كيفية قيامه بذلك.
وزعم بحبح أن الرئيس المنتخب قد يفرض حظرا على الأسلحة على إسرائيل إذا تجاهل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعوته لإنهاء الحرب في غزة بسرعة.
وقال بحبح “إذا قال لنتنياهو: أنهِ الحرب بحلول الوقت الذي أتولى فيه منصبي، وفشل نتنياهو في القيام بذلك، فلا شيء يمنع ترامب من وقف تدفق الأسلحة إلى إسرائيل”.
وأكد أن ترامب يتمتع بنفوذ أكبر بكثير على نتنياهو، مقارنة بالرؤساء الديمقراطيين الذين تجاهل رئيس الوزراء الإسرائيلي نصائحهم لفترة طويلة. وعلاوة على ذلك، أكد بحبح أن الرئيس السابق لم ينس أبدا تهنئة نتنياهو لبايدن على الفوز في انتخابات 2020.
إن سجل ترامب كرئيس – من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، إلى قطع المساعدات عن الفلسطينيين، وصولا إلى الخطوات التي تشرعن المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية – لا يقدم أي شيء يشير إلى أنه سيتخلى عن الدولة اليهودية في ولايته الثانية.
من المرجح أن تكون هذه السياسات هي التي دفعت الوزيرين الإسرائيليين من اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير إلى التفاعل مع فوز ترامب بنفس البهجة التي تفاعل بها مؤيدوه العرب في ديربورن.
لكن بحبح أصر على أن “ترامب في عامي 2016 و2020 شخص مختلف تماما عن ترامب في عام 2024”.
وقال الرجل المؤيد لترامب “لقد تعرف [ترامب] على مجتمعات المسلمين العرب الأميركيين. عقد 15 لقاء على الأقل مع قادة عرب ومسلمين”.
في الواقع، فإن العضو الجديد في الدائرة الداخلية لترامب هو رجل الأعمال اللبناني المولد مسعد بولس، الذي تزوج نجله مايكل من تيفاني ترامب في عام 2022.
وقال بحبح “لقد التزم ترامب علنا عدة مرات بأنه سينهي الحروب ويجلب السلام إلى الشرق الأوسط، وهو شخص يفي بوعده”.
لكن الرئيس السابق حث إسرائيل أيضا على “إنهاء المهمة” في غزة واستخدم مصطلح “فلسطيني” كإهانة في تعليقات أدلى بها خلال العام الماضي، مما أثار قلق أعضاء المجتمع العربي الأميركي.
وقال بحبح إن ترامب كان يقصد ببساطة أنه يريد إنهاء الحرب وتوقف عن استخدام مصطلح “فلسطيني” بازدراء منذ المناظرة الرئاسية الأولى في يونيو.
وكان عمدة مدينة ديربورن هايتس المجاورة رافضا بنفس القدر للانتقادات الموجهة إلى ترامب منذ فترة طويلة بسبب لهجة خطابه وسياساته التي تستهدف مجتمعات المهاجرين مثل مجتمعه.
وعندما سُئل عن تعليقات ترامب المسيئة بشأن المهاجرين والحظر الذي فرضه على الهجرة ضد الدول ذات الأغلبية المسلمة في ولايته الأولى، زعم عمدة مدينة ديربورن هايتس المجاورة أن سياسة الرئيس السابق استهدفت فقط سبع دول إسلامية من بين أكثر من 40 دولة إسلامية في العالم من أجل منع دخول مقاتلي داعش السابقين.
كان بيل بزي واحد من بين اثنين من رؤساء البلديات العرب الذين أعلنوا تأييدهم للمرشح الجمهوري للرئاسة، موضحا يوم الثلاثاء أن الشرق الأوسط كان منطقة أكثر هدوءا عندما كان ترامب في منصبه.
وقال بزي: “خلال إدارته، لم تكن هناك حروب جديدة، وعمل على سحب الولايات المتحدة من الحروب التي بدأتها الإدارات السابقة”.
يتذكر بزي، وهو من قدامى المحاربين، بصوت هادئ نشأته في جنوب لبنان أثناء الحرب الأهلية في سبعينيات القرن العشرين، والتي شهدت أيضا قصفا جويا من إسرائيل.
وقال: “أتذكر أنني كنت أنام تحت الدرج عندما كانت قريتنا تتعرض للقصف. كنا نشعر بالأرض تهتز”، مضيفا “لقد كنت نتاجا للحرب، ولا أريد أن أرى أطفالا آخرين يمرون بما مررت به”.
على الرغم من التوقعات القاتمة بشأن الوضع الحالي في الشرق الأوسط، لم يتمكن المشاركون في حفل مشاهدة نتائج الانتخابات في ديربورن من منع أنفسهم من الاحتفال بفوز ترامب الذي تأكد بعد منتصف ليل الأربعاء.
وبعد وقت قصير من إعلان قناة “فوكس نيوز” فوز الرئيس السابق بولاية بنسلفانيا، قام أحد الحاضرين بكتم صوت القناة، ثم أخرج مكبر صوت ونقر على زر التشغيل على هاتفه الآيفون.
وصفق مؤيدو ترامب العرب على أنغام أغنية “مبروك” للمغني اللبناني رامي عياش، وقام أحد الحاضرين بتقليد رقصة الرئيس المنتخب التي اشتهر بها على ألحان أغنية YMCA.
وقد انغمس الحاضرون في اللحظة، ولم يلاحظوا على الفور أن شبكات الأخبار الرئيسية بدأت في بث خطاب النصر الذي ألقاه ترامب من فلوريدا.
وقاموا بكتم صوت الموسيقي وأعادوا التركيز على شاشات التلفزيون في جميع أركان صالة الشيشة، بينما كان ترامب يتلذذ بما بدا وكأنه انتصار مستبعد، بالنظر إلى الهامش.
ولكن مع استمرار الخطاب وبدء ترامب في دعوة العديد من المؤيدين من المشاهير إلى المسرح، بدأ الناس في لافا جافا يفقدون التركيز.
لقد كانت الساعة تقترب من الثالثة فجرا، ولم يلاحظ أي من الحاضرين في المكان عندما جدد ترامب تعهده “بوقف الحروب” وقيامه حتى بتسليط الضوء على الدعم الذي تلقاه من الأميركيين العرب والمسلمين.
وعندما وجه تحية للاعب الجولف المحترف برايسون ديشامبو، بدا وكأن ترامب قد خسر تركيز الجمهور ديربورن تماما.
وقال علي وهو يبتسم ويدخن شيشته “أربع سنوات أخرى”.