في لقائه مع نتنياهو، بايدن يدعو إلى دعم القيم الديمقراطية، ويعزز آمال الصفقة السعودية
رئيس الوزراء تعهد بحماية الديمقراطية بينما أشاد القادة باحتمال التطبيع السعودي؛ مسؤول إسرائيلي: نتنياهو قال لبايدن إن "الفلسطينيين يجب أن يكونوا جزءا من العملية، ولكن لا ينبغي أن يكون لديهم حق النقض"
نيويورك – سلط الرئيس الأمريكي جو بايدن الضوء على الحاجة إلى الحفاظ على “القيم الديمقراطية التي تكمن في قلب شراكتنا، بما في ذلك الضوابط والتوازنات في أنظمتنا”، خلال الاجتماع الذي طال انتظاره مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يوم الأربعاء.
وأثناء اللقاء مع نتنياهو الذي استمر ساعة في نيويورك، حيث كان الزعيمان يحضران الاجتماع السنوي الرفيع المستوى للأمم المتحدة، تحدث بايدن أيضًا بتفاؤل حول احتمالات التوصل إلى اتفاق لتطبيع العلاقات بين الدولة اليهودية والمملكة العربية السعودية.
وبينما التقى الاثنان داخل فندق “إنتركونتيننتال باركلي” في وسط مانهاتن، احتشد مئات الأشخاص، كثير منهم إسرائيليون، على الأرصفة بالخارج للتظاهر ضد نتنياهو، الذي تسعى حكومته إلى إجراء تغييرات في السلطة القضائية في البلاد من شأنها أن تلغي قدرتها على ضبط السلطتين التنفيذية والتشريعية.
وقد عبر بايدن وكبار مساعديه عن مخاوفهم بشأن محاولات حكومة نتنياهو لإصلاح القضاء الإسرائيلي، والمعركة الداخلية التي أثارتها هذه المساعي.
وأكد الزعيم الإسرائيلي، الذي بدا مؤخرًا وكأنه يتراجع عن إقرار الإصلاحات القضائية دون موافقة المعارضة، لبايدن أمام الكاميرات أن “التزام إسرائيل بالديمقراطية” لن يتغير أبدًا.
ووعد بايدن في تصريحات علنية قبل الاجتماع قائلاً: “سنواصل التمسك بالقيم التي تعتز بها ديمقراطياتنا الفخورة”.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير في وقت لاحق للصحفيين إن نتنياهو أكد لبايدن خلال الجزء المغلق من اجتماعهما أنه يريد تحقيق الإجماع، سواء في الكنيست أو بين الجمهور.
وبحسب بيان للبيت الأبيض، كرر بايدن لنتنياهو “قلقه بشأن أي تغييرات جوهرية في النظام الديمقراطي الإسرائيلي، في غياب أوسع إجماع ممكن”.
وقد قدم نتنياهو ضمانات مماثلة للولايات المتحدة في وقت سابق من هذا العام، لكنه مع ذلك سمح لائتلافه اليميني المتشدد بإقرار الجزء الأول من حزمة الإصلاح دون أي دعم من المعارضة.
وفي التصريحات العلنية في بداية اجتماعهما الثنائي الذي طال انتظاره، أشار بايدن أيضًا إلى “القضايا الصعبة” الأخرى التي سيناقشها الاثنان، بما في ذلك حماية الطريق إلى حل الدولتين، و”ضمان عدم حصول إيران أبدًا على أسلحة نووية”.
وقال الرئيس الأمريكي: “حتى عندما تكون لدينا بعض الاختلافات، فإن التزامي تجاه إسرائيل، كما تعلمون، ثابت”.
وبينما رحب الفريقان ببعضهما البعض في بداية اللقاء، أشار بايدن إلى أنه سيستضيف نتنياهو في البيت الأبيض في وقت لاحق من هذا العام.
وقال بايدن: “مرحباً يا صديقي، أهلاً بك، وآمل أن نرى بعضنا البعض في واشنطن بحلول نهاية العام”.
وأكد البيت الأبيض في وقت لاحق أن نتنياهو تلقى دعوة لزيارة واشنطن قبل شهر يناير، على الرغم من عدم تحديد موعد.
وكان رئيس الوزراء يسعى للحصول على دعوة من البيت الأبيض منذ عودته إلى منصبه في ديسمبر، لكن بايدن أحجم عن القيام بذلك وسط الاستياء الأمريكي من الإصلاح القضائي ونفوذ اليمين المتطرف في الحكومة الإسرائيلية الحالية.
العلاقات مع السعودية على رأس جدول الأعمال
قلل مسؤول إسرائيلي كبير من تأثير قضية الإصلاح على المحادثات، قائلا إن التطبيع الإسرائيلي مع السعودية كان محور الاجتماع. ولم يذكر بيان البيت الأبيض عن الاجتماع التطبيع بين إسرائيل والسعودية، لكنه تحدث عن الاندماج الإقليمي.
لكن أمام الكاميرات، بدا بايدن متفائلا بشأن احتمالات أن تصبح إسرائيل والمملكة العربية السعودية حليفتين. وقال الرئيس: “إنني أعاني من التفاؤل الأيرلندي. إذا كنا نتحدث أنا وأنت قبل 10 سنوات عن التطبيع مع السعودية، فأعتقد أننا كنا سننظر إلى بعضنا البعض، ونتساءل: من كان يشرب ماذا؟”
وفي حديثه بعد بايدن، قال نتنياهو: “أعتقد أنه تحت قيادتك، فخامة الرئيس، سنقدر على إحلال سلام تاريخي بين إسرائيل والسعودية”.
ومثل هذا السلام “سيساهم كثيرًا في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي وتحقيق الصلح بين العالم الإسلامي والدولة اليهودية وسيروج للسلام الحقيقي بين إسرائيل والفلسطينيين”.
ونادرا ما يتحدث نتنياهو عن عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن إدارة بايدن أوضحت للمسؤولين الإسرائيليين أنه من المرجح أن تكون الخطوات لصالح الفلسطينيين ضرورية من أجل المضي قدما في أي اتفاق مع المملكة العربية السعودية.
وبعد الاجتماع، قال مسؤول كبير في إدارة بايدن إن نتنياهو يدرك أنه “سيتعين عليه القيام ببعض الأشياء الصعبة للغاية” بما في ذلك “بعض العناصر المتعلقة بالقضية الأساسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين” من أجل تحقيق اتفاق التطبيع.
وقد سعى نتنياهو في الماضي إلى التقليل من أهمية العنصر الفلسطيني في الاتفاق، حيث يعارض منذ فترة طويلة تقديم تنازلات للفلسطينيين، وهو الآن خاضع لقيود ائتلاف متشدد يعارض بأغلبية ساحقة حل الدولتين.
وقال مسؤول إسرائيلي كبير بعد الاجتماع إن نتنياهو لن يفكر في استبدال شركائه في الإئتلاف من أجل التوصل إلى اتفاق مع السعودية، لكنه منفتح على ضم أي أعضاء جدد يقبلون مبادئ الإئتلاف (وهو أمر مستبعد).
وفي خطوة أبرزت الضغوط الداخلية التي يواجهها نتنياهو، نشر 12 عضو كنيست من حزب الليكود قبل ساعات من الاجتماع رسالة مفتوحة تحذره من تقديم تنازلات للسعودية في محادثات التطبيع التي تتم بوساطة أمريكية.
وجاء في الرسالة، “لن نوافق على السلام إلا مقابل السلام”، وسط تقارير تفيد بأن الرياض تطالب بتنازلات كبيرة للفلسطينيين. وتابعت الرسالة: “لا يمكن أن يكون هناك أي تنازلات بشأن الوطن”.
ومع ذلك، قال المسؤول الإسرائيلي الكبير إن هناك “فرصة جيدة للنجاح” في إيجاد طريق لاتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي، وقدّر الاحتمال بنسبة 50.1%.
وقال المسؤول “لقد اتفقوا على المضي قدمًا مع فرق العمل. كان التركيز على كيفية دفع الصفقة إلى الأمام، وليس ما إذا كان سيتم ذلك أم لا. لقد خاضوا بالكثير من التفاصيل”.
وأضاف أن هناك “تنسيقا كاملا” بين إسرائيل والولايات المتحدة بشأن مسألة البرنامج النووي المدني السعودي. وبحسب ما ورد، طلبت الرياض من الولايات المتحدة الموافقة على تطوير برنامج نووي مدني مقابل تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل.
ولطالما عارضت إسرائيل مثل هذه الخطوة إذا كانت تشمل تخصيب اليورانيوم على الأراضي السعودية.
وقال المسؤول أن نتنياهو قال لبايدن إن “الفلسطينيين يجب أن يكونوا جزءا من العملية، ولكن لا ينبغي أن يكون لديهم حق النقض على العملية”.
التوترات الفلسطينية وإيران وغيرها
وفقا للبيت الأبيض، أعرب بايدن عن قلقه بشأن تأثير العنف في الضفة الغربية على فرص السلام الإسرائيلي الفلسطيني.
“فيما يتعلق بالتوتر والعنف المستمر في الضفة الغربية، أكد [بايدن] على ضرورة اتخاذ تدابير فورية لتحسين الوضع الأمني والاقتصادي، والحفاظ على واقعية حل الدولتين، وتعزيز السلام العادل والدائم بين الإسرائيليين والفلسطينيين”، كما ورد في البيان الأمريكي.
وقال البيت الأبيض أيضا إن بايدن حث إسرائيل والفلسطينيين على الالتزام بتعهداتهم في قمتين إقليميتين عقدتا في وقت سابق من هذا العام في مصر والأردن، حيث اتفق الطرفان على عدم القيام بأي إجراءات أحادية تؤدي إلى تفاقم التوترات.
وقال البيت الأبيض إن بايدن ونتنياهو اتفقا على العمل نحو عقد قمة ثالثة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية والولايات المتحدة ومصر والأردن في المستقبل القريب.
وجاء في البيان الأمريكي أن الزعيمين يرحبان أيضا ”باحتمال القيام في الوقت القريب بعقد الاجتماع الوزاري” لمنتدى النقب – الذي يضم إسرائيل والولايات المتحدة وحلفاء اسرائيل العرب – والذي قال مسؤولون إسرائيليون إنه سيعقد في المغرب الشهر المقبل. لكن قد يتسبب الزلزال الذي ضرب البلاد مؤخرًا في تأخير التجمع مرة أخرى.
وأشاد نتنياهو بجهود بايدن لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، على الرغم من أن حكومته على خلاف مع البيت الأبيض حول كيفية التعامل مع هذه القضية.
وحث رئيس الوزراء الولايات المتحدة على تبني موقف أكثر عدوانية، قائلا أنه يمكن “تحقيق هدفنا المشترك هذا من خلال التهديد العسكري عالي المصداقية، وعقوبات معوقة ودعم الرجال والنساء الإيرانيين الشجعان الذين اشمأزوا من هذا النظام والذين يُعتبرون شركاء حقيقيين لمستقبل أفضل”.
وبدأ الاجتماع بتأخير أكثر من 30 دقيقة، وارتدى بايدن ربطة عنق حمراء تضامنا مع عمال صناعة السيارات المضربين.
وبدأ الاثنان اجتماعهما بجلسة فردية، ثم أحضرا مساعديهما. واستمر اللقاء حوالي الساعة.
وكان من بين الحاضرين على الجانب الأمريكي وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومساعد الرئيس لشؤون الأمن القومي جيك سوليفان، وكبير مستشاري بايدن للطاقة والاستثمار عاموس هوكستين، الذي تفاوض على اتفاق الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان والذي يشارك أيضًا في المحادثات مع الرياض.
وحضر على الجانب الإسرائيلي وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر والسفير لدى الولايات المتحدة مايكل هرتسوغ. ولعب ديرمر دورًا أساسياً في التفاوض على اتفاقيات إبراهيم خلال فترة عمله سفيراً في واشنطن.
وسيتواجد نتنياهو، الذي يحاكم بتهم فساد في إسرائيل، في نيويورك لعدة أيام أخرى، ومن المقرر أن يلقي خطابه في الأمم المتحدة يوم الجمعة. وأثناء وجوده هناك، يتوقع أن يلاحقه المتظاهرون الذين احتشدوا ضده يوميًا خلال رحلته التي تستغرق أسبوعًا تقريبًا، بما في ذلك خلال اجتماعه مع الرئيس التنفيذي لشركة “تيسلا” إيلون ماسك في سان فرانسيسكو في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وجاء العديد من المتظاهرين خارج الفندق من إسرائيل، رغم مشاركة المغتربون المحليون واليهود الأمريكيون غير الإسرائيليين أيضًا في المظاهرة.
وخلال الاجتماع، هتفت الحشود في الخارج: “لسنا خائفين”، و”عار”، و”لن نستسلم أبدًا”.
وعندما أعلن أحد المنظمين للجمهور أن بايدن أكد على أهمية الديمقراطية لنتنياهو، انطلق التصفيق من الجمهور.