في رفض لخطط بايدن، الحكومة الإسرائيلية ترفض الاعتراف أحادي الجانب بدولة فلسطينية باعتباره “مكافأة للإرهاب”
البيان، الذي تم الموافقة عليه حتى من قبل الوزراء الوسطيين، يرفض "الإملاءات الدولية" التي تدعو إلى حل الدولتين؛ الوزير ساعر يشبّه، بحسب تقرير، الاقتراح الأمريكي-العربي باسترضاء النازيين في عام 1938
وافقت الحكومة الإسرائيلية بالإجماع يوم الأحد على إعلان يرفض “الإملاءات الدولية” التي تسعى إلى الدفع بإقامة دولة فلسطينية، في أعقاب تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة والعديد من الشركاء العرب يعدون خطة مفصلة لاتفاق سلام شامل بين إسرائيل والفلسطينيين يتضمن “جدولا زمنيا ثابتا” للدولة الفلسطينية.
وجاء في قرار مجلس الوزراء أن “إسرائيل ترفض رفضا قاطعا الإملاءات الدولية بشأن التسوية الدائمة مع الفلسطينيين”، وأضاف أن “التسوية، إذا ما تم التوصل إليها، لن تتم إلا من خلال المفاوضات المباشرة بين الطرفين، دون شروط مسبقة”.
وأضاف الاقتراح أن “إسرائيل ستواصل معارضة الاعتراف الأحادي بالدولة الفلسطينية”، وأن “مثل هذا الاعتراف في أعقاب مذبحة السابع من أكتوبر سيكون بمثابة مكافأة كبيرة وغير مسبوقة للإرهاب ومن شأنه أن يحبط أي تسوية سلمية مستقبلية”.
ردا على ذلك، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن “أفضل طريقة لتحقيق نهاية دائمة للأزمة في غزة توفر السلام والأمن الدائمين، للإسرائيليين وللفلسطينيين على حد سواء، هي التزام قوي بإقامة دولة فلسطينية.
“وعلى هذا النحو، تواصل الولايات المتحدة دعم حل الدولتين ومعارضة السياسات التي تعرّض للخطر قابلية تطبيقه أو تتعارض مع مصالحنا وقيمنا المشتركة”.
متحدثا مساء الأحد في مؤتمر عُقد في القدس لقادة يهود أمريكيين، سعى السفير الأمريكي جاك لو إلى التقليل من شأن الحديث عن احتمال قيام الولايات المتحدة بالاعتراف بدولة فلسطينية بشكل أحادي.
وقال لو: “لم نقل قط أنه يجب أن يكون هناك اعتراف أحادي الجانب بالدولة الفلسطينية”. ودعا بدلا من ذلك إلى “عملية عبر الأفق تتضمن رؤية لدولة فلسطينية منزوعة السلاح”.
وأضاف: “الآن هي اللحظة التي يوجد فيها احتمال حقيقي من خلال الانخراط في التطبيع والمفاوضات مع المملكة السعودية” إلى جانب الإصلاحات في السلطة الفلسطينية، “يمكن أن تكون هناك دولة فلسطينية منزوعة السلاح. لكن على إسرائيل أن تتخذ هذا الاختيار”.
بيان مجلس الوزراء كرر تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مؤتمر صحفي مساء السبت ردا على تقرير لصحيفة “واشنطن بوست” في هذا الشأن.
وانتقد أعضاء حزب نتنياهو والوزراء على الجانب الأيمن من ائتلافه التقرير علنا، حيث دعا أحد وزراء “الليكود” إسرائيل إلى التهديد ردا على ذلك بإلغاء اتفاقية أوسلو التي أدت إلى إنشاء السلطة الفلسطينية. لكن بيان يوم الأحد حظي أيضا بدعم أعضاء وسطيين في حكومة الطوارئ، من ضمنهم الوزيرين بيني غانتس وغادي آيزنكوت.
وذكرت “واشنطن بوست” أن توقيت الإعلان عن الخطة يعتمد إلى حد كبير على قدرة إسرائيل وحماس على التوصل إلى اتفاق يوقف القتال في غزة. اندلعت الحرب المستمرة بسبب هجمات الحركة في 7 أكتوبر، والتي شهدت اقتحام الآلاف من المسلحين الحدود وقيامهم بقتل حوالي 1200 شخص واختطاف أكثر من 250 آخرين.
وتتضمن الخطة المقترحة خطوات رفضتها إسرائيل في السابق، بما في ذلك إخلاء العديد من مستوطنات الضفة الغربية وإقامة عاصمة فلسطينية في القدس الشرقية. وتضم أيضا تشكيل جهاز أمني وحكومة مشتركة للضفة الغربية وقطاع غزة.
وفي حديثه بعد تصويت مجلس الوزراء بالإجماع، قال غانتس إنه بينما تدرك إسرائيل أن النصر في الحرب سيأتي من خلال التعاون مع الجهات الفاعلة الأمريكية والدولية الأخرى، فإنها ترفض أيضا “الإجراءات أحادية الجانب”.
وقال غانتس أمام حشد من القادة اليهود الأميركيين في القدس: “عندما نقول ’معا سننتصر’ – فإننا نعني أيضا جنبا إلى جنب مع شركائنا الأمريكيين – الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء”، مضيفا “إن هذا النصر يسير جنبا إلى جنب مع إرادتنا لتوسيع دائرة السلام وتشكيل محور إقليمي موحد يواجه إيران. ولهذا السبب، فإن عملية التطبيع مع المملكة العربية السعودية هي مسعى مهم يجب علينا متابعته، وأنا شخصيا أعمل على تحقيقه”.
وقال إنه بعد هجوم 7 أكتوبر، “لا يمر الطريق إلى الاستقرار والسلام الإقليميين عبر إجراءات أحادية الجانب مثل الاعتراف بالدولة الفلسطينية. يتم ذلك من خلال تسهيل العمليات طويلة المدى التي من شأنها ترسيخ بنية إقليمية تواجه محور الإرهاب الإيراني، ومن خلال تعزيز الترتيبات الدولية التي من شأنها تحسين حياة الناس في جميع أنحاء المنطقة وتعزيز الاستقرار والسلام”.
ونقل موقع “واينت” الإخباري عن الوزير غدعون ساعر، وهو عضو في حزب “الوحدة الوطنية” الذي يتزعمه غانتس، قوله إن الاقتراح الأمريكي المزعوم لوضع “جدول زمني صارم” لإقامة دولة فلسطينية “سيكون بمثابة التضحية بتشيكوسلوفاكيا في عام 1938″، في إشارة إلى معاهدة ميونيخ المبرم في عام 1938 واستراتيجية أوروبا الفاشلة في استرضاء النازيين في محاولة لتجنب صراع.
وقال ساعر، وهو معارض منذ فترة طويلة للدولة الفلسطينية وهو أبعد إلى اليمين من غانتس: “إن الادعاءات بأن الدولة الفلسطينية ستجلب لنا الأمن هي أكبر سخافة على الإطلاق”.
وذكرت هيئة البث الإسرائيلية “كان” أن البيان الصادر بالاجماع تم إضافته في اللحظة الأخيرة لجدول أعمال جلسة مجلس الوزراء.
وقال وزير الطاقة إيلي كوهين من “الليكود”، الذي شغل حتى الشهر الماضي منصب وزير الخارجية، لإذاعة الجيش إن التطبيع مع السعودية أو أي بلد آخر لا يستحق المخاطرة الأمنية من خلال السماح للفلسطينيين بإقامة دولة خاصة بهم.
وقال: “إذا كان ثمن توسيع اتفاقيات السلام هو دولة فلسطينية، فسوف أتنازل عن اتفاقيات السلام”.
وقد أقر مسؤولون سعوديون علنا باستعدادهم لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، حتى بعد 7 أكتوبر، لكنهم أكدوا – كما فعلت الولايات المتحدة – على أنه لن يتم التوصل إلى اتفاق حتى يكون هناك وقف لإطلاق النار في غزة وأن ذلك يجب أن يشمل إنشاء مسار لا رجعة فيه نحو دولة فلسطينية.
وكان نتنياهو قد تحدث في الماضي ضد إقامة دولة فلسطينية، ورفض آخرون التصريحات الصادرة عن واشنطن وفي أماكن أخرى التي أشارت إلى أن المحادثات بشأن إنهاء القتال في غزة، الذي أشعل فتيله هجوم 7 أكتوبر، يمكن استخدامه لإحياء الجهود المحتضرة منذ فترة طويلة للتوصل إلى حل يستند على مبدأ الدولتين.
وبينما تعتقد بعض الجهات الدولية الفاعلة أن العنف يؤكد فقط الحاجة إلى اتفاق سلام، يقول القادة الإسرائيليون إن الهجوم سلط الضوء على الخطر الشديد المتمثل في قيام كيان فلسطيني مستقل بالقرب من المراكز السكانية الإسرائيليو. ووسط الدعم المتزايد لحماس بين الفلسطينيين في أعقاب الفظائع، لا يبدو أن الحديث عن جهود السلام يثير حماسة الجمهور الإسرائيلي.
ساهم في هذا التقرير سام سوكول ولازار بيرمان