في خطوة جديدة في نزاع ضريبي مع الفاتيكان، إسرائيل تجمد حسابات فندق “نوتردام” في القدس
رهنت البلدية مبلغ 18 مليون شيكل من حسابات الكنيسة ومركز الحجاج المملوكين للفاتيكان، مع مرور ثلاثة عقود دون اتفاق اقتصادي مع الكرسي الرسولي
في الحلقة الأخيرة من نزاع طويل الأمد بين إسرائيل والكرسي الرسولي، طالبت بلدية القدس يوم الإثنين بأن يدفع فندق “نوتردام” في القدس المملوك للفاتيكان ضرائب أملاك متأخرة للبلدية بقيمة 18 مليون شيكل (5 ملايين دولار)، ووضعت رهنا على الحسابات المصرفية للمؤسسة حتى تقوم بتسوية المسألة.
المؤسسات الدينية في إسرائيل، بما في ذلك الكنائس والأديرة، معفاة من دفع ضريبة الأملاك. لكن سعت إسرائيل في السنوات الأخيرة إلى التوصل إلى اتفاق مع الفاتيكان من شأنه أن يفرض الضرائب على المؤسسات التجارية المملوكة للكنيسة – مثل الفنادق والمقاهي.
وقبل فترة وجيزة من عيد الميلاد، طلب محامو البلدية من شركتي “يسراكارد” و”فيزا” حجب أموال “نوتردام”، وفقا لما قاله المدير العام للموقع، يوسف بركات.
وقال بركات للتايمز أوف إسرائيل مساء الإثنين:، “ليس لدينا أي أموال في متناول اليد. هذه قضية سياسية يجب حلها بين إسرائيل والفاتيكان”.
ويهمل “نوتردام”، الذي يضم كنيسة ودار ضيافة، لحل المشكلة عبر الفاتيكان.
وبعد وقت قصير من توقيع الفاتيكان وإسرائيل على الاتفاقية الأساسية التي أقامت العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين في عام 1993، انخرط الجانبان في محادثات لحل قضايا الضرائب وحقوق الملكية العالقة.
ولم يتم الانتهاء من تلك المحادثات المتقطعة خلال العقود التالية.
موقف الكنيسة هو أنه بما أن الطرفين لم يتوصلا إلى اتفاق نهائي، فإن الترتيب الحالي الذي لا يتم فيه فرض ضرائب على الممتلكات يجب أن يظل ساريًا.
ولم تحارب الحكومة هذا الموقف، لكن في عام 2018، قررت بلدية القدس – مستشهدة بالرأي القانوني لغابرييل هاليفي، الذي وصفته بأنه خبير في القانون الدولي – أن إعفاء الكنائس ينطبق فقط على العقارات المستخدمة “للصلاة، لصالح تعليم الدين، أو لما ينشأ عن ذلك من احتياجات”.
وتدعي الكنيسة أن بيت الضيافة يعمل كمؤسسة دينية، ويجب إعفاؤه من الضرائب. وتشير إلى سوابق خلال الفترات العثمانية والبريطانية والأردنية، وتعتبر نفسها محمية بموجب إعلان الوضع الراهن العثماني في عام 1852. وترى أيضا أن الإعفاء راسخًا في تشريعات الانتداب البريطاني في عامي 1934 و1938.
ورد في دراسة لمركز روسينج أن “قادة الكنيسة يدعون… أنه لكونها هيئات دينية تحافظ على المؤسسات التعليمية والرفاهية والخيرية التي تخدم السكان المحليين، ولأنها تملأ فعليا دور الدولة في المناطق، بحيث – حسب وجهة نظرهم – يجب على الدولة دعمها بدلاً من فرض ضرائب عليها”.
وأكد بركات: “نحن مؤسسة غير ربحية نخدم الحجاج. نشجع السياحة في القدس. هذه هي الطريقة التي يعاملونها بها؟”
ومع ذلك، تنظر البلدية إلى المركز باعتباره كيانا تجاريا ملزما بدفع ضرائب الممتلكات التجارية العادية. إضافة إلى ذلك، مع امتلاك الكنائس لآلاف الدونمات في قلب المدينة – وهي واحدة من أفقر المدن في إسرائيل – تخسر البلدية عائدات ضريبية كبيرة.
وبرزت هذه القضية في أوائل عام 2018، بعد قرار البلدية بفرض ضرائب على بعض ممتلكات الكنيسة، عندما قام رئيس البلدية آنذاك نير بركات بتجميد الحسابات المصرفية للعديد من الكنائس في القدس.
كما اقترح أعضاء كنيست في ذلك الوقت أن تقوم الدولة بمصادرة أراضي الكنائس في وسط القدس.
رداً على ذلك، قام قادة الكنائس الأرثوذكسية اليونانية والأرمينية وحارس الأراضي المقدسة الكاثوليك بإغلاق كنيسة القيامة، ونشروا إعلانا مشتركا بأن السياسات الإسرائيلية “تشبه” القوانين الأوروبية المعادية لليهود في أوقات سابقة.
وعيّن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزير التعاون الإقليمي آنذاك تساحي هنغبي للتوصل إلى حل وسط في ذلك الوقت، وكاد الطرفان أن يتوصلا إلى اتفاق، حيث وافق الفاتيكان على دفع ضرائب على العديد من ممتلاكته التجارية.
لكن لم يتم التوقيع على اتفاق نهائي. وطلب الفاتيكان إعادة فتح المحادثات حول توسيع حقوق الكنيسة في العلية على جبل صهيون، وفي أعقاب سلسلة من الانتخابات الإسرائيلية المتتالية، لم يتمكن المسؤولون الحكوميون التركيز على محادثات إسرائيل مع الفاتيكان.
ومنذ ذلك الحين، ظلت القضية من اختصاص صغار المسؤولين، ولم يتدخل أي من الوزراء الكبار فيها.
ويقع مبنى البلدية على بعد بضع مئات من الأمتار من مركز نوتردام في القدس، موقع بيت الضيافة، الذي يخدم الحجاج المسيحيين الذين يزورون المدينة المقدسة منذ افتتاحه في عام 1888.
وقال مالكو الفنادق الأخرى في العاصمة للمدير العام للبلدية أنهم سيتوجهون إلى المحكمة العليا، مدعين أن فشل البلدية في تحصيل دفعة من نوتردام يخلق منافسة غير عادلة.
وقالت البلدية في بيان نشرته إذاةعة “كان”: “يعمل الفندق مثل أي ملك تجاري آخر في المدينة. تم رهن الحسابات بعد سنوات من تجنب الفندق تسوية المشكلة مع البلدية، على الرغم من الطلبات المتكررة”.
وقال بركات: “هذه قضية قديمة. تحدث عندما يكون هناك رئيس بلدية جديد أو حكومة جديدة”.
وتصاعدت التوترات بين إسرائيل والكنائس في الآونة الأخيرة، في أعقاب سلسلة من الهجمات من قبل متطرفين يهود ضد المواقع المسيحية.
في الأسبوع الماضي، تم اعتقال سائح أمريكي يهودي بعد أن قام بتخريب تمثال في كنيسة الجلد في البلدة القديمة في القدس.
وفي شهر يناير، تعرض مركز مجتمعي مسيحي ماروني في مدينة معلوت-ترشيحا الشمالية للتخريب على أيدي مجهولين بعد أن عاد المصلون إلى المكان بعد فترة عيد الميلاد.
وفي حادثة منفصلة في ذلك الوقت، تم استهداف الجالية الأرمنية في القدس من قبل مخربين، مع كتابة عدة عبارات تمييزية على جدران مباني في الحي الأرمني في البلدة القديمة.
وقبل أسبوع من ذلك، تم القبض على مراهقين يهوديين إسرائيليين للاشتباه في قيامهما بتخريب مقبرة مسيحية في القدس، مما أدى إلى تدمير حوالي 30 قبرًا في موقع جبل صهيون.
ساهم آش أوبل في إعداد هذا التقرير