في تحد لسموتريتش، إخلاء بؤرة استيطانية غير قانونية في الضفة الغربية بناء على أوامر غالانت
هدم الموقع الذي أقيم لإحياء ذكرى الحاخام دروكمان من التيار الديني القومي ينظر إليه على أنه أول اختبار لاتفاق ائتلافي هش يقسم سلطة وزارة الدفاع في الضفة الغربية
تحدى وزير الدفاع يوآف غالانت زعيم حزب “الصهيونية الدينية” بتسلئيل سموتريتش يوم الجمعة من خلال إصدار أوامره بإخلاء بؤرة استيطانية غير قانونية أقيمت خلال الليل في الضفة الغربية، مما زعزع استقرار الحكومة الوليدة.
اكتمل إخلاء الموقع قي وقت لاحق من اليوم، دون وقوع حوادث تُذكر. وقد أظهرت صور من الموقع الأساسات المتبقية لبعض البيوت المتنقلة فقط، إلا أنه في كثير من الأحيان يعود نشطاء من المستوطنين إلى المكان بعد مغادرة قوات الأمن لبدء إعادة بناء ما تم هدمه.
الواقعة هي أول اختبار للاتفاق الاتئلافي الذي نص على تقسيم الصلاحيات في وزارة الدفاع، من خلال تعيين سموتريتش وزيرا في الوزراة يكون مسؤولا عن الشؤون المدنية في الضفة الغربية.
وجاء في بيان صدر عن مكتب سموتريتش مع دخول القوات لإخلاء الموقع، “أصدر الوزير سموتريتش أمرا هذا الصباح، وفقا لصلاحياته، لرئيس الإدارة المدنية لوقف الإخلاء وعدم اتخاذ اي اجراء حتى يتمكن من اجراء مناقشة حول الموضوع في بداية الاسبوع”.
وجاء في البيان أن “وزير الدفاع غالانت أمر بالمضي قدما في عملية الإخلاء رغم الأمر ودون التشاور مع الوزير سموتريتش وبما يتعارض تماما مع الاتفاقيات الائتلافية التي تشكل أساس وجود الحكومة”.
مُنح سموتريتش بالفعل بعض السيطرة على الإدارة المدنية، وهي هيئة وزارة الدفاع التي تصرح بالبناء في الضفة الغربية. ومع ذلك، في حالات مثل حالة يوم الجمعة التي يتم فيها إنشاء بؤرة استيطانية غير قانونية بين عشية وضحاها، فإن المستوى العسكري – وليس المدني – هو الذي يملك صلاحية إصدار الأوامر لتفكيك البؤرة الاستيطانية.
والشخصيات العسكرية ذات الصلة في هذه الحالة هي قائد قيادة المنطقة المركزية للجيش الإسرائيلي ورئيس الأركان، وهما تابعان لغالانت، وليس لسموتريتش. يتغير تسلسل القيادة فقط بعد أن يُسمح للبؤرة الاستيطانية بالبقاء في موقعها لفترة طويلة من الزمن.
تحدث غالانت، وهو جنرال كبير سابق وعضو في حزب “الليكود” الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي و”قدم دعمه الكامل لجيش الدفاع وقوات الأمن”، بحسب بيان صادر عن مكتبه.
החל פינוי המאחז שהקים נכדו של הרב דרוקמן בשומרון | כל הפרטים >>> https://t.co/hICM76KjJ3@carmeldangor pic.twitter.com/GDdzh7KmQJ
— כאן חדשות (@kann_news) January 20, 2023
وقال البيان إن “أي عمل على الأرض يجب أن يتم بشكل قانوني وبتنسيق كامل وأن يخضع لتقييم الوضع الأمني”.
وبدا أن نتنياهو يدعم غالانت.
وأفاد بيان صدر عن مكتبه “الحكومة تدعم المستوطنات لكن فقط عندما يتم ذلك بطريقة قانونية وبالتنسيق مع رئيس الوزراء وجهاز الدفاع وهو ما لم يحدث”، واضاف أن “رئيس الوزراء سيجري مناقشة حول الموضوع في بداية الاسبوع”.
وفقا لتقرير للقناة 12، رفض سموتريتش المشاركة في مكالمة جماعية يوم الجمعة مع نتنياهو وغالانت.
وجاءت المواجهة بعد أن أقامت خمس عائلات بؤرة استيطانية جديدة غير قانونية على قمة تل استراتيجي في شمال الضفة الغربية ليل الخميس لإحياء ذكرى مرور شهر على وفاة أحد زعماء التيار الصهيوني المتدين، الحاخام حاييم دروكمان.
بُنيت البؤرة الاستيطانية، التي أطلق عليها اسم “أور حاييم”، عمدا بالقرب من مستوطنة مغداليم وتطل على طريق السامرة السريع من أجل قطع التواصل الجغرافي الفلسطيني، بحسب ما قال مؤسسون لوسائل إعلام عبرية.
بعد ظهر يوم الجمعة اقتحمت قوة كبيرة المنطقة وأمرت المستوطنين بالمغادرة.
وأعلنت القوات عبر مكبر للصوت، بحسب نشطاء في الموقع، أن “المنطقة أُعلنت منطقة عسكرية مغلقة بأمر من وزير الدفاع ونحن مضطرون لإخلاءكم. غادروا بمحض إرادتكم وإلا سنخرجكم بالقوة”.
يُنظر إلى إنشاء المستوطنة على أنه تحد فوري للائتلاف الحكومي الذي التزم بترسيخ سيطرة إسرائيل على المنطقة ولكنه يواجه أيضا ضغوطا، خاصة من الولايات المتحدة، للتصرف بضبط للنفس.
تشمل الاتفاقات الائتلافية بين الليكود وحلفائه المتدينين ومن اليمين المتطرف تعهدا مبهما بضم الضفة الغربية إلى إسرائيل، ووعدا بإضفاء الشرعية على عشرات المستوطنات غير القانونية، وتوفير ميزانيات كبيرة لبناء الطرق والمواصلات العامة في الضفة الغربية.
كما تمنح سموتريتش منصب وزير داخل وزارة الدفاع يكون مسؤولا عن بعض القضايا المدنية في الضفة الغربية، مما يثير توترا وصداما مع غالانت، الذي يصر على الاحتفاظ بسلطته بالكامل.
ووصلت عضو الكنيست ليمور سون هار-ميلخ من حزب “عوتسما يهوديت” اليميني المتطرف الشريك في الإئتلاف إلى الموقع، ودعت غالانت إلى عدم المضي قدما في إخلاء البؤرة الاستيطانية.
وقالت “ادعو من هنا وزير الدفاع غالانت إلى وقف دائرة الاخلاء والدمار وترك هؤلاء المستوطنين الرياديين في مكانهم”.
كما صورت نفسها وهي توجه الشتائم لعمال الإدارة المدنية المكلفين بهدم المباني وتصرخ “أصلي أن تُمحى اسماؤكم”. في وقت لاحق بررت اللغة التي استخدمتها في تغريدة قالت فيها إنه تم استخدام عمال عرب “بصورة غير حساسة” لتنفيذ المهمة وأنهم كانوا يستمتعون، كما زعمت، بهدم المباني.
חברת הכנסת סון הר מלך על המפנים: יימח שמם pic.twitter.com/yb6zcTQrKP
— ידידיה אפשטיין (@yedidya_epstien) January 20, 2023
في وقت لاحق، دعا زعيم حزبها ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير أيضا غالانت إلى وقف عملية الإخلاء.
وقال: “ليس من الصواب أنه عندما يبني العرب [بشكل غير قانوني] في يهودا والسامرة، فإن الإدارة المدنية لا تلتزم بالقانون، ولكن عندما يتعلق الأمر باليهود يأتون في غضون ساعات لتدمير البؤرة الاستيطانية”، مستخدما الاسم التوراتي للضفة الغربية.
وكتبت وزيرة المهام الوطنية أوريت ستروك، وهي من حزب سموتريتش “الصهيونية الدينية”، في تغريدة، “سيدي رئيس الوزراء، لا بد من احترام الاتفاقات الائتلافية وهذه مسؤوليتك 100%״.
واستغل سياسيون من المعارضة الصدام بين غالانت وسمورتيتش لانتقاد الحكومة.
وكتب زعيم المعارضة يائير لبيد في تغريدة “الحكومة قائمة منذ ثلاثة أسابيع فقط ووزير الدفاع أ ووزير الدفاع ب يصدرون بالفعل أوامر متضاربة للجيش”.
وربط زعيم حزب “الوحدة الوطنية” بيني غانتس، سلف غالانت في المنصب، بين الاقتتال الداخلي في الحكومة وبين دفعها بإجراءات من شأنها إضعاف المحاكم من خلال تحويل السلطات من القضاة إلى السياسيين.
وكتب غانتس على تويتر “عندما يقود رئيس الوزراء نتنياهو سياسة سحق الأسس الديمقراطية والنظام القضائي، فليس من المستغرب أن يدعو الوزير المسؤول عن إنفاذ القانون في دولة إسرائيل وزيرا آخر لخرقها”، في إشارة إلى بن غفير.
وأشاد غانتس أيضا بغالانت “لتطبيقه سياسة حاسمة ومسؤولة ضد انتهاكات القانون وعدم السماح للاستفزازات والضغوط السياسية لإملاء السياسات في يهودا والسامرة”.
على يسار الطيف السياسي، أشادت حركة “سلام الآن” المناهضة للاستيطان بقوات الأمن لتنفيذها عملية الهدم لكنها أشارت إلى أن ما تم هدمه هو “مجرد قطرة في دلو”، بالنظر إلى أن هناك حوالي 150 بؤرة استيطانية غير قانونية منتشرة في أنحاء الضفة الغربية.
وقالت المنظمة أنه إذا كان الائتلاف الجديد يعارض حقا المستوطنات التي أقيمت دون تنسيق مع الحكومة، فسوف يعمل ضد تلك المستوطنات أيضا، وأضافت “اخلاء البؤر الاستيطانية يصب في مصلحة اسرائيل وكل يوم يمضي ويُسمح فيه لحومش وافياتار والبؤر الاستيطانية الاخرى بالبقاء يضر بفرص السلام ويؤدي حتما الى زيادة الاحتكاك والعنف”.
في إشارة محتملة للاعتدال في قضايا المستوطنات، أفادت تقارير أن نتنياهو أمر يوم الخميس بوقف اقتراح لفصل حي تل تسيون رسميا عن مستوطنة كوخاف يعقوب في وسط الضفة الغربية، حيث كان من المقرر أن يوافق مجلس الوزراء على الخطوة يوم الأحد.
تم الدفع بالخطة من قبل حزب “شاس” الحريدي لتقديم خدمات أفضل لسكان المستوطنة الحريديم، لكن نتنياهو منعها، ظاهريا بسبب مخاوف بشأن الصورة التي قد تظهر من إنشاء مستوطنة جديدة بعد أيام من زيارة لمسؤول كبير من إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن التي تعارض التوسع الاستيطاني.
بينما يعتبر المجتمع الدولي جميع المستوطنات غير شرعية، تميز إسرائيل بين المستوطنات الحاصلة على تصريح من وزارة الدفاع وتم بناؤها على أراض مملوكة للدولة، وبين البؤر الاستيطانية غير القانونية التي شُيدت دون التصاريح اللازمة، وغالبا ما تكون على أراض فلسطينية خاصة.
ومع ذلك، تُقام البؤر الاستيطانية أحيانا بموافقة ضمنية من الدولة، وقد سعت الحكومات المتعاقبة إلى إضفاء الشرعية على بعض الأحياء غير المعترف بها نتيجة لذلك.