في الوقت الذي ترفض فيه حماس التنازل عن سلاحها، عباس يصب ماء باردا على جهود المصالحة
في حين أن اللقاء في القطاع يُعتبر خطوة كبيرة إلى الإمام، لكن الخلاف بين الجانبين حول ترسانة أسلحة الحركة الإسلامية لا يزال يشكل نقطة شائكة رئيسية
افي يسسخاروف، محلل شؤون الشرق الأوسطفي تايمز أوف إسرائيل ، كما وتستضيفه عدة برامج إذاعية وتلفزيونية كمعلق على شؤون الشرق الاوسط. حتى عام ٢٠١٢ شغل يساسخارف وظيفة مراسل الشؤون العربية في صحيفة هارتس بالاضافة الى كونه محاضر تاريخ فلسطيني معاصر في جامعة تل ابيب. تخرج بإمتياز من جامعة بن جوريون مع شهادة بكلوريوس في علوم الشرق الاوسط واستمر للحصول على ماجيستير امتياز من جامعة تل ابيب في هذا الموضوع. كما ويتكلم يساسخاروف العربية بطلاقة .

عقدت حكومة السلطة الفلسطينية، برئاسة رئيس الوزراء رامي الحمد الله، جلسة في قطاع غزة صباح الثلاثاء للمرة الأولى منذ ثلاث سنوات.
بعد الصور الاحتفالية والكثير من المصافحات، توصلت الحكومة إلى قرارها الأول: إزالة العقوبات التي فرضتها حكومته على القطاع إلى حين اجتماع ممثلين عن الفصيلين الفلسطينيين “فتح” و”حماس” في القاهرة في الأسبوع المقبل، على أقل تقدير.
بكلمات أخرى: لنرى ما لدى “حماس” لتقدمه وعندها سنتحدث. لا يوجد هناك غذاء مجاني، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يريد التأكد من أن “حماس” تدرك ذلك.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
في حين أن أجهزة الإستخبارات المصرية حاولت ترتيب عرض من الوحدة في غزة، صب عباس الماء البارد على “حماس” ومصر وحتى على المسؤولين الكبار في “فتح” الذين سافروا إلى القطاع.
في لقاء مع شبكة التلفزيون المصرية CBC ليلة الإثنين، بعث عباس برسالة لكل الأطراف المعنية: إن الطريق إلى المصالحة طويلة وتتعلق بنقطة واحدة – سلاح “حماس”.
وبعد أن تعهدت الحركة من غزة بأنها لن تتخلى عن ترسانتها، جاء عباس وقال بوضوح إنه لن يقبل بنسخة فلسطينية لمنظمة “حزب الله” في لبنان أو بتخزين الأسلحة من قبل أي مجموعة غير السلطة الفلسطينية.
وقال عباس “دولة واحدة، حكومة واحدة، سلاح واحد”، وهو الشعار الذي دفع به دائما.
وقال عباس “كما قمت بسجن أعضاء من فتح لحملهم السلاح، الأمر نفسه سيكون مع جميع الفصائل”.

تصريحات عباس هذه لا تدع مجالا للغموض. لقد أعلم رئيس السلطة الفلسطينية “حماس” ومصر والرأي العام الفلسطيني بأنه لن تكون هناك مصالحة أو وحدة حقيقية إذا أصرت “حماس” على عدم التخلي عن سلاحها.
باختصار، لا ترفعوا سقف آمالاكم.
لم يكن محتوى المقابلة التي أدلى بها عباس للإعلامية المقربة من النظام المصري لميس الحديدي هو الذي أوصل الرسالة فقط، وإنما أيضا لغة جسده ونبرته واختياره للكلمات، والتي أظهرت جميعها أنه يرى بأن المصالحة بين حركتي “فتح” و”حماس” غير واقعية.
عندما سُئل عن الأسباب التي أدت إلى نسف اتفاق المصالحة السابق الذي تم التوصل إليه في عام 2014، رد عباس من دون تردد: “قاموا [حماس] بخطف الجنود الثلاثة”، قبل أن يسارع إلى تصحيح نفسه بالقول “الأولاد”، في إشارة إلى اختطاف الفتية الإسرائيليين الثلاثة في الضفة الغربية من قبل عناصر في الحركة، وهو ما ساهم في اندلاع الحرب بين إسرائيل و”حماس” في عام 2014.
في المقابلة، تطرق عباس أيضا إلى نقل السلطة في غزة إلى السلطة الفلسطينية، مشددا على أنه معني بالسيطرة على المعابر الحدودية.
وقال إن “السلطة الفلسطينية ستسيطر على المعابر”، وعندما سُئل عما إذا كانت “حماس” ستوافق على ذلك، رد عباس بإن الإختبار الحقيقي سيكون على الأرض.

فيما يتعلق بالعقوبات الإقتصادية التي فرضتها السلطة الفلسطينية على غزة، حمّل عباس “حماس” المسؤولية في تشكيلها لهيئة إدارية خاصة بها في غزة، وهو ما اعتبره تماديا.
وشدد عباس على أنه فقط بعد استعادة حكومته للسيطرة الإدارية في غزة “تماما كما تفعل في الضفة الغربية”، سيتم رفع العقوبات.

عندما سُئل من قبل محاورته حول ما الذي سيقوله لرئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” إسماعيل هنية عندما يقوم بزيارة غزة، بدا وكأن عباس تماسك نفسه وامتنع عن إعطاء رد قاسي.
بعد سنوات من محاولات المصالحة الفاشلة، بدا عباس أيضا متشككا بشأن فرص وحدة وطنية حقيقية.
لقد وضّح أن إجراء إنتخابات قريبة هو أمر غير مؤكد، وأن حتى إقامة الدولة الفلسطينية لن تحدث قريبا – وهو تصريح مفاجئ من قائد يقول لشعبه في كل فرصة ممكنة إن إقامة دولة خاصة به هي أمر وشيك.
على الرغم من هذا التشكك، تحدث عباس باحترام عن مصر ودورها في التوسط في المصالحة.
مصر ترمي بثقلها وراء جهود المصالحة
فيما يتعلق بمصر، يمكن عذر أي مشاهد للتلفزيون المصري لاعتقاده بأن ما يجري في غزة في اليومين الأخيرين هو شأن مصري داخلي. فالإعلام المصري لا يصور الرئيس عبد الفتاح السيسي على أنه من يقف وراء هذه المصالحة فحسب، ولكن يتم تصويره أيضا على أنه القائد الأعلى في المنطقة الذي تمكن من المصالحة بين طفلين ووضع حد لمشاجراتهما.
لقد رمت المخابرات المصرية بثقلها وراء هذه المسألة. الجنرال سامح كامل، المسؤول عن الشؤون الإسرائيلية-الفلسطينية في المخابرات المصرية، وصل إلى غزة الإثنين، في حين كان من المقرر أن يصل وزير المخابرات المصرية خالد فوزي في زيارة إلى رام الله يوم الثلاثاء قبل أن يتوجه إلى القطاع.
في الأسبوع المقبل، ستستضيف مصر مسؤولين كبار من حركتي “فتح” و”حماس” في القاهرة لإجراء مناقشات أكثر عمقا عن تفاصيل اتفاق المصالحة.

لقد كان الجنرال كامل ممثلا للمخابرات المصرية في تل أبيب لعدة سنوات. وهو يدرك جيدا قيود كل طرف في أي اتفاق مصالحة، وكذلك موقف إسرائيل من الوحدة الفلسطينية.
ينبغي على الفلسطينيين أن يأملوا بأنه ما زال لديه بعض الأوراق ليلعبها، حيث أن المواقف التي طرحها عباس من جهة وتلك التي طرحتها “حماس” من الجهة الأخرى تشير إلى أن جهود المصالح ستنتهي مع قليل من الضجة.