في الطريق إلى الحرم القدسي، “الليكود” يتحول إلى حزب بن غفير
معظم أعضاء الحزب الحاكم امتنعوا دائما عن زيارة الموقع المقدس، لأسباب أمنية ودينية، لكن جيلا جديدا من نواب الليكود يحذو حذو اليمين المتطرف
منذ وقت ليس ببعيد سألت رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عن سبب امتناعه عن دخول الحرم القدسي. رئيس الوزراء لم يدخل المكان المقدس قط – ولا حتى عندما كان زعيما للمعارضة أو بعيدا عن المنصب العام. قادة الليكود الآخرون، مناحيم بيغن ويتسحاق شمير لم يقوما بدخول الحرم القدسي أيضا. فقط أريئل شارون ذهب إلى هناك، كزعيم للمعارضة، في أيلول 2000 ، وهي زيارة أثارت اشتباكات دامية في الموقع وفي القدس وأشعلت فتيل الانتفاضة الثانية.
قال لي نتنياهو إنه لا يحتاج هذا النوع من الصلة بالقداسة، ومن ثم أضاف أنه إذا كان لا يزال بحاجة إلى تواصل روحي، فسيذهب إلى نفق الحائط الغربي. أثار فتح النفق الذي أذن به نتنياهو وزعماء الليكود في سبتمبر 1996 ما تشبه حربا صغيرة مع السلطة الفلسطينية، التي أودت بحياة 19 جنديا وعنصرا من شرطة حرس الحدود ونحو 60 فلسطينيا.
رئيس الوزراء لم يقم بدخول الحرم القدسي يوم الخميس، في “يوم القدس”، بالطبع، وليس لأسباب روحية فقط. في الأسابيع الأخيرة، بالكاد نجح في منع وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، من الشغوفين بجبل الهيكل (التسمية اليهودية للحرم القدسي)، من دخول الموقع لمنع نشوب حرب أخرى مع جيراننا.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
منذ أن أصبح وزيرا، قام بن غفير بجولة في الحرم القدسي مرة واحدة فقط، في زيارة صباحية سريعة في شهر يناير والتي قوبلت بإدانات دولية واسعة النطاق. في “يوم القدس”، صعدت زوجته، أيالا بن غفير، إلى الموقع بدلا منه واغتنمت الفرصة لمهاجمة نتنياهو واتهامه بمحاولة إيذاء زوجها.
لكن قصة الخميس لا تتعلق ببن غفير، بل بحزب الليكود.
قام ثلاثة من نواب الليكود في الكنيست، الحرس الجديد للحزب، بدخول الحرم القدسي: أريئل كالنر وعميت هليفي ودان إيلوز. انضم إليهم وزير شؤون النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف وعضو الكنيست يتسحاق كرويزر، كلاها من حزب “عوتسما يهوديت” الذي يرأسه بن غفير.
من أمام قبة الصخرة، أنشد النواب النشيد الوطني الإسرائيلي “هاتيكفا”
#WATCH: MKs @dillouz, @ArielKallner, @HaleviAmit, and fmr. MK @Shuli_MR sing Israel's National Anthem on the #TempleMount in #Jerusalem.
???? @Beyadenu pic.twitter.com/WRkWPZtMBX— Israel National News – Arutz Sheva (@ArutzSheva_En) May 18, 2023
صعود ممثلين عن الحزب الحاكم إلى الحرم القدسي أثار إدانات شديدة ليس فقط من السلطة الفلسطينية ولكن أيضا من الأردن والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى. هذه المرة، لحسن الحظ، لم يكن هناك تصعيد في غزة والضفة الغربية في أعقاب الخطوة.
الليكود أصبح أكثر راديكالية. في هذه الأيام، لم تعد هناك اختلافات كبيرة في الرأي بين بعض كبار أعضاء الليكود وأعضاء عوتسما يهوديت. في الماضي، سرعان ما تم إقصاء أعضاء كنيست من الليكود مثل موشيه فيغلين ويهودا غليك اللذين قاما بدخول الحرم القدسي. حلت مكانهما الآن قوة صاعدة في الحزب – أعضاء كنيست من التيار الأرثوذكسي الذين لا يمتثلون للحظر الديني على زيارة الموقع أو للقيود المترتبة على التداعيات الأمنية.
على مدى عقود، أصدرت السلطات الدينية اليهودية حظرا صارما ضد دخول الحرم القدسي، “على اعتبار أن الناس قد يدنسون الموقع عن طريق الخطأ من خلال وضع أقدامهم في المنطقة المقدسة حيث وقف قدس الأقداس في الهيكل”.
ليس من المستغرب أن يشعر عضو الكنيست دافيد بيطان، الذي قد يكون المقياس الحقيقي لليكود القديم، بالفزع من الظاهرة.
يوم الخميس قال بيطان: “أرى صعود أعضاء كنيست من الليكود إلى جبل الهيكل أمرا غير مقبول وغير لائق. لقد أصبح الناس متطرفين”.
موشيه غافني، رئيس حزب “يهودت هتوراة” الحريدي وعضو في الإئتلاف، انتقد هو أيضا الظاهرة، وبعث برسالة إلى نتنياهو طالبه فيها بمنع أعضاء الكنيست من زيارة الموقع. ومع ذلك، فإن دوافع غافني دينية إلى حد كبير وليست سياسية.
وكتب غافني: “في الآونة الأخيرة، يقوم أعضاء كنيست ووزراء بالصعود إلى جبل الهيكل، واليوم فقط صعد عدد كبير من المسؤولين المنتخبين من فصائل مختلفة في الكنيست إلى هناك. القرار بين يديك”.
“أتوجه إليك وأطلب منك منع الصعود إلى جبل الهيكل؛ للأسباب السياسية المتعلقة بردود الفعل في العالم، وللأسباب الأمنية المتعلقة بالتحريض الناجم عن ذلك، لا سيما في العالم الإسلامي، وبشكل رئيسي لأنه لا يوجد هناك سبب حقيقي لقيامهم بذلك – فهذه الخطوة لا علاقة لها بممارسة السيادة، بل هي تدنيس لاسم الرب في أقدس موقع للشعب اليهودي”.
غافني محق في كل كلمة، بينما يدرك بيطان العمليات التي تقوم بتغيير الليكود ومخاطرها.
إذا تحول الليكود إلى حزب يهودي متعصب مثل عوتسما يهوديت سيكون ذلك بمثابة كارثة. والأمر لا يتعلق فقط بالنواب الثلاثة الذين قاموا بزيارة الحرم القدسي؛ هناك العديد من أعضاء الليكود الحاليين مثل وزير الاتصالات شلومو قرعي، ووزيرة النهوض بمكانة المرأة ماي غولان، وعضو الكنيست نيسيم فاتوري الذين سيشعرون في حزب بن غفير وكأنهم في منزلهم.
ما الذي يفعله هؤلاء الأشخاص في الليكود؟ ما هي الصلة بينهم وبين ما كان يوما حزب ليبراليا وطنيا موقرا؟
من منظور واسع فإن اليسار يتحول إلى الوسط، الذي بدوره يميل إلى اليمين، واليمين يصبح قوميا متدينا. في احتفالات “يوم القدس” كان المحتفلون، مثل كل عام، أولئك الذين يرتدون قلنسوات محاكة التي تميز أتباع التيار القومي المتدين. في هذا العيد الوطني، كان من الصعب أن تجد شخصا علمانيا واحدا يشارك في الاحتفالات، ولا حتى المظليين الذين حرروا البلدة القديمة.
في “مسيرة الأعلام” ذاتها، قمت بتمرين. عند شارع “كينغ جورج” قابلت مجموعة صغيرة من الشبان، طلاب من مدرسة ثانوية في بيتح تيكفا الذي أتوا للمشاركة في المسيرة. سألتهم عما إذا كانوا يعرفون من هو حاييم موشيه شابيرا.
لم يعرف أحد منهم الإجابة. أخبرتهم أن شابيرا كان زعيم الحزب القومي المتدين ووزير الداخلية قبل حرب “الأيام الستة”. عارض شابيرا والوزيران الآخران في الحزب، وهما يوسف بورغ وزيراح فرهافتيغ، بشدة بدء الحرب في التصويت الأول، وبالتالي تم تأجيلها. بعد الحرب، طلب شابيرا إعادة الأراضي التي تم الاستيلاء عليها في أعقاب الحرب وتحويل القدس إلى مدينة دولية، على عكس ما ترمز إليه الآن تماما.
قال لي أحدهم “هذا لا يمكن أن يكون صحيحا”، وأضاف آخر: “بحق الجحيم، ارحل من هنا، أنت تحبطنا”.