في اجتماعه مع غالانت، بلينكن يدعو إلى “تجنب المزيد من التصعيد” على الحدود اللبنانية
وزير الخارجية الأمريكي يضغط أيضًا على وزير الدفاع بشأن المساعدات لغزة والتخطيط "لليوم التالي"؛ غالانت يحذر مستشار بايدن من أن الانتقال إلى "المرحلة الثالثة" من القتال في القطاع سيؤثر على كافة الجبهات
واشنطن – بدا أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن يحذر إسرائيل من شن هجوم كبير ضد حزب الله خلال اجتماعه يوم الثلاثاء مع وزير الدفاع الزائر يوآف غالانت.
وقالت وزارة الخارجية في بيانها عن الاجتماع إن بلينكن “شدد على أهمية تجنب المزيد من التصعيد للصراع والتوصل إلى حل دبلوماسي يسمح للعائلات الإسرائيلية واللبنانية بالعودة إلى منازلها”.
وكان تحذير كبير الدبلوماسيين الأمريكيين هو الأخير من مسؤول كبير في إدارة بايدن، حيث تسعى الإدارة إلى منع نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وحزب الله، الذي بدأ شن هجمات شبه يومية على الشمال بعد هجوم حماس في 7 أكتوبر.
وحذر رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال تشارلز براون جونيور يوم الأحد من أن أي هجوم عسكري إسرائيلي على لبنان سيخاطر برد إيراني دفاعا عن حزب الله، وأن القوات الأمريكية ستواجه تحديات في تعزيز مظلة الدفاع الجوي الإسرائيلية.
وكرر رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مقابلة أجريت معه يوم الأحد أمله في التوصل إلى حل دبلوماسي لانهاء المناوشات على الحدود الشمالية بينما أكد أن إسرائيل تستعد لمواجهة التهديد عسكريا إذا لزم الأمر.
وقال نتنياهو للقناة 14 إن أي حل دبلوماسي يجب أن يشمل “الإبعاد الجسدي لحزب الله عن الحدود، وسنحتاج إلى فرضه”.
وتستمر المناوشات بين إسرائيل والحركة المدعومة من إيران في التصاعد في الأسابيع الأخيرة، حيث أشارت الولايات المتحدة إلى أن السبيل الوحيد لخفض التوترات هو التوصل إلى وقف إطلاق النار في حرب غزة.
ولكن لم يشهد هذا المجهود اختراقا بعد، حيث تصر إسرائيل على مواصلة الحرب حتى هزيمة حماس، في حين ترفض الحركة في غزة إطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم ما لم توافق إسرائيل على وقف دائم لإطلاق النار.
الاحتكاكات بشأن تسليم الأسلحة، ومفاوضات الرهائن
تزامنت رحلة غالانت مع تراجع آخر في العلاقات بين حكومة نتنياهو وإدارة بايدن.
في الأسبوع الماضي، اتهم نتنياهو الولايات المتحدة بحجب الأسلحة عن إسرائيل – وهو اتهام نفته واشنطن بشدة، وأصرت على أنها حجبت فقط شحنة واحدة من القنابل الثقيلة التي كانت تخشى أن تستخدمها إسرائيل في مدينة رفح المكتظة بالسكان جنوب قطاع غزة.
وقال مسؤول أمريكي لتايمز أوف إسرائيل يوم الأحد إن إدارة بايدن ألغت في الأشهر الأخيرة إجراءات الطوارئ التي كانت مطبقة لتسريع وصول الأسلحة إلى إسرائيل مع بداية الحرب.
وقال المسؤول الأمريكي إن هذه الخطوة تزامنت مع تباطؤ كبير في عمليات الجيش الإسرائيلي في غزة، إلى جانب القلق في واشنطن بشأن هجوم استباقي إسرائيلي محتمل ضد حزب الله في لبنان قد يؤدي إلى حرب إقليمية.
وأصر مسؤول إسرائيلي على أن عودة شحنات الأسلحة الأمريكية إلى وتيرة ما قبل الحرب لم تؤثر على القدرة التشغيلية للجيش الإسرائيلي في غزة أو لبنان.
وبناء على ذلك، قال المسؤول الأمريكي إن قرار نتنياهو بمهاجمة الولايات المتحدة علنا قد أربك إدارة بايدن وأحبطها.
وتكهن المسؤول الأمريكي بأن نتنياهو إما يشعر بأنه قد يستفيد سياسيا في الداخل من خلال إثارة خلاف مع واشنطن أو أنه يشعر بالقلق من أن وزير الدفاع يوآف غالانت سيتمكن من إقناع الولايات المتحدة باستئناف عمليات نقل الأسلحة بوتيرة أسرع خلال اجتماعاته في البيت الأبيض هذا الأسبوع وألا يتم نسب الفضل إلى رئيس الوزراء في حل المشكلة.
كما أثار نتنياهو غضب الإدارة عندما قال يوم الأحد إنه يدعم فقط اتفاق جزئي لوقف إطلاق النار مع حماس لأنه يعتزم استئناف القتال بعد إطلاق سراح المجموعة الأولية من الرهائن الذين احتجزتهم الحركة في 7 أكتوبر.
ويبدو أن هذه التصريحات تتعارض مع شروط اقتراح صفقة الرهائن الذي وافق عليه نتنياهو نفسه الشهر الماضي والذي كانت إدارة بايدن تسعى إلى تحقيقه.
وينص هذا العرض على وقف مبدئي لإطلاق النار لمدة ستة أسابيع مقابل إطلاق سراح ما تبقى من الرهائن من النساء والمسنين والمرضى. لكن سيعقد الجانبان خلال تلك الفترة محادثات حول شروط المرحلة الثانية من الهدنة التي سيتم خلالها إطلاق سراح الرهائن الأحياء المتبقين. وبعد ذلك تبدأ مرحلة ثالثة تبدأ خلالها عملية إعادة إعمار غزة، بينما تقوم حماس بإطلاق سراح جثث جميع الرهائن الآخرين.
وفي نهاية المطاف، يتصور الاقتراح تحويل وقف إطلاق النار المؤقت إلى وقف دائم – بدلا من استئناف القتال بعد ستة أسابيع، كما يرغب نتنياهو حسبما أشار في مقابلة يوم الأحد.
وبعد أن بدأت تصريحاته تتصدر عناوين الأخبار، أصدر مكتبه بيانا قال فيه إن رئيس الوزراء لا يزال ملتزما بالاقتراح الإسرائيلي الأخير الذي يدعمه بايدن، وألقى باللوم على حماس في رفض قبوله.
وبينما تعرض نتنياهو لانتقادات من عائلات الرهائن، الذين اتهموه بالتراجع عن التزامه بالعرض الإسرائيلي الأخير والحكم على الرهائن الذكور بالموت، قال غالانت للصحفيين في واشنطن إن إسرائيل ملتزمة بإعادة جميع الرهائن، “بدون استثناء”.
وأدلى غالانت بهذه التصريحات قبل اجتماعه مع رئيس وكالة المخابرات المركزية وليام بيرنز، الذي كان الوسيط الأمريكي الرئيسي في المحادثات بين إسرائيل وحماس إلى جانب رئيس الوزراء القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني ورئيس المخابرات المصرية عباس كامل.
وفي يوم الثلاثاء، سيجتمع غالانت مع وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن حيث من المرجح أن تكون قضية شحنات الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل على رأس جدول الأعمال. وبينما يفترض أن غالانت سيسعى إلى تسريع عمليات نقل الأسلحة، قال مسؤول أمريكي إن واشنطن ليس لديها خطط لرفع الحظر عن شحنة القنابل الثقيلة التي حجبتها الشهر الماضي.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر يوم الاثنين إنه بخلاف تلك الشحنة الواحدة، تواصل الولايات المتحدة إرسال الأسلحة لإسرائيل.
وقال ميلر: “هناك أسلحة أخرى نواصل تقديمها لإسرائيل، كما فعلنا منذ سنوات عديدة، لأننا ملتزمون بأمن إسرائيل. لم يحدث أي تغيير في ذلك”.
بلينكن يشدد على التخطيط “لليوم التالي”، والمساعدات لغزة
خلال اجتماعه مع غالانت يوم الاثنين، طالب بلينكن أيضًا بأن تتخذ إسرائيل خطوات إضافية لحماية العاملين في المجال الإنساني وضمان توصيل المساعدات إلى جميع أنحاء غزة، والتي توقف تدفقها خلال الشهر الماضي بسبب العمليات الإسرائيلية في رفح.
وأطلع بلينكن غالانت على التخطيط الأمريكي لحكم غزة بعد الحرب و”أكد على أهمية هذا العمل لأمن إسرائيل”، بحسب البيان الأمريكي. وانتقدت واشنطن القدس مرارا وتكرارا بشأن هذه القضية، زاعمة أن الفشل في التخطيط لـ “اليوم التالي” سيؤدي إما إلى احتلال إسرائيل لغزة بشكل دائم أو إلى حالة من الفوضى في القطاع من شأنها أن تسمح لحماس بإعادة تنظيم صفوفها.
وقال ميلر “لا نريد أن نرى في رفح ما رأيناه في مدينة غزة وما رأيناه في خان يونس، وهو نهاية العمليات القتالية الكبرى ومن ثم بداية إعادة بسط حماس لسيطرتها”، في إشارة إلى مدينتين رئيسيتين أخريين في غزة استهدفتهما إسرائيل في وقت سابق من الحرب.
والتقى غالانت أيضا يوم الاثنين مع كبير مستشاري بايدن آموس هوكستين، الوسيط الأمريكي الرئيسي بين إسرائيل وحزب الله.
وقال غالانت لهوكستين إن الانتقال إلى “المرحلة الثالثة” من حرب غزة سيؤثر على جميع الجبهات، بحسب البيان الإسرائيلي.
وتشير المرحلة الثالثة إلى الانتقال إلى صراع منخفض الحدة يعمل خلاله الجيش الإسرائيلي على استئصال الجيوب المتبقية لمقاتلي حماس في غزة، بينما تعمل القيادة السياسية على إيجاد بديل للحركة لحكم القطاع.
ولم يوضح غالانت ما سيكون تأثير تراجع القتال في غزة على عمليات الجيش الإسرائيلي ضد حزب الله، لكن أشارت تعليقاته إلى أن ذلك سيسمح للجيش التركيز بشكل أكثر كثافة على محاربة التنظيم اللبناني.
وقالت وزارة الدفاع إن غالانت وهوكستين ناقشا أيضا “الإجراءات المطلوبة لتحقيق إطار يتيح العودة الآمنة للإسرائيليين إلى منازلهم في الشمال”.
وأضاف مكتبه أن غالانت قال لهوكستين إن “إسرائيل تستعد لكل السيناريوهات عسكريا ودبلوماسيا”.
ووصل وزير الدفاع إلى واشنطن يوم الأحد، واجتمع في ذلك اليوم مع زعماء لوبي إيباك المؤيد لإسرائيل والسناتور الجمهوري ليندسي جراهام من ولاية كارولينا الجنوبية.
وأصبح غالانت العنوان المفضل لإدارة بايدن في الحكومة الإسرائيلية في ظل المشاحنات المتكررة مع نتنياهو، خاصة بعد انسحاب رئيس حزب الوحدة الوطنية بيني غانتس من ائتلاف الطوارئ في وقت سابق من هذا الشهر.
وكانت آخر زيارة لوزير الدفاع إلى واشنطن في مارس، عندما وصل بعد أيام من إصدار نتنياهو أمرا لوفد من كبار مساعديه بإلغاء زيارتهم المتزامنة احتجاجا على قرار الإدارة بعدم استخدام حق النقض ضد قرار في مجلس الأمن تعارضه إسرائيل.
ودعا القرار إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين، لكنه لم يشترط صراحة وقف إطلاق النار على إطلاق سراح الرهائن، مما أثار غضب إسرائيل، التي وصفته بأنه عكس لسياسة الإدارة الأمريكية في هذا الشأن.