إسرائيل في حالة حرب - اليوم 435

بحث
تحليل

في إفريقيا، زئير الملك الأسد بيبي بدأ يعلو على صوت الفلسطينيين

مع عرضه للتقنية العالية والخبرة الأمنية مقابل الحصول على دعم دبلوماسي، تم الترحيب بنتياهو وكأنه زعيم قوة عظمى

رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو يوقع على سجل الضيوف في المجمع الرئاسي في أديس أبابا، إثيوبيا، 7 يوليو، 2016. (Kobi Gideon/GPO)
رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو يوقع على سجل الضيوف في المجمع الرئاسي في أديس أبابا، إثيوبيا، 7 يوليو، 2016. (Kobi Gideon/GPO)

أديس أبابا، إثيوبيا – دمية أسد بالحجم الطبيعي رحبت بزوار القصر الوطني في أديس ابابا، استلقت على سجادة حمراء زينتها نجمة داوود. رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو لم يضيع الفرصة في التقاط صورة له مع الأسد على هامش الإجتماع مع رئيس الوزراء الإثيوبي هايليه مريم ديساليغنه صباح الخميس صباح الخميس.

بعد بضع ساعات من ذلك، رافق رئيس الدولة، مالاتو تيشومي، ضيفة الإسرائيلي إلى حديقة القصر، حيث تفرج الرجلان على أسود حية. نتنياهو هو رجل الدولة الأول الذي يُسمح له بالإقتراب من الحيوانات؛ حتى رئيس الولايات المتحدة باراك أوباما لم يحظى بهذا الشرف خلال زيارته الأخيرة.

بينما التقطت الكاميرات صورا له مع الرئيس تيشومي، بينما سار أسدان في الخلفية، قال نتنياهو بأن المناسبة تعطي معنى جديدا للآية “أخف من النسور، أشد من الأسود” (سفر صموئيل الثاني 2، 1:21).

في إفريقيا، يمكن أن يُغفر لنتنياهو شعوره بأنه الملك الأسد بيبي. خلال زيارته التي استمرت أربعة أيام إلى أوغندا وكينيا ورواندا وإثيوبيا – التي تتطلبت إجراءات أمنية غير مسبوقة، بما في ذلك قوات خاصة مدرعة وناقلات جنود مدرعة تم إحضارها من إسرائيل على متن طائرات “هيركوليس” – حيث تم التعامل معه وكأنه رئيس قوة عالمية عظمى.

رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو يلتقي برئيس وزراء إثيوبيا هايله مريم ديساليغنه، في أديس ابابا، 7 يوليو، 2016. (Kobi Gideon/GPO)
رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو يلتقي برئيس وزراء إثيوبيا هايله مريم ديساليغنه، في أديس ابابا، 7 يوليو، 2016. (Kobi Gideon/GPO)

في عنتيبي، نيروبي وكيغالي، تم استقباله وتوديعه في المطار من قبل قادة هذه الدول. لم يدخروا جهدا لجعله يشعر بأنه موضع ترحيب: سجادات حمراء، قفازات بيضاء، فرق مسيرات عسكرية، أناشيد وطنية، حراس شرف، تحية بالسلاح، وفتيات قدمن الزهور للسيدة الأولى.

تزينت عواصم كيينا ورواندا وإثيوبيا بملصقات ضخمة تحمل صور رئيس الوزراء الإسرائيلي – البعض منها إلى جانب القائد المحلي، بعضها الآخر لوحده فقط.

“إنها زيارة رفيعة المستوى للغاية”، كما قال مقدم القناة الإخبارية الأوغندية خلال البث الحي الذي رصد كل خطوة تقريبا قام بها نتنياهو في البلاد. “ليس في كل يوم يقوم رئيس وزراء إسرائيلي بزيارة أوغندا”.

في اليوم التالي، في اجتماع مع مناصرين إنجيليين لإسرائيل في نيروبي، تم النفح في شوفار للإحتفال بالمناسبة العظيمة – الزيارة الاولى لرئيس وزراء إسرائيلي إلى إفريقيا في العقود الثلاثة الأخيرة، والزيارة الأولى على الإطلاق إلى كينيا.”إنه بطل في نظرنا”، كما قال صهيوني محلي.

رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو خلال لقاء مع رئيس رواندا بول كاغامه، في كيغالي، رواندا، 6 يوليو، 2016. (Kobi Gideon/GPO)
رئيس الوزراء بينيامين نتنياهو خلال لقاء مع رئيس رواندا بول كاغامه، في كيغالي، رواندا، 6 يوليو، 2016. (Kobi Gideon/GPO)

خطاب نتنياهو المخيب نسبيا والذي استمر ل12 دقيقة يوم الخميس أمام نواب البرلمان في أديس أبابا – في أقدم برلمان في إفريقيا – لاقى رد فعل أقل حماسا من خطابه المثير للجدل ضد الإتفاق الإيراني في الكونغرس الأمريكي في العام الماضي. ولكن مغامرته الإفريقية كانت بمثابة رحلة في الحديقة مقارنة بعرين الأسد الذي اعتاد دخوله في واشنطن والعواصم الأوروبية. في إفريقيا، لا أحد يهتم كثيرا بالوحدات السكنية الجديدة في القدس الشرقية أو التشريع المثير للجدل لكبح جماح المنظمات الغير حكومية من اليسار.

تحالفات جديدة

كما أشار نتنياهو في خطاب تلو الآخر، وفي مؤتمر صحفي تلو الآخر، أجزاء كثيرة من القارة ترغب بالتقرب من إسرائيل، في الأساس لأنها معنية بأمرين: التكنولوجيا الإسرائيلية – خاصة في مجالات الزراعة والمياه والأمن السيبراني – والخبرة الأمنية الإسرائيلية. التاريخ بين إسرائيل وإفريقيا عرف الكثير من الإنقلابات، ولكن في عصر تتزايد فيه التهديدات الإرهابية، خلُص الكثيرون من زعماء القارة إلى أنه لم يعد بإمكانهم تجنب الدولة اليهودية. نتنياهو شدد على هذه النقطة خلال المؤتمر الصحفي؛ مستضيفيه رددوا هذه الرسالة طوعا.

20160705_153722-195x293

إذا كان لإفريقيا الكثير لتكسبه من إسرائيل، فإن القدس في المقابل تتوقع من القارة مساعدتها في كسر عزلتها الدولية. ولكن خبرة إسرائيل في الهايتك ومكافحة الإرهاب ليست بالسبب الوحيد الذي أتاح قصة الحب الجديدة مع إفريقيا. للربيع العربي وانهيار الدول القوية الذي تلاه دور أيضا في إعادة الربط بينهما.

قال الرئيس الكيني أوهورو كينياتا الخميس في مؤتمر صحفي مشترك مع نتنياهو “نعتقد أن العالم يتغير”، وأضاف “المشاكل العالمية التي نتشارك بها الآن تختلف عن تلك التي كانت قبل حوالي 30 عاما. ونحن بحاجة إلى أن نتشارك معا. نحن بحاجة للتعامل مع التهديدات الأمنية التي تواجهنا معا”.

مع هبوط طائرته صباح الجمعة في تل أبيب، بإمكان نتنياهو أن ينسب لنفسه مجموعة من الإنجازات الدبلوماسية الملموسة: تنزانيا أعلنت عن عزمها فتح سفارة في إسرائيل لأول مرة في تاريخها؛ زعيم دولة إفريقية مسلمة (لم يُذكر اسمه بعد) لا تربطها علاقات دبلوماسية بإسرائيل تحدث معه هاتفيا ووافق على لقائه في المستقبل القريب؛ مجموعة من بلدان شرق إفريقيا تعهدت بالعمل على منح إسرائيل مكانة مراقب في الإتحاد الإفريقي. لسنوات، قال قادة أفارقة بأنهم يؤيدون محاولة إسرائيل في إستعادة مكانة المراقب، ولكنهم لم يقدموا أي تعهدات علنية في السابق للعمل على حصول ذلك.

ملصق يعلن عن زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى إثيوبيا في شوارع أديس أبابا، 7 يوليو، 2016. (Raphael Ahren/Times of Israel)
ملصق يعلن عن زيارة رئيس الوزراء نتنياهو إلى إثيوبيا في شوارع أديس أبابا، 7 يوليو، 2016. (Raphael Ahren/Times of Israel)

خسرت إسرائيل مكانة المراقب في الإتحاد الإفريقي قي عام 2002 والمحاولات الأخيرة لإستعادة مكانتها فشلت في الأساس بسبب معارضة جنوب إفريقيا. ولكن رئاسة المنظمة، التي تشغلها في الوقت الراهن جنوب إفريقيا، ستتغير خلال أشهر، ويمكن أن يوفر ذلك لإسرائيل فرصة ذهبية لإعادة الإنضمام إلى المجموعة.

لإعادة الحصول على مكانة مراقب في الإتحاد الإفريقي “أهمية كبيرة بالنسبة لنا”، كما قال نتنياهو الثلاثاء في كينيا. “إفريقيا هي قارة تضم 54 بلدا. احتمال تغيير مواقفهم وتوجهاتهم تجاه إسرائيل هو تغيير إستراتيجي في مكانة إسرائيل الدولية”.

إعادة صنع التوازن الدولي

على وجه التحديد، يحاول نتنياه تغيير ميزان القوى في الطريقة التي يتعامل فيها العالم مع القضية الإسرائيلية-الفلسطينية. الفلسطينيون، الذين يشعرون بالإحباط من عشرات السنين من الجمود، حاولوا في السنوات الأخيرة تدويل الصراع. عرقلة هذه الجهود هي هدف رئيسي في مهمته في إفريقيا هذا الأسبوع.

في حين أن حلفاء إسرائيل التقليديين – الولايات المتحدة وأوروبا – يمارسون الضغوط على إسرائيل لصنع السلام مع الفلسطينيين، وتنظيم قمم سلام دولية والتهديد بالعقوبات، يرى نتنياهو بإفريقيا منقذا محتملا. إذا قامت الدول الإفريقية بالتصويت ككتلة، كما يعتقد نتنياهو، فبمقدورهم المساعدة على كسر الأغلبية العربية في المحافل الدولية كالأمم المتحدة.

قال نتنياهو للصحافيين المرافقين له ليلة الإثنين بينما كانت طائرته متوجهة إلى كينيا “قد يستغرق ذلك عقدا من الزمن، ولكننا سنغير الأغلبية التلقائية ضد إسرائيل. هذا شيء لم يكن ممكنا في الماضي”.

وقال في اليوم التالي في لقاء مع الصحافيين في نيروبي “هدفي هو التحدث مباشرة وبجدية مع الفلسطينيين. ولكن هذا مستحيل لأنهم يهربون إلى المحافل الدولية حيث يتمتعون هناك بأغلبية تلقائية”. بدلا من التفاوض مباشرة مع إسرائيل، يختار الفلسطينيون التوجه بشكل أحادي إلى هيئات دولية للدفع بمحاولة إقامة الدولة الخاصة بهم، كما قال رئيس الوزراء.

سياسته في توسيع علاقات إسرائيل الخارجية، كما يقول، “ستؤدي إلى وضع لن يكون فيه للفلسطينيين هذا الملجأ وسيكونوا مضطرين للتحدث معنا على أساس ثنائي، وهو شيء يرفضون القيام به ما دام لديهم الملجأ الدولي”.

الهدف النهائي، كما قال نتنياهو للصحافيين الخميس، هو خلق ثقل موازن لحركة عدم الإنحياز المنتقدة لإسرائيل تقليديا – على شكل حركة جديدة “متحالفة مع إسرائيل”.

يدرك رئيس الوزراء إن رؤياه بأن تصوت معظم البلدان الإفريقية مع إسرائيل لن تحدث غدا. إنها جزء من إستراتيجية طويلة الأمد قد يكون قطف ثمارها ممكنا بعد سنوات من الآن فقط – أو حتى عشرات السنين. ولكن زيارته لهذه القارة تسلط الضوء على أن نتنياهو قرر بذل جهود حثيثة للإستفادة من الطاقات الهائلة التي تحملها إفريقيا لإسرائيل. كما وضع للصحافيين الإسرائيليين الذي سافروا معه عبر إفريقيا، سوف يعود.

اقرأ المزيد عن