”فشل ذريع“: القوات الأولى وصلت إلى كيبوتس نير عوز بعد 40 دقيقة من مغادرة آخر المسلحين
تحقيق للجيش الإسرائيلي يكشف أن أكثر من 500 فلسطيني اقتحموا الكيبوتس الحدودي الذي كان يتواجد فيه 386 من سكانه خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر، حيث حاول فريق الأمن الذي عانى من نقص في عدد الأفراد القتال دون دعم

في صبيحة يوم 7 أكتوبر 2023، احتشد أكثر من 500 مسلح فلسطيني في كيبوتس نير عوز على حدود قطاع غزة. فشل الجيش – الذي غرق في حالة من الفوضى التامة بسبب الهجوم الصادم على عشرات البلدات والمواقع العسكرية في وقت واحد – فشلا تاما في التدخل لإنقاذهم، حيث انتقل المهاجمون من منزل إلى آخر.
أول الجنود الذين وصلوا إلى نير عوز في 7 أكتوبر فعل ذلك بعد حوالي 40 دقيقة من مغادرة آخر مسلح.
يوم الجمعة، قدم الجيش الإسرائيلي تحقيقه في الهجوم على نير عوز – ضمن تحقيقاته المفصلة في نحو 40 معركة وقعت خلال هجوم حماس في 7 أكتوبر، عندما اقتحم نحو 5600 مسلح الحدود وقتلوا نحو 1200 شخص واختطفوا 251 آخرين إلى غزة.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
وسلط التحقيق الضوء على بطولة فريق الأمن المحلي في نير عوز، الذي قاتل أفراده القلائل بمفردهم لمدة ساعتين تقريبًا قبل أن يُقتلوا أو يُصابوا، وعلى شجاعة السكان الذين بذلوا كل ما في وسعهم لحماية أنفسهم وأحبائهم. كما سلّط التحقيق الضوء على إخفاقات الجيش الهائلة التي سمحت لحشود من المسلحين باجتياح الكيبوتس دون أن يروا جنديًا واحدًا.
وقد خلص التحقيق إلى أن الجيش الإسرائيلي ”فشل في مهمته في حماية“ سكان نير عوز، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن الجيش لم يستعد لمثل هذا الحدث – وقوع تجمع إسرائيلي في قبضة مسلحين، وكذلك هجوم واسع النطاق على العديد من البلدات وقواعد الجيش في وقت واحد من قبل آلاف المسلحين.
وخلافا للتجمعات السكانية الحدودية الإسرائيلية الأخرى التي تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر، لم يقاتل الجيش الإسرائيلي أي مسلح في نير عوز، وهو كيبوتس يبلغ عدد سكانه حوالي 420 نسمة، كان 386 منهم هناك أثناء الهجوم.

وإجمالا، قُتل في الكيبوتس خلال الهجوم 47 شخصا، من بينهم 41 من سكان الكيبوتس وستة من الهاربين من حفل موسيقي قريب. كما اختطف المسلحون 76 آخرين – 67 منهم أحياء وتسعة قُتلوا في ذلك اليوم، إما في نير عوز أو في الطريق إلى غزة أو في القطاع نفسه.
ومن بين الرهائن الأحياء الـ 67، قُتل 13 رهينة في قطاع غزة خلال الحرب. وفي الوقت الحالي، لا يزال هناك خمسة رهائن يُفترض أنهم أحياء وجثث تسعة رهائن محتجزين في غزة، بعد أن تم إطلاق سراح 49 رهينة وإعادة جثث 13 رهينة إلى إسرائيل.
ويبلغ العدد الإجمالي لقتلى نير عوز، بما في ذلك الذين قُتلوا في الأسر، 69 قتيلا.
وكان من بين الرهائن والقتلى أجيال متعددة من العائلات، بعضهم قُتلوا أو اختُطفوا من قبل جماعات مسلحة مختلفة.
وقد دخل المسلحون جميع المنازل باستثناء ستة منازل في الكيبوتس الذي يضم حوالي 100 منزل، مما تسبب في أضرار جسيمة. ويعيش الناجون من أفراد الكيبوتس الآن في حي “كرمي غات” في كريات غات، حيث يخضع نير عوز لعملية إعادة إعمار طويلة.
وفي عرضه لنتائج التحقيق أمام أعضاء الكيبوتس يوم الخميس، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق اللفتنانت جنرال هرتسي هليفي إنه ”سمع أقسى تصريح حول 7 أكتوبر من أحد أفرادكم”.
وقال هليفي، في تسجيل صوتي للاجتماع الذي بثته أخبار القناة 12، ”أقولها في كل محادثة أجريها مع القادة، حتى يتذكرها الجميع في جيش الدفاع – أن أول جندي وصل إلى نير عوز بعد مغادرة آخر إرهابي“، مضيفا ”هذا تصريح فظيع ودامغ، ونحن نكرره حتى يكون محفورا في وعي جيش الدفاع“.

يغطي التحقيق في ما حدث في نير عوز، الذي أجراه اللواء عيران نيف – الرئيس السابق لمديرية خدمات الكومبيوتر – جميع جوانب الهجوم على الكيبوتس في 7 أكتوبر.
أمضى نيف وفريقه مئات الساعات في التحقيق في الهجوم على نير عوز. وقال الجيش الإسرائيلي إنهم راجعوا كل مصدر ممكن للمعلومات – لقطات التقطها المسلحون بكاميرات محمولة على أجسادهم، ورسائل السكان على تطبيق “واتساب”، ومقاطع فيديو صورتها كاميرات المراقبة، ومقابلات مع الناجين والرهائن السابقين وأولئك الذين قاتلوا دفاعًا عن الكيبوتس – وقاموا بزيارات إلى مكان الحادث.
كان تحقيق نير عوز يهدف إلى استخلاص استنتاجات عملياتية محددة للجيش. فهو لم يفحص الصورة الأوسع لنظرة الجيش الإسرائيلي إلى غزة وحماس في السنوات الأخيرة، والتي تمت تغطيتها في تحقيقات منفصلة وأكبر في استخبارات الجيش الإسرائيلي ودفاعاته.
كما أن الجيش لا يبحث في السياسات التي وضعتها القيادة السياسية. وبهذه الطريقة، يتجنب الصراع مع قادة الحكومة الذين يصرون على أن مثل هذه التحقيقات يجب أن تنتظر إلى ما بعد انتهاء الحرب ضد حماس.
لماذا وصل الكثير من المسلحين الفلسطينيين إلى نير عوز؟
خلص التحقيق إلى أن عددا كبيرا وغير عادي من المسلحين اجتاحوا نير عوز، مقارنة بالتجمعات السكانية الأخرى التي تعرضت للهجوم في 7 أكتوبر. وذكر التحقيق أن النداءات التي وجهها القائد العسكري لحماس آنذاك محمد الضيف في الساعة الثامنة صباحا إلى الفلسطينيين لغزو البلدات الإسرائيلية أدت إلى انضمام العديد من المسحلين إلى الهجوم.
وقد تفاقم هذا الأمر في منطقة نير عوز بسبب عدم وجود قوات الجيش الإسرائيلي التي كانت تدافع عن المنطقة، مما أعطى المسلحين شعورًا بالحرية، وبسبب لقطات تم تداولها على الإنترنت لدبابة إسرائيلية تم تعطيلها على الحدود واختطاف طاقمها. أصبحت الدبابة نقطة جذب للفلسطينيين خلال الهجوم، حيث وصل المئات من معقل حماس في خزاعة إلى المنطقة، وواصل العديد منهم إلى داخل إسرائيل ووصلوا إلى نير عوز.

ومن بين أكثر من 500 مسلح اجتاحوا نير عوز، لم يتمكن فريق التحقيق من العثور سوى على جثة واحدة في الكيبوتس. من المحتمل أن يكون مسلحو حماس قد أخذوا معهم جثث العديد من رفاقهم الذين قُتلوا على يد مدنيين مسلحين خلال الهجوم.
خارج الكيبوتس، على الطريق المؤدي إلى غزة، تم العثور على جثث 64 مسلحا. وقد قُتل هؤلاء المسلحين على يد مروحيات سلاح الجو الإسرائيلي ودبابة إسرائيلية.
لماذا فشل الجيش الإسرائيلي في منع المسلحين من اقتحام نير عوز؟
ذكر فريق التحقيق أن ”القوات لم تكن مستعدة، ولم تستعد أو تتدرب على السيناريوهات التي حدثت في 7 أكتوبر“، وأنه لم يتم إعطاؤهم أي إنذار في ذلك الصباح. وقال الفريق: ”في بداية القتال بالفعل، أصيب العديد من القادة في المنطقة، وانهارت سلسلة القيادة“.
كما ذكر فريق نيف أن الجيش الإسرائيلي لم يتمكن من تكوين صورة دقيقة لما كان يحدث في المنطقة بأكملها، بما في ذلك في نير عوز. وجاء في التحقيق أن ”القوات قاتلت في جميع أنحاء المنطقة، بما في ذلك على طول السياج ومواقعها، وفشلت في إجراء تقييم“، مضيفًا أن القوات لم تتحدث في أي مرحلة من المراحل مع أي شخص في نير عوز خلال الهجوم لفهم ما كان يحدث هناك.

وتوصل التحقيق إلى أن القوات ”قاتلت بشراسة“ في المنطقة، دون أن تتوقف للحظة واحدة حتى عندما انهارت سلسلة القيادة وأصيب العديد منهم بجروح، ونجحوا في الدفاع عن البلدات الأخرى، لكنهم لم يصلوا إليها جميعا، بما في ذلك نير عوز.
وقد جاء في التحقيق أنه ”لو كان هناك إنذار، حتى لو كان إنذارا قصيرا جدا، فلا شك أنه كان بالإمكان تقليص الضرر“.
ووفقا للتحقيق، كان بإمكان الجيش الإسرائيلي بذل المزيد من الجهد للاتصال بالمسؤولين في نير عوز وفهم ما يحدث هناك.
بالإضافة إلى ذلك، أشار التحقيق إلى أن الجنود فشلوا في الدفاع عن قاعدة عسكرية قريبة من نير عوز، والتي كان بإمكان قواتها الدفاع عن الكيبوتس لو لم يتم اجتياح قاعدتهم. كما أشار التحقيق إلى أنه كان من الخطأ أن تتوجه قوات الدبابات إلى حدود غزة في خضم الهجوم، وبدلاً من ذلك كان يجب أن تبقى بالقرب من التجمعات السكانية للدفاع عنها.
وجاء في التحقيق أن فريق الأمن المحلي الذي كان ينقصه العدد الكافي من الأفراد ”قاتل ببسالة“ لمدة ساعتين تقريبًا إلى أن هُزم، مضيفًا أنه في سياق 7 أكتوبر و”بدون مساعدة قوات عسكرية، لم يكن حتى لدى فريق أمن محلي أكبر حجمًا أي فرصة أمام قوة معادية كبيرة كهذه“.
لماذا لم تصل قوات الجيش الإسرائيلي إلى نير عوز في الوقت المناسب؟
وفقا للتحقيق، فإن هجوم حماس المتزامن والواسع النطاق على عشرات التجمعات السكانية وقواعد الجيش الإسرائيلي في 7 أكتوبر، جعل من الصعب على الجيش الإسرائيلي على جميع المستويات – من اللواء الإقليمي إلى رئيس الأركان – بناء صورة دقيقة لما كان يحدث، خاصة بشأن مدى خطورة الوضع في كل تجمع سكاني.

أما القوات الاحتياطية التي وصلت إلى منطقة حدود غزة من الشمال، بما في ذلك أولئك الذين وصلوا بمبادرة منهم، فقد علق معظمهم في القتال في مدينة سديروت. أما الآخرون الذين تمكنوا من التقدم جنوبًا على الطريق 232 فقد علقوا في القتال في تجمعات سكانية أخرى أو وقعوا في كمين نصبه المسلحون عند مفترقات الطرق الرئيسية. وبالمثل، تعرضت القوات القادمة من الجنوب أيضًا للهجوم والتأخير عند المفترقات، مما أدى إلى وصول القوات الأولى إلى نير عوز بعد الساعة الواحدة ظهرًا فقط.
ولم يتلقَ سوى عدد قليل من القوات تعليمات صريحة بالتوجه إلى نير عوز، ومن وصلوا علقوا في القتال في الطريق.

بحلول الوقت الذي تمكن فيه فريق من القوات الخاصة من المرور عبر مفرق ماعون بالقرب من الكيبوتس، في حوالي الساعة 11:45 صباحا، كان الأوان قد فات. أصيب قائدهم بجروح، وصدرت تعليمات لهم أيضا بالوصول إلى بلدة أخرى.
ووجد التحقيق أن هناك معلومات في الوقت الحقيقي كان من الممكن أن يستخدمها قادة الجيش الإسرائيلي لفهم الوضع الخطير في نير عوز، إلا أنه لم يتم استخدام أي شيء منها. وشمل ذلك كاميرا مراقبة تابعة للجيش الإسرائيلي أظهرت عشرات المسلحين وهم يسيرون من وإلى نير عوز – والتي كانت تُعرض مباشرة في مركز قيادة الجيش الإسرائيلي – ومعلومات من مروحيات سلاح الجو الإسرائيلي التي كانت تحلق فوق المنطقة.

وذكر فريق التحقيق أن هذه المعلومات الحية أشارت إلى وجود مسلحين في نير عوز، وأنه ينفذون مجازر وعمليات اختطاف، لكن ”مثل هذه المعلومات كانت ترد من أماكن أخرى عديدة، ولم يكن من الممكن أن نفهم من هذه المعلومات أن نير عوز كانت في وضع أكثر خطورة من التجمعات السكانية الأخرى“.
وجاء في التحقيق أن ”سكان نير عوز طلبوا المساعدة مرارًا وتكرارًا، لكن بلاغاتهم ونداءاتهم ضاعت، في خضم فوضى آلاف الرسائل والبلاغات“.
وقال الفريق أنه لو كان الجيش الإسرائيلي قد اتخذ إجراءات بناء على المعلومات وأعطى الأولوية لنير عوز، ”فمن المفترض أن القوات كانت ستصل في وقت أبكر وتنجح في تقليل الضرر الذي لحق بالكيبوتس وسكانه“.
الاستنتاجات
خلص فريق التحقيق إلى أن الجيش الإسرائيلي ”فشل في حماية نير عوز“ وكان الفشل ”هائلا بشكل خاص، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن قوات الجيش لم تتمكن من الوصول إلى الكيبوتس إلا بعد أن غادر آخر الإرهابيين. في الواقع فإن الإرهابيين نفذوا فظائعهم في الكيبوتس دون توقف تقريبا“.
وجاء في التحقيق أن فشل الجيش الإسرائيلي في الدفاع عن نير عوز لم يكن فشلا تكتيكيا أو أخلاقيا، بل كان ”فشلًا منهجيًا“.

وقال فريق التحقيق إن ”القوات لم تتقاعس عن التوجه إلى الكيبوتس ولم تتأخر عن الوصول إلى الكيبوتس بدافع الخوف، ولم تختر عدم القتال؛ الفشل في هذه الحادثة هو أن قيادة جيش الدفاع لم تفهم أن الوضع في نير عوز خطير بشكل خاص، وأن مجازر وعمليات خطف كانت تجري هناك على نطاق واسع، ولذلك لم تعط الأولوية لإرسال قوات إلى نير عوز على حساب أماكن أخرى“.
وقال الفريق أنه كانت هناك تجمعات سكانية أخرى كان الوضع فيها خطيرا جدا، وبعضها لم تصل القوات إليها في الوقت المحدد، ”لكن لم تكن هناك بلدة أخرى بمثل هذا المزيج القاتل من الوضع الخطير من جهة وغياب قوة عسكرية في التجمع من جهة أخرى“.
وأضاف: ”هذا ما حدث في نير عوز“.
توصيات
أوصى فريق التحقيق بإنشاء موقع جديد للجيش الإسرائيلي بين نير عوز وقطاع غزة، بالإضافة إلى تعزيز الفريق الأمني المحلي.
كما أوصى بإنشاء آلية جديدة في الجيش الإسرائيلي لتكوين صورة استخبارية في الجيش الإسرائيلي عندما تنهار سلسلة القيادة في خضم القتال، بالإضافة إلى تغييرات تكتيكية أخرى في الجيش.

الجدول الزمني للهجوم
قبل الهجوم، تم نشر الكتيبة 51 من لواء المشاة ”غولاني“ في منطقة نير عوز، بما في ذلك في قاعدة بالقرب من كيسوفيم، وموقع بالقرب من نيريم، ومعسكر آخر بجوار مركز البحث والتطوير الزراعي جنوب نير عوز المعروف باسم “موبداروم”. وبالإضافة إلى ذلك، تمركزت دبابتان من الكتيبة 77 التابعة للواءالسابع المدرع وناقلة جنود مدرعة من طراز ”نمر“ في موقع صغير آخر بالقرب من نير عوز يُعرف باسم “البيت الأبيض”.
وإجمالا، كان هناك 182 جنديا مقاتلا و57 جنديا من قوات الدعم القتالي متمركزين في المنطقة لحماية المنطقة الحدودية الجنوبية لغزة، بما في ذلك نير عوز وعدة تجمعات سكانية مجاورة.

في الساعة 5:33 من صباح يوم 7 أكتوبر، اتخذت القوات مواقعها على طول حدود غزة في تغيير في المناوبة. بدأ هجوم حماس بعد ساعة.
وفي خضم وابل أولي من حوالي 1000 صاروخ – بدأ في الساعة 6:29 صباحًا – استهدف معظمها المواقع العسكرية الإسرائيلية، اخترق مسلحو حماس 114 موقعا على طول الحاجز الحدودي الإسرائيلي.
وكانت ستة من هذه الاختراقات في منطقة نير عوز، حيث تدفق في الساعة 6:36 صباحاً ما بين 100 و130 عنصرًا من وحدة “النخبة” التابعة لحماس إلى داخل إسرائيل – على متن شاحنات صغيرة ودراجات نارية وسيرًا على الأقدام – وتوجهوا إلى الكيبوتس. كما وصل في وقت لاحق ما بين 200 إلى 400 مسلح آخر، من بينهم عناصر من حركات حماس والجهاد الإسلامي وكتائب المجاهدين وفلسطينيين غير منتمين.

وفي الوقت الذي كانت فيه الصواريخ تتطاير وتم رصد مسلحي حماس وهم يقتربون من الحدود، تقدمت الدبابتان وناقلة الجند المتمركزة في موقع “البيت الأبيض” باتجاه حدود غزة، على افتراض أن بإمكانها وقف الاجتياح.
تمركزت إحدى الدبابتين جنوب نير عوز، والثانية شمال الكيبوتس. وتمركزت ناقلة الجند المدرعة بين الدبابتين.

وسرعان ما هوجمت الدبابة في الجنوب من قبل مسلحي حماس بنيران قذائف ”آر بي جي“ والعبوات الناسفة، ومن ثم تم اختطاف الطاقم المكون من أربعة أفراد – قائد الدبابة النقيب عومر مكسيم نوترا، والسائق الرقيب شاكيد دهان، والمدفعي الرقيب نمرود كوهين، والمحمل الرقيب عوز دانييل – إلى غزة.
وأظهرت لقطات تضمنت مشاهد صعبة من الهجوم فلسطينيين بملابس مدنية يقفون على الدبابة وحولها بينما كانت تلفها ألسنة الدخان والنيران، والجنود وهم يُجرون من قبل مسلحي حماس.
تم تأكيد وفاة نوترا في ديسمبر 2024، وتم الإعلان عن وفاة دانييل في فبراير 2024، وتم تأكيد وفاة دهان في نوفمبر 2023. قُتل الثلاثة في 7 أكتوبر 2023، وفقًا للجيش الإسرائيلي. ويُعتقد أن كوهين لا يزال على قيد الحياة في الأسر.
في الساعة 6:38 صباحًا، دمر مسلحو حماس، باستخدام بنادق قنص، كاميرات مراقبة عسكرية إسرائيلية على الحدود قرب نير عوز. ولم يبق سوى كاميرا واحدة تعمل، موضوعة بعيدًا عن الحدود، بجوار الكيبوتس.
قام العقيد أساف حمامي، قائد اللواء الجنوبي في فرقة غزة، في الساعة 6:42 صباحًا، بتنبيه فرق الأمن المحلية المدنية في التجمعات السكانية في منطقته، وأعلن عبر جهاز اللاسلكي ”نحن في حالة حرب“. وبعد دقائق، تبادل حمامي وفريقه إطلاق النار مع المسلحين في كيبوتس نيريم المجاور، حيث قُتل حمامي واختطفت جثته إلى غزة.

في الساعة 6:49 صباحًا، دخلت سيارة على متنها اثنان من رواد حفل فرا من مهرجان ”سايدك“ الموسيقي إلى نير عوز عبر بوابته الرئيسية. نجح الاثنان في تجنب أول مسلحيّن من حماس اللذين وصلا نير عوز بعد 10 ثوان وتسللا إلى داخل الكيبوتس.
وفي الساعة 6:52 صباحًا، تبادل أحد أفراد الأمن في نير عوز إطلاق النار مع أوائل المسلحين، بينما حاول أفراد آخرون تقديم المساعدة. في هذه الأثناء، في الساعة 6:55 صباحًا، تعرضت سيارة أخرى تقلّ هاربين من المحتفلين من ”سايدك“ لإطلاق نار من المسلحين عند مدخل نير عوز، وقُتل اثنان منهم.
في الساعة 6:57 صباحًا، قتل مسلحو حماس براخا ليفنسون (74 عامًا) في منزلها، وبثوا عملية القتل مباشرة على صفحتها الخاصة على “فيسبوك”، والتي شاهدتها عائلتها. وكانت هذه أول عملية قتل تحدث داخل نير عوز.

وفي الوقت نفسه، استولى مسلحو حماس على قاعدة “موبداروم” الواقعة جنوب نير عوز، مما أسفر عن مقتل خمسة وجرح 17 آخرين. وكانت القوات الأخرى متحصنة وسط إطلاق الصواريخ الكثيف.
وفي هذه المرحلة أيضًا، كانت قيادة وسيطرة الجيش الإسرائيلي في منطقة جنوب غزة قد انهارت بالكامل، حيث قُتل قائد اللواء، وقُتل أو أصيب العديد من قادة الفصائل بجروح خطيرة، واختُطف أحدهم.
في الساعة 7:06 صباحا، دعا النقيب عومر فولف، نائب قائد سرية في الكتيبة 51، القوات للدفاع بالقرب من التجمعات السكانية الحدودية، بدلاً من السياج الحدودي، في خضم الاجتياح الواسع. وقد قُتل مع اثنين من جنوده بالقرب من موقع “البيت الأبيض” في وقت لاحق من الصباح، بينما نجح في تأخير اجتياح حماس لنيريم لعدة ساعات.
وبين الساعة 7:11 والساعة 7:18 صباحا، وصلت سيارتان أخريان هاربتان من مهرجان ”سايدك“ إلى مدخل نير عوز. وقام مسلحون من حماس كانوا ينتظرون عند المدخل بقتل رواد المهرجان.

دخل المسلحون في الساعة 7:27 صباحا إلى الكيبوتس من المدخل الجنوبي متجهين إلى مساكن العمال الأجانب. وقُتل 12 عاملاً تايلانديا وتنزانيا واختُطف خمسة أجانب من هناك.
واصل المسحلون هجومهم على الكيبوتس وقتلوا السكان في منازلهم وأضرموا النيران في المباني. وبدأت أولى عمليات الاختطاف في حوالي الساعة 8:30 صباحًا.
وقد تصدى بعض أفراد فريق الأمن المحلي المكون من سبعة أفراد ومدنيون مسلحون آخرون من منازلهم بينما تصدى ثلاثة منهم – تامير أدار وأفيف أتسيلي ودوليف يهود – ومدنيون مسلحون آخرون للمسلحين معًا في الخارج.
وقد قُتل الثلاثة بعد معركة دامت ساعتين وانتهت في حوالي الساعة التاسعة صباحا. ووفقًا للتحقيق، فقد تمكنوا من تأخير المسلحين خلال تلك الفترة، لكن الجيش الإسرائيلي لم يحضر لتقديم الدعم.

وبمجرد هزيمة الفريق الأمني المحلي، استمرت عمليات الاختطاف وتصاعدت وتيرتها.
وصلت طائرة مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي إلى الكيبوتس في الساعة 9:22 صباحا وبدأت في تنفيذ غارات على الطريق المؤدي من سياج غزة إلى نير عوز، بعد أن حددت نحو 60 مسلحا هناك. وتعرضت المروحية لإطلاق نار من المسلحين واضطرت إلى الهبوط الاضطراري في قاعدة “حتسيريم” الجوية.
في الساعة 9:55 صباحًا، وصلت الدبابة الثانية التي اتجهت إلى حدود غزة صباحًا إلى مدخل نير عوز. أصيب أحد أفراد طاقم الدبابة الأربعة بجروح خطيرة وتم إجلاؤه بواسطة ناقلة الجند، بينما أصيب فرد آخر داخل الدبابة.
في الساعة 9:57 صباحًا أطلقت الدبابة قذيفتين على مسلحين عند مدخل نير عوز، لكن لم يتضح بعد ما إذا كان أي منهم قد أصيب، حيث لم يتم العثور على جثث هناك. وقد تكون حماس قد نقلت الجثث إلى غزة، وفقًا للتحقيق.
في الساعة العاشرة صباحًا، وصلت مروحية أخرى تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي بالقرب من نير عوز وبدأت بإطلاق النار على المسلحين على طول الطريق المتجه إلى الكيبوتس من غزة. وبعد فترة وجيزة تلقت المروحية أوامر بالتوجه إلى قاعدة فرقة غزة بالقرب من رعيم، التي اجتاحها المسلحون أيضًا.
في الساعة 10:06 صباحا، تلقت الدبابة التي وصلت إلى مدخل نير عوز أمرا بمغادرة المنطقة والمساعدة في منع عملية اختطاف مشتبه بها لجنود في مكان آخر. لم تدخل الدبابة إلى نير عوز لكنها في نهاية المطاف قتلت العديد من المسلحين بالقرب من السياج الحدودي.

وفي الساعة 10:22 صباحا، عادت مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي من قاعدة ”رعيم“ وواصلت ضرباتها ضد المسلحين على الطريق المؤدي من غزة. كما وصلت دبابة إسرائيلية إلى هذه المنطقة في محاولة لدهس حشد من المسلحين.
وبحلول الساعة 10:30 صباحا، كان مسلحو حماس من وحدة “النخبة” عائدين إلى القطاع بعد أن تلقوا تعليمات من قادتهم في غزة. وانضم إليهم المسلحون الآخرون وبدأوا أيضًا بالمغادرة في هذا الوقت.
عندما وصلت الدبابة إلى الطريق خارج الكيبوتس، تمكنت باتشيفاع يهالومي، التي اختُطفت من نير عوز مع طفلتيها، من الفرار. جلست يهالومي وياعيل البالغة من العمر 10 سنوات وطفلتها البالغة من العمر سنتين تقريبا على دراجة مع أحد المسلحين، بينما جلس إيتان البالغ من العمر 12 عاما وعامل أجنبي على الدراجة الأخرى مع مسلح آخر.
وانحرفت الدراجتان عن بعضهما البعض عندما رأى المسلحون الدبابة، وفقدت يهالومي أثر إيتان على الدراجة الأخرى. تمكنت يهالومي وابنتاها من الهرب والاختباء لفترة قصيرة. عثر عليهن اثنان من المهاجمين غير المسلحين وحاولا إقناعهن بالدخول إلى غزة، لكنهما لم يهاجمان الأم وابنتيها بعنف. وفي نهاية المطاف، عادت إلى الكيبوتس.

تم إطلاق سراح إيتان يهالومي بموجب اتفاق وقف إطلاق النار في أواخر نوفمبر. تم اختطاف والده أوهاد ياهالومي بشكل منفصل عن بقية أفراد العائلة وقُتل في الأسر. وأعيد جثمانه بموجب اتفاق آخر في أواخر فبراير 2025.
وفي حادث آخر في الساعة 11:30 صباحًا، أطلقت مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي النار على سيارة كان بداخلها عدد من المسلحين على الطريق المؤدي إلى غزة. وقد تبين لاحقًا، استنادًا إلى شهود عيان ومقاطع فيديو من المروحية وتسجيلات كاميرات المراقبة، أن السيارة كان فيها رهائن إسرائيليون أيضًا.
وأدى إطلاق النار إلى مقتل عدد من المسلحين، بالإضافة إلى إفرات كاتس، وهي من سكان نير عوز مع ابنتها وحفيدتيها. وأصيب الآخرون في الحادث.

وفي الساعة 12:20 ظهرًا، نفذت مروحية تابعة لسلاح الجو الإسرائيلي غارة على ستة مسلحين خارج الكيبوتس.
تم تحديد توقيت آخر لقطة لمسلح في نير عوز في الساعة 12:30 ظهرًا.
وصل أفراد من وحدة ”ياماس“ التكتيكية السرية التابعة لشرطة حرس الحدود إلى نير عوز في الساعة 1:10 بعد الظهر، ووصل أفراد من وحدة الكوماندوز ”إيغوز“ التابعة للجيش الإسرائيلي في الساعة 1:47 بعد الظهر، ووصلت قوات من وحدة الكوماندوز ”شاييطت 13“ التابعة لسلاح البحرية في الساعة 2:50 بعد الظهر.
بدأت القوات عمليات تفتيش في التجمع السكني ورافقت السكان إلى الخارج. ولم يحدث هناك قتال لأن جميع المسلحين كانوا قد غادروا بالفعل.