غضب عارم بعد ظهور تسجيل لضابط في الشاباك يقول فيه أنه يتم احتجاز المستوطنين ”الحمقى“ دون أدلة
مكتب رئيس الوزراء يتعهّد بإجراء تحقيق شامل بعد سماع رئيس القسم اليهودي في جهاز الأمن العام وهو يشرح لقائد الشرطة الإقليمية عن كيفية تطبيق الاعتقال الإداري

هاجم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وأعضاء آخرون في ائتلافه اليميني المتشدد جهاز الأمن العام (الشاباك) بعد أن نشرت هيئة البث الإسرائيلية ”كان“ تسجيلاً لرئيس القسم اليهودي في الجهاز الأمني يقول فيه إنه تم اعتقال شبان مستوطنين متطرفين واحتجازهم دون أدلة، ووصفهم بـ”الحمقى“.
وتعهد مكتب نتنياهو بإجراء تحقيق شامل في الأمر.
في التسجيل، يتحدث القائد أفيشاي معلم – وهو ضابط كبير في شعبة الضفة الغربية في الشرطة ويشتبه في أنه تجاهل الهجمات القومية اليهودية لكسب ود وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير – مع مسؤول الشاباك، الذي لا يمكن تعريفه إلا بالحرف الأول من اسمه ”أ”.
ويناقش الاثنان في التسجيل الاعتقالات التي تمت بموجب ممارسة الاعتقال الإداري المثيرة للجدل، والتي تسمح باحتجاز الأفراد دون توجيه تهم لهم لمدة تصل إلى ستة أشهر في كل مرة، تحت رقابة قضائية محدودة.
وفي حين يتم استخدام هذه الممارسة في المقام الأول ضد الفلسطينيين لـ”منع الإرهاب”، فقد تم استخدام الاعتقال الإداري أيضًا ضد بعض الإسرائيليين اليهود المتطرفين، الأمر الذي أثار انتقادات متزايدة لحزب “الليكود” الحاكم من قبل أعضاء الائتلاف من اليمين المتطرف.
ولم تحدد هيئة البث متى تم التسجيل. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد أعلن في نوفمبر عن إنهاء استخدام الاعتقال الإداري ضد مستوطني الضفة الغربية، وفي يناير تم إطلاق سراح المعتقلين دون توجيه تهم لهم.

يبدأ التسجيل الذي بثته هيئة البث بمناقشة معلم وضابط الشاباك حول مكان احتجاز بعض المعتقلين اليهود في انتظار توقيع وزير الدفاع على أوامر الاعتقال الإداري.
”صحيح”، يقول “أ” ردًا على اقتراح معلم بوضعهم في زنازين الاحتجاز. ”نريد دائمًا اعتقالهم للتحقيق معهم قدر الإمكان“.
ويضيف ضابط الشاباك ”أنت ترى كيف يتعاملون مع تحقيقات الشاباك. نحن نعتقل هؤلاء الحمقى دون أدلة لبضعة أيام”.
ويقول معلم محتجا “سوف ينتقدوننا بشدة بسبب ذلك”، لكن “أ” يؤكد له أن مكتب رئيس الشاباك يتعامل مع الأمر بالتنسيق مع وزير الدفاع.
كما يُسمع “أ” وهو يضغط على معلم لاعتقال مستوطنين مشتبه بهم محتملين على أمل القبض عليهم وبحوزتهم مواد تدينهم.
ويتساءل معلم “ماذا، اعتقالهم فقط لمجرد القيام بذلك؟”
كما ينتقد ”أ“ وجود الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ويصفه بأنه دون المستوى، مدعيًا أن الجيش أرسل جنوده للقتال في قطاع غزة ولبنان، بينما من ينتشرون في الضفة الغربية هم ”ميليشيات، المستوطنون أنفسهم“.

ويبدو أن هذه التصريحات تشير إلى أن المحادثة كانت في وقت ما في سبتمبر 2024 وما بعده، عندما كانت إسرائيل تقاتل ضد حركة حماس الفلسطينية في قطاع غزة، وضد حزب الله في لبنان.
وفي رده على التسجيل، قال الشاباك إن المحادثة ”تناولت فقط مخالفي القانون المشتبه في ارتكابهم أعمال عنف، والذين أخذوا القانون بأيديهم“.
ومع ذلك، قال البيان إن ”مضمون وأسلوب التصريحات التي قيلت لا يتناسبان مع قيم الجهاز وسلوكه المهني“، وأن رئيس الشاباك رونين بار سيفحص الأمر.
وأضاف البيان أن ”اعتقال مواطنين إسرائيليين مشتبهين بالقيام بأنشطة إرهابية يتم بعد مراعاة الاعتبارات المهنية وفحص دقيق للمواد الاستخبارية… ويتم فحصها مرة أخرى بنقد قضائي خارجي ومستقل من قبل المحكمة“.
ووصف بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء ”التسجيل الصادم… بأنه تهديد جوهري للديمقراطية“.
وقال البيان إنه في ضوء ما تم الكشف عنه، سيطالب رئيس الوزراء بإجراء فحص شامل لأنشطة القسم اليهودي.
وأضاف البيان الصادر عن رئيس الوزراء، الذي يعمل حاليًا على الإطاحة ببار في خضم ما يسمى بـ”تحقيق قطر-غيت“ في علاقات مساعدي نتنياهو المزعومة غير المشروعة مع قطر، ”فقط في الأنظمة المظلمة تتصرف الشرطة السرية بهذه الطريقة الخطيرة“.

وقد طلب وزير الداخلية موشيه أربيل من وزارة العدل فتح تحقيق في الموضوع ومن ثم نشر النتائج، بحسب ما ذكرته هيئة البث.
وقال وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي يدعم حركة المستوطنين، إن التسجيلات ”تثبت بالأسود على الأبيض إجرام القسم اليهودي في الشاباك ونفاق النظام القانوني الإسرائيلي الذي يتستر على أكاذيبه ويصادق منذ سنوات طويلة على أنشطته“.
ودعا سموتريتش في منشور له على منصة X إلى إقالة رئيس القسم فورًا وتقديمه للمحاكمة.
وفيما يتعلق ببار، قال إن رئيس الشاباك ”تسبب ولا يزال يتسبب بأضرار جنونية للمنظمة، ويؤدي إلى تآكل ثقة الجمهور بها“.
كما دعا وزير الأمن القومي اليميني المتطرف إيتمار بن غفير إلى الإطاحة برئيس القسم اليهودي، ووعد بأن يطلب من نتنياهو استدعاء بار لتقديم توضيحات.
وكتب في منشور على منصة X ”هذا سلوك شبيه بسلوك المافيا، ومطاردة غير قانونية للمستوطنين. لقد حان الوقت لوقف الإجرام تحت حماية القانون”.

ونشر وزير تطوير النقب والجليل يتسحاق فاسرلاوف، وهو عضو في حزب ”عوتسما يهوديت“ الذي يتزعمه بن غفير، على منصة X رواية لحادثة قال إنها وقعت قبل 11 عامًا عندما كان على بعد أسبوع من إنهاء خدمته في الجيش الإسرائيلي.
ووفقًا لفاسرلاوف، فإنه في أعقاب حادثة أمنية في قاعدة عسكرية تم التحقيق فيها من قبل الشرطة العسكرية ولم يكن متورطًا فيها، تم استدعاؤه من قبل الشاباك لإجراء مقابلة تم تحذيره فيها بالابتعاد عن بن غفير من بين متطرفين يمينيين آخرين، وقيل له إنه ”قريب من أشخاص مثيرين للمشاكل“.
وقال فاسرلاوف إن أحد أصدقائه في ذلك الوقت نصحه بعدم إثارة ضجة حول الواقعة.
وكتب ”لا يفرق الشاباك بين الصديق والعدو“، مضيفا أن التسجيلات المنشورة ”تقود إلى استنتاج واحد: يجب إغلاق القسم اليهودي في الشاباك، ويجب إقالة رئيس القسم“.
وقد صدر ما مجموعه 16 أمر اعتقال إداري بحق إسرائيليين يهود في عهد وزير الدفاع السابق يوآف غالانت، وكان سبعة منهم لا يزالون محتجزين حتى نوفمبر من العام الماضي.

وكتب غالانت، الذي كان وزيرًا للدفاع حتى ذلك الشهر، على منصة X أنه ”يدين تمامًا الأمور الخطيرة“ التي قالها رئيس القسم اليهودي.
فالتصريحات ضد جمهور المستوطنين والجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية ”باطلة وخطيرة ولا مكان لها في المنظومة الأمنية“، بحسب غالانت.
لكنه تحدث أيضًا ضد المستوطنين المتطرفين الذين يعتبرون من بين الأشخاص الرئيسيين في مهمة القسم اليهودي في الشاباك.
وقال إن ”مثيري الشغب اليهود الذين يثورون ضد السكان العرب هم متطرفون خطرون يحتاجون إلى معالجة حاسمة وحازمة“، مشددًا على أنهم ”لا يمثلون بأي شكل من الأشكال“ مستوطني الضفة الغربية.
وكان نتنياهو قد أقال غالانت في نوفمبر من العام الماضي، متذرعًا بالخلافات وانعدام الثقة المتبادلة بين الاثنين.

ويدور التحقيق ضد معلم حول الاشتباه في أن قسمه أجرى تحقيقات صورية في أعمال الجرائم القومية اليهودية في الضفة الغربية، لمجرد الإيحاء بأن التحقيقات تجري دون تقديم الجناة للمساءلة الفعلية.
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة ”هآرتس“ هذا الشهر، فقد أثيرت شبهات أيضًا بأن معلم تجاهل مرارًا وتكرارًا وبشكل متعمد المعلومات التي تم تمريرها إليه وإلى وحدته من قبل قسم الجرائم القومية في الشاباك حول تورط متطرفين من اليمين في اعتداءات على الفلسطينيين.
وينبع رفض معلم المزعوم للتصدي للتطرف اليهودي من رغبته في التودد إلى بن غفير والحصول على ترقية داخل الشرطة. بن غفير نفسه هو قومي متطرف له تاريخ من الإدانات الجنائية قبل أن يدخل عالم السياسة.
بدأت الحرب في غزة في 7 أكتوبر 2023، عندما قادت حماس اجتياحا مدمرا لجنوب إسرائيل. وفي اليوم التالي، بدأ حزب الله بالهجوم على طول الحدود الشمالية وتحول هذا الصراع إلى حرب بحلول سبتمبر 2024، وانتهى بوقف إطلاق النار في نهاية نوفمبر.
وشهدت الحرب في غزة، التي لا تزال مستمرة على الرغم من وقف إطلاق نار بدأ في يناير ثم انهار بعد ذلك، تصاعدًا في هجمات المستوطنين المتطرفين على فلسطينيي الضفة الغربية.