إسرائيل في حالة حرب - اليوم 369

بحث

غانتس يستقيل من الحكومة ويتهم نتنياهو بمنع “النصر الحقيقي” على حماس ويدعو لإجراء انتخابات

زعيم حزب "الوحدة الوطنية" ينتقد مناورات نتنياهو السياسية وتردده، ويتعهد بدعم اقتراح لصفقة رهائن والقيام بالشيء الصحيح "بأي ثمن سياسي"؛ الائتلاف لا يزال يتمتع بالأغلبية

رئيس حزب "الوحدة الوطنية" بيني غانتس يعلن انسحاب حزبه من الحكومة خلال مؤتمر صحفي في كفار همكابيا، 9 يونيو، 2024.(Sam Sokol/Times of Israel)
رئيس حزب "الوحدة الوطنية" بيني غانتس يعلن انسحاب حزبه من الحكومة خلال مؤتمر صحفي في كفار همكابيا، 9 يونيو، 2024.(Sam Sokol/Times of Israel)

أعلن رئيس حزب “الوحدة الوطنية” بيني غانتس مساء الأحد انسحاب حزبه، الذي كان متوقعا منذ فترة طويلة، من الحكومة، متهما رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بمنع إسرائيل من تحقيق “نصر حقيقي” في حربها ضد حماس، وذلك بعد أسابيع من اشتراط استمرار دعمه بقبول رئيس الوزراء لرؤية متفق عليها للصراع في غزة بحلول الثامن من يونيو.

وقال غانتس: “بعد 7 أكتوبر، مثل مئات الآلاف من الإسرائيليين الوطنيين، حشدت أنا وزملائي قواتنا أيضا” من خلال انضمامهم إلى الائتلاف، “على الرغم من أننا كنا نعلم أنها حكومة سيئة”

انضم حزب “الوحدة الوطنية” الوسطي إلى حكومة الطوارئ بعد أيام من السابع من أكتوبر، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل، مما أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، واختطاف 251 آخرين في قطاع غزة، مما أشعل فتيل الحرب المستمرة في القطاع.

وأوضح غانتس: “لقد فعلنا ذلك لأننا كنا نعلم أنها حكومة سيئة. كان شعب إسرائيل، والمقاتلون، والقادة، وعائلات القتلى، والضحايا والرهائن بحاجة إلى الوحدة والدعم كما احتاجوا إلى الهواء للتنفس”.

ومع ذلك، فإن حديث نتنياهو عن الوحدة كان يخفي حقيقة مفادها أن “القرارات الاستراتيجية المصيرية تُقابل بالتردد والتسويف بسبب اعتبارات سياسية [ضيقة]”، كما زعم، ملمحا إلى أن رئيس الوزراء يعطي الأولوية لاسترضاء شركائه في الائتلاف اليميني المتطرف. وقال غانتس إن الانسحاب من الائتلاف كان “قرارا معقدا ومؤلما”، لكنه اتخذه “من أجل مصلحة دولة إسرائيل”.

وقال: “للأسف نتنياهو يمنعنا من التقدم نحو النصر الحقيقي”، مضيفا أنه نتيجة لذلك “نترك حكومة الطوارئ اليوم بقلب مثقل ولكن دون تحفظ”.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعقد اجتماعا لكابينت الحرب في تل أبيب، في وقت مبكر من صباح يوم 14 أبريل، 2024. (Courtesy)

مناشدة للبقاء

بينما كان غانتس يتحدث، دعا نتنياهو شريكه السابق في الائتلاف إلى إعادة النظر في قراره.

وكتب نتنياهو على منصة “اكس”، “إسرائيل في حرب وجودية على جبهات متعددة. بيني، هذا ليس الوقت المناسب للتخلي عن الحملة – هذا هو الوقت المناسب لتوحيد القوى”.

وبعد أن وعد بمواصلة الحرب حتى تحقيق النصر وتحقيق جميع أهدافها، “وفي مقدمتها إطلاق سراح المخطوفين والقضاء على حماس”، صرح نتنياهو بأن “بابه سيظل مفتوحا لأي حزب صهيوني على استعداد لتحمل العبء والمساعدة في تحقيق النصر على أعدائنا، وضمان سلامة مواطنينا”.

إلا أن دعوات نتنياهو لم تنجح، حيث قدم غانتس ووزراء “الوحدة الوطنية” غادي آيزنكوت وحيلي تروبر رسائل الاستقالة في أعقاب الإعلان.

في خطاب استقالته، وجه آيزنكوت كلمات قاسية للطريقة التي تمت بها إدارة كابينت الحرب  خلال الحرب.

وكتب آيزنكوت، الذي مثل غانتس شغل في السابق منصب رئيس الأركان “رغم جهود الكثيرين، إلى جانب جهود زميلي، فإن الكابينت الذي ترأسته مُنع لفترة طويلة من اتخاذ القرارات الرئيسية، التي كانت ضرورية لتحقيق أهداف الحرب وتحسين الموقف الاستراتيجي لإسرائيل”

وقال: “لقد تسللت الاعتبارات والسياسات الخارجية إلى المناقشات، لذا فقد حان الوقت للانسحاب من الحكومة”.

وكان خروج الحزب من الائتلاف قد جاء بعد يوم من مرور الموعد النهائي الذي فرضه على نفسه للانسحاب من الحكومة، والذي حدده غانتس الشهر الماضي.

رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يتحدث في بداية اجتماع الحكومة الأسبوعي، 9 يونيو، 2024. (Screen grab)

في منتصف شهر مايو، حدد غانتس في خطاب متلفز مهلة زمنية لنتنياهو، مهددا بالانسحاب من الإئتلاف ما لم يلتزم رئيس الوزراء بـ”خطة عمل” لتحقيق عدد من الأهداف بحلول 8 يونيو – بما في ذلك الدفع بتطبيع العلاقات مع المملكة السعودية و”إنشاء آلية حكم مدنية دولية لغزة”.

وسرعان ما رفض نتنياهو مطالب غانتس ولم يدرسها أبدا.

في وقت لاحق قدم حزبه مشروع قانون لحل الحكومة، في إشارة واضحة إلى أن التحالف بين الجانبين يقترب من نهايته.

وحذر غانتس يوم الأحد من أن الواقع الذي تواجهه إسرائيل “ليس بسيطا” وأن الحملة [العسكرية] ستستغرق سنوات. “لن أعدكم بنصر سهل وسريع”، لكنه قال إن شعب إسرائيل يستحق أكثر من “الوعود الفارغة”.

وقال إن “النصر الحقيقي” يعني من بين أمور أخرى إعادة الرهائن على رأس سلم الأولويات، وتدمير حماس واستبدالها في غزة، وعودة النازحين من الشمال إلى ديارهم، وتعزيز التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد إيران.

كما قال غانتس إن النصر الحقيقي يتطلب إجراء انتخابات عامة جديدة بحلول الخريف، من أجل إنشاء “حكومة تكسب ثقة الشعب وتكون قادرة على مواجهة تحديات [إسرائيل]”.

وأضاف: “أدعو نتنياهو: حدد موعدا متفقا عليه للانتخابات. لا تدع شعبنا يتمزق”، مرددا نداءه في أبريل لإجراء انتخابات مبكرة بحلول سبتمبر. يزعم نتنياهو وشركاؤه المتبقون في الائتلاف أنه لا ينبغي إجراء انتخابات بينما لا تزال الحرب مستمرة.

كما دعا غانتس جميع أعضاء الكنيست الآخرين “الذين يدركون إلى أين نحن متجهون” للانضمام إليه و”طاعة ما يمليه عليه ضميرهم”، وخاصة وزير الدفاع يوآف غالانت من حزب “الليكود” الذي يتزعمه نتنياهو، والذي يُنظر إليه على أنه منحاز إلى غانتس في معظم القضايا ويتحدث بانتظام ضد سياسة الحكومة.

وقال عن غالانت: “أنت قائد شجاع وحازم وفي المقام الأول وطني. في هذا الوقت، لا تعني القيادة والشجاعة قول ما هو صحيح فحسب، بل فعل ما هو صحيح”.

وزير الدفاع يوآف غالانت يزور القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، 29 مايو، 2024. (Ariel Hermoni/Defense Ministry)

إعلان يوم الأحد جاء بعد يوم واحد من موعده الأصلي، بعد أن ألغى غانتس مساء السبت مؤتمرا صحفيا بسبب الإعلان المفاجئ للجيش في وقت سابق من اليوم بأن قوات خاصة  نجحت في تحرير أربع رهائن اختطفتهم حماس في 7 أكتوبر في مخيم النصيرات في وسط غزة.

بدا التأجيل خيارا تكتيكيا في ضوء العملية، وليس تغييرا في خطته لمغادرة الائتلاف.

انسحاب “الوحدة الوطنية” من الحكومة لن يؤدي إلى إسقاطها، حيث أنها تشغل 64 مقعدا في الكنيست من أصل 120 دون الحزب الوسطي. ولقد تعرض غانتس لضغوط للبقاء في الحكومة ليكون بمثابة ثقل موازن لشريكيّ نتنياهو في الإئتلاف من اليمين المتطرف، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين يعارضان بشدة إنهاء القتال في غزة، حتى كجزء من اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.

وتصاعدت التوترات بشكل مطرد منذ انضمام غانتس إلى حكومة الطوارئ، في حين أظهرت كل استطلاعات الرأي تقريبا في الأشهر الأخيرة – بما في ذلك استطلاعين في الأسبوع الماضي – أن الجمهور يفضل غانتس على نتنياهو عند سؤاله عن الشخص الأكثر ملائمة من بينهما لرئاسة الورزاء. ولقد دخل الاثنان في صدامات حول قضايا تتراوح من النظام في غزة بعد الحرب إلى تجنيد طلاب المدارس الحريدية.

وتتوقع كل الاستطلاعات تقريبا أن يصبح “الوحدة الوطنية” الحزب الأكبر في الكنيست إذا أجريت الانتخابات اليوم، مع استمرار التوقعات بألا تنجح الأحزاب الشريكة في الإئتلاف الحالي بالفوز بأغلبية في البرلمان.

بن غفير يرى فرصة

في حين حث نتنياهو غانتس على البقاء في الحكومة، بدا بن غفير مستعدا للاستفادة من انسحاب “الوحدة الوطنية”، حيث صرح بعد ظهر الأحد أنه سيطالب بأن يكون له رأي أكبر بشأن قرارات الحكومة بعد خروج غانتس، بما في ذلك في كابينت الحرب.

في رسالة إلى نتنياهو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي في أعقاب إعلان غانتس، أصر بن غفير على إضافته إلى المجلس رفيع المستوى، مشيرا إلى أنه حان الوقت لإحضار وزراء “حذروا في الوقت الفعلي من المفهوم ووجهة النظر التي يوافق الجميع اليوم على أنها خاطئة”.

كما انتقد زميله في اليمين المتطرف بتسلئيل سموتريتش غانتس بعد خروجه، حيث كتب في تغريدة بأن خطوته “تهدف إلى تفكيك تماسك [الحكومة] لأسباب سياسية وهي غير مسؤولة”.

وكتب “لا يوجد عمل أقل فخامة من الاستقالة من الحكومة في وقت الحرب”، متهما إياه بخدمة أعداء إسرائيل.

وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير عند باب العامود في البلدة القديمة بالقدس، خلال احتفالات “يوم القدس”، 5 يونيو 2024.

ليس مجرد سياسي

خلال إعلانه، أصر غانتس على أنه ليس مجرد محتال أو سياسي يضع حياته السياسية فوق احتياجات الدولة.

وقال: “سأعدكم بشيء واحد: أنا مستعد للموت من أجل أولادكم”، مضيفا “سوف ننهض أنا وزملائي دوما وسيكون بالإمكان الاعتماد علينا عندما تحتاجنا الدولة… بأي ثمن سياسي. لقد خاطرت بحياتي من أجل الدولة في خط النار عشرات المرات”.

رئيس حزب “يش عتيد” عضو الكنيست يائير لبيد (على يسار الصورة) ورئيس حزب “الوحدة الوطنية” عضو الكنيست بيني غانتس في الكنيست بالقدس، 20 فبراير، 2023. (Yonatan Sindel/Flash90)

ورحب زعيم المعارضة يائير لبيد بخروج غانتس، ووصف القرار بأنه “مبرر ومهم”.

وقال لبيد: “حان الوقت لاستبدال هذه الحكومة المتطرفة والفاشلة بحكومة تعيد الأمن لشعب إسرائيل، وتعيد المخطوفين إلى ديارهم، وتعيد بناء الاقتصاد، وتستعيد مكانة إسرائيل الدولية”.

الرهائن

كما اعتذر غانتس لعائلات الرهائن الـ 120 المتبقين للفشل في إنقاذ أحبائهم.

وقال: “لقد فعلنا الكثير [ولكن] فشلنا عندما يتعلق الأمر بالنتائج. لم نتمكن من إعادة العديد منهم إلى ديارهم بعد. المسؤولية تقع على عاتقي أيضا”.

كما عرض غانتس دعمه الكامل للاقتراح الذي وافقت عليه كابينت الحرب بهدف تحرير بقية المختطفين، كما طرحه الرئيس الأمريكي جو بايدن ونقله إلى حماس، مطالبا نتنياهو “بالشجاعة اللازمة للوقوف وراء [الاقتراح] والقيام بكل شيء للدفع به قدما”، ووعد بدعم أي خطوة من هذا القبيل حتى من المعارضة.

متظاهرون في ساحة باريس في القدس يطالبون بالإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس في غزة، 8 يونيو 2024.(Tali Hill/Pro-Democracy Movement)

واختتم حديثه بالقول: “إذا بقينا أقوياء من الداخل، فسوف نهزم أي عدو. ولكي نحقق في ذلك، يتعين علينا أن نختار وأن نتحد”، في إشارة إلى ضرورة التحقيق في كارثة السابع من أكتوبر، وإجراء انتخابات جديدة والتوحد كأمة.

وعندما سأله أحد المراسلين عما إذا كان رحيله لن يؤدي إلا إلى تعزيز نفوذ اليمين المتطرف في الائتلاف، لم يجب غانتس بشكل مباشر على السؤال، لكنه قال: “أخشى على دولة إسرائيل. نحن نعلم أن القتال سيستمر لفترة طويلة … لسنوات عديدة. لذلك نحن بحاجة إلى اختيار الأولويات الصحيحة، وجبهات [المعركة] الصحيحة، والحملات [العسكرية] الصحيحة، والوحدة الصحيحة”.

ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل ولازار بيرمان في هذا التقرير

اقرأ المزيد عن