غانتس ونتنياهو يقتربان من الاتفاق على تشكيل حكومة طوارئ بعد 5 أيام من بدء الحرب
السياسيان يلتقيان مناقشة التفاصيل بعد أن أثار التأخير المطول انتقادات؛ رئيس حزب المعارضة طالب بتشكيل حكومة حرب صغيرة يكون لها رأي في إدارة الحرب
يبدو أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وعضو الكنيست بيني غانتس، زعيم حزب المعارضة الذي شغل في السابق منصب رئيس الجيش ووزير الدفاع، يقتربان يوم الأربعاء من التوصل إلى اتفاق لتشكيل حكومة طوارئ في محاولة لتعزيز عملية صنع القرار الأمني، بعد أن انجرفت البلاد إلى حرب غير مسبوقة مع حماس في أعقاب المذبحة المروعة التي ارتكبتها الحركة ضد مدنيين إسرائيليين يوم السبت.
والتقى غانتس ونتنياهو على انفراد لمدة 30 دقيقة تقريبا في مقر الجيش “الكيريا” في تل أبيب، ثم بقيا هناك لمناقشة تفاصيل الصفقة المحتملة التي طال انتظارها، والتي توقع العديد من المراقبين والسياسيين التوصل إليها قبل عبور خمسة أيام من بدء الحرب.
وفي حين أشارت بعض التقارير إلى أن الصفقة كانت وشيكة، أفادت صحيفة “معاريف” والقناة 12 أن زوجة نتنياهو، سارة، كانت تضغط من أجل عدم السماح لغانتس بالانضمام إلى الائتلاف. ردا على هذه التقارير، أصدرت سارة نتنياهو بيانا عاما يدعم تشكيل حكومة وحدة.
ومن شأن الاتفاق أن يمثل تحولا جذريا، وإن كان مؤقتا، في التحالفات السياسية الإسرائيلية. كان غانتس، الذي أخل نتنياهو باتفاقه معه سابقا في حكومة وحدة في فترة الكورونا، يدعو إلى الإطاحة برئيس الوزراء، بسبب احتضان ائتلافه المتشدد للمتطرفين، ومحاكمته المستمرة بالفساد، وسعى الإئتلاف لتقويض الضوابط القضائية على الحكومة.
ويصر غانتس على تشكيل حكومة حرب صغيرة ذات “تأثير حقيقي” على إدارة الحرب، ومن المتوقع أن تضم على الأقل سياسيين معارضين يتمتعان بأعلى مستويات الخبرة العسكرية. وكان كل من غانتس وزميله في حزب “الوحدة الوطنية” غادي آيزنكوت رئيسين سابقين لأركان الجيش الإسرائيلي، وغانتس هو أيضا وزير دفاع سابق.
وقال الحزب إنه يقترح أن يصبح ممثلوه وزراء بدون حقائب، بدلا من تولي مناصب وزارية جديدة أو حالية، طوال مدة الحرب. وأضاف إن حكومة الحرب يجب أن تضم “الوزراء المعنيين” الذين يختارهم نتنياهو لتوجيه الحرب ضد حماس، في إشارة واضحة إلى استبعاد الوزراء الذين ليس لديهم خبرة عسكرية مثل العديد من أعضاء الائتلاف اليميني المتطرف والحريديم الحاليين.
بالإضافة إلى ذلك، لن يتم تمرير التشريعات غير المرتبطة بالحرب خلال فترة ولاية حكومة الطوارئ هذه، كما اشترط حزب “الوحدة الوطنية”، في إشارة على ما يبدو إلى أجندة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل للغاية للحكومة.
وقال حزب الوحدة الوطنية إنه سيقدم دعمه الكامل للحكومة وقوات الأمن خلال الحرب، بغض النظر عما إذا كان سينضم إليه في نهاية المطاف أم لا.
وبحسب ما ورد يريد نتنياهو الاحتفاظ بالكلمة الأخيرة بين يديه. ودعا رئيس الوزراء يوم الاثنين إلى تشكيل حكومة وحدة “دون شروط مسبقة”، في ما يبدو وكأنه يرفض طلب غانتس. في وقت لاحق من ذلك اليوم، أشارت مصادر في الوحدة الوطنية إلى أنه تم إحراز تقدم وأن من المرجح التوصل إلى اتفاق، لكن العملية تأخرت عندما استمر اجتماع رؤساء الائتلاف يوم الثلاثاء للموافقة على حكومة الوحدة حتى الساعة 11:00 مساء، مما أدى إلى تأجيل اجتماع نتنياهو مع غانتس إلى الأربعاء.
ومن المفترض أن تحل حكومة الحرب محل المجلس الوزاري الأمني الأوسع، والذي يضم رئيسي حزبي اليمين المتطرف اللذين يُنظر إليهما على نطاق واسع على أنهم يعقدان سياسة إسرائيل الأمنية تجاه الفلسطينيين، مما دفع نتنياهو إلى الالتفاف عليه إلى حد كبير حتى الآن خلال الحرب.
الهجوم الصاعق الذي نفذته حماس وقُتل خلاله مئات الإسرائيليين بوحشية وتم اختطاف نحو 150 منهم إلى غزة – ارتفع عدد القتلى منذ ذلك الحين إلى أكثر من 1200 قتيل – أثار دعوات فورية من كل من مقاعد الإئتلاف والمعارضة للتوصل إلى تشكيل حكومة وحدة.
كما عرض زعيم المعارضة يائير لبيد الانضمام إلى حكومة وحدة طارئة، لكنه اشترط لعرضه تهميش “المتطرفين”. ورغم أنه لم يذكرهم بالاسم، فقد فُهم أن لبيد كان يقصد وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريش.
ولم يكن لبيد طرفا في المفاوضات، ولا رئيس حزب “يسرائيل بيتنو” المعارض أفيغدور ليبرمان. وعرض ليبرمان، وهو أيضا وزير دفاع وحليف سابق لنتنياهو تحول إلى خصم له، الانضمام إلى الحكومة بشرط مسبق يتمثل في الالتزام بتدمير وجود حماس في غزة، لكنه لم يتم تضمينه في المحادثات على الرغم من أن الإئتلاف يدعم مطلبه من حيث المبدأ كما يبدو.
وانتقد الكثيرون السياسيين لتأخرهم في التوصل إلى اتفاق، في ظل الوضع الأمني الفوضوي والدامي.
وقد اشترط كل من بن غفير وسموتريتش دعمهما لأي اتفاق وحدة على الالتزامات بالقضاء على حماس، في تصريحات تبدو وكأنها تتماشى مع خطط الحكومة للحركة، التي تسيطر على قطاع غزة منذ عام 2007 وتسعى علنا إلى تدمير إسرائيل.
قاد غانتس حزبه السياسي، الذي كان يُطلق عليه آنذاك اسم “أزرق أبيض”، إلى حكومة تقاسم السلطة قصيرة الأمد بقيادة نتنياهو في مايو 2020 لمعالجة جائحة كوفيد-19. وكان من المفترض أن يصبح رئيسا للوزراء بعد 18 شهرا، لكن الحكومة انهارت قبل أن يحدث ذلك عندما رفض نتنياهو الموافقة على ميزانية الدولة، وبالتالي استخدم ثغرة في الاتفاق الائتلافي سمحت له بتجنب تسليم غانتس رئاسة الوزراء.
وقال وزير الدفاع يوآف غالانت يوم الثلاثاء، مخاطبا القوات على حدود غزة، إنه “حرر كل القيود، [استعدنا] السيطرة على المنطقة، ونحن نتجه نحو هجوم كامل”.
وأضاف: “ستكون لديكم القدرة على تغيير الواقع هنا. لقد رأيتم الثمن [الذي تم دفعه]، وستتمكنون من رؤية التغيير. حماس أردت تغييرا في غزة؛ سيكون هناك تغيير 180 درجة عما ظنته”.
وقال مسؤول مصري لـ “تايمز أوف إسرائيل” يوم الثلاثاء إن إسرائيل أبلغت القاهرة بأنها تستعد لحملة برية تستمر لأشهر في غزة.
وأضاف إن إسرائيل رفضت حتى الآن جهود مصر للتوسط في أي نوع من التهدئة، في إشارة إلى أنها تريد توجيه ضربة قاضية لحماس قبل التفكير في فكرة وقف إطلاق النار.
اعتمد نتنياهو على حلفاء سياسيين من اليمين المتطرف والحريديم لتشكيل ائتلاف حاكم، حيث عارض يسار الوسط وبعض الأحزاب اليمينية بشدة دعمه خلال الأوقات الأكثر سلما، ويرجع ذلك جزئيا إلى مشاكله القانونية.
وأشار بعض المراقبين إلى الانقسامات المجتمعية غير المسبوقة التي أحدثتها خطط الحكومة لإصلاح السلطة القضائية والاحتجاجات المصاحبة لها، على أنها أعطت حماس الانطباع بأن إسرائيل ضعيفة ومهيأة لهجوم.