غالانت نصب فخا لنتنياهو
تصريح غالانت بأنه لن يقدم قانون التجنيد دون موافقة حزب الوحدة الوطنية يضع نتنياهو في مأزق؛ رئيس الوزراء يريد إقالة وزير الدفاع، لكن غالانت حاليا هو أحد الوزراء الأكثر شعبية بين الجمهور وفي الليكود
الوضع معقد. لو لم تكن إسرائيل في خضم حرب صعبة على جبهتين، لكان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو قد أقال وزير الدفاع يوآف غالانت أمس، في منتصف مؤتمره الصحفي، ولكان قدم للكنيست مشروع قانون التجنيد، أو بالأحرى عدم التجنيد، في مطلع الأسبوع المقبل، بأغلبية 63 عضوا في الكنيست.
غالانت، كما يبدو، ينتهك اتفاق الائتلاف مع الفصائل الحريدية الذي يقضي بتمرير قانون التجنيد، ويعلن التمرد على رئيس الوزراء ويروج للانتخابات التي تهز نتنياهو كورقة تتطاير في مهب الريح.
كما يثير غالانت إضافة إلى ذلك غضب الجمهور ضد نتنياهو وحلفائه الحريديم. ومن الجدير بالذكر أن نتنياهو، ولأسباب أقل من ذلك بكثير، أقال وزير دفاعه إسحق مردخاي عام 1999، ولاقى ترحيبا ودعما من أنصاره في حزب الليكود.
لكننا في خضم حملة لا تنتهي، وفي مثل هذا الواقع تختلف قواعد اللعبة، بما في ذلك القواعد السياسية. ولا يستطيع نتنياهو إقالة غالانت اليوم.
وزير الدفاع نفسه يشعر بالقوة الكافية لإطلاق مبادرات مستقلة، بل ويجد أنها فقط تفيده في الليكود وبين الجمهور، حتى لو عارضها رئيس الوزراء.
يتبنى غالانت مواقف حازمة منذ بداية هذه الحرب، ويسعى إلى أن يعرف الجميع أنه وزير أمن متشدد يندفع إلى الأمام بينما يحاول نتنياهو سحبه إلى الوزراء.
הנשיאה המשותפת בנטל חיונית והכרחית לניצחוננו במלחמה.
האתגרים הביטחוניים הניצביים לפתחנו מחייבים את כולנו להיכנס תחת האלונקה ולשאת בנטל. pic.twitter.com/zcBUheAIbM
— יואב גלנט – Yoav Gallant (@yoavgallant) February 28, 2024
لقد شاهد الجميع الفيديو الذي طالب فيه جندي من غزة غالانت، في قاعة الحكومة في الكنيست، بمواصلة الحرب حتى النهاية، ورد وزير الدفاع يتوجيهه إلى غرفة رئيس الوزراء. وكان غالانت هو أيضا من أراد أن يوجه، مع الجيش، ضربة استباقية ضد لبنان. كثيرون في الليكود أعجبوا بذلك.
غالانت يفهم جيدا ميزان القوى في البلاد بعد 7 أكتوبر. وهو يتقدم على نتنياهو في هذه المسألة. لم يعد المجتمع الصهيوني الإسرائيلي مستعدا لتحمل العبء الأمني والعسكري وحده. أثبتت الحرب أن الجيش بحاجة ماسة للقوى البشرية، ولذلك أطال مدة الخدمة العسكرية النظامية وأثقل كاهل جنود الاحتياط أيضا.
الجمهور الحريدي الضخم، الذي يبلغ عدده 1.2 مليون شخص، لا يشارك في الواجبات الوطنية، وهناك شعور بضرورة وضع حد لهذا الوضع. غالانت يتواصل مع المشاعر العامة، ومعظم الجمهور يدافع عنه. قانون التجنيد السخيف المطروح هو في الأساس سخرية من العمل أو سخرية من الحرب، وغالانت ليس مستعدا لتمريره.
هذه المناورة السياسية مثيرة للاهتمام. غالانت يهمش نتنياهو، الذي فقد الثقة فيه منذ زمن طويل، وينضم إلى ائتلاف كبير جدا يطالب اليهود الحريديم بالانضمام إلى الجيش.
في حين لو تم إجراء تصويت سري في الكنيست اليوم على قانون الخدمة العسكرية الكاملة للجميع، فإن أكثر من 80 عضوا في الكنيست سيصوتون لصالحه. وهذا يشمل معظم أعضاء الكنيست من الليكود، وحزب الصهيونية الدينية، وبعض أعضاء شاس، وبالطبع يش عتيد، والوحدة الوطنية، ويسرائيل بيتينو، وحزب العمل.
نتنياهو يعرف هذه الأرقام جيدا، لكن ليس لديه حل. قلقه الوجودي كان جليا أمس (الخميس) في المؤتمر الصحافي المسائي، بعد أن ضغط عليه رفاقه طيلة النهار وهاجموا مرارا وزير الدفاع الذي يريد دفع البلاد إلى الانتخابات.
ويخشى نتنياهو أنه إذا لم يتم المصادقة على قانون تجنيد بحلول نهاية شهر مارس، فسيواجه اليهود الحريديم تخفيض مئات الملايين من ميزانيات المدارس الدينية وسيفضلون ربما إجراء الانتخابات بأنفسهم، بأمل ألا تتأثر ميزانيات المدارس الدينية بهذه الطريقة.
نتنياهو نفسه حاول أمس ركوب موجة التجنيد. لكنه فعل ذلك بطريقة خرقاء، حيث تحدث عن الفجوة في العبء الأمني وكرر في المؤتمر الصحفي الدعوة إلى الخطط والشعارات الوهمية التي لم تؤتي بثمار في الماضي: أهداف التجنيد، الحصص، الترتيبات في الكنيست، إلخ. ليس لديه أي فكرة عما يتحدث عنه.
حتى يومنا هذا، رفض اليهود الحريديم بحماقة عدة قوانين مذهلة للإعفاء من التجنيد – بدءا من القانون الذي اقترحته أييليت شاكيد وحتى قانون أفيغدور ليبرمان، بما في ذلك قانون التجنيد الحالي الذي كان من الممكن أن يمرروه بسهولة قبل الحرب، لكنهم عارضوا صياغته.
نتنياهو في مأزق. المحكمة العليا تضغط والجمهور محبط وليس لديه حل لتجنيد الحريديم، لأنهم لا يذهبون إلى الجيش، نقطة. الأزمة حقيقية، ولكن في هذه الأثناء الحرب تنقذ نتنياهو من الانتخابات التي يعرف ما ستكون نتائجها.
وحاول نتنياهو أمس التحذير من الانتخابات العامة بأنها “هزيمة لإسرائيل، هذا شلل للدولة، أيدي الدولة مكبلة، المقاتلون سينقسمون، هذا حلم نصر الله”.