غارات إسرائيلية على غزة وتصاعد العنف يتواصل
الجيش الإسرائيلي يقصف أنفاق ومواقع إنتاج أسلحة في القطاع الفلسطيني؛ نتنياهو يتوعد في ختام اجتماع مجلس الوزراء الأمني "سنضرب أعداءنا وسيدفعون ثمن كلّ اعتداء"
شنّت مقاتلات إسرائيليّة سلسلة غارات على أهداف في قطاع غزّة منتصف ليل الخميس الجمعة حسب مصادر فلسطينيّة وإسرائيليّة، على أثر إطلاق وابل من الصواريخ من لبنان في هجومٍ نسبته إسرائيل إلى ناشطين فلسطينيين.
وقال مصدر أمني فلسطيني إنّ “طائرات الاحتلال شنّت سلسلة غارات على مواقع تدريب عدّة تابعة لكتائب عزّ الدين القسّام (الجناح المسلّح لحركة حماس) في مناطق متفرّقة في قطاع غزّة”.
وسمع مراسلو وكالة فرانس برس دويّ انفجارات ضخمة في غزّة بينما دوّى صوت المقاتلات الإسرائيليّة خلال تحليقها في سماء القطاع.
وأكّد الجيش الإسرائيلي في بيان بدء تنفيذ سلاحه الجوّي غارات على القطاع.
وأعلن الجيش في بيانه أنّ مقاتلاته “استهدفت قبل وقتٍ قصير نفقًا إرهابيًّا في منطقة بيت حانون (شمال القطاع) وآخَر في منطقة خان يونس (جنوبًا). كما تمّ استهداف موقعين لإنتاج الأسلحة لحماس في شمال قطاع غزّة ووسطه”.
وأشار البيان إلى أنّ “الغارات جاءت ردًا على الانتهاكات الأمنيّة لحماس خلال الأيّام الماضية”، محمّلًا “منظّمة حماس الإرهابيّة مسؤوليّة كلّ النشاطات الإرهابيّة من قطاع غزّة”.
وقُبيل بدء الغارات، أكّدت الفصائل المسلّحة في غزّة في بيان مشترك “جهوزيّة المقاومة للمواجهة والردّ بكلّ قوّة على أيّ عدوان، والدفاع عن شعبنا في كلّ أماكن وجوده”.
وقالت حماس التي تسيطر على غزّة، “نُحمّل الاحتلال مسؤوليّة عدوانه على القدس وغزّة، وندعو قوى شعبنا وفصائله إلى الوحدة في مواجهةٍ مفتوحة مع الاحتلال (..) وما ستؤول إليه الأمور في المنطقة”.
بدورها، أكّدت كتائب عزّ الدين القسّام في بيان “تصدّي دفاعاتها الجوّية للطيران الحربي الصهيوني المُغير على قطاع غزّة”.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إنّ طائرة بلا طيّار تابعة له “ضربت مدفعًا رشّاشًا ثقيلًا استُخدم لإطلاق طلقات ناريّة باتّجاه طائرات الجيش الإسرائيلي والأراضي الإسرائيليّة”.
“سنضرب أعداءنا”
توعّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مساء الخميس بجعل أعداء بلاده يدفعون “ثمن كلّ اعتداء”، في أعقاب إطلاق وابل من الصواريخ من لبنان.
لكنّ رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي أكّد رفض بلاده “أيَّ تصعيد عسكري” من أراضيه.
وشدّد ميقاتي عقب استقباله وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروزيتّو، على “إدانة لبنان وشجبه عمليّة إطلاق الصواريخ من جنوب لبنان”، موضحًا أنّ بلده “يرفض مطلقًا أيّ تصعيد عسكري ينطلق من أرضه واستخدام الأراضي اللبنانيّة لتنفيذ عمليّات تتسبّب بزعزعة الاستقرار القائم”.
وقال نتنياهو في مستهلّ اجتماع الحكومة الأمنيّة الإسرائيليّة المصغّرة “سنضرب أعداءنا وسيدفعون ثمن كلّ اعتداء”.
lsraeli warplanes launch an attack on Gaza. pic.twitter.com/NmJvLCCjJq
— TIMES OF GAZA (@Timesofgaza) April 6, 2023
وعقب انتهاء الاجتماع قال وزير الدفاع يواف غالانت “مؤسسة الدفاع الإسرائيلية مستعدة لمواجهة أي تهديد على أي جبهة. سندافع عن دولتنا ومواطنينا”.
أعلنت إسرائيل أنّ أكثر من 30 صاروخًا أُطلِقَت عصر الخميس من جنوب لبنان باتّجاه أراضيها الشماليّة، في قصف أوقع جريحًا وأضرارًا مادّية وأكّدت الدولة العبريّة أنها “نيران فلسطينيّة” وليست هجومًا مباشرًا من حزب الله.
أتى هذا القصف في عيد الفصح اليهودي وغداة صدامات عنيفة دارت في المسجد الأقصى بالقدس الشرقيّة بين مصلّين فلسطينيّين وقوّات الأمن الإسرائيليّة وتوعّدت في أعقابها فصائل فلسطينيّة بشنّ هجمات انتقاميّة.
وقال المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي الكولونيل ريتشارد هيشت “نعلم علم اليقين بأنّ هذه نيران فلسطينيّة. قد يكون من أطلَقَها حماس، وقد يكون الجهاد الإسلامي. ما زلنا نحاول التوصّل إلى نتيجة نهائية بشأن هذه النقطة، لكنّه لم يكن حزب الله”.
“حزب الله كان يعلم”
وأضاف “ننطلق من مبدأ أنّ حزب الله كان على الأرجح يعلم بأمر هذا القصف، وبأنّ لبنان يتحمّل قسمًا من المسؤوليّة” عن إطلاق هذه الصواريخ.
وتابع “نحن نحقّق أيضًا في تورّط إيراني محتمل” في هذا الهجوم الصاروخي.
وحزب الله الشيعيّ المدعوم من إيران هو الفصيل اللبناني الوحيد الذي احتفظ بسلاحه بعد انتهاء الحرب الأهليّة اللبنانيّة (1975-1990).
اشتعلت الجبهة الإسرائيليّة-اللبنانيّة عصر الخميس بشكل لم يسبق له مثيل منذ حرب 2006 بين إسرائيل وحزب الله.
وقال الجيش الإسرائيلي إنّ 34 صاروخًا أُطلِقَت من لبنان الخميس، اعترضت الدفاعات الجوّية الإسرائيليّة 25 منها وسقطت البقيّة في الأراضي الإسرائيليّة.
جريح بشظيّة
وبحسب منظّمة الإسعاف الإسرائيلية “نجمة داود الحمراء”، فقد أصيب بالقصف شابّ يبلغ 19 عامًا بشظيّة وإصابته ليست خطرة، بينما أصيبت امرأة في الستّينات بجروح طفيفة أثناء فرارها بحثًا عن ملاذ.
كما أصيبت امرأة بحالة هلع نتيجة القصف، وفق المصدر نفسه.
وقالت المنظّمة الطبّية إنّها رفعت حال التأهّب في صفوفها واستدعت مسعفين من كل أنحاء الدولة العبريّة.
في بيروت، ذكرت وكالة الأنباء اللبنانيّة الرسميّة أنّ “مدفعيّة الاحتلال الإسرائيلي قصفت بعدد من القذائف الثقيلة (…) أطراف بلدتَي القليلة والمعلية في قضاء صور” في جنوب لبنان.
Several Iron Dome interceptions near Sderot. pic.twitter.com/ujIZhnW2xy
— Emanuel (Mannie) Fabian (@manniefabian) April 6, 2023
لكنّ متحدّثًا عسكريًّا إسرائيليًّا نفى ردًّا على سؤال لوكالة فرانس برس ذلك، مؤكّدًا أنّ الجيش الإسرائيلي “لم يردّ حتّى الآن” على مصادر النيران.
شهدت الأيام الأخيرة تصاعدًا للعنف بين الدولة العبريّة والفلسطينيّين، ولا سيّما في أعقاب اقتحام الشرطة الإسرائيليّة الحرم القدسي وضربها مصلّين بداخله واعتقالها نحو 350 منهم وصفتهم بأنّهم “مثيرو شغب”.
“توجيهات أوّلية”
إثر القصف الصاروخي على شمال الدولة العبريّة، أعلن مكتب نتنياهو أنّ الأخير “يتلقّى تقارير محدّثة حول الوضع الأمني وسيُجري تقييمًا مع رؤساء المؤسّسة الأمنيّة”.
من جهته، قال المتحدّث باسم وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت إنّه اطّلع على تفاصيل الأحداث على الحدود الشماليّة.
وأضاف أنّ غالانت “أعطى توجيهات أوّليّة لرئيس هيئة أركان الجيش ولباقي أذرع المؤسّسة الأمنيّة”.
שרי וזאנה משדרות שביתה נפגע הלילה מטיל: "ישנו בממד. ניצלנו. אני אעזוב את שדרות כבר מחר. לא רוצה לגדל את הבת שלי במצב הזה וכבר בגיל 9 חודשים להרוס את נפשה". pic.twitter.com/cJKtIh4tkS
— matan tzuri מתן צורי (@MatanTzuri) April 7, 2023
من جهته، أعلن الجيش اللبناني مساء الخميس أنّ وحداته عثرت على صواريخ معدّة للإطلاق في محيط بلدتين في جنوب البلاد.
وقال في بيان إنه عثر “على منصّات صواريخ وعدد من الصواريخ المعدّة للإطلاق في محيط بلدتي زبقين والقليلة” في قضاء صور، موضحًا أنّه “يجري العمل على تفكيكها”. ونشر صورًا لصواريخ ومنصّات مثبتة بين أشجار زيتون.
اليونيفيل تحذّر
حذّرت قوة الأمم المتّحدة الموقتة في لبنان “يونيفيل” من أنّ “الوضع الحالي خطر جدًّا”، داعية إلى “ضبط النفس”.
وقالت اليونيفيل إنّ رئيسها أرولدو لازارو “على اتّصال بالسلطات على جانبي الخط الأزرق” الذي يقوم مقام خط الحدود بين لبنان وإسرائيل.
في قرية فسوطة شمال إسرائيل، رصد مراسل لفرانس برس بقايا صاروخ انفجر على الطريق.
في جنوب لبنان، قال أحد سكّان قرية القليلة لفرانس برس إنّه “سمع إطلاق أكثر من 15 صاروخًا عند أطراف القرية”.
وندّدت الأمم المتحدة وواشنطن وباريس بهذا التصعيد.
وقال المتحدّث باسم الخارجيّة الأميركيّة فيدانت باتيل “ندين إطلاق صواريخ من لبنان وغزة على إسرائيل”، مشدّدًا على التزام الولايات المتحدة “الراسخ” أمن إسرائيل.
أضاف “نقرّ بحقّ إسرائيل المشروع في الدفاع عن نفسها”.
بدورها ندّدت فرنسا بـ”إطلاق صواريخ في شكل عشوائي استهدفت الأراضي الإسرائيليّة انطلاقًا من غزة وجنوب لبنان”.
كذلك، ندّد الأمين العام للامم المتحدة أنطونيو غوتيريش بالقصف الصاروخي من جنوب لبنان.
وقال المتحدّث باسمه ستيفان دوجاريك “ندعو جميع الأطراف الى ممارسة أكبر قدر من ضبط النفس”، مشددا على ضرورة “تجنب أي فعل أحادي”.
أتى القصف من جنوب لبنان بعيد تأكيد حزب الله دعمه “كلّ الخطوات” التي ستتّخذها الفصائل الفلسطينية ضدّ إسرائيل ردًّا على أعمال العنف في الأقصى.
هنيّة في لبنان
تزامن القصف من الجنوب اللبناني على شمال إسرائيل مع زيارة رئيس حركة حماس اسماعيل هنيّة إلى لبنان.
وأكد هنية أن الفصائل الفلسطينية لن تقف “مكتوفة” إزاء “العدوان” الإسرائيلي على الأقصى.
في آذار/مارس الماضي، أصيب جنديان إسرائيليان أحدهما بجروح جراء انفجار لغم أرضي عند الحدود مع لبنان.
قبل ذلك بأيام أعلن الجيش الإسرائيلي أنّه قتل شخصا كان يحمل حزاما ناسفا، مؤكّدا أنّ التحقيقات أظهرت أنّه “إرهابي” تسلّل على ما يبدو من لبنان.
ولفتت إسرائيل يومها إلى احتمال ضلوع حزب الله في عملية التسلّل هذه.
في 2006 أدّت آخر مواجهة كبيرة بين إسرائيل وحزب الله إلى سقوط أكثر من 1200 قتيل على الجانب اللبناني، معظمهم مدنيون، و160 قتيلا على الجانب الإسرائيلي، معظمهم جنود.