عودة جثامين أربعة من الرهائن إلى إسرائيل بعد 503 أيام من اختطافهم أحياء
تم تسليم التوابيت، التي تضم، بحسب حماس، جثامين شيري بيباس وطفليها أريئل وكفير وعوديد ليفشيتس، إلى الصليب الأحمر في مراسم مليئة بالدعاية في جنوب غزة
أعيدت جثامين أربعة رهائن إسرائيليين إلى إسرائيل يوم الخميس، بعد 503 أيام من اختطافهم من منازلهم وجرهم إلى غزة في 7 أكتوبر 2023، على يد مسلحين بقيادة حماس.
وقالت حماس في وقت سابق من الأسبوع عن نيتها تسليم جثامين شيري سيلبرمان بيباس، وطفليها الصغيرين أريئل وكفير، وعوديد ليفشيتز، الذي كان يبلغ من العمر 83 عاما وقت اختطافه. تم اختطاف الأربعة أحياء من منازلهم في كيبوتس نير عوز أثناء الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل.
وتم تسليم الجثامين للصليب الأحمر حوالي الساعة 9:30 صباحًا، في مراسم مليئة بالدعاية في منطقة بني سهيلة في خان يونس جنوب غزة، حيث أقامت الحركة مسرحا مغطى بملصقات دعائية في تحد للمناشدات من أجل مراسم أكثر احتراما.
ومن هناك، سلم الصليب الأحمر النعوش لقوات الجيش الإسرائيلي داخل قطاع غزة، وبعد زيارة قصيرة لمقبرة عسكرية، عبرت قافلة تحمل النعوش، التي كانت ملفوفة الآن بالأعلام الإسرائيلية، الحدود إلى إسرائيل قبل منتصف النهار بقليل.
وخلافاً لمراسم إطلاق سراح الرهائن الأخيرة التي تم فيها تسليم الرهائن إلى الصليب الأحمر أحياء، قررت معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية، بما في ذلك “تايمز أوف إسرائيل”، عدم بث اللقطات الحية من خان يونس احتراما للقتلى.
وقبل التسليم، أظهرت لقطات حية حشودًا من الفلسطينيين ينتظرون بالقرب من المسرح، بينما كانت الموسيقى تصدح في الخلفية. وكانت هناك شاحنات صغيرة بيضاء متوقفة بالقرب من المسرح، بعضها حمل أعلام حماس، والتي ذكرت بالشاحنات التي استخدمها مسلحو حماس خلال اقتحامهم إلى إسرائيل في السابع من أكتوبر.
ساهم لازار بيرمان في هذا التقرير.

وتمركز مقاتلو حماس بين الحشد، حيث تجول العديد منهم بحرية.
وكان من الممكن رؤية آخرين على جانب واحد يستضيفون ما بدا وكأنه عرض أسلحة مرتجل للأطفال والمراهقين، حيث سمحوا لهم بحمل بنادقهم والتقاط الصور ومقاطع الفيديو.
في غضون ذلك، أظهرت لقطات من إسرائيل أنه على عكس الجولات السابقة لإطلاق سراح الرهائن، كانت “ساحة المختطفين” في تل أبيب شبه خالية، مع وجود عدد قليل جدا من الأشخاص الذين تحدوا الطقس الممطر.
وتم ربط صفوف من الأعلام الإسرائيلية، مع شرائط صفراء متشابكة مع نجمة داوود، بالحواجز.

قبل الساعة التاسعة صباحاً بقليل، بدأ موكب من سيارات الصليب الأحمر في طريقه إلى المسرح في جنوب خان يونس لاستلام الجثث.
بملصقاتها الدعائية الضخمة وأجوائها الاحتفالية، كان الحفل العام بعيدا كل البعد عن مراسم التسليم الخاصة واللائقة التي طلبتها اللجنة الدولية للصليب الأحمر من الحركة.
مع اقتراب سيارات الصليب الأحمر من المسرح، وقيام بعض المتفرجين بالتدافع وشق طريقهم عبر الحشود لإلقاء نظرة عن قرب، كشف عناصر حماس عن أربعة توابيت تحتوي على جثامين الرهائن الإسرائيليين القتلى، والتي كانت مخفية خلف ستار.

وقد تم وضع ملصق على التوابيت يحمل صورة كل رهينة، بالإضافة إلى رسالة دعائية.
وعلى المسرح، ظهرت لافتة دعائية كبيرة تصور رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على هيئة مصاص دماء فوق صور الرهائن الأربعة، وتندد بإسرائيل وتحلمها مسؤولية قتل الأربعة. كما عرضت حماس ذخائر يُزعم أن إسرائيل استخدمتها.
كما أظهرت لافتة على اثنين من التوابيت التي زُعم أنهما يحتويان على رفات شيري بيباس وليفشيتس “تاريخ الاعتقال” – 7 أكتوبر 2023، وهو اليوم الذي اختطفا فيه من منزليهما.
وكان الجيش قد أكد مسبقًا أن جميع الادعاءات التي قدمتها حماس بشأن كيفية وفاة الرهائن لم يتم التحقق منها، وأن أسباب الوفاة سيتم فحصها أثناء عملية تحديد الهوية.
وفيما بدا وكأنه محاولة لحماية كرامة الرهائن القتلى من الحشود المتدافعة، رفع ممثلو الصليب الأحمر ستائر صغيرة أثناء استلامهم للتوابيت، على الرغم من أن عناصر حماس ساروا بينهم، والتقطوا الصور أثناء عملهم. كما أظهرت لقطات حية بثتها قناة “الجزيرة” بوضوح عملية تسليم التوابيت.

وبينما غادر موكب الصليب الأحمر الحدث المعد لنقل الجثامين إلى القوات الإسرائيلية المتمركزة في القطاع، كانت الشاشات في ساحة المختطفين في تل أبيب – التي أصبحت الآن أكثر ازدحاما مما كانت عليه في وقت سابق من اليوم – تعرض صورا ومقاطع فيديو لليفشيتس وعائلة بيباس من قبل السابع من أكتوبر.
وفي أحد مقاطع الفيديو، بالإمكان رؤية ليفشيتس وهو يعزف البيانو، وأظهر مقطع آخر الطفل كفير وهو يضحك وهو يلعب مع والده ياردن.
وعُزفت موسيقى حزينة في الساحة وبرزت مجموعة من البالونات الصفراء والبرتقالية، التي ترمز إلى محنة الرهائن وإلى الشعر الأحمر للطفلين من عائبة بيباس، في السماء الرمادية.
تم اختطاف شيري سيلبرمان بيباس وولديها الصغيرين أريئل وكفير، اللذين كانا يبلغان من العمر 4 سنوات و9 أشهر تباعا وقت اختطافهما، من منزلهم في كيبوتس نير عوز خلال الاقتحام والمذبحة التي قادتها حماس في 7 أكتوبر 2023 في جنوب إسرائيل.
وقد اختُطف الثلاثة على يد أعضاء من جماعة “كتائب المجاهدين”، وهي فصيل مسلح صغير نسبيا في قطاع غزة، متحالف مع حماس.
وتم اختطاف والد العائلة، ياردن، بشكل منفصل على يد مسلحي حماس بعد أن ترك الغرفة الآمنة في منزل العائلة في نير عوز في محاولة لتشتيت انتباه المسلحين وإنقاذ عائلته. وقد تم إطلاق سراحه من غزة في الأول من فبراير.

أظهرت لقطات من الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل شيري بيباس وهي تحمل طفليها ذوي الشعر الأحمر بينما كان مسلحو كتائب المجاهدين يقتادونهم بعيدا. ونشر الجيش الإسرائيلي لاحقًا مقطع فيديو عثر عليه، يظهر نقلهم إلى موقع لكتائب المجاهدين في خان يونس في نفس اليوم.
ظل مصيرهم منذ ذلك الحين مجهولا، وزعمت كتائب المجاهدين وحماس في نوفمبر 2023 أنهم قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية. لم تؤكد إسرائيل هذا الادعاء، الذي قالت إنه دعاية قاسية، لكنها أقرت بوجود “مخاوف جدية” بشأن العائلة الشابة.
قُتل والدا شيري، مارغيت شنايدر سيلبرمان (63 عاما)، وزوجها يوسف خوسيه لويس (يوسي) سيلبرمان (67 عاما)، في منزلهما في نير عوز في 7 أكتوبر. وخلفا وراءهما ابنتهما دانا.
احتُجز ليفشيتس كرهينة لدى حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية بعد اختطافه من منزله في نير عوز. ولقد تم اختطاف زوجته يوخفيد بشكل منفصل وإطلاق سراحها من قبلا حماس بعد 16 يوما.

كان الزوجان، وهما من بين مؤسسي كيبوتس نير عوز، ناشطي سلام وكانا ينقلان المرضى من غزوة لتلقي الرعاية الطبية في المستشفيات في أرجاء إسرائيل بانتظام. وكان عوديد، الجد الأكبر في العائلة، صحفيا ومدافعا متحمسا عن حقوق الإنسان.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه عند استلام التوابيت الأربعة التي تحتوي على جثث الرهائن الأربعة القتلى، قام خبراء المتفجرات التابعون للجيش الإسرائيلي بإجراء فحص أمني عليها، لاستبعاد احتمال أن تكون مفخخة.
كما فحصت القوات الإسرائيلية إمكانية فتح أقفال التوابيت، حتى لا يكون هناك تأخير عند نقل الجثث إلى معهد الطب الشرعي في تل أبيب للتعرف عليها. وقال الجيش الإسرائيلي إن فتح جميع التوابيت ممكن.
كما فحص الجيش الإسرائيلي ما إذا كانت أي أغراض شخصية تخص الرهائن قد أعيدت مع الجثامين.
وبعد ذلك، تم لف النعوش بالأعلام الإسرائيلية في مراسم عسكرية قصيرة ترأسها الحاخام الأكبر للجيش الإسرائيلي العميد إيال كريم، الذي قرأ بصوت عال المزمور 83 بينما ألقىالجنود التحية العسكرية.
ولم يتم تلاوة صلاة الكاديش اليهودية من أجل الموتى في المراسم لأنه لم يتم التعرف على الجثامين بعد.

بعد ذلك حمل ضباط في الجيش الإسرائيلي التوابيت وأدخلوها في المركبات التي انتظرت لبدء رحلة العودة إلى إسرائيل لتحديد هوية الجثامين.
وقد عبرت المركبات التي كانت تقل الرهائن القتلى إلى إسرائيل قبل دقائق من منتصف النهار.
وقد رافقتهم الشرطة الإسرائيلية في قافلة إلى المركز الوطني للطب الشرعي في أبو كبير للتعرف على هوياتهم، وهي العملية التي قال مسؤولون في وزارة الصحة إنها قد تستغرق ما يصل إلى 48 ساعة.
لكن المسؤولين قالوا إنهم سوف يتمكنون في غضون ساعات قليلة من إطلاع العائلات على المدة التي قد تستغرقها العملية لتأكيد هويات أحبائهم.
وقال مكتب رئيس الوزراء إن إشعارا رسميا سيصدر للعائلات بعد التعرف على الجثامين، وطلب من الجمهور احترام خصوصيتهم والامتناع عن نشر الشائعات.
وقال مكتب رئيس الوزراء “قلوبنا معهم في هذا الوقت العصيب”.
واصطف الإسرائيليون على جانبي الشوارع المؤدية إلى معهد الطب الشرعي، وكثير منهم من كيبوتس نير عوز المدمر، حاملين الأعلام ومنتظرين للتعبير عن احترامهم.
وذكرت تقارير أن نتنياهو فكر لفترة وجيزة في المشاركة في الإجراءات على الجانب الإسرائيلي من حدود غزة أثناء إعادة الرهائن، ووفقا للقناة 12، تم وضع ترتيبات أمنية مساء الأربعاء لتمكينه من القيام بذلك.
إلا أنه في وقت لاحق من الليل، تقرر أنه لن يحضر. على الرغم من الدعوات المتعددة، لم يقم نتنياهو بزيارة نير عوز منذ المذبحة.

ولا يزال 66 من الرهائن محتجزين في غزة، من بينهم جثث 35 على الأقل أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم.
بالإضافة إلى الجثامين التي أعيدت الخميس، أفرجت حماس حتى الآن عن 24 رهينة – مدنيين ومجندات ومواطنين تايلانديين – خلال وقف إطلاق النار الذي بدأ في يناير. وأطلقت الحركة سراح 105 مدنيين خلال الهدنة التي استمرت أسبوعا في أواخر نوفمبر 2023، كما تم إطلاق سراح أربع رهائن قبل ذلك.
وحررت القوات الإسرائيلية ثماني رهائن أحياء، كما تم العثور على جثث 40 رهينة، بما في ذلك ثلاثة قُتلوا عن طريق الخطأ بنيران الجيش الإسرائيلي أثناء محاولتهم الهروب من خاطفيهم.
كما تحتجز حماس إسرائيلييّن اثنين دخلا القطاع في عامي 2014 و2015، بالإضافة إلى رفات جندي إسرائيلي قُتل في عام 2014. كما تم استعادة رفات جندي إسرائيلي آخر، قُتل هو أيضا في عام 2014، من غزة في يناير.
ساهم لازار بيرمان في هذا التقرير.