عودة إلى المحكمة الجنائية الدولية: المحكمة ستستمع إلى مزاعم ضد حكم إسرائيل المستمر منذ 56 عاما على الفلسطينيين
الجمعية العامة للأمم المتحدة تسعى إلى الحصول على رأي استشاري من المحكمة العالمية يقول إن سيطرة إسرائيل المستمرة منذ عقود على الضفة الغربية والقدس الشرقية غير قانونية
مع استمرار الضغوط القانونية الدولية على إسرائيل بسبب حربها ضد حماس في غزة، ستواجه إسرائيل مزيدا من التدقيق في محكمة العدل الدولية الأسبوع المقبل بشأن حكمها المستمر منذ 56 عاما في الضفة الغربية.
بعد إحالة طلب من الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى لاهاي في ديسمبر 2022، ستعقد محكمة العدل الدولية جلسات تستمر لستة أيام اعتبارا من يوم الإثنين حيث ستعطي 52 دولة رأيها في سلوك وممارسات إسرائيل في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وكذلك في قطاع غزة قبل 7 أكتوبر.
ومع ذلك، فإن محكمة العدل الدولية، أعلى هيئة قانونية للأمم المتحدة، لن تكون قادرة إلا على إصدار رأي استشاري لأنه تم إحالة القضية إليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة. ولا تقبل إسرائيل وجود اختصاص للمحكمة بشأن سيطرة الدولة اليهودية على الضفة الغربية. (في الطلب الذي تقدمت به جنوب أفريقيا إلى محكمة العدل الدولية والذي زعمت فيه أن إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية في غزة في الصراع الحالي، كان للمحكمة اختصاص قضائي لأن إسرائيل طرف في اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية، وبالتالي كانت ملزمة بمواجهة الادعاءات المقدمة ضدها).
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
ليس للآراء الاستشارية أي تداعيات قانونية ملزمة لإسرائيل، لذا فإن التأثير على أرض الواقع ضد إسرائيل سيكون ضئيلا. ومع ذلك، فإن أي رأي يجد عيوبا في ممارسات إسرائيل من شأنه أن يزيد من الضغوط الدبلوماسية الثقيلة أصلا التي تُمارس عليها.
وترفض إسرائيل اختصاص المحكمة في حكمها في الضفة الغربية، بحجة أنه لا ينبغي إصدار آراء استشارية عندما يكون جوهر الأمر نزاعا سياسيا وليس قانونيا، ولذلك فإن القدس لن ترسل وفدا إلى لاهاي لتقديم حججها المضادة.
وكانت المحكمة قد أصدرت في السابق رأيا استشاريا ضد إسرائيل، عندما طلبت منها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 2003 الحكم على شرعية الجدار الفاصل الذي أقامته إسرائيل خلال الانتفاضة الثانية على طول الخط الأخضر، ودخوله أيضا أراضي الضفة الغربية في أجزاء كبيرة منه.
خلصت المحكمة في قرارها الصادر في عام 2004 إلى أن الجدار غير قانوني وأنه ينبغي على إسرائيل تفكيك المقاطع المبنية داخل الضفة الغربية. بما أن حكمها كان رأيا استشاريا وغير ملزم، فلم يكن له تأثير حقيقي أو تداعيات قانونية على إسرائيل، ولم يتم هدم أي جزء من الجدار.
ومع ذلك، فإن مكانة وسمعة محكمة العدل الدولية، التي تُعرف أيضا بالمحكمة العالمية، يعني أن ما سيحدث في الأسبوع المقبل في لاهاي سيكون له بعض الأهمية الرمزية لمكانة إسرائيل الدولية والدبلوماسية.
سيطرت إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية بعد هزيمة الجيش الأردني خلال حرب “الأيام الستة” عام 1967، وأحكمت قبضتها على الأراضي منذ ذلك الحين، حيث قامت ببناء وتوسيع المستوطنات في المنطقة التي تضم الآن حوالي 500 ألف مستوطن في الضفة الغربية وحدها، ونحو 230 ألف إسرائيلي يعيشون في الأحياء اليهودية في القدس الشرقية.
ولقد دعا السياسيون الإسرائيليون من اليمين المتشدد لسنوات عديدة إلى ضم الضفة الغربية، بما في ذلك وزراء كبار في الحكومة الحالية، في حين استبعد العديد من وزراء حزب “الليكود” مرارا فكرة قيام دولة فلسطينية في المنطقة ودعموا التوسع الاستيطاني.
سيكون قيد المناقشة خلال جلسات الأسبوع المقبل طلب الجمعية العامة للأمم المتحدة للحصول على رأي استشاري بشأن ما يمكن أن تكون “العواقب القانونية” للحكم الإسرائيلي المستمر منذ فترة طويلة في الضفة الغربية والقدس الشرقية.
وعلى وجه التحديد، يسأل الطلب المحكمة عن العواقب القانونية “الناتجة عن انتهاك إسرائيل المستمر لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وعن احتلالها المستمر منذ فترة طويلة واستيطانها وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك التدابير الرامية إلى تغيير التركيبة الديموغرافية وطابع ومكانة مدينة القدس المقدسة، ومن اعتماد التشريعات والتدابير التمييزية ذات الصلة”.
وستبدأ الإجراءات يوم الاثنين، حيث ستقدم دولة فلسطين مرافعة شفوية، والتي تم تخصيص مدة ثلاث ساعات لها. وعلى مدار الأسبوع، ستقدم 52 دولة أخرى، بالإضافة إلى منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأفريقي، عروضا شفوية مدتها 30 دقيقة أمام المحكمة، بدءا بجنوب أفريقيا.
ومن المتوقع أن يتخذ عدد كبير من الدول التي ستقدم مرافعات شفوية خلال الجلسة موقفا عدائيا تجاه إسرائيل، بما في ذلك بنغلادش وكوبا وإيران وباكستان وغيرها. وتشمل الدول الأخرى روسيا، التي تحتل حاليا مساحات كبيرة من أوكرانيا بالإضافة إلى منطقتين في جورجيا، وتركيا، التي تحتل حاليا عدة مناطق في سوريا.
وستقدم الدول الغربية مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وهولندا وفرنسا والمجر، من بين دول أخرى، حججا شفوية وقد تتخذ أساليب أكثر اعتدالا بشأن هذه القضية.
وأشار قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بالموافقة على طلب الرأي الاستشاري إلى جوانب عديدة من سيطرة إسرائيل على الضفة الغربية والقدس الشرقية وسياساتها تجاه غزة. القرار لا يعترف بالطبيعة السياسية المعقدة والمتنازع عليها للصراع الإسرائيلي الفلسطيني وعواقب هذا الواقع على الأرض.
وأعربت الجمعية العامة في قرارها عن “قلقها العميق” بشأن “القيود الشديدة” المفروضة على حرية التنقل للفلسطينيين، وعنف المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين، وما وصفته بـ”الوضع الانساني الكارثي” في غزة، قبل النزاع الحالي.
وطالب القرار إسرائيل بوقف “التهجير القسري للمدنيين”، مشيرا بشكل خاص إلى تهجير بعض التجمعات البدوية؛ وقف “نقل سكانها إلى الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية”؛ وقف جميع الأنشطة الاستيطانية؛ ورفع الحصار عن غزة.
وقال البروفيسور روبي سابيل، وهو باحث في القانون الدولي في الجامعة العبرية، إن الهدف النهائي لطلب الرأي الاستشاري هو الحصول على قرار من المحكمة بأن حكم إسرائيل على الضفة الغربية غير قانوني، والحصول على بيان بشأن العواقب التي تترتب على ذلك.
لكنه أشار إلى أن القرار لا يتضمن حججا قانونية، بل هو عبارة عن مجموعة من الاستنتاجات السياسية للجمعية العامة.
وقال سابيل: “لقد قرروا بالفعل أن [إسرائيل] ارتكبت هذه الجرائم، ويقررون أن [الأراضي] هي أرض فلسطينية، في حين أنها أرض متنازع عليها”.