“على حافة الفوضى”: رئيس الأركان الإسرائيلي يدق ناقوس الخطر بعد اقتحام حشد من اليمين لقاعدة أخرى
بعد إبعادهم عن منشأة "سديه تيمان"، الناشطون يقتحمون قاعدة "بيت ليد"، حيث يتم احتجاز الجنود المشتبه بهم بتعذيب معتقل من غزة؛ وزراء ونواب من المعارضة يشجعون وينضمون إلى ساعات من الاحتجاجات
اقتحم ناشطون من اليمين المتطرف مساء الاثنين قاعدة عسكرية احتجز فيها جنود محتجزين للاستجواب بشبهة تعذيب معتقل فلسطيني، بعد ساعات من اقتحام حشد من اليمين المتطرف لقاعدة منفصلة بسبب الاعتقالات.
أثارت المشاهد الفوضوية للاقتحامات الجماعية يوم الاثنين، والتي أججها العديد من أعضاء الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، والذين شارك بعضهم في عمليات الاقتحام بالقوة، إدانة غاضبة من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هليفي، الذي قال إنهم أضروا بالجيش وأمن إسرائيل وجهود الحرب.
وانتقد نتنياهو وهليفي ووزير الدفاع يوآف غالانت والرئيس يتسحاق هرتسوغ بشدة أعمال الشغب خارج قاعدة “سديه تيمان” ودعوا إلى الهدوء، لكن كلماتهم لم تمنع حشدا خارج قاعدة بيت ليد العسكرية في وسط إسرائيل من تنفيذ اقتحام مماثل.
اندلعت الاحتجاجات في وقت سابق من اليوم بسبب اعتقال تسعة جنود يشتبه في ارتكابهم انتهاكات خطيرة بحق معتقل فلسطيني في منشأة سديه تيمان العسكرية في جنوب إسرائيل، مما أثار احتجاجات في صفوف السياسيين من اليمينين المتطرف.
حشد نواب اليمين بما في ذلك وزير الأمن القومي إيتمار بن جفير ووزير التراث عميحاي إلياهو وعضو الكنيست عن حزب “الصهيونية المتدينة” تسفي سوكوت أنصارهم، ودعوهم إلى الاحتشاد عند مدخل سديه تيمان للاحتجاج على اعتقال الجنود.
وكان سوكوت والياهو وعضو الكنيست عن حزب “الليكود” نيسيم فاتوري من بين الذين تم تصويرهم وهم يدخلون القاعدة العسكرية بشكل غير قانوني وسط أعمال الشغب.
وبعد انتقالهم من سديه تيمان إلى بيت ليد، حيث تم جلب الجنود لاستجوابهم، اقتحم عشرات المحتجين أيضا تلك القاعدة، التي تضم الشرطة العسكرية وبعد المحاكم العسكرية. وقُدر عدد الناشطين الذين تجمعوا خارج بيت ليد بنحو 1200 ناشط.
בתי הדין הצבאיים בבסיס בית ליד
צילום: איציק שאג pic.twitter.com/Oqd5mrnQ7f
— יענקי כהן | Yanki Coen (@yankicoen) July 29, 2024
وقالت الشرطة مساء الاثنين إنها فرقت الحشد الذي اقتحم بيت ليد، وجاء في بيان صدر عنها أن “عددا من المواطنين” اقتحموا القاعدة وإنهم “تفرقوا في غضون دقائق”. ولم يتم الإعلان عن تنفيذ اعتقالات في أي من الحادثين.
מפגיני הימין מנסים לפרוץ את הכלא כדי לשחרר את העצורים. איפה הצבא? איפה המשטרה? איפה השב״כ? pic.twitter.com/FuBrHmLDp1
— Yoav Ribak (@YoavRibak) July 29, 2024
بعض المتظاهرين الذين شاركوا في أعمال الشغب في بيت ليد ارتدوا زي الجيش الإسرائيلي ويبدو أنهم كانوا مسلحين.
وأظهرت صورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي عضو الكنيست عن حزب الليكود تالي غوتليف وهي تقف إلى جانب مثيري الشغب الملثمين وتتحدث إلى الحشد.
وكانت غوتليف قد شجعت في وقت سابق أنصارها على التجمع في القاعدة تضامنا مع الجنود المحتجزين. وحثت أنصارها على الحضور بأعداد كبيرة، مرددة تصريحات لسياسيين يمينيين آخرين شجعوا أيضا على أعمال الشغب.
המהומה בבית ליד: רעולי פנים חמושים במדים על משאית, לצד ח”כ גוטליבhttps://t.co/G5clWDCVSw
צילום: רענן בן צור pic.twitter.com/D66VJIM9sE
— ynet עדכוני (@ynetalerts) July 29, 2024
وفي وقت لاحق، زار هليفي، الذي أبدى دعمه الكامل للتحقيق الذي تجريه المدعية العامة العسكرية الميجر جنرال يفعات تومر يروشالمي والشرطة العسكرية في قضية تعذيب المشتبة به، وزار القوات في بيت ليد في وقت لاحق، قائلا إن ما حدث كان على حافة الفوضى.
وقال هليفي: “لقد أتينا إلى بيت ليد… للتأكد من عدم حدوث أي شيء أكثر خطورة. إن وصول مثيري الشغب ومحاولات اقتحام القواعد هو سلوك خطير، ومخالف للقانون، وعلى حافة الفوضى، ويضر بجيش الدفاع، وأمن الدولة، والمجهود الحربي”.
وقال غالانت أنه تحدث مع هليفي وأبلغه أن الجيش الإسرائيلي يحظى بدعمه الكامل “لاتخاذ التدابير والتصرف على الفور لمنع المواطنين غير المصرح لهم من دخول قواعد جيش الدفاع”.
وانتقد اقتحام قاعدة بيت ليد ووصفه بأنه “حادث خطير يضر بالديمقراطية الإسرائيلية بشكل خطير ويخدم مصالح عدونا في أوقات الحرب”.
وأضاف غالانت: “أدعو شرطة إسرائيل إلى التحرك فورا ضد أولئك الذين يخالفون القانون، وأدعو جميع المسؤولين المنتخبين إلى الامتناع عن التصريحات غير المسؤولة التي تجر جيش الدفاع إلى الساحة السياسية”.
وقال الجيش إن العديد من فرق الجيش الإسرائيلي من الضفة الغربية وغيرها من الفرق غير المنتشرة حاليا تم إرسالها إلى بيت ليد مساء الاثنين، وسيتم إرسال العديد من الكتائب إلى هناك بحلول يوم الثلاثاء لتعزيز الدفاعات. ونفى الجيش سحب أي قوات من غزة لحماية القاعدة، لكنه حذر مع ذلك من أن أعمال الشغب في القواعد تضر بشكل مباشر بأمن إسرائيل.
وأشار الجيش إلى أن أعمال الشغب كانت بمثابة تشتيت كبير عن العمل الجاري لوضع خطط للعمل الانتقامي ضد حزب الله في لبنان في أعقاب هجوم صاروخي في نهاية الأسبوع في مرتفعات الجولان أسفر عن مقتل 12 طفلا.
واضطر كبار ضباط الجيش الإسرائيلي، من ضمنهم هليفي، إلى وقف المناقشات الحساسة حول الأعمال العدائية في الشمال للتعامل مع التسلل إلى القواعد.
بدأ التحقيق مع الجنود بعد نقل مشتبه به فلسطيني من القاعدة إلى المستشفى مع ظهور علامات تعذيب خطيرة على جسده، بما في ذلك فتحة الشرج. وقد اعتقله الجيش في قطاع غزة قبل عدة أسابيع.
وزعمت منظمة المساعدة القانونية اليمينية “حونينو”، التي تمثل أربعة من جنود الاحتياط، يوم الاثنين، أن موكليها تصرفوا دفاعا عن النفس في الحادث.
وقالت المنظمة في بيان لها إن الأسير هاجم الجنود وعضهم أثناء نقله من سجن عوفر إلى معتقل سديه تيمان قبل نحو شهر، مضيفة أن أحد جنود الاحتياط أصيب في الحادثة.
وبحسب تقرير لإذاعة الجيش، فإن الاعتداء نفسه وقع قبل ثلاثة أسابيع في سديه تيمان، وتم العثور على المشتبه به في تهم تتعلق بالإرهاب في القاعدة العسكرية وهو في حالة حرجة وتم نقله إلى المستشفى للعلاج والجراحة. وقال التقرير إنه لم يعد في حالة تهدد حياته الآن.
في غضون ذلك، أصدر وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش بيانا قال فيه إن الاحتجاجات ضد اعتقال الجنود “مبررة وأنا أؤيدها من كل قلبي”.
ومع ذلك، أصدر سموتريتش دعوة إلى أنصاره “لإتباع القانون وحماية نزاهة الجيش والشعب”، وعدم اقتحام قواعد الجيش أو “الاشتباك مع إخواننا الجنود وأفراد الشرطة”.
“محاولة إنقلاب ضد رئيس وزراء ضعيف”
قال زعيم المعارضة يائير لبيد إن أعمال الشغب التي وقعت يوم الاثنين أظهرت أن نتنياهو “ضعيف” وفقد السيطرة على حكومته، وحثه على إقالة الوزراء المتورطين في عمليات الاقتحام.
وحذر في بيان: “نحن لسنا على شفا الهاوية، نحن في الهاوية. لقد تم تجاوز جميع الخطوط الحمراء اليوم”.
“هذه ليست أعمال شغب، إنها محاولة تمرد لميليشات مسلحة ضد رئيس وزراء ضعيف غير قادر على السيطرة على حكومته”، مضيفا أن المشرعين الذين اقتحموا القواعد العسكرية يبعثون برسالة مفادها أنهم “اكتفوا من الديمقراطية، واكتفوا من سيادة القانون”.
واختتم بيانه بالقول “إن مجموعة فاشية خطيرة تهدد وجود دولة إسرائيل. إنهم أفضل ما حدث لـ [حاكم غزة] يحيى السنوار و [الأمين العام لحزب الله حسن] نصر الله. إذا لم نقف في وجههم، فإن الدولة ستنهار. إذا لم يقم نتنياهو بطرد الوزراء الذين شاركوا في هذه الاقتحامات العنيفة اليوم، فهو غير لائق لتمثيل دولة إسرائيل”.
وأعلنت عضو الكنيست عن حزب “العمل” نعمة لازيمي على منصة “إكس” أنها تقدمت بشكوى ضد سوكوت وفاتوري إلى لجنة السلوكيات في الكنيست بسبب تورطهما في اقتحام سديه تيمان.
وكانت شانا أورليك من حركة “هيتعوريروت” قد تقدمت في وقت سابق بشكوى للشرطة ضد سوكوت بسبب اقتحام سديه تيمان، والذي أشارت إلى أنه جريمة جنائية يعاقب عليها بالسجن.
الجدال مع وصول الشرطة العسكرية
اندلعت أعمال العنف في سدي تيمان عندما وصل محققو الشرطة العسكرية إلى القاعدة صباح يوم الاثنين لاعتقال جنود مشتبه بهم، وفقا للجيش. وأظهرت لقطات بثتها القنوات التلفزيونية أفراد الشرطة العسكرية، بعضهم ملثمين، وهم يقتادون جنديا بعيدا.
واندلعت مشادة كلامية حادة بين محققي الشرطة العسكرية والجنود في القاعدة، وتوجهت مجموعة من المشرعين والناشطين من اليمين المتطرف نحو سديه تيمان للانضمام إلى المشاجرة، غاضبين من احتجاز الجنود، ثم اقتحم بعض المحتجين القاعدة.
وفقا لموقع “واينت” الإخباري، تعرض العديد من الصحفيين الذين حاولوا تغطية أعمال الشغب للهجوم من قبل المتظاهرين، بما في ذلك مراسلة الموقع إيلانا كورييل، مما استلزم تدخل الشرطة لحمايتها.
وقال المراسلة “قاموا بدفعي وبصقوا علي ووصفوني بالعاهرة وعاهرة العرب والخائنة. قاموا بإلقاء هاتفي مرتين”.
وبحسب الموقع الإخباري، حاول المتظاهرون في بيت ليد في وقت لاحق من اليوم منع السيارات من دخول القاعدة، وطالبوا بتفتيشها وعدم السماح بدخول سيارات تنقل جنودا يشتبه في ارتكابهم جرائم.
وتُتهم إسرائيل بانتظام بارتكاب انتهاكات وجرائم أخرى ضد الفلسطينيين، وتؤكد أن مثل هذه الأفعال لا يتم التسامح معها وتزعم أنها تراقب جيشها بصرامة، على الرغم من أن المنتقدين يزعمون أن قلة قليلة من الجنود تتم إدانتهم بارتكاب جرائم. وقد أثارت التحركات لمقاضاة جنود بتهمة ارتكاب انتهاكات مزعومة الغضب في الماضي، حيث زعم البعض في اليمين أن القوات التي تتعامل مع مواقف معقدة ومعادية في كثير من الأحيان يجب أن تُمنح قدرا من الحصانة.
وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، رئيس حزب “عوتسما يهوديت” القومي المتطرف، إنه من “المخزي” أن تعتقل إسرائيل “أفضل أبطالنا”، بينما قال سموتريتش إن “جنود جيش الدفاع يستحقون الاحترام” ويجب ألا يتم التعامل معهم باعتبارهم “مجرمين”.
في مقطع فيديو تم تصويره في القاعدة، يظهر سوكوت وهو يقول “لا يمكننا التحقيق مع الجنود حتى نحقق مع أولئك الذين فشلوا” في منع 7 أكتوبر. وقال للمحتجين وهو يحمل مكبر صوت: “ليس لدينا جيش آخر، هذه مظاهرة مهمة، فلنخرج ودعونا نمتنع عن الدخول في قتال مع الجنود”.
وأعلن رئيس لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست يولي إدلشتين وسط الاستهجان والاستنكار نيته عقد جلسة عاجلة يوم الثلاثاء لمناقشة اعتقال الجنود.
وقال إدلشتين: “لن أساهم في مشاهد مثل تلك التي رأيناها اليوم في قاعدة سديه تيمان. إن الوضع الذي يقوم فيه عناصر الشرطة العسكرية الملثمون بمداهمة قاعدة لجيش الدفاع غير مقبول بالنسبة لي، ولن أسمح بحدوث ذلك مرة أخرى. إن جنودنا ليسوا مجرمين وهذا الملاحقة الحقيرة لجنودنا غير مقبولة بالنسبة لي”.
وزير العدل يحيي الدعوة لإصلاح شامل
ألقى وزير العدل ياريف ليفين باللوم على محكمة العدل العليا ـ التي ينتقدها بشكل متكرر ـ في اعتقال الجنود، مدعيا أن هذه الخطوة تبرر إحياء جهوده لإصلاح القضاء التي تم تعليقها منذ اندلاع الحرب.
وقال ليفين: “لقد صدمت عندما رأيت الصور الصعبة للجنود الذين يتم اعتقالهم في سديه تيمان بطريقة يتم بها اعتقال المجرمين الخطرين”، مجادلا بأن الجنود المعنيين كانوا منخرطين في “عمل مقدس” وأن اعتقالهم كان نتيجة “تشويه أخلاقي يبدأ من الأعلى، من أحكام وقرارات المحكمة العليا”.
وقد حثت عريضة قدمتها جمعية حقوق المواطن في إسرائيل إلى المحكمة العليا على إصدار أمر للدولة بإغلاق سديه تيمان بعد ظهور تقارير في الأشهر الأخيرة عن إساءة معاملة المعتقلين في المنشأة.
وزعمت التقارير وجود انتهاكات واسعة النطاق بحق السجناء، بما في ذلك الاستخدام المفرط للقيود الجسدية، والضرب، وإهمال المشاكل الطبية، والعقوبات التعسفية، وغير ذلك.
في مايو، أعلن الجيش الإسرائيلي أنه يحقق في تقارير عن إساءة معاملة وتعذيب المعتقلين المحتجزين في سديه تيمان في أعقاب تقارير متعددة تفيد بأن الأسرى يتعرضون لمعاملة سيئة للغاية.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، قال نتنياهو للمحكمة العليا إن سديه تيمان يجب أن يُستخدم فقط للاحتجاز والاستجواب قصير المدى للمعتقلين الأمنيين الفلسطينيين الذين يتم القبض عليهم في غزة.
وعادة ما يتم احتجاز نشطاء مشتبهين بتهم تتعلق بالإرهاب وغيرهم من المشتبه بهم في البداية في مرافق الاحتجاز في قواعد سديه تيمان وعناتوت وعوفر العسكرية، قبل تسليمهم إلى مصلحة السجون الإسرائيلية.
وفي أعقاب مزاعم الإساءة والتعذيب والالتماس الذي تقدمت به جمعية حقوق المواطن إلى المحكمة العليا، أعلنت الدولة أن الجيش الإسرائيلي سوف يوقف تدريجيا استخدام سديه تيمان، وبدأت عمليات نقل السجناء على الفور.