“على بعد خطوة من النصر”، نتنياهو يقول إن ادعائه في شهر أبريل لم يكن مقصودا حرفيا
رئيس الوزراء يقول لوسائل الإعلام الأجنبية إنه كان يقصد أن هجوم رفح سوف "يمهد الطريق" للانتصار؛ وعندما سُئل عن سبب استغراق الاستيلاء على فيلادلفيا 7 أشهر، قال إن الجيش الإسرائيلي، بدعم منه، أعطى الأولوية لأهداف أخرى
في مؤتمر صحفي عقده يوم الأربعاء مع الصحافة الأجنبية، عرض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو مواقفه بشأن حالة الحرب في غزة، وخاصة تركيزه الجديد على حدود القطاع مع مصر، المعروفة باسم محور فيلادلفيا، ورفضه سحب القوات الإسرائيلية من هناك من أجل التوصل إلى اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن.
طُلب من نتنياهو أن يشرح ادعائه في شهر أبريل الماضي بأن إسرائيل على بعد “خطوة واحدة فقط من النصر” ضد حماس. يبدو أن البلاد لم تحقق هذا الهدف بعد خمسة أشهر، ومستشار الأمن القومي تساحي هنغبي قال إن الحرب من المتوقع أن تستمر حتى عام 2025.
وقال نتنياهو للصحافيين خلال المؤتمر الصحفي باللغة الإنجليزية “ما قصدت قوله [آنذاك] هو أننا كنا على بعد خطوة واحدة من الشيء الحاسم الذي سيمهد طريقنا إلى النصر”، في إشارة إلى الهجوم على رفح الذي شنته إسرائيل في أوائل مايو.
وقال: “لم أكن أعتقد أننا يمكن أن نحقق هذا النصر لو لم ندخل رفح، وقد صمدتُ أمام قدر كبير من الضغوط الدولية والضغوط الأميركية [من أجل] الدخول إلى رفح وإلى فيلادلفيا”.
“الآن أصبحنا في وضع يسمح لنا بتدمير حماس عسكرياً. وما زال هناك عمل يتعين علينا القيام به لتدمير قدرتها على الحكم. أنا لا أريد إدارة غزة، ولكنني أريد أن أسلب حماس هذه السلطة”.
وجدد رئيس الوزراء مطالبه باستمرار التواجد العسكري الإسرائيلي على الحدود بين غزة ومصر خلال المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل، ولو بشكل مخفف.
وقال إن إسرائيل لن تتمكن من العودة إذا غادرت المحور. “لن نغادر لمدة 42 يومًا [من المرحلة الأولى من أي صفقة رهائن]. نحن هناك”. وفيما يتعلق بمنتقدي موقفه، قال “يقولون أنه إذا بقيت، فهذا سيقتل الصفقة. وأنا أقول، هذه الصفقة ستقتلنا”.
وقال أنه إذا انسحبت إسرائيل من الحدود بين غزة ومصر، “سنتمكن من تحرير عددا قليلا من الرهائن ـ سوف يعطوننا ذلك. ولكنهم سوف يتركون عندهم الكثير”. وبهذا تكون إسرائيل قد فقدت “نقطة الضغط” التي تمارسها على حماس.
وقد تناول المؤتمر الصحفي العديد من النقاط ذاتها التي تناولها مؤتمره الصحفي العبري في وقت سابق من الأسبوع، وكما فعل آنذاك، استخدم نتنياهو خريطة ليُظهر للصحافيين ما أكد أنه ضرورة إبقاء قوات الجيش الإسرائيلي على طول الحدود.
ومنذ سيطرتها على المنطقة الحدودية في مايو، اكتشفت القوات الإسرائيلية العديد من أنفاق التهريب تحتها، والتي تقول إن حماس استخدمتها لتسليح نفسها على نطاق واسع في السنوات الأخيرة. وأصبح محور فيلادلفيا نقطة خلاف في مفاوضات الإفراج عن الرهائن، حيث قال نتنياهو إن إسرائيل لن تنسحب، وقالت حماس إنها لن تقبل بأي شيء أقل من الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية.
وسلط نتنياهو الضوء على المسافة القصيرة بين القطاع الفلسطيني والبلدات الحدودية الإسرائيلية، وكذلك القدس وتل أبيب وبئر السبع، وزعم أن محور فيلادلفيا كان حاسما لقدرة حماس على تسليح نفسها، وقال إن قدرتها على القيام بذلك مكنتها من تنفيذ هجوم 7 اكتوبر.
وقال نتنياهو إن الرقابة على الحدود ضرورية ليس فقط لمنع حماس من مهاجمة إسرائيل، ولكن أيضا لمنعها من “ترهيب شعب غزة”.
وأضاف: “لا يمكن أن يكون لغزة مستقبل إذا ظلت غزة مليئة بالثغرات وإذا يتم تمكين إعادة تسليح غزة عبر محور فيلادلفيا”.
وتشير التقارير إلى أن نتنياهو على خلاف مع جزء كبير من المؤسسة الدفاعية، حيث يزعم كبار المسؤولين، بما في ذلك وزير الدفاع ورئيس الأركان، أن إسرائيل يمكن أن تنسحب من وثم تعود إلى محور فيلادلفيا في وقت لاحق، وأن استبعاد الانسحاب الإسرائيلي حتى المؤقت يعني إحباط أي فرصة لإعادة الرهائن أحياء.
وزعم منتقدو رئيس الوزراء من المعارضة أن محور فيلادلفيا لم يشكل مصدر قلق كبير بالنسبة له في السابق، واتهموه باستغلال القضية كذريعة لتجنب التوصل إلى اتفاق.
وأضاف نتنياهو أنه في الواقع “إذا كنتم تريدون إطلاق سراح الرهائن، عليكم التمسك بمحور فيلادلفيا” بسبب الضغوط التي يفرضها على حماس.
وعندما سُئل نتنياهو عن سبب انتظار إسرائيل سبعة أشهر كاملة منذ بدء الحرب للسيطرة على الحدود بين غزة ومصر ــ إذا كان الحفاظ على هذه الحدود في غاية الأهمية حقا ــ لم يجب بشكل مباشر، واكتفى بالقول إن الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية، بدعم من القيادة السياسية، كانت تتلخص في تركيز الجيش أولا على شمال غزة قبل أن يتجه جنوبا.
وأضاف أن هذا أدى إلى قيام الجيش الإسرائيلي بقتل ما يقارب من 20 ألفا من عناصر حماس وقادتها الكبار، وسمح له بالسيطرة على مدينة غزة ومستشفى الشفاء، الذي استخدمته الحركة كمركز قيادة رئيسي.
وأكد أن خطته منذ البداية كانت الدخول إلى رفح ومحور فيلادلفيا.
“لقد استغرق الأمر بعض الوقت، ولكن التقدم العسكري هو الذي أدى إلى النتيجة. لقد وصلنا إلى هناك الآن”، صرح رئيس الوزراء.
وقال: “إذا غادرنا فلن نعود. أنت تعلم ذلك. الجميع هنا يعلمون ذلك. الجميع هنا يعرفون الضغوط [الدبلوماسية] التي ستُمارس علينا حتى لا نعود”.
وزعم نتنياهو أيضا أن حماس يمكن أن تهرب الرهائن من غزة إلى إيران أو اليمن إذا لم تسيطر إسرائيل على محور فيلادلفيا، على الرغم من عدم ذكر هذه المخاوف قبل سيطرة الجيش الإسرائيلي على الحدود في شهر مايو.
وقال: “نحن نتحدث عن المرحلة الأولى – 42 يومًا [خلالها] نبقى هناك بانتشار مقلص إلى حد ما لأننا لا نحتاج إلى قوة كبيرة هناك”.
وقال نتنياهو إن إسرائيل وافقت خلال تلك المرحلة الأولى على البدء في مناقشات حول وقف إطلاق النار الدائم، وهو المرحلة الثانية من الاتفاق.
وأضاف أن غزة لا يمكن أن تظل منزوعة السلاح في نهاية الحرب إلا إذا ظل محور فيلادلفيا “تحت السيطرة الصارمة ولم يعد خط إمداد للأسلحة ومعدات الإرهاب”.
وقال إن “شخصا ما يجب أن يكون هناك”، في إشارة على ما يبدو إلى الترتيبات بعد الحرب، مضيفا أنه لا يهتم بمن، طالما أن الحدود ليست “مثقوبة”.
“أحضروا لي أي شخص يستطيع أن يظهر لنا بالفعل – ليس على الورق، وليس بالكلمات، وليس في شريحة – ولكن على الأرض، يومًا بعد يوم، أسبوعًا بعد أسبوع، شهرًا بعد شهر، أنه يمكنهم بالفعل منع تكرار ما حدث هناك من قبل”.
وأضاف رئيس الوزراء: “نحن منفتحون على دراسة هذا الأمر، ولكنني لا أرى أن ذلك سيحدث، وإلى أن يحدث ذلك، سنبقى هناك”.
وقال إن وقف إطلاق النار الذي استمر أسبوعاً في نوفمبر، والذي شهد إطلاق سراح أكثر من 100 رهينة، لم يحدث إلا نتيجة “لغزونا [لغزة] والضغوط العسكرية التي مارسناها. لقد سلمتنا حماس الرهائن. وبعد ذلك، فكرت حماس: سوف يتحول الضغط الدولي إلى إسرائيل، ولذلك لن نضطر إلى تقديم أي تنازلات”.
“ولكن بعد [غزو] رفح، بدأوا في تغيير لهجتهم، إذا غادرنا رفح، وإذا غادرنا محور فيلادلفيا، فلن تكون هناك أي ضغوط. ولن نتمكن من الحصول على الرهائن”.
ونقلت صحيفة “هآرتس” يوم الأربعاء عن مصدر في الائتلاف لم تسمه قوله إن نتنياهو قرر قبل عدة أسابيع أنه لا يريد التوصل إلى صفقة إطلاق سراح الرهائن في ظل الضغوط من شركائه في الائتلاف من اليمين المتطرف.
“لقد وجد أن قضية محور فيلادلفيا يمكن أن تكسبه دعم اليمين المعتدل أيضًا، وأنه يمكن أن يكسب نقاطا في هذا الصدد”.
وأشارت الصحيفة إلى أن المصدر لم يكن وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي دخل في مواجهة مع نتنياهو بشأن هذه المسألة، ما يشير إلى أن الاستياء من رئيس الوزراء داخل الائتلاف يتجاوز وزير الدفاع.
ومع ذلك، زعم المصدر المجهول أن “أيا من الوزراء، حتى أولئك الذين يعرفون أن نتنياهو يعرقل الصفقة، لن يفعلوا أي شيء. بقاءهم السياسي يعتمد على استمرار الحكومة، لذا فإن هذا الوضع سيستمر. نتنياهو سيقود إلى حرب لا نهاية لها لأن هذا هو الأفضل له”.
تم استجواب نتنياهو بشأن عدد القتلى المدنيين في غزة خلال المؤتمر الصحفي. وتقدر وزارة الصحة التي تديرها حماس عدد القتلى في الحرب بنحو 41 ألف قتيل، رغم أنها لا تفرق بين المدنيين والمقاتلين.
وقال نتنياهو إن نحو 17 إلى 18 ألف من عناصر حماس قتلوا، في حين أقر بأن الرقم يبدو مساويا تقريبا لعدد القتلى المدنيين.
وقال إن الجيش الإسرائيلي، الذي يقاتل في القطاع المكتظ بالسكان والمليء بشبكات الأنفاق الواسعة، حقق “أدنى نسبة من القتلى المدنيين إلى المقاتلين في تاريخ الحرب الحضرية الحديثة – نسبة 1 إلى 1”.
وأكد أن إسرائيل تتخذ الاحتياطات اللازمة للحد من الإصابات بين المدنيين، مشيرا إلى أنها مكنت مؤخرا من تنفيذ حملة تطعيم واسعة النطاق ضد شلل الأطفال في جميع أنحاء القطاع.
وأضاف: “نعتقد أن كل وفاة مدنية هي مأساة. وبالنسبة لحماس فإن كل وفاة مدنية هي استراتيجية”.
وقال أيضا إن إسرائيل عملت على ضمان إبعاد الفلسطينيين عن مناطق الخطر قبل أن تشن هجماتها. وأشار إلى المعارضة الدولية الشرسة التي واجهتها إسرائيل بسبب خططها لإجلاء أكثر من مليون فلسطيني من رفح قبل شن هجومها هناك، في حين أشار إلى أن الإجلاء تم بسلاسة إلى حد ما وأن التوقعات بوقوع خسائر بشرية كبيرة بين المدنيين في الهجوم أثبتت أنها لا أساس لها من الصحة.
وقال للصحافة الأجنبية: “قولوا الحقيقة، لأنكم اتهمتمونا بشيء فاضح، وفي الواقع، فإن الاتهامات الموجهة إلينا تبين أنها كاذبة بشكل فاضح”.
وقال نتنياهو إن “الجيش الإسرائيلي يفعل شيئا لم يفعله أي جيش آخر في التاريخ وسيستمر في فعل ذلك”.
ولا تزال جماعات الإغاثة تزعم أن أوامر الإخلاء المتكررة للفلسطينيين النازحين قد خلقت ظروفاً إنسانية كارثية، بما في ذلك نقص المياه النظيفة ومشاكل الصرف الصحي الحادة التي أدت إلى زيادة الأمراض.
وسُئل نتنياهو عما إذا كانت قضية محور فيلادلفيا هي العقبة الوحيدة أمام التوصل إلى اتفاق، فضحك من هذه الفكرة. وأكد أنها ليست العقبة الوحيدة، وقال إن هناك عقبات أخرى تشمل نسبة الرهائن إلى الأسرى الأمنيين وطلب إسرائيل بحق معارضة إطلاق سراح بعض الأسرى ونفي آخرين.
وأضاف أن “حماس رفضت كل شيء، ونحن نحاول إيجاد مساحة لبدء المفاوضات، لكنهم يرفضون ذلك”.