عفن وفساد: النائبة العامة ستحقق في مزاعم ضد وزيرة المواصلات ميري ريغيف بعد تقرير دامغ
مساعد كبير سابق يقول إن الشعور بالذنب بعد 7 أكتوبر دفعه إلى الكشف عن سجلات تظهر أن وزارة المواصلات غارقة بالسياسات الحزبية والفساد وجهاز من المستشارين المتملقين
من المتوقع أن تقوم النائبة العامة غالي بهاراف-ميارا بفتح تحقيق في سلوك وزيرة المواصلات ميري ريغيف، حسبما أفادت وسائل إعلام عبرية يوم الجمعة، بعد ظهور مزاعم بانتشار التسييس في وزارتها، والمعاملة التفضيلية لمسؤولين محليين يُعتبرون قوى فاعلة في حزب “الليكود”.
ظهرت هذه الاتهامات في تقرير بثته القناة 13 يوم الخميس، بالاستناد إلى مذكرات رسمية ودردشات جماعية داخلية قدمها يوناتان يهوسف، رئيس الطاقم المهني السابق لوزارة المواصلات.
ونفت ريغيف المزاعم ووصفتها بأنها كاذبة وزعمت أن يهوسف سرق وثائق ويسعى لتشويه سمعتها. ولم تحدد ريغيف ولا يهوسف متى توقف الأخير عن العمل مع الوزيرة كمساعد كبير.
وقال يهوسف إن ريغيف تجاهلت الجوانب المهنية للوزارة وركزت على طاقم سياسي مواز، الذي اختلق ذات مرة قصة عن تمرد في جهاز الأمن العام (الشاباك) لإبطال أنباء محرجة تورطت فيها الوزيرة.
وقال يهوسف إنه قرر الكشف عن السجلات بعد أن شعر بالذنب لتورطه في هذا النوع من المناورات السياسية، التي كانت نمطية لإخفاقات الدولة التي أدت إلى 7 أكتوبر، عندما اقتحم الآلاف من المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل وقتلوا حوالي 1200 شخص واحتجزوا 250 آخرين كرهائن.
وقالت الشرطة في بيان إنها تحقق في مزاعم التقرير. ونقلت القناة 13 عن مسؤول كبير في سلطات تطبيق القانون قوله إن سلوك ريغيف المزعوم “ينضح برائحة العفن والفساد” وقد يكون جنائيا.
من بين الوثائق التي كشف عنها يهوسف كان هناك جدول بيانات تم فيه فرز البلدات والمدن حسب رمز اللون. المدن “الخضراء” كان لا بد “الكفاح من أجلها” بأي ثمن؛ ويمكن التعامل مع المدن “الصفراء” بطريقة خيرية حيثما أمكن ذلك، ولكن “إذا لم يكن الأمر كذلك – فهذه ليست نهاية العالم”؛ أما المدن “البيضاء” كانت تعني: “أرسل رسائل وسنتحدث”، حسب ما قال يهوسف.
الأسوأ من ذلك كانت المدن “الحمراء”، التي تم تجاهلها بشكل فعلي. على سبيل المثال، قال نيسان بن حمو، رئيس مدينة عراد “الحمراء”، للقناة 13 إن وزارة ريغيف لم ترد قط على طلباته لإصلاح الطريق 31 الخطير للغاية، والذي يربط المدينة الجنوبية بالبحر الميت.
وأوضح يهوسف أن رمز اللون لكل سلطة محلية تم تحديده بحسب عدد الأصوات، إن وُجدت، التي يمكن لرئيس السلطة المحلية تأمينها للوزيرة ريغيف في الانتخابات التمهيدية لحزب “الليكود”.
وصنفت وثيقة أخرى نشطاء الليكود على نفس الأساس، حيث حصل الأعلى تصنيفا على رتبة “الماس”، مما أكسبه معاملة تفضيلية، فضلا عن مكالمة من ريغيف في يوم عيد ميلاده أو ميلادها، والذي ورد أن الوزيرة كانت حريصة على إجراءها بشكل خاص.
وقال يهوسف أنه تم إنشاء مجموعة خاصة على تطبيق واتساب تسمى “الأولوية 1” لطلبات محددة من المصنفين في رتبة “الماس” لتتعامل معها الوزيرة. في إحدى هذه الحالات، تدخلت ريغيف شخصيا لمنع إزالة الرصيف خارج منزل والدة أحد النشطاء، في مجلس شافير الإقليمي – حيث تم تدمير الممشى بالكامل في النهاية، باستثناء هذا الجزء.
عند اتخاذ مثل هذه القرارات، كما قال يهوسف، وكما أشار التقرير التلفزيوني، غالبا ما تجاوزت ريغيف توصيات موظفيها المهنيين، ولكن في الوثائق الرسمية، اعتادت على إدخال – غالبا بخط يدها – سطرا يشير إلى أن قرار الوزيرة قد تم اتخاذه “ بالتنسيق مع العناصر المهنية”.
وأشار التقرير التلفزيوني إلى أن هذا التسييس كان له آثار ملموسة على تخصيص موازنة وزارتها. على سبيل المثال، تم حرمان بيت شيمش من مبلغ مليار شيكل (270 مليون دولار) الذي وُعدت به المدينة – بناء على توصية الطاقم المهني في الوزارة – والذي تم تقسيمه بين مشاريع في أماكن أخرى، بناء على إصرار ريغيف على ما يبدو.
وفي بيان لها، وصفت ريغيف التقرير بأنه “مجموعة من الأكاذيب والادعاءات الكاذبة وأنصاف الحقائق وتحريف للواقع”، وانتقدت يهوسف ووصفته بأنه شخص “سرق وثائق من وزارة المواصلات” للتشهير بها.
وذكرت صحيفة “يسرائيل هيوم” أنه في أعقاب التقرير، استأجرت ريغيف خدمات المحامي عميت حداد، الذي يعمل أيضا كمستشار لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في محاكمات الفساد الجارية ضده.
وقال يهوسف إن الوزيرة – التي شغلت سابقا منصب المتحدثة باسم الجيش الإسرائيلي – غالبا ما تتخذ نهجا لاذعا في تعاملها مع الصحافة بناء على طلب من مستشاريها السياسيين المقربين، المعروفين مجتمعين باسم “المطبخ الصغير”. وقال يهوسف إن هذه المجموعة تمتد إلى ما هو أبعد من الموظفين السياسيين المخصصين لكل وزير بموجب القانون، وتأتي على حساب الموظفين المهنيين.
وقال يهوسف للقناة 13: “في إحدى المرات قالت لي: يوناتان، اسمع، ’المهني’ لا يعنيني بالمرة. لهذا الغرض هناك المدير التنفيذي. أنا هنا فقط لممارسة السياسة”، وقدّر أن ريغيف خصصت 5٪ من وقتها فقط لمناقشات مهنية بحتة. حتى هذا تآكل تدريجيا، كما قال، قبل أن يختفي تماما قبل الحملة الانتخابية للسلطات المحلية، التي كان من المقرر إجراؤها في شهر أكتوبر قبل اندلاع الحرب في غزة.
ووصف يهوسف للقناة 13 كيف أنه، قبل شهر واحد، أصبح قلقا بشكل خاص من سلوك الطاقم السياسي. في شهر سبتمبر، شوهدت ريغيف في مشاجرة مع عملاء الشاباك، والتي ألقت وكالة الأمن اللوم فيها على الوزيرة، قائلة إن سيارة الوزيرة اصطدمت بعملاءها، مما أدى إلى إصابة أحدهم، والذي اتهمته ريغيف بالتصرف “بعنف”.
وظهرت لقطات في وقت لاحق للوزيرة في السيارة، وهي تأمر سائقها بغضب بالاستمرار بالسير حتى عندما اعترض، محذرا من أنه سيصطدم بعملاء الشاباك. وفي الفيديو، لا يبدو أن ريغيف في خطر.
وبحسب رواية يهوسف، فقد قام المتحدث بإسم ريغيف بتسريب اللقطات الأخيرة بالخطأ، بدلا من تسجيل مختلف لا يُسمع صوت الوزيرة فيه. وأظهرت الرسائل النصية، التي قالت القناة 13 إنها جاءت من مجموعة الواتساب التابعة للدائرة الداخلية لريغيف، الوزيرة غاضبة من هذا الخلط، و”المطبخ الصغير” يائسا لإيجاد طريقة للخروج من كارثة العلاقات العامة.
ونُقل عن أحد مستشاري ريغيف قوله في إحدى الرسائل “هناك تهديد هنا وهو فرصة نادرة! الحركة الاحتجاجية تسربت إلى الشاباك”، في إشارة إلى المظاهرات الحاشدة ضد خطة الحكومة لإصلاح النظام القضائي.
وتابع المستشار في رسالته “وزيرة شعرت بالتهديد. لن نسمح بالانقلاب”. في ذلك المساء، كما قال يهوسف، قامت ريغيف بنشر الرسالة على القناة 14، وهي وسيلة إعلام إخبارية يمينية.
תיעוד וידאו מהתקרית אתמול בין מירי רגב והשב״כ מראה תמונה שונה מזו שתוארה עד עתה.
נתחיל בסוף: רגב נהדפת פיזית על ידי מאבטחי השבכ בתמונות שאינני זוכר כמותן ביחס לשר בממשלה. pic.twitter.com/domzfFS20b
— עמית סגל Amit Segal (@amit_segal) September 5, 2023
في محاولة لتسوية الخلافات بينهما، عقد نتنياهو جلسة مشتركة مع ريغيف ورئيس الشاباك رونين بار، والتي قال يهوسف إنه حضرها. خلال الجلسة المشحونة بالتوتر، كررت ريغيف رسائل مساعدها المناهضة لـ”التمرد”. وأشار يهوسف – باستياء – إلى أن نتنياهو وقف إلى جانب ريغيف في هذه المسألة.
وقال يهوسف إن ريغيف كانت مفتونة بزخارف السلطة، وانتقدته ذات مرة لأنه لم يكن بالسرعة الكافية لفتح الباب لها. وكان أقرب مستشاريها يتملقون لها بانتظام، حيث وصف أحدهم مهاراتها في التعامل مع الناس بأنها “خارقة للطبيعة”، كما أظهرت رسائل نصية من مجموعة واتساب الخاصة ب”المطبخ الصغير”.
شارك يهوسف أيضا مع القناة 13 رسائل أخرى من الدردشة الجماعية، حيث استخدمت الوزيرة ورفاقها مصطلحات مهينة مختلفة لوصف الخصوم السياسيين المفترضين. ومن بين هؤلاء وزير الطاقة إيلي كوهين – الذي تغلب على ريغيف في الانتخابات التمهيدية لحزب الليكود – الذي وُصف بـ”ابن العاهرة”، وزعيمة حزب العمل “البشعة” ميراف ميخائيلي ووزير المالية “القزم المتحمس” بتسلئيل سموتريتش، وهما اثنان من أسلاف ريغيف في وزارة المواصلات.
وقال رافيف دروكر، وهو مراسل مخضرم في الشؤون السياسية وصانع التقرير، أنه خلال 30 عاما من عمله كصحفي، لم ير قط وزيرا شديد الحرص على تسييس وزارته بهذا الشكل، وأضاف أنه من المقرر أن يتم بث تقرير متابعة في الأسبوع المقبل حول سلوك ريغيف طوال فترة الحرب التي اندلعت بعد هجوم 7 أكتوبر.