محمود عباس ينتقد في خطابه بالأمم المتحدة الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة ويطرح خطة من 12 نقطة “لليوم التالي”
رئيس السلطة الفلسطينية يدعو إلى توفير الحماية الدولية للفلسطينيين، وتعزيز وكالة أونروا، وحكومة واحدة في الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية، دون ذكر حماس مطلقًا؛ يريد خروج إسرائيل من الأمم المتحدة
اتهم رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس الخميس إسرائيل بشن “حرب إبادة شاملة” في قطاع غزة، وطرح رؤية من 12 نقطة لإدارة القطاع بعد الحرب، خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك.
ألقى عباس كلمة أمام المجلس بعد مرور ما يقرب من عام على الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس في غزة، والتي اندلعت في أعقاب اجتياح مسلحون جنوب إسرائيل العام الماضي، في هجوم أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص واحتجاز 251 رهينة. ولم يشر رئيس السلطة الفلسطينية في خطابه إلى حركة حماس في أي وقت.
كما أشار إلى الصراع المتصاعد بين إسرائيل وحزب الله، متهماً إسرائيل بارتكاب “إبادة جماعية” في لبنان، لكنه لم يذكر الحزب بالاسم.
وبدأ عباس خطابه بالقول ثلاث مرات “لن نرحل”، وتابع: “فلسطين وطننا، وهي أرض آبائنا وأجدادنا، وستبقى لنا، وإن كان لأحد أن يرحل فهم الغاصبون المحتلون”، في إشارة إلى إسرائيل.
ودعا عباس إسرائيل إلى وقف الحرب على غزة، والمجتمع الدولي إلى وقف دعمه للحملة العسكرية، وقال “العالم بأسره يتحمل المسؤولية إزاء ما يجري لشعبنا”.
ورفض ادعاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بأن إسرائيل لا تقتل المدنيين في غزة، وقال “بالله عليكم من هو إذاً الذي قَتَل أكثر من 15 ألف طفل”؟
وقد أسفر القتال عن مقتل أكثر من 41 ألف فلسطيني في غزة، وفقا لوزارة الصحة في غزة. ولا يمكن التحقق من عدد القتلى ولا يميز بين المدنيين والمقاتلين. وتقول إسرائيل إنها قتلت نحو 17 ألف مقاتل في المعركة و1000 مسلح آخر داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر.
وانتقد عباس واشنطن لدعمها إسرائيل في الحرب، مشيرا إلى أن “الإدارة الأمريكية عطّلت ثلاث مرات مشاريع قرارات لمجلس الأمن تطالب إسرائيل بوقف إطلاق النار”.
وقد دعت الولايات المتحدة باستمرار إلى وقف إطلاق النار في غزة، وقادت الجهود للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع حماس، ولكنها أصرت على أن يكون إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى الحركة شرطا مسبقا لإنهاء الحرب.
وتابع عباس غاضبا: “هذه هي الولايات المتحدة نفسها التي كانت العضو الوحيد في مجلس الأمن الدولي الذي صوت ضد إعطاء دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة”.
“أنا لا أفهم كيف تصر الولايات المتحدة على الوقوف ضد شعبنا، وتصر على حرمانه من حقوقه المشروعة في الحرية والاستقلال”.
وأضاف أن إسرائيل هي التي ينبغي رفض عضويتها في الأمم المتحدة، وأشار إلى المسؤولين الإسرائيليين الذين طالبوا بإغلاق المؤسسة.
وأصدر المسؤولون هذه الدعوات في ظل الإحباط بسبب ما يُنظر إليه منذ فترة طويلة على أنه تحيز ضد إسرائيل من جانب مؤسسات الأمم المتحدة وأعضائها.
وأشار رئيس السلطة الفلسطينية إلى أن رام الله ستقدم طلبا لطرد إسرائيل من الأمم المتحدة بسبب انتهاكها للقرارات الدولية المختلفة.
وفيما يتعلق بالضفة الغربية، سلط عباس الضوء على عنف المستوطنين الإسرائيليين والتوسع الاستيطاني، وقال إن الضفة الغربية “تتعرض لعدوان إسرائيلي يومي متواصل”.
وشهدت المنطقة أيضا عمليات عسكرية إسرائيلية كبيرة في الأشهر الأخيرة، لكن عباس لم يتطرق بشكل مباشر إلى تلك العمليات.
وتابع قائلا إن الضفة الغربية تتعرص إلى “حملة استيطان شرسة وهمجية، وإرهاب من عصابات المستوطنين ترعاه وتدعمه الحكومة الإسرائيلية وجيش الاحتلال”.
“إضافة إلى ما تتعرض له القدس عاصمتنا الأبدية، من حملات التهويد والعدوان على المدينة ومقدساتها ومعالمها لتغيير الوضع التاريخي والقانوني فيها”.
واتهم إسرائيل بانتهاك الوضع الراهن في الحرم القدسي الشريف في القدس، وزعم أن “وزير إسرائيلي إرهابي متطرف”، في إشارة على ما يبدو إلى وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، دعا إلى بناء هيكل في المسجد الأقصى.
وأضاف عباس: “يجب إدانة ووقف هذا الوزير الأهوج وأمثاله الذين يريدون إشعال حرب دينية تحرق الأخضر واليابس”.
وأضاف أن المسجد الأقصى هو “ملك حصري للمسلمين”، نافياً ادعاءات اليهود في الموقع الذي كان يضم معبدين قديمين.
خطة اليوم التالي
أخيرا، قدم عباس ما قال أنه رؤية من 12 نقطة لإدارة غزة بعد الحرب، مرحباً بمراجعتها وتعديلها من قبل المجتمع الدولي.
وأضاف أن البند الأول من الخطة يتطلب وقف إطلاق النار الدائم في غزة ووقف هجمات المستوطنين الإسرائيليين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية.
وينص البند الثاني على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى كافة أنحاء قطاع غزة.
ثالثا، يتعين على إسرائيل سحب قواتها بالكامل من غزة، دون إقامة أي مناطق عازلة، والسماح للفلسطينيين النازحين بالعودة إلى منازلهم، أو على الأقل إلى البلدات التي دمرها العدوان منذ ذلك الحين والتي كانوا يعيشون فيها قبل الحرب.
رابعا، يجب حماية وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) والسماح لها بمواصلة عملها، على الرغم من الجهود الإسرائيلية لإغلاقها بسبب الاتهامات بأن بعض أعضائها شاركوا في هجمات السابع من أكتوبر، وأن حماس اخترقتها على نطاق أوسع.
خامسا، دعا عباس إلى “توفير الحماية الدولية للفلسطينيين على أرض دولتهم المحتلة”، وقال “نحن لا نقاتل إسرائيل، ولا نستطيع أن نقاتل إسرائيل، ولا نريد أن نقاتل، لكننا نريد الحماية”.
سادسا، دعا عباس إلى تولي الحكومة الفلسطينية السلطة على كامل قطاع غزة، بما في ذلك معبر رفح والمنافذ الأخرى.
سابعا، مواصلة السلطة الفلسطينية جهودها للانخراط في “عملية الإصلاح الوطني الشامل”.
ثامنا، لأن تكون الحكومة الفلسطينية هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وأن تتولى السلطة على جميع هذه الأراضي.
وقال عباس: “لن نطلب أكثر ولكننا لن نقبل بأقل”، مضيفا أنه لا يزال مستعدا لإجراء الانتخابات الوطنية إذا سمحت إسرائيل بإجراء الانتخابات في القدس الشرقية.
تاسعا، إستمرار الفلسطينيون في مساعيهم للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
عاشرا، التنفيذ الكامل لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يأمر إسرائيل بالانسحاب من الضفة الغربية وغزة والقدس الشرقية خلال عام كامل من أجل تحقيق حل الدولتين.
حادي عشر، عقد مؤتمر دولي للسلام خلال عام واحد لتنفيذ حل الدولتين.
وثاني عشر، إنشاء قوات دولية لحفظ السلام لحماية شعبي البلدين.
وقال عباس: “هذه هي عناصر رؤيتنا لليوم واليوم التالي للحرب… وإنني أناشدكم لتبنّي هذه الخطة وتوفير جميع الإمكانيات الضرورية لإنجاحها”.
وقبل أن يختتم كلمته دعا عباس إلى إصدار قرار في الأمم المتحدة لإجبار إسرائيل على السماح له بزيارة غزة.
وكان عباس قد أعلن عن نيته زيارة القطاع الذي دمرته الحرب في خطاب ألقاه أمام البرلمان التركي الشهر الماضي. ومنذ ذلك الحين، زعم أن السلطات الإسرائيلية منعته من دخول القطاع الساحلي.
ودعا قادة العالم للانضمام إليه في الزيارة “ليكون شاهداً على الجريمة التي ارتُكبت بحقها”.
ورد داني دانون سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة على خطاب عباس خلال دقائق، وقال “لقد تحدث عباس لمدة 26 دقيقة ولم يذكر كلمة حماس مرة واحدة”.
وقال دانون “لم يدن عباس حماس على جرائمها ضد الإنسانية منذ مذبحة السابع من أكتوبر”.
“لا يتحدث عباس عن حل سلمي إلا عندما يقف على منصة الأمم المتحدة. ولا يوجد نفاق وكذب أعظم من هذا: إرث عباس هو ضعف مزمن في مواجهة الإرهاب والكراهية”.
وصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى نيويورك يوم الخميس قبل وقت قصير من خطاب عباس، ومن المقرر أن يلقي خطابه أمام الجمعية العامة يوم الجمعة.
ساهم طاقم تايمز أوف إسرائيل ووكالات في إعداد هذا التقرير