عائلات مهرجان “نوفا” تتجمع لإحياء الذكرى السنوية لأقاربها الذين قُتلوا خلال هجوم حماس في 7 اكتوبر
الرهينة السابقة نوعا أرغماني تتحدث عن اختطافها لأول مرة في مراسم كئيبة في تل أبيب نظمتها "قبيلة نوفا"، وهي مجموعة تم تشكيلها في أعقاب هجوم 7 أكتوبر

تجمع المئات من الأهل وعائلات القتلى وغيرهم يوم الأحد في قاعة المناسبات “هنغر 11” في تل أبيب لحضور حفل تأبين للعائلات التي فقدت أقاربها في هجوم مهرجان “نوفا” في 7 أكتوبر، قبل عام.
خارج القاعة، في منطقة الترفية في ميناء تل أبيب، تم تخصيص مكان يمكن للمشاركين فيه إضاءة شموع على أرواح القتلى. في مكان قريب، تم وضع تحفة فنية من أضواء تم تصميمها خصيصا وتشبه شجرة، والتي أعطت لمسة سريالية ووُضعت بجوار شاشة ضخمة عرضت صور رواد الحفل الذين فقدوا حياتهم في ذلك اليوم.
وقالت عوفري راحوم، وهي شابة جاءت لإحياء ذكرى عدد من أقربائها: “الوقت يطير. لا أصدق أن عاما قد مر. هذا مثل حلم أريد أن أستيقظ منه”.
إحصل على تايمز أوف إسرائيل ألنشرة أليومية على بريدك الخاص ولا تفوت المقالات الحصرية آلتسجيل مجانا!
شقيقة راحوم، التي كانت في الشهر الرابع من حملها، وخطيب شقيقتها، وخال راحوم قُتلوا جميعا في حفل نوفا.
وقالت: “وكأنهم خرجوا إلى رحلة ونحن في انتظار عودتهم”.
وأضافت: “كل العائلات هنا، وهذا أمر مهم للغاية. إنه أمر جيد للقلب أيضا، قليلا”، قبل أن تنتقل لتحية العائلة والأصدقاء في الحشد.
تم تنظيم هذا الحدث التذكاري من قبل الرابطة المجتمعية “قبيلة نوفا” من أجل “تعزيز وتكريم العائلات الثكلى”، وإحياء ذكرى 410 أشخاص قُتلوا في مهرجان نوفا وحفلات طبيعة أخرى خارج رعيم التي تعرضت للهجوم أيضا في ذلك اليوم، وفقا للمنظمين. وتقول السلطات الإسرائيلية إن ما لا يقل عن 364 شخصا قُتلوا في مهرجان نوفا وحده، مما حول الحدث الاحتفالي إلى مرادف للموت والدمار والرعب.

وقالت أورين زاخ-غانتس، والدة عيدن زخريا، التي قُتلت في المهرجان: “لا يمكنني أن استوعب أن ابنتي حبيبتي تعرضت لإطلاق النار وهي في طريقها إلى المنزل، بينما كانت في سيارتها. لقد غادرت المنزل للذهاب إلى مهرجان جميل للموسيقى والسلام”.
كان الحدث في هنغر 11 واحدا من عشرات الأحداث التي أقيمت هذا الأسبوع بمناسبة مرور عام على الهجوم الذي قادته حماس على جنوب إسرائيل، والذي أدى إلى مقتل نحو 1200 شخص واختطاف 251 آخرين إلى غزة، مما أدى إلى إشعال الحرب المستمرة بين إسرائيل وحماس. بحسب السلطات، لا يزال هناك 97 رهينة في غزة، بما في ذلك جثث 33 شخصا على الأقل أكد الجيش الإسرائيلي مقتلهم. تم اختطاف العديد من الرهائن من مهرجان نوفا.
حركة شعبية
قال ساريل بوتافيا، أحد المنظمين، إن منظمة “قبيلة نوفا” تأسست على يد العاملين الناجين في مهرجان نوفا فورا بعد السابع من أكتوبر، و”في العام الأخير، قامت بمئات الفعاليات والأنشطة”.
بوتافيا، الذي قال إنه فقد 40 من أصدقائه في 7 أكتوبر، عاد مؤخرا من مهرجان “الرجل المحترق” (Burning Man) في نيفادا. وقال إنه وإسرائيليون آخرون أقاموا موقعا تذكاريا لنوفا في المهرجان الذي يقام في صحراء بلاك روك، كجزء من جهود المجموعة “لنشر النور في جميع أنحاء العالم”.

وتضمنت المراسم التي استمرت ساعتين صلاة جماعية لإحياء ذكرى القتلى، وخطبا لأفراد العائلات، وعروضا قصيرة لفنانين موسيقيين من بينهم شلومي شبات، وشيري ميمون، ويوفال ديان، التي قامت بأداء أغنيتها “حتى تعود“، وهي أغنية حزينة عن حب ضائع.
عريف الأمسية كان الإعلامي والمغني غاي زوآرتس، الذي فقد ابن اخته في الحفل. على عكس المراسم التذكارية في موقع المهرجان في رعيم، لم تكن المراسم في هنغر 11 مفتوحة للجمهور، مما أعطى الحدث الكئيب جوا حميميا على الرغم من أنه أقيم في مكان ضخم يُستخدم عادة كقاعة للحفلات الموسيقية أو ناد للرقص.
وفي حديثها، قالت زاخ-غانتس: “أنا لا أزال في حالة إنكار” لما حدث لابنتها في المهرجان.
لفترة من الوقت كان مصير زخريا غير واضح، ولكن تقرر لاحقا أنها قُتلت على الأرجح بالرصاص في 7 أكتوبر، وتم نقل جثتها إلى غزة. وتم انتشال رفاتها خلال عملية للجيش الإسرائيلي في ديسمبر.

وقالت: “أنا أم ثكلى، لكني لا أقبل هذه الكلمة. يسألونني عن شعوري بعد مرور عام، لكني مازلت عالقة في السابع من أكتوبر. العالم يمضي قدما، ولكن بالنسبة لي، فإن الوقت يقف ساكنا”.
وأضافت بحزم أن مسلحي حماس “نجحوا في هجومهم، ولا شك أنهم قتلوا ابنتي… أقسم لك يا عيدن لن ينتصروا في الحرب”.
وواجه نير شليزنغر، الذي قُتل والده آساف في 7 أكتوبر بينما كان يقود الفريق الطبي للمهرجان، صعوبة في وصف فداحة الخسارة.
وقال شليزنغر: “لا توجد كلمات في هذا العالم يمكن أن تشمل ما مررنا به وما نزال نمر به”، مضيفا: “لن تحضر حفل زفافي… لن نضحك معا بعد الآن على أشياء سخيفة، ولن تذكرني بالاهتمام بسيارتي، ولن نتحدث بما فيه الكفاية”.
وقال شليزنغر أنه كان يكافح من أجل إبعاد والده “عن ظهري” و”عدم التدخل” في حياته، لكنه الآن مستعد لتقديم أي شيء “مقابل محادثة مزعجة أخرى وأخيرة”.
أيام في الجحيم
استخدم ميشيل إيلوز، الذي اختُطف ابنه غاي من المهرجان وقُتل لاحقا في غزة، المنصة للتشديد على مطلب عائلات الرهائن بالتوصل إلى اتفاق مع حماس لإطلاق سراح أحبائهم.
وقال إيلوز، الذي تحدث بصفته ممثلا عن منتدى عائلات المختطفين والمفقودين “من كان يصدق أننا سنقف هنا اليوم، بعد مرور عام، ولا يزال هناك مائة مختطف آخر إلى جانب غاي الموجودين في غزة”.
“لم نفعل ما يكفي كدولة، وبالتأكيد الحكومة [لم تفعل]، لإعادة أولادنا إلى الوطن في صفقة”.
وطالب إيلوز رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بإلغاء عمليات الإنقاذ التي تعرض الجنود والرهائن للخطر، ودعا بدلا من ذلك إلى “اتفاق فوري” لإعادة الرهائن الأحياء ورفات الذين قُتلوا في الأسر.
وحضرت الحدث إحدى الرهائن السابقين القلائل الذين حررهم الجيش الإسرائيلي، نوعا أرغماني، التي تحدثت عن اختطافها من الحفل. وقد تم تصوير عملية الاختطاف في مقطع فيديو حظي بشهرة واسعة، حيث شوهدت أرغماني وهي تجلس على دراجة نارية تابعة لحماس وهي تتواصل مع صديقها أفيناتان أور، الذي لا يزال رهينة في غزة، ولكن يبدو أن تعليقاتها كانت أول وصف علني لها لما حدث لها.

شرحت أرغماني بهدوء كيف قررت هي وأور، مع عدد قليل من الأصدقاء الآخرين، في اللحظة الأخيرة حضور المهرجان، ووصلوا في الساعة 4:30 فجرا.
بحلول الساعة 6:30 صباحا كان المهرجان يتعرض بالفعل للهجوم، أولا بالصواريخ التي تم إطلاقها من غزة، وبعد فترة وجيزة من قبل المسلحين بقيادة حماس.
وروت أرغماني: “توجهنا نحو المخرج وفجأة بدأوا بإطلاق النار علينا. استدرنا وفي كل مكان ذهبنا إليه تم إطلاق النار علينا”.
وقالت أرغماني، بعد انفصالها عن أصدقائها الذين علمت فيما بعد أنهم قُتلوا: “واصلت أنا وأفيناتان الفرار في السيارة حتى تعطلت… اختبأنا في الغابة لساعات حتى عثرت علينا مجموعة من الإرهابيين”.
وقالت إن المسلحين قبضوا عليهما و”وضعوني على دراجة نارية… كانت تلك في الواقع آخر لحظة رأيت فيها حبيبتي أفيناتان أور… وبعد بضع دقائق وجدت نفسي فجأة في وسط قطاع غزة”. حيث “عاشت في خوف كل يوم، في ظل ظروف قاسية، لمدة 246 يوما”.
وقالت أرغماني إنه عندما تم إنقاذها أخيرا في شهر يونيو، “استعدت حياتي، ولكن بعد عودتي فقط أدركت حجم الكارثة”، مضيفة “علينا أن نفعل كل ما في وسعنا لإعادة المختطفين الأحياء إلى عائلاتهم، والموتى إلى دفنهم بشكل لائق في إسرائيل”.
وانتهت الأمسية رسميا بإنشاد “هاتيكفاه”، النشيد الوطني الإسرائيلي، وخرج الحشد ببطء إلى الخارج لجولة أخيرة من الحديث والبكاء والضحك.

وقال سولي لانيادو، الرئيس التنفيذي لـ”قبيلة نوفا”، إن مرونة مجتمع نوفا وتنظيمه بعد 7 أكتوبر هو شيء “يجب تدريسه”، وأنه قبل مؤخرا المنصب كشكل من أشكال “خدمة الاحتياط” بعد عمله كمحام ورجل أعمال.
وأضاف: “لدينا أشخاص رأوا أفظع الأشياء، وما زالوا يجدون القدرة على احتضان أنفسهم والآخرين، ويأتون ويقولون: ’سنرقص مرة أخرى، وسنعيش مرة أخرى’”.