صور سكان غزة المجردين من ملابسهم والمقيدين تثير قلقا؛ مسؤول إسرائيلي: لن يحدث مجددا
الجيش الإسرائيلي يقول إنه قام بتفتيش مشتبه بهم للتأكد من أنهم لا يرتدون أحزمة ناسفة، لكن لم يكن هو من وزع الصور؛ مستشار الأمن القومي: الصور لا تخدم مصلحة أحد
أثارت صور الرجال الفلسطينيين في غزة الذين قامت القوات باعتقالهم وتجريدهم من ثيابهم فيما عدا ملابسهم الداخلية في الأيام الأخيرة، مخاوف بشأن إجراءات الاعتقال الإسرائيلية في القطاع وتساؤلات حول انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان أو معاملة مهينة.
ويظهر عدد من الصور ومقاطع الفيديو التي تسربت عبر الإنترنت في الأيام الأخيرة، اعتقال العشرات من الرجال الفلسطينيين وهم شبه عراة. وفي بعض الصور، يُجبر المعتقلون على الجلوس أو الركوع على الأرض في العراء، وأحيانا معصوبي الأعين، بينما تظهر صور أخرى مجموعات من الرجال تسير وأيديهم مقيدة أو مقاتلون مزعومون يسلمون أسلحتهم.
وأكد الجيش الإسرائيلي اعتقال المئات، مدعيا أن أعضاء حماس يستسلمون بأعداد كبيرة، مع انهيار الحركة في ظل حملة الجيش لسحقها.
لكن الجيش أشار أيضا إلى أن العديد من الذين اعتقلهم تم إطلاق سراحهم لاحقا، وأشار المسؤولون إلى أن الجنود ربما يعملون وفقا لمبادئ توجيهية للاعتقال أولا ثم الاستجواب لاحقا.
مساء الأحد، قال مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، إنه يجب تفتيش المشتبه بهم للتأكد من أنهم لا يحملون أسلحة أو متفجرات، لكن صورهم بملابسهم الداخلية “لا تخدم أحدا”، وتوقع أن تتوقف إسرائيل عن توزيع مثل هذه الصور.
وأقر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى بأن صور مئات الرجال الفلسطينيين بملابسهم الداخلية بعد اعتقالهم من قبل الجيش الإسرائيلي في غزة قد تكون “غير مريحة”.
ومع ذلك، أصر المسؤول الذي تحدث مع “تايمز أوف إسرائيل” شريطة عدم الكشف عن اسمه على أن الجيش يوقف فقط أولئك الذين لديه شكوك ملموسة ضدهم وأن عملية التجريد من الملابس كانت ضرورية لضمان عدم قيام أي منهم بإخفاء أسلحة أو متفجرات.
وشرح الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي دانيئل هغاري إجراءات الاعتقال بالتفصيل في وقت لاحق، لكنه قال أيضا إن الصور المهينة لم يوزعها مكتبه، وأن القوات ستغير إجراءات الاعتقال في الحالات التي لم يتم اتباعها بشكل صحيح.
يوم الجمعة، قال هغاري إنه تم اعتقال أكثر من 200 “مشتبه به”، ولكن تم نقل “العشرات” منهم فقط إلى جهاز الأمن العام (الشاباك) والوحدة 504 التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية للتحقيق معهم حول تورطهم المزعوم في “أنشطة إرهابية”.
وقال المتحدث باسم الحكومة، إيلون ليفي، لشبكة CNN يوم الجمعة إن إسرائيل تحتجز أي رجال في سن الخدمة العسكرية تجدهم في المناطق التي صدرت فيها أوامر بالإخلاء – أي في كل أنحاء شمال غزة وفي أجزاء من الجنوب أيضا – “لمعرفة من هم الإرهابيون”.
وقال ليفي: “الأشخاص الذين نراهم في هذه الصور جميعهم مشتبه في أنهم إرهابيون. كنا نتمنى أن يرتدي جميع مقاتلي حماس زيا مكتوبا عليه بوضوح حماس على خوذاتهم، لأن ذلك سيجعل التعرف عليهم أسهل. ولكن عندما يرتدي [أعضاء] حماس زيا مدنيا ويقاتلون داخل المناطق المدنية، فإنهم يجعلون العثور عليهم صعبا للغاية”.
ووفقا لأخبار القناة 12 الإسرائيلية يوم الأحد، تم اعتقال حوالي 700 شخص، تم تحديد 60% منهم على أنهم ليسوا إرهابيين. وذكرت صحيفة “هآرتس”، نقلا عن تقييم كبار مسؤولي الدفاع، أن ما بين 10 إلى 15% فقط من الرجال المعتقلين يُعتقد أنهم ينتمون إلى حماس.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان لوكالة “فرانس برس” الأحد إن القوات في غزة تحتجز وتستجوب أفرادا يشتبه بتورطهم في “نشاط إرهابي”.
وأضاف أنه “تم إطلاق سراح الأفراد الذين يتبين أنهم لا يشاركون في أنشطة إرهابية”، مشيرا إلى أن المعتقلين يعاملون وفقا للقانون الدولي.
وقال الجيش لوكالة فرانس برس: “في كثير من الأحيان يكون من الضروري على الأشخاص المشتبه في أنهم إرهابيون تسليم ملابسهم بحيث يكون بامكان تفتيش الملابس والتأكد من أنهم لا يخفون أحزمة ناسفة أو أسلحة أخرى”.
بموجب اتفاقيات جنيف، من غير القانوني تعريض أسرى الحرب لـ “الفضول العام”، من أجل الحفاظ على كرامتهم وحمايتهم من الكشف العلني والانتقام. وتؤكد بعض الدول أن الارهابيين المعتقلين لا يخضعون للحماية بموجب الاتفاق.
ولم يعلق الجيش في البداية على أصل الصور، التي بدأت تجد طريقها إلى الإنترنت يوم الخميس. لكن بعض الصور ومقاطع الفيديو على الأقل تظهر أدلة على أنها التقطت من مواقع للجيش، وتكهن البعض بأنه تم تسريبها عمدا كجزء من حملة لكسر معنويات مقاتلي حماس.
وفي إحدى الحالات، شوهد رجل وهو يسلّم أسلحته ثلاث مرات مختلفة، مما أثار تساؤلات.
So some accounts are spreading fake allegations about the IDF reshooting the arrest of prisoners today????????????.
The claim is, that in one video he holds the gun in his right hand, and in another one, he holds it with his left hand.
The thing is, those are different weapons, he… pic.twitter.com/kaKvMcnjyo
— Ron Shenkman???????? (@RonShenkman) December 9, 2023
متحدثا لهيئة البث الإسرائيلية “كان” مساء الأحد، أكد مستشار الأمن القومي هنغبي أن الصور تم التقاطها “بالإذن اللازم” من السلطات الإسرائيلية، لكنه قال إنه لا يوافق على هذه الممارسة.
وأضاف “أعتقد أنكم لن تروا المزيد من صور مثل هذه من الآن فصاعدا”.
وقال هنغبي إنه من الضروري التأكد من أن المشتبه بهم المعتقلين لا يحملون أسلحة أو متفجرات. وأضاف: “آمل أن يكون هناك المزيد من الأشخاص الذين يستسلمون دون قتال ويلقون أسلحتهم، ولكن سيتم فحصهم ثم سيرتدون ملابسهم. لا داعي لأن يتم [احتجازهم] بالطريقة التي تظهر في تلك الصور الأولى”.
في وقت لاحق من يوم الأحد، في مؤتمره الصحفي المسائي، شرح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي هغاري إجراءات الاعتقال بمزيد من التفصيل، فيما يتعلق بالصور. وقال إن الصور التي تم تداولها التقطت في جباليا والشجاعية، معقليّ حماس في شمال غزة حيث لا يزال الجيش الإسرائيلي يقاتل. وأضاف هغاري إن “الكثير من الإرهابيين” قُتلوا هناك، لكن “الكثير من الناس” ظهروا أيضا أثناء القتال، واستسلم بعضهم وألقوا أسلحتهم.
يتم تجريد من يسلمون أنفسهم من ملابسهم كإجراء احترازي، “لأننا نخشى [أنهم] يرتدون أحزمة ناسفة”، كما قال وأشار إلى أنه على مر السنين، “كانت هناك حالات قام فيها أشخاص بتفجير أنفسهم إلى جانب قواتنا”.
بعد ذلك يتم استجواب الرجال في الميدان، وغالبا مع يتم التعرف على أعضاء حماس، في حين يتضح أن الآخرين ليسوا أعضاء في الفصائل المسلحة. بمجرد انتهاء التحقيق، “يرتدون ملابسهم. هذا ما يجب أن يحدث. وحيثما لم يحدث ذلك سنقوم بإجراء تغييرات”.
وأثارت الصور استياء وانتقادات شديدة من البعض. وأعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، التي تتعرض لضغوط من القدس بسبب محاولاتها المشوشة للوصول إلى الإسرائيليين المحتجزين كرهائن في غزة، عن قلقها إزاء الصور.
وقال متحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر في بيان نقلته وكالة “رويترز”: “نؤكد بقوة على أهمية معاملة جميع المحتجزين بإنسانية وكرامة، وفقا للقانون الإنساني الدولي”.
وقالت النائبة إليز سلوتكين، وهي ديمقراطية من ولاية ميشيغان وصاحبة مسيرة مهنية طويلة في وكالة المخابرات المركزية والبنتاغون، إنها لا تستطيع تذكر مشاهد مماثلة خرجت من العراق، عندما واجهت الولايات المتحدة تحديا مماثلا هناك في أعقاب غزوها عام 2003.
وقالت لشبكة CNN: “هذا جزء من هذه المحادثة الأكبر حول كيفية تحديد الفرق بين المدني والمسلح في مكان مكتظ للغاية. هذه واحدة من أصعب المهام، وبالتالي تتطلب عناية شديدة من جانب الجيش الذي يقوم بهذه العمليات”.
وزعم وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في مؤتمر صحفي الجمعة أن بعض المعتقلين كانوا أطباء وصحفيين.
وقالت قناة “العربي الجديد” الإخبارية ومقرها لندن يوم الخميس إن من بين الفلسطينيين الذين تم تجريدهم من ملابسهم مراسلها ضياء الكحلوت وأفراد من عائلته.
وقال بعض الذين تم اعتقالهم وإطلاق سراحهم لوكالة “أسوشيتد برس” إنهم عوملوا معاملة سيئة، وتعرضوا للضرب وتم إعطائهم القليل من الماء.
وزعم أحمد نمر سلمان أن كبار السن من الرجال المصابين بالسكري أو ارتفاع ضغط الدم تم تجاهلهم عندما طلبوا من الجنود إزالة الأربطة الضيقة حول معصميهم.
وقال سلمان إن الجنود سألوه “’هل أنتم مع حماس؟ قلنا ’لا’، فكانوا يقومون بدفعنا أو ركلنا”، مضيفا أن ابنه أمجد، البالغ من العمر 17 عاما، لا يزال محتجزا لدى القوات.
تم إطلاق سراح المجموعة بعد خمسة أيام وطُلب منهم السير جنوبا. ووصل عشرة معتقلين مفرج عنهم إلى مستشفى في دير البلح بعد أن أوقفوا سيارة إسعاف.
ولم يكن لدى الجيش الإسرائيلي تعليق فوري عندما سئل عن الانتهاكات المزعومة.
وزعمت حماس أن الصور لم تظهر اعتقال أي عضو في الجناح المسلح للحركة.
وقال عزت الرشق، وهو عضو كبير في المكتب السياسي للحركة إن “مزاعم الاحتلال بأنهم من كتائب القسام هي أكاذيب لا أساس لها من الصحة”، مضيفا أن “الاحتلال الصهيوني نشر صورا ومشاهد لمدنيين عزل في غزة، بعد اعتقالهم ووضع الأسلحة بجانبهم، وهذه المشاهد ما هي إلا فصل من فصول حيلة الاحتلال السخيفة والواضحة لاصطناع انتصار مزعوم على رجال المقاومة”.