صمود هدوء بين إسرائيل والجهاد الإسلامي بعد خمسة أيام من الصراع
بعد إطلاق رشقات صاروخية ورد إسرائيلي بشن غارات جوية على غزة في اللحظة الأخيرة، الطرفان يحترمان وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة مصرية وبدأ سريانه في وقت متأخر من ليلة السبت
بدا وقف إطلاق النار المتوتر بين إسرائيل وحركة “الجهاد الإسلامي” الفلسطينية في غزة صامدا صباح الأحد، بعد هجمات صاروخية قصيرة من قطاع غزة في وقت متأخر من الليل رد عليها الجيش الإسرائيلي بغارات جوية بعيد الساعة العاشرة بعد بدء سريان الهدنة.
وضع وقف إطلاق النار بوساطة مصرية حدا لخمسة أيام من القتال المكثف الذي شهد إطلاق أكثر من 1200 صاروخ على إسرائيل في الوقت الذي رد فيه الجيش الإسرائيلي باستهداف أعضاء الجهاد الإسلامي ومراكز القيادة ومنصات إطلاق الصواريخ والقدرات في الجيب الفلسطيني.
في وقت متأخر من يوم السبت، سُمع دوي صفارات الإنذار في جنوب ووسط إسرائيل منذرة بإطلاق صواريخ من القطاع، مما دفع الجيش الإسرائيلي لشن ضربات انتقامية في قطاع غزة قال الجيش إنها استهدفت منصتي إطلاق صواريخ تحت الأرض تابعتين لحركة الجهاد الإسلامي.
وأبلغت قيادة الجبهة الداخلية سكان البلدات القريبة من القطاع بالبقاء بالقرب من الملاجئ ليلا وأعلنت أن القيود على التحركات والتجمعات في نطاق 40 كيلومترا من غزة سترفع ظهر يوم الأحد.
أعيد فتح الطرق بالقرب من الحدود التي تم إغلاقها خوفا من هجمات صاروخية موجهة مضادة للدبابات في الساعة 6 صباحا يوم الأحد، بعد تقييمات عسكرية. وبالمثل، رُفعت القيود المفروضة على السكان في نطاق 40 كيلومترا من غزة في الوقت نفسه.
فرضت قواعد قيادة الجبهة الداخلية إغلاق المدارس، وإغلاق أماكن العمل – إذا لم لم يكن لدى العاملين غرفة محصنة يمكنهم الوصول إليها في الوقت المناسب – ومنع التجمعات في الهواء الطلق التي تزيد عن 10 أشخاص لمن هم بالقرب من الجيب الفلسطيني. بينما مُنع أكثر من تجمع 100 شخص في الأماكن المغلقة.
بالإضافة إلى ذلك، يُسمح لمدارس التربية الخاصة بالعمل في المناطق القريبة من غزة، بشرط وجود غرفة محصنة يمكن لأطفال المدارس والمعلمين الوصول إليها في الوقت المناسب.
قد يكون الإعلان إجراء احترازيا، نظرا لأن الفصائل الفلسطينية في غزة قد انتهكت وقف إطلاق النار في الماضي. قُتل الضابط في الجيش الإسرائيلي هدار غولدين على أيدي حماس بعد وقت قصير من بدء سريان وقف إطلاق نار مفترض وسُحبت جثته إلى نفق خلال حرب غزة في عام 2014.
في مدينة غزة في وقت متأخر من يوم السبت، مع بدء سريان الهدنة، استبدُل أزيز الصواريخ وأصوات دوي انفجارات الغارات الجوية الإسرائيلية بأصوات أبواق السيارات. وسرعان ما امتلأت الشوارع التي كانت مقفرة في الأيام الأخيرة بالناس الذين احتفلوا بوقف إطلاق النار، وهم يلوحون بالأعلام الفلسطينية ويرفعون لافتات النصر من المركبات. ووسط الاحتفال، استخدم بائع فواكه مكبر الصوت للترويج لبضاعته من الموز.
وأعلن زعيم حركة الجهاد الإسلامي زياد نخالة، في كلمة ألقاها عقب اتفاق التهدئة، “نهاية جولة أخرى من الصراع مع المشروع الصهيوني”.
ونقلت وسائل إعلام عبرية عن نخالة، الذي يتخذ من سوريا مقرا له حيث تعمل الحركة المدعومة من إيران من هناك، قوله “فقدنا العديد من إخواننا الأعزاء” و “لقد ودعناهم بكل فخر”، وأضاف “أمة مات قادتها شهداء لن تهزم أبدا”.
وقالت مصر في إعلانها مساء السبت إن الطرفين اتفقا على وقف إطلاق النار ابتداء من الساعة العاشرة مساء. والذي يتضمن “الالتزام بوقف الهجمات على المدنيين وتدمير المنازل وإلحاق الأذى بالناس بشكل فوري من اللحظة الأولى لوقف إطلاق النار”.
وقالت القاهرة إنها تتوقع أن يلتزم كل من إسرائيل والجهاد الإسلامي بالاتفاق، وسط تقارير متناقضة حول مضمونة.
وفي غزة، قال المتحدث باسم الجهاد الإسلامي طارق سلمي إن إسرائيل وافقت على وقف سياسة الاغتيالات ضد قادة الحركة، وقال “أي غباء أو اغتيال من قبل الاحتلال سيقابل برد والعدو الصهيوني يتحمل المسؤولية”.
لكن في بيان شكر مصر على “جهودها الحثيثة” للتفاوض على إنهاء القتال، قال مستشار الأمن القومي لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، تساحي هنغبي، إن “الرد على الهدوء سيكون بالهدوء” وستفعل إسرائيل “كل ما تحتاجه للدفاع عن نفسها “.
في بيان رسمي صدر عن “الغرفة المشتركة” للفصائل الفلسطينية في قطاع غزة، والتي تضم الجهاد الإسلامي وحركة “حماس” الحاكمة لغزة، قالت الحركتان إن “جولة القتال قد انتهت” لكنهما حذرتا من أنه في حال تجدد سياسة الاغتيالات فإن “أيادينا على الزناد”.
في وقت سابق من ليل السبت، قال مسؤول مصري رفيع على دراية بالمفاوضات بين إسرائيل وحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية لـ”تايمز أوف إسرائيل” إن إسرائيل لن توقع على اتفاق لوقف إطلاق النار يتضمن أي شروط تتجاوز وقف الجيش الإسرائيلي لإطلاق النار.
وطالب الجهاد الإسلامي بأن تقوم إسرائيل بالإفراج عن رفات عضوها البارز خضر عدنان، الذي توفي في وقت سابق من هذا الشهر بعد إضراب عن الطعام احتجاجا على اعتقاله في إسرائيل دون تهمة. وقال المسؤول المصري إن حركة الجهاد الإسلامي طالبت إسرائيل أيضا بوقف اغتيال قادتها، مضيفا أن إسرائيل رفضت إدراج أي من المطلبين في اتفاق وقف إطلاق النار.
يوم الجمعة، قال المسؤول المصري لتايمز أوف إسرائيل إن القاهرة عازمة على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قبل مسيرة مثيرة للجدل يوم الخميس للقوميين المتدينين الإسرائيليين والتي تمر عبر الحي الإسلامي في البلدة القديمة بالقدس، والتي تخشى القاهرة أن تؤجج التوترات وتصل بها إلى نقطة اللاعودة.
تقام ما تُسمى بـ”مسيرة الأعلام” كل عام في “يوم أورشليم” حيث يسير آلاف المشاركين فيها، ومعظمهم من الأرثوذكس، من حديقة “الاستقلال” وصولا إلى الحائط الغربي للاحتفال بذكرى توحيد إسرائيل للقدس بشطريها، الشرقي والغربي، خلال حرب “الأيام الستة” في عام 1967. اكتسبت المسيرة سمعة سيئة على مر السنين، حيث غالبا ما يشوبها خطاب كراهية وأحيانا أعمال عنف من قبل المشاركين اليهود تجاه الفلسطينيين.
في العامين الماضيين، حثت إدارة بايدن إسرائيل على تغيير مسار المسيرة والمرور عبر باب الخليل في البلدة القديمة، بدلا من باب العامود، وبالتالي تجنب الحي الإسلامي، الذي تسكنه غالبية فلسطينية.
في الأسبوع الماضي، قال مسؤول إسرائيلي كبير لتايمز أوف إسرائيل إن الحكومة المتشددة من غير المرجح أن تغير مسار المسيرة.
خمسة أيام من القتال
بدأت عملية “الدرع والسهم”، وهو الاسم الذي أطلقها الجيش الإسرائيلي عليها، فجر الثلاثاء مع اغتيال ثلاثة من قادة الجهاد الإسلامي في أعقاب إطلاق صواريخ من غزة في وقت سابق من هذا الشهر. قتلت ضربات إسرائيلية لاحقة ما لا يقل عن ثلاثة شخصيات بارزة أخرى في الحركة المدعومة من إيران.
أطلق مقاتلو غزة، الذين بدأوا في إطلاق الصواريخ ردا على القصف بعد ظهر الأربعاء، ما لا يقل عن 1234 صاروخا خلال الصراع حتى بعد ظهر يوم السبت، وفقا لأرقام عسكرية.
قال الجيش الإسرائيلي إن نظامي الدفاع الجوي – “القبة الحديدية” و”مقلاع داوود” متوسط المدى – اعترضا 373 صاروخا، وهو ما يمثل معدل اعتراض 91٪ للصواريخ المتجهة إلى مناطق مأهولة بالسكان. سقطت عدة صواريخ داخل البلدات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة عدد آخر، فضلا عن إلحاق أضرار جسيمة.
وسقطت البقية في مناطق مفتوحة دون التسبب بأضرار، بحسب الجيش الإسرائيلي. واستهدفت معظم الصواريخ بلدات في جنوب إسرائيل، لكن بعضها وصل شمالا حتى تل أبيب.
وقال الجيش أيضا أنه نفذ ضربات ضد 371 هدفا تابعا لحركة الجهاد الإسلامي خلال العملية.
عبر ما لا يقل عن 976 صاروخا الحدود، بينما سقط 221 صاروخا في غزة – ويُعتقد أن بعضها قتل أربعة فلسطينيين.
قُتل مدنيان في إسرائيل بصواريخ الجهاد الإسلامي منذ أن شن الجيش الإسرائيلي العملية – امرأة إسرائيلية في رحوفوت ورجل فلسطيني من غزة كان يعمل في دفيئة بالقرب من بلدة شوكيدا بجنوب البلاد.
وأصيب ما لا يقل عن 69 إسرائيليا. عانى 27 من هؤلاء الأشخاص من إصابات جسدية من شظايا وزجاج مكسور نتيجة اصطدام الصواريخ، أحدهم أصيب بجروح خطيرة وأربعة منهم في حالة متوسطة، بحسب “نجمة داود الحمراء” لخدمات الطوارئ.
في غضون ذلك، قتلت إسرائيل 18 ناشطا من حركة الجهاد الإسلامي بالإضافة إلى ما لا يقل عن 10 مدنيين فلسطينيين، بحسب ما أفاد مسؤول بالجيش الإسرائيلي يوم السبت. وقدرت وزارة الصحة التي تديرها حماس في غزة عدد القتلى بـ 33، لكن المسؤول في الجيش الإسرائيلي أشار إلى أن بعض المدنيين في غزة قُتلوا على الأرجح بصواريخ الجهاد الإسلامي التي سقطت داخل القطاع.
وأصيب 151 فلسطينيا آخرا في غزة، بحسب وزارة الصحة في القطاع.