شيري وأريئل وكفير بيباس دُفنوا في نعش واحد: “سيبقون معا”
جثامين الأم وطفليها، الذين قُتلوا بينما كانوا محتجزين كرهائن في غزة على يد خاطفيهم، ووريت الثرى: "أنا آسف لأنني لم أتمكن من حمايتكم جميعا"، يقول ياردن بيباس؛ العائلة تبكي على المستقبل الضائع معا

ووريت يوم الأربعاء جثامين الأم شيري بيباس وطفليها أريئل وكفير، الذين اختُطفوا على يد مسلحين إلى قطاع غزة ثم قُتلوا هناك، في نعش واحد، حيث ستكون الأم وطفليها ملفوفين معا.
وتم دفنهم في مقبرة تسوهر، بالقرب من منزل العائلة في كيبوتس نير عوز، والذي اخُتطفوا منه في 7 أكتوبر 2023.
وقالت كارميت بالتي كتسير، التي تولت مهمة العرافة في الجنازة: “سيظلون معا وقريبين، تماما كما غمرت شيري طفليها، دائما، بما في ذلك في ذلك اليوم الملعون”.
كتسير كانت تشير إلى مقطع الفيديو الصادم الذي تظهر فيه شيري مذعورة وهي تحتضن طفليها، بينما تقوم مجموعة من المسلحين باختطافهم من المنزل. الصور أصبحت رمزا لهول الهجوم وحفرت مصيرهم في الوعي الوطني.
كان أريئل يبلغ من العمر أربع سنوات وكفير يبلغ من العمر تسعة أشهر فقط عندما اختُطفت العائلة من منزلها في كيبوتس نير عوز في 7 أكتوبر 2023. وكان الكيبوتس من أكثر المناطق تضررا في ذلك اليوم – حيث اقتحم المسلحون جميع المنازل في الكيبوتس باستثناء ستة منازل.
ورغم أن الجنازة ظلت حدثا خاصا – حيث طُلب من المسؤولين الحكوميين والجمهور عدم الحضور – فقد تم بثها على الهواء مباشرة عبر خدمة فيديو نقلتها في وقت واحد جميع الشبكات التلفزيونية الإسرائيلية الكبرى.
وانطلق موكب الجنازة من مدينة ريشون لتسيون بوسط البلاد حيث تم إعداد الجثامين للدفن. وتجمع عشرات الآلاف من الأشخاص في الطرق والطرق السريعة على طول مسار الموكب الذي امتد لمسافة 60 كيلومترا من هناك إلى المقبرة لوداع الأم وطفليها. وحمل العديد منهم بالونات برتقالية اللون أو ارتدوا ملابس برتقالية اللون، تكريما لشعر أريئل وكفير الأحمر الذي أصبح رمزا لمحنة العائلة.

في خطاب يفطر القلب، أشاد ياردن بيباس بزوجته وطفليه في الجنازة، بينما وقفت شقيقته عوفري إلى جانبه خلال حديثه.
تم إطلاق سراح ياردن، الذي احتُجز هو أيضا كرهينة، في وقت سابق من هذا الشهر في إطار اتفاق وقف إطلاق النار مع حماس.

وقال: “شيري، هذا أقرب ما أكون إليك منذ السابع من أكتوبر، ولا يمكنني أن أقبلك أو أعانقك، وهذا يحطمني”، واعتذر من زوجته وطفليه لأنه لم يتمكن من إنقاذهم من المسلحين، رغم أنه حاول المقاومة. “أنا آسف لأنني لم أتمكن من حمايتكم جميعا”، كما قال.
وأضاف: “احميني من القرار السيئة، واحميني من الأشياء المؤذية واحميني من نفسي. احميني حتى لا أغرق في الظلام، مضيفا “مشمش، أنا أحبك!”

موجها حديثه لأريئل قال بيباس الأب “جعلت مني أبا. لقد حولتنا إلى عائلة. لقد علمتني ما هو المهم حقا في الحياة وعن المسؤولية”.
متحدثا لكفير، قال “لم أكن أعتقد أن عائلتنا يمكن أن تكون أكثر مثالية، وعندها أتيت أنت وجعلت منه مثالية أكثر”.
وقالت شقيقة شيري، دانا سيلبرمان سيتون، إنه على الرغم من أنها أعدت نفسها لهذه اللحظة لمدة عام كامل، إلا أن لا شيء يمكن أن يعدها حقا لوداع أحبائها.
فقدت سيلبرمان سيتون ثلاثة أجيال من عائلتها الذين قُتلوا على أيدي المسلحين الفلسطينيين. ولقد تم حرق والديهما هي وشيري، مرغيت ويوسي سيلبرمان، اللذين أقاما هما أيضا في نير عوز وقُتلا في 7 أكتوبر، في منزلهما على يد مسلحي حماس.
وقالت “لقد انتظرنا أن نصبح خالتين معا، لينادونا ’خالتي’، وأنت يا شيري لا تشبهين أية خالة أخرى، محبة وحارسة”.

وأشادت سيتون بابني أخيها، أريئل، “لولو”، ذي الشعر الأحمر مع ضحكته الشقية: “لقد حظيت بأن أكون خالتك لمدة أربع سنوات فقط، لكنها كانت أربع سنوات تدعو إلى الفخر”، كما قالت. “سأفتقد مشيتك، مثل رجل صغير، وضحكتك، وعينيك اللطيفتين، وعناقك الحلو”.
بعد ذلك وجهت سيتون حديثها لكفير، مستخدمة كنيته “فيرفير”.
وقالت: “للأسف، لم يكن أمامي سوى 9 أشهر لأعتز بك. لم يكن من الصعب أن أقع في حبك على الفور. بشوش وطاهر، وبشعر أحمر أيضا – لم تخيب ظني”.
وطلبت سيتون المغفرة نيابة عن قيادة الدولة والجيش الذين لم يكونوا هناك من أجل العائلة في ذلك اليوم واستغرقوا وقتا طويلا لإعادة الأم وطفليها إلى البلاد.

وقالت: “أرجوكم قوموا برعايتنا من الأعلى – الملائكة الخمسة الخاصين بي بشكل استثنائي. باز، عانقي والدي وأمي بقوة من أجلي واهتمي بهم من أجلي”، مضيفة “من فضلكم أرسلوا الطاقات إلى هنا لطرد كل الشر من العالم وترك الخير فقط”.
وتعهدت قائلة: “أعدكم، كما وعدت أمي وأبي، أن الوحوش وراء السياج لن ينجحوا في مهمتهم. لن يهزمونا، ولن يكسرونا”.
وأضافت: “على النقيض من ذلك، لقد فشلت مهمتهم لأننا اتحدنا، لأننا أصبحنا أقوى، لأننا أصبحنا لا نُقهر. لقد خسروا”.

وقالت عوفرى بيباس ليفي، شقيقة ياردن، خلال الجنازة إنها كانت تكتب كلماتها لأكثر من عام.
وقالت “إن عدم اليقين والقلق والاهتمام بكم لم يمنح أفكاري أي راحة، ولكن في كل مرة بدأ عقلي في صياغتها، كنت أدفع الكلمات بعيدا بقوة – بقوة حبي لكم ولياردن، بقوة الأمل في عودتكم”.
وتابعت قائلة “لمدة ستة عشر شهرا، كنت أتحدث عنكم في كل مكان. لقد كان الأمر دائما مؤلما وزاد من الشوق، لكن الحديث عنكم أيضا جعلكم حاضرين، أحياء. كيف يمكن ألا تكونوا هنا بعد الآن؟”

وأعربت بيباس ليفي عن أسفها لأنها لن تتمكن أبدا من جدولة نزهة أخرى مع شيري في أيام السبت، وأنهما لن تتمكنا من مشاهدة أطفالهما يركضون إلى بعضهم البعض لكي يتعانقوا، أو السخرية من ياردن والقلق عليه معا، أو الحصول على ملابس مستعملة من شيري لطفلها أفيك، الذي ولد في الأشهر الـ 15 الأخيرة.
وتحدثت عن أبني أخيها، أريئل وكفير، وكيف أنها ستفتقدهما وستشاهد أريئل يكبر مع ابنتها.
وقالت بيباس ليفي “كم تفتقدك. كم كنا نتخيل أنكما تكبران معا، في مرحلة متقدمة من رحلتكما بعد الخدمة العسكرية إلى أمريكا الجنوبية”.
وتحدثت أيضا عن أنها لم تحظ بوقت كاف لها مع كفير، الذي كان يبلغ من العمر 10 أشهر فقط عندما قُتل.

وقالت بيباس ليفي “لم نتمكن من القيام بأي شيء معا. لم أتمكن حتى من شراء هدية لك في عيد ميلادك الأول”.
وقالت إن ابني أخيها في عقلها وقلبها في كل مرة تنظر فيها إلى أطفالها.
“في كل مرة أرى فيها زي باتمان أو أسمع ضحكة طفل”، كما قالت، يذكرها ذلك بأبنيّ أخيها، حيث كان أريئل من محبي البطل الخارق. “وهذه هي الطريقة التي أريد أن أتذكركم بها الثلاثة: سعداء، ضاحكين، عائلة”.
وتعهدت قائلة “لولي وفيرفير، لقد عرفكما العالم بالطريقة الأكثر مأساوية، لكنني أعدكما بأننا سنفعل كل شيء حتى تكون ذكراكم ذكرى براءة وحب وخير. تماما كما رباكما أمكما شيري وأبيكما ياردن”.

واتهمت بيباس ليفي قادة البلاد بالمسؤولية عن الإخفاقات التي مكنت من شن هجوم السابع من أكتوبر، وفشلهم بعد ذلك في تأمين العودة الآمنة لشيري وأريئل وكفير.
وقالت “يطلب الكثير من الناس المغفرة منكم ومن ياردن ومنا. ولكن اللوم لا يقع عليهم. هذه الكارثة ما كان ينبغي أن تحدث. لم يكن ينبغي أن يتم اختطافكم، وكان ينبغي أن تعودوا أحياء”.

وأضافت بيباس ليفي قائلة “إن التسامح يعني قبول المسؤولية والالتزام بالتصرف بشكل مختلف، والتعلم من الأخطاء. لا معنى للمسامحة قبل التحقيق في الإخفاقات وتحمل جميع المسؤولين المسؤولية”، وقالت “إن الكارثة التي حلت بنا كأمة وكعائلة لم يكن ينبغي أن تحدث، ولا ينبغي أن تحدث مرة أخرى أبدا”.
وتابعت قائلة “كان بإمكانهم أن ينقذوكم لكنهم فضلوا الانتقام. لقد خسرنا، لن تتحقق صورتنا عن ’النصر’ أبد. إن نضالنا ضد الأعداء سيكون أبديا، ولكن يجب علينا دائما تقديس الحياة، وحب البشر، واحترام الموتى، وألا نترك أحدا خلفنا أبدا. وإلا فإننا سنخسر هويتنا”.
تم اختطاف أفراد عائلة بيباس الثلاثة من كيبوتس نير عوز في 7 أكتوبر 2023، عندما اقتحم آلاف المسلحين بقيادة حماس جنوب إسرائيل وقتلوا نحو 1200 شخص واختطفوا 251 آخرين، مما أدى إلى اندلاع الحرب في غزة. وتم اختطاف ياردن بشكل منفصل عن زوجته وأطفاله.
وأعيدت جثامين شيري وأريئل وكفير بيباس في إطار اتفاق صفقة رهائن ووقف لإطلاق النار بين إسرائيل وحماس. أعيد ياردن بيباس حيا في الأول من فبراير.

ولقد أعيدت جثامين أريئل وكفير يوم الخميس، مع جثماني عوديد ليفشيتس وامراة مجهولة الهوية قالت الحركة إنها شيري بيباس. بعد احتجاج إسرائيلي، أعادت حماس فجر الجمعة جثمان شيري بيباس.
بحسب تقييمات المسؤولين الإسرائيليين التي صدرت بعد التعرف على الجثث، قُتلت شيري بيباس على يد خاطفيها في نوفمبر 2023، إلى جانب طفليها، اللذين قُتلا. وتتناقض التقييمات التي تم التوصل إليها بعد تحقيق الطب الشرعي مع مزاعم حماس بأن الثلاثة قُتلوا في غارة جوية إسرائيلية.